الاثنين، 16 مايو 2022

مجلد 9. تهذيب الكمال للحافظ المزي

 

9.مجلد 9. تهذيب الكمال مع حواشيه ليوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي [654 - 742] هـ

المجلد الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
قالوا في الإمام المزي
1- ووجدت بدمشق من أهل العلم الإمام المقدم والحافظ الذي فاق من تأخر من أقرانه ومن تقدم أبا الحجاج المزي ، بحر العلم الزاخر ، وحبره القائل من رآه : كم ترك الاوائل للاواخر.
ابن سيد الناس اليعمري ت (734)
2- كان خاتمة الحفاظ ، وناقد الأسانيد والألفاظ ، وهو صاحب معضلاتنا ، وموضح مشكلاتنا ، ما رأيت أحدا في هذا الشأن أحفظ من الإمام أبي الحجاج المزي.
الذهبي ت (748)
3- ولم أر في أشياخي بعد شيخنا أثير الدين في العربية مثله.
الصلاح الصفدي ت (764)
4- هو إمام المحدثين ، والله لو عاش الدارقطني ، لاستحيى أن يدرس مكانه.
تقي الدين السبكي ت (756)
5- شيخنا وأستاذنا وقدوتنا الشيخ جمال الدين أبو الحجاج المزي ، حافظ زماننا ، حامل راية السنة والجماعة ، والقائم بأعباء هذه الصناعة ، والمتدرع جلباب الطاعة ، إمام الحفاظ كلمة لا يجحدونها ، وشهادة على أنفسهم يؤدونها ، ورتبة لو نشر أكابر الأعداء ، لكانوا يودونها ، واحد عصره بالإجماع ، وشيخ زمانه الذي تصغي لما يقول الأسماع.
التاج ، السبكي ت (771)

قالوا في التهذيب
1- وصنف كتاب"تهذيب الكمال"في أربعة عشر مجلدا ، كسف به الكتب المتقدمة في هذا الشأن ، وسارت به الركبان ، واشتهر في حياته.
الصلاح الصفدي
2- وصنف"تهذيب الكمال"المجمع على أنه لم يصنف مثله.
التاج السبكي.
3- كتاب عظيم الفوائد ، جم الفرائد ، لم يصنف في نوعه مثله ، لأن مؤلفه أبدع فيما وضع ، ونهج للناس منهجا لم يشرع.
علاء الدين مغلطاي ت (763)
4- أتى فيه بكل نفيسة ، وبالغ ولم يأل في استيفاء شيوخ الشخص ورواته ، وغرائبه وموافقاته ، وعدالته وجرحاته ، ومناقبه وهناته ، وعمره ووفاته ، فبقي حسرة على من لم يحصله من الفضلاء ، ولهفة على من أعوزه الامكان.
الإمام الذهبي

(1/6)


بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المحقق
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ؛
فهذه دراسة تناولت فيها سيرة المزي ، وكتابه"تهذيب الكمال" ، وجعلتها في أربعة فصول :
خصصت الفصل الاول لحياة المزي ومكانته العلمية.
والفصل الثاني لمنهج كتابه تهذيب الكمال ومنزلته بين الكتب التي من بابته ، وبيان تفضيله على جميع الكتب السابقة واللاحقة في فنه.
والفصل الثالث لعناية العلماء بهذا الكتاب النفيس استدراكا واختصارا.
والفصل الرابع وصفت فيه المنهج الذي اتبعته في تحقيق هذا الكتاب.
ثم ختمت الدراسة بوصف النسخ المعتمدة ، وطباق السماعات التي عليها

(1/7)


الفصل الاول
حياة المزي ومكانته العلمية
مصادر ترجمته :
تناول المزي جملة كبيرة من المؤرخين ، فترجموا له تراجم تختلف في طولها وقصرها ونوعية المعلومات التي تقدمها ونجد بينهم رفاقا له في طلب العلم ، وتلامذة ، وتلامذة لتلامذته وهلم جرا إلى عصور متأخرة.
وقد ترجم له من معاصريه : ابن سيد الناس اليعمري (ت 734) (1) ، وعلم الدين البرزالي (ت 739) (2) ، وشمس الدين الذهبي (ت 748) (3) ، وابن الوردي (ت 749) (4) ، وصلاح الدين الصفدي (ت 764) (5) ، وابن شاكر الكتبي (ت 764) (6) ، وشمس الدين الحسيني (ت 765) (7) ، وتاج الدين السبكي (ت 771) (8) ، وجمال
__________
(1) أجوبة ابن سيد الناس (نسختي المصورة عن الاسكوريال رقم 1160).
(2) في معجم شيوخه ، ولم يصل إلينا ، ولكن وصلت بعض ترجمة المزي منه في المصادر الاخرى منقولة عنه.
(3) تذكرة الحفاظ : 4 / 1498 ، وذيل دول الاسلام : 2 / 247 ، ومعجم شيوخه الكبير : 2 / الورقة : 90 من نسختي المصورة ، والمعجم المختص بمحدثي العصر ، ولم تصل إلينا ترجمته فيه ولكن نقلت منها المصادر الاخرى مثل طبقات السبكي والدرر لابن حجر وغيرهما.
(4) تتمة المختصر : 2 / 332.
(5) أعيان العصر : 12 / الورقة : 128 123 من نسختي المصورة وهي بخطه.
(6) عيون التواريخ ، الورقة : 59 (كيمبرج : 2923) ، وهو بخطه ، وفوات الوفيات : 4 / 353 من طبعة العالم إحسان عباس.
(7) الذيل على ذيل العبر : 229.
(8) طبقات الشافعية الكبرى : 10 / 395.

(1/9)


الدين الاسنوي (ت 772) (1) وتقي الدين ابن رافع السلامي (ت 774) (2) ، وصهره عماد الدين ابن كثير (ت 774) (3).
وترجم له بعد عصره جماعة ، منهم : ابن ناصر الدين الدمشقي (ت 842) (4) ، والمقريزي (ت 845) (5) ، وابن قاضي شهبة (ت 851) (6) ، وابن حجر العسقلاني (ت 852) (7) ، وابن تغري بردي (ت 874) (8) ، والسخاوي (ت 902) (9) ، والسيوطي (ت 911) (10) ، والنعيمي (ت 927) (11) ، وابن طولون (ت 953) (12) ، وطاش كبري زادة (ت 967) (13) ، وابن هداية الله المصنف (ت 1014) (14) ، وابن العماد الحنبلي (ت 1089) (15) ، والشوكاني (ت 1250) (16) ، وغيرهم (17).
__________
(1) طبقات الشافعية : 2 / 464.
(2) الوفيات ، الورقة : 44 (الترجمة : 286 بتحقيق تلميذنا الفاضل صالح مهدي عباس ، ولم تطبع بعد).
(3) البداية والنهاية : 14 / 191 وفي غير موضع قبل هذه الصفحة.
(4) التبيان ، الورقة : 166 ، والرد الوافر : 128.
(5) السلوك : ج 2 ق 3 ص : 616.
(6) التاريخ ، الورقة : 36 (وفيات 742 من نسخة باريس : 1398) ، وطبقات الشافعية ، الورقة : 119 (دار الكتب : 1568 تاريخ).
(7) الدرر الكامنة : 5 / 233.
(8) المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي ، الورقة : 857 (أحمد الثالث : 3018) ، والنجوم : 10 / 76 (79)
(9) وجيز الكلام في ذيل دول الاسلام : وفيات 742 من نسخة كوبرلي : 1189 وله ذكر في غير صع من كتابة : الاعلان بالتوبيخ.
(10) طبقات الحفاظ : 517.
(11) الدارس : 1 / 35.
(12) القلائد الجوهرية : 329 ، والمعزة فيما قيل في المزة : 10.
(13) مفتاح السعادة : 2 / 367.
(14) طبقات الشافعية : 227.
(15) شذرات الذهب : 6 / 136.
(16) البدر الطالع : 2 / 353.
(17) وله ذكر أو ترجمة في كل من : كشف الظنون لحاجي خليفة : 1 / 116 ، 2 / 1509 ، 1510 ، 169 ، وإيضاح المكنون : 1 / 241 ، وهدية العارفين للبغدادي : 2 / 556 ، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء للطباخ : 4 / 579 ، والرسالة المستطرفة لمحمد بن جعفر الكتاني : 168 ، 208 ، وفهرس الفهارس لمحمد عبد الحي الكتاني : 1 / 107 ، والاعلام للعلامة المرحوم خير الدين الزركلي : 9 / 313 ، وتاريخ الادب لبروكلمان : 2 / 75 ، والملحق : 2 / 66 (بالالمانية) ، ومقدمة تحفة الاشراف وغيرها.

(1/10)


وغالبا ما ينقل هؤلاء الواحد عن الآخر ، لكننا وجدنا أكثر التراجم أصالة ومنفعة هي تراجم الذهبي والصفدي والسبكي وابن كثير وابن حجر لما حوته من معلومات متنوعة.
بيئة المزي ونشأته :
كانت بلاد الشام منذ النصف الثاني من القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) تعيش في ظل دولة المماليك البحرية التي قامت على أنقاض الدولة الايوبية ، وأصبحت من أعظم مراكز القوى في العالم الاسلامي بسبب قدرتها على إيقاف التقدم المغولي المدمر الذي قضى على الخلافة العباسية ببغداد.
وعاشت دمشق آنذاك وهي تشهد عز الاسلام..عيدت أولا في سنة (658) على خير عظيم حينما تمكنت جيوشها من هزيمة جيوش المغول المدمرة شر هزيمة في "عين جالوت"غربي بيسان من أرض فلسطين الصابرة ، وتنظيف البلاد الشامية من فلولهم المدحورة..
وعيدت ثانية في السنة نفسها بولاية مجاهد عظيم عليها هو السلطان العظيم الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتوح بيبرس"658 676" ، ثم شهدته بعد ذلك الانتصار وهو يكيل الضربات القوية للعدو الصليبي المخذول يحاول إزاحته من أرض العروبة والاسلام حتى أوهنه وأوهاه وأنحله وأضناه ، وحرر القسم الاكبر من السواحل الشامية التي كانت بأيدي الغزاة الصليبيين (1) ، فأعاد بذلك سيرة السلطان المجاهد صلاح الدين يوسف الايوبي رضي الله عنه في الجهاد.
ثم شهدت هذه المدينة المجاهدة في سنة (690) تحرير آخر
__________
(1) تاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة 35 34 (أيا صوفيا : 3014).

(1/11)


شبر من أرض العروبة والاسلام وتنظيف البلاد من الغزاة الصليبيين على عهد السلطان الملك الاشرف صلاح الدين خليل (1)
..سمعت المنادي في مستهل ربيع الاول من السنة ينادي للغزاة في سبيل الله إلى عكا ، وشاهدت المطوعة ، وفيهم المحدثون والفقهاء والمدرسون والصالحون ينضمون إلى الجيش. قال الإمام الذهبي : وكان يومها شابا في السابعة عشرة من عمره : وجاءت إليه جيوش الشام بأسرها ، وأمم لا يحصيهم إلا الله تعالى من المطوعة ، فكانوا قدرالجندمرات" (2)..شاهدت هؤلاء الأئمة الاعلام ، وهم يجرون عجل المنجنيقات يرتلون القرآن الكريم ، ويقرؤون أحاديث الجهاد ، يتجهون نحو تحرير الارض ، وصيانة حرمة الاسلام ، فلم يلبث أن فتح المسلمون عكا في يوم واحد ، كان يوم الجمعة المبارك السابع عشر من جمادى الاولى من السنة. وتوالت الانتصارات بعد فتح عكا ، ففتحت صور ، وصيدا ، وبيروت ، وغيرها حتى حررت جميع السواحل الشامية ونظفت من دنس الغزاة (3).
وكانت بلاد الشام إلى جانب ذلك قد أصبحت مركزا كبيرا من مراكز الحركة الفكرية ، فيها من المدارس العامرة ، ودور القرآن والحديث العدد الكثير ، عمل على تعميرها حكامها وبعض المياسير من أهلها ، ونشطت في عهد الشهيد نور الدين محمود بن زنكي. وكانت العناية بالدراسات الدينية من تفسير وحديث وفقه وعقائد وما يتصل بها
__________
(1) قال الذهبي في ترجمة من تاريخ الاسلام : جلس على تخت الملك سنة تسع وثماني وست مئة ، واستفتح الملك بالجهاد فسار ونازل عكا وافتتحها ونظف الشام كله من الفرنج..ولو طالت حياته لاخذ العراق وغيرها ، فإنه كان بطلا شجاعا مقداما مهيبا عالي الهمة يملا العين ويرجف القلب رأيته مرات.." (الورقة : 225 من مجلد أيا صوفيا ذي الرقم 3014).
(2) تاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة : 205 من المجلد المذكور.
(3) البرزالي : المقتفي لتاريخ أبي شامة (حوادث سنة 690) من نسختي المصورة عن أحمد الثالث 2951 ، وتاريخ الاسلام للذهبي : 207 205 من المجلد المذكور ، والبداية لابن كثير : 13 / 321.

(1/12)


من علوم العربية هي السمة البارزة لهذا العصر ، فأنتجت هذه الحركة أكلها في القرن الثامن الهجري الذي تبوأت فيه دمشق السيادة العلمية والفكرية في جميع أنحاء العالم الاسلامي بما أنتجت من تراث فكري ، وأنجبت من علماء بارزين في هذه الميادين.
لكننا لاحظنا ، ونحن نرصد هذه الحركة تباينا شديدا في قيمة الانتاج الفكري لهذه الفترة وأصالته ، فوجدنا الكثير من المؤلفات الهزيلة التي لم تكن غير تكرار لما هو موجود في بطون الكتب السابقة ، ثم وجدنا بعض المؤلفات التي امتازت بالاصالة والابداع والمناهج العلمية المتميزة. وقد زاد من صعوبة الابداع وخاصة في العلوم الدينية أن الواحد من العلماء كان يجد أمامه تراثا ضخما ممتدا عبر القرون في الموضوع الذي يوم التأليف فيه ، وهو في وضعه هذا يختلف عن المؤلفين الاولين الذي لم يجابهوا مثل هذا التراث الغزير (1).
في هذه البيئة السياسية والفكرية ولد الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف ابن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن علي بن عبد الملك بن علي بن أبي الزهر الكلبي القضاعي المزي في ليلة العاشر من شهر ربيع الآخر سنة (654) بظاهر حلب (2) من عائلة عربية الاصل ترجع إلى قبيلة كلب القضاعية التي استوطنت البلاد الشامية منذ فترة مبكرة.
وانتقل جماد الدين إلى دمشق ، فسكن المزة (3) القرية الكبيرة الغناء الواقعة في وسط بساتين دمشق جنوب غربيها والظاهر أن الكلبيين كانوا يكونون القسم الاكبر من سكانها منذ العهود الاسلامية الاولى ،
__________
(1) ينظر كتابنا : الذهبي ومنهجه : 75 فما بعد (القاهرة : 1976).
(2) الذهبي في معجم الشيوخ : 2 / الورقة : 90 ، وعيون التواريخ لابن شاكر ، الورقة : 59 ، وأعيان العصر للصفدي ، الورقة : 123 ، وطبقات السبكي : 10 / 400.
(3) انظر عن"المزة"معجم البلدان لياقوت : 4 / 532.

(1/13)


لذلك قيل فيها : مزة كلب" ، قال الشاعرابن قيس الرقيات :
حبذا ليلتي بمزة كلب • غال عني بها الكوانين غول
وبها على ما يروى قبر الصحابي دحية بن خليفة بن فروة الكلبي القضاعي (1) ، فلعل هذا هو الذي يفسر اختيار هذا المكان من دمشق سكنا له ، إذ ربما كان له فيها بعض الاقرباء. ولا نعلم فيما إذا كان قدم دمشق وحده أم صحبة عائلته حيث تسكت المصادر عن ذلك ، كما لا نعلم متى كان قدومه ، ولكن يظهر أنه قدم منذ فترة مبكرة لقول تلميذه ورفيقه الإمام الذهبي : نشأ بالمزة" (2).
وقرأ يوسف القرآن الكريم وشيئا من الفقه ، لكن عائلته على ما يظهر ، لم تعتن به العناية الكافية ولم توجهه إلى طلب الحديث منذ فترة مبكرة كما فعلت عائلة رفيقه وتلميذه الإمام الذهبي (3) ، ويبدو أنها لم تكن عائلة مشهورة بالعلم والطلب ، ولم يكن والده من العلماء المشهورين (4) ، فلم يكن له إلا أن يطلبه هو بنفسه حينما بلغ الحادية والعشرين من عمره ، فكان أول سماعه في سنة (675) (5) ، فلو كان له من يعتني به ، ويستجيز له ، ويوجهه ، لادرك إسنادا عاليا ، قال تلميذه
__________
(1) معجم البلدان : 4 / 532 ، وراجع الاسيتعاب لابن عبد البر : 2 / 461.
(2) تذكرة الحفاظ : 4 / 1498 ، ومعجم الشيوخ : 2 / الورقة : 90.
(3) انظر كتابنا : الذهبي ومنهجه : 81 78. ووجدنا أخا الذهبي من الرضاعة أبا الحسن بن العطار"724 654"يستجيز للذهبي جملة من مشايخ عصره في سنة مولده"الدرر لابن حجر : 3 / 426). وقد انتفع الذهبي بهذه الاجازة انتفاعا شديدا (وراجع معجم شيوخ الذهبي : م 1 / الورقة : 8 و12 و18 و80 و90 م 2 / الورقة : 6 و31 و59 و60 و87 و88 وغيرها).
(4) وصف الذهبي في معجم شيوخه والد المزي بأنه"الشيخ العالم المقرئ زكي الدين عبد الرحمن" ، لكن الكتب المعنية بالقراء لم تترجم له ! (5) أعيان العصر : 12 / الورقة : 123 ، وتذكرة الحفاظ : 4 / 1498 ، ومعجم الشيوخ : 2 / الورقة : 90. وذكر الشيخ عبد الصمد شرف الدين في مقدمة تحفة الاشراف أن ذلك كان سنة 674 (1 / 22 من المقدمة) ولم نجد لذلك أصلا.

(1/14)


الصلاح الصفدي : ولم يتهيأ له السماع من ابن عبد الدائم (1) ولا الكرماني (2) ولا ابن أبي اليسر (3) ونحوهم ، ولا أجازوا له ، مع إمكان أن تكون له إجازة المرسي (4) والمنذري (5) وخطيب مردا (6) واليلداني (7) وتلك الحلبة" (8) ، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : ولو كان له من يسمعه صغيرا ، لسمع من ابن عبد الدائم والكرماني وغيرهما ، ولكنه طلب بنفسه في أول سنه خمس وسبعين"9.
سماعه وشيوخه
كان أول سماعه الحديث على الشيخ المسند المعمر زين الدين أبي العباس أحمد بن أبي الخير سلامة بن إبراهيم الدمشقي الحداد الحنبلي (678 589) ، فسمع أول ما سمع كتاب"الحلية"لابي نعيم ثم أكثر عنه (10) ، قال إمام المؤرخين شمس الدين الذهبي : وقرأ عليه المزي شيخنا شيئا كثيرا ، وسمع منه"حلية الاولياء" ، ورثاه بابيات بعد موته ، وسألته عنه ، فقال : شيخ جليل متيقظ ، عمر ، وتفرد بالرواية عن كثير من مشايخه ، وحدث سنين كثيرة وسمعنا منه الكثير ، وكان سهلا
__________
(1) زين الدين أبو العباس أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي الحنبلي مسند الشام"668 575" (تاريخ الاسلام في سنة وفاته أيا صوفيا 3013 ، والعبر : 5 / 288)
(2) بدر الدين عمر بن محمد بن أبي سعد التاجر"668 570.
(3) مسند الشام تقي الدين أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر شاكر التنوخي"672 589" (تاريخ الاسلام ، الورقة : 9 (أيا صوفيا : 3014) ، والعبر : 5 / 299).
(4) شرف الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن عبد الله السلمي الاندلسي"655 570" (تاريخ الاسلام في سنة وفاته أيا صوفيا : 3013).
(5) زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشامي الاصل المصري"656 581" (ينظر كتابنا : المنذري وكتابه التكملة ، النجف : 1968).
(6) أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أحمد المقدسي الحنبلي"656 566" (تاريخ الاسلام ، وفيات : 656 من مجلد أيا صوفيا : 3013).
(7) تقي الدين عبد الرحمن بن المنعم بن عبد الرحمن ، من أهل يلدان (المعروفة اليوم بيدا في دمشق جنوب شرقيها""655 568" (تاريخ الاسلام ، وفيات سنة 655 من مجلد أيا صوفيا : 3013).
(8) أعيان العصر : 12 / الورقة : 123.
(9) الدر لابن حجر : 5 / 233.
(10) تذكرة الحفاظ : 4 / 1498 ، والدرر : 5 / 233.

(1/15)


في الرواية" (1). وكانت لأحمد هذا مكانة علمية رفيعة دللت عليها رواية جملة من ثقات العلماء عنه منهم : شرف الدين الدمياطي ، وابن الحلوانية ، وابن الخباز ، وابن العطار ، وشيخ الاسلام التقي ابن تيمية ، والبرزالي ، وطائفة سواهم ، بل سمع منه ابن الحاجب الاميني بعرفات سنة (620) وخرج له في معجمه (2) ، وعاش ابن سلامة هذا بعد ابن الحاجب ثمانية وأربعين عاما (3).
ومنذ ذلك الحين اتجهت همة المزي إلى سماع الحديث ، فسمع من الجم الغفير ، سمع عليهم الكتب الكبار الامهات مثل : الكتب الستة ، ومسند الإمام أحمد ، والمعجم الكبير لابي القاسم الطبراني ، وتاريخ مدينة السلام بغداد للخطيب البغدادي ، وكتاب النسب للزبير بن بكار ، والسيرة لابن هشام ، وموطأ الإمام مالك ، والسنن الكبير ، ودلائل النبوة كلاهما للبيهقي بحيث قال تلميذه الصلاح الصفدي : وأشياء يطول ذكرها ، ومن الاجزاء ألوفا" (4). وذكروا أن مشيخته نحو الالف شيخ (5) ، أورد الذهبي الكثير منهم في تاريخ الاسلام ، وكان يسأله عن أحوال بعضهم (6).
وتجول المزي في المدن الشامية ، فسمع بالقدس الشريف ، وحمص ، وحماة ، وبعلبك ، وحج وسمع بالحرمين الشريفين. ورحل إلى البلاد المصرية ، فسمع بالقاهرة ، والاسكندرية ، وبلبيس ، وكانت رحلته إليها في سنة (683) (7) ، وكان بالاسكندرية في سنة (684) حيث قرأ فيها على صدر الدين سحنون المتوفى سنة (695) (8).
__________
(1) تاريخ الاسلام ، الورقة : 59 (أيا صوفيا : 3014).
(2) معجم شيوخ الذهبي : 1 / الورقة : 6 ، وتاريخ الاسلام ، الورقة : 59 (أيا صوفيا : 3014).
(3) لان ابن الحاجب توفي سنة 630 كما هو معروف ، وتوفي ابن سلامة سنة 678.
(4) أعيان العصر : 12 / الورقة : 123.
(5) نفسه ، والدرر : 5 / 233.
(6) انظر مقلا تاريخ الاسلام ، الورقة : 161 ، 162 ، 147 (أيا صوفيا : 3014).
(7) تذكرة الحفاظ : 4 / 1498.
(8) تاريخ الاسلام ، الورقة : 247 (أيا صوفيا : 3014).

(1/16)


وقد ذكر الصلاح الصفدي طبقات شيوخه على الاختصار ، وذكر أبرزهم ، فقال : سمع من أصحاب ابن طبرزذ ، والكندي ، وابن الحرستاني وحنبل ، ثم ابن ملاعب ، والرهاوي ، وابن البناء ، ثم ابن أبي لقمة ، وابن البن ، وابن مكرم والقزويني. ثم ابن اللتي ، وابن صباح ، وابن الزبيدي.
وأعلى ما سمع بإجازة ابن كليب وابن بوش ، والجمال ، وخليل بن بدر ، والبوصيري وأمثالهم. ثم المؤيد الطوسي ، وزاهر الثقفي ، وعبد المعز الهروي.
وسمع أبا العباس ابن سلامة ، وابن أبي عمر ، وابن علان ، والشيخ محيي الدين النووي ، والزواوي ، والكمال عبد الرحيم ، والعز الحراني ، وابن الدرجي ، والقاسم الاربلي ، وابن الصابوني ، والرشيد العامري ، ومحمد بن القواس ، والفخر ابن البخاري ، وزينب ، وابن شيبان ، ومحمد بن محمد بن مناقب ، وإسماعيل بن العسقلاني ، والمجد ابن الخليلي ، والعماد ابن الشيرازي ، والمحيي ابن عصرون ، وأبا بكر بن الانماطي ، والصفي خليلا ، وغازيا الحلاوي ، والقطب ابن القسطلاني وطبقتهم. والدمياطي شرف الدين ، والفاروثي ، واليونيني ، وابن بلبان ، والشريشي ، وابن دقيق العيد ، والظاهري ، والتقي الاسعردي وطبقتهم. وتنازل إلى طبقة سعد الدين الحارثي (1) وابن نفيس (2)" (3).
وعني المزي بدراسة العربية ، فأتقنها لغة وتصريفا ، ففاق أقرانه في ذلك بحيث قال الصلاح الصفدي فيه : ولم أر في أشياخي بعد
__________
(1) قاضي القضاة سعد الدين أبو محمد مسعود بن أحمد بن مسعود بن زيد الحارثي العراقي المصري الحنبلي"711 652" (تذكرة الحفاظ : 4 / 1495).
(2) أبو الحسن علي بن مسعود ابن نفيس الموصلي"704 636" (ذيل العبر للذهبي : 26 ، والذيل لابن رجب : 2 / 351).
(3) أعيان العصر : 12 / الورقة : 124 123.

(1/17)


شيخنا أثير الدين في العربية مثله خصوصا في التصريف واللغة" (1)
وهذه شهادة عالم عارف نستبين قدرها إذا عرفنا مكانة أثير الدين أبي حيان الغرناطي أعظم علماء العربية في القرن الثامن الهجري غير مدافع (2). وقد عرف أبو حيان نفسه قدر المزي ، فأغدق الثناء عليه ، وعلى علمه الجم (3).
تأثره بالفكر السلفي
اتصل المزي اتصالا وثيقا بثلاثة من شيوخ ذلك العصر ، وترافق معهم ، وهم : شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم المعروف بابن تيمية الحراني (728 661) ، والمؤرخ المحدث علم الدين أبو محمد القاسم بن محمد البرزالي (665 739) ، ومؤرخ الاسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (748 673) (4) ، فكان المزي أكبرهم سنا ، وكان بعضهم يقرأ على بعض فهم شيوخ وأقران في الوقت نفسه ، وقرأ الثلاثة على المزي واعترفوا بأستاذيته ، وافتخروا بها.
والظاهر أن المزي اتصل في شبيبته ببعض المتصوفة الغلاة. وكان التصوف منتشرا في البلاد انتشارا واسعا ، وظهر بينهم كثير من المشعوذين الذين أثروا في العوام أيما تأثير (5) وانجذب إليهم بعض الشباب ، فاغتر المزي في شبيبته بهم ، فصحب الشاعر (6) الصوفي
__________
(1) أعيان العصر : 12 / الورقة : 127.
(2) راجع عنه كتاب العالمة الفاضلة الدكتورة خديجة الحديثي (أبو حيان النحوي بغداد : 1967).
(3) وذلك في كتابه"القطر الحبي في جواب أسئلة الذهبي" ، انظر كتابنا : الذهبي : 329 ، والدرر : 5 / 234.
(4) راجع كتابنا : الذهبي : 99.
(5) راجع مثلا تاريخ الاسلام ، الورقة : 75 (أيا صوفيا : 3007) ، والورقة : 36 (أيا صوفيا : 3014).
(6) له ديوان شعر مشهور منه نسخة بدار الكتب الظاهرية بدمشق ، وأخرى في الاسكوريال منها مصورة في خزانة كتب المجمع العلمي العراقي. وقال الذهبي : وله شعر في الطبقة العليا والذروة القصوى لكنه مشوب بالاتحاد في كثير من الاوقات"وأورد طائفة منه في تاريخ الاسلام (الورقة : 188 186 أيا صوفيا : 3014).

(1/18)


عفيف الدين أبا الربيع سليمان بن علي التلمساني (1) (690 610).
وكان العفيف هذا من غلاة الاتحادية القائلين بوحدة الوجود (2) على قاعدة ابن عربي ، ونسبه جماعة إلى رقة الدين ، وتعاطي المحرمات (3) ، فلما تبين للمزي انحلال العفيف واتحاده ، تبرأ منه ، وحط عليه (4).
ولعل مفارقته للعفيف التلمساني واضرابه كانت نتيجة تأثره بالإمام تقي الدين ابن تيمية الذي أعجب به المزي أيما إعجاب ، فكان أكثر رفاقه صلة ومحبة بالشيخ الإمام (5).
وكانت شخصية الإمام ابن تيمية قد اكتملت في نهاية القرن السابع الهجري ، فأصبح مجتهدا له آراؤه الخاصة التي تقوم في أصلها على اتباع آثار السلف ، ونتقية الدين من الخرافات ، والمعتقدات الطارئة عليه ، وابتدأ منذ سنة 698 يدخل في خصومات عقائدية حادة مع علماء عصره المخالفين له (6) ، ويقيم الحدود بنفسه (7) ، ويحارب المشعوذين (8) ، ويمنع من تقديم النذور لغير الله (9) ، ويريق الخمور (10) ، ونحو ذلك من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وظهرت شخصية الإمام ابن تيمية السياسية في الحرب الغازانية سنة (699) بعد هزيمة الجيوش المصرية والشامية أمام غزو غازان سلطان المغول في موقعة الخزندار ، فقد قابل ابن تيمية غازان وكلمه
__________
(1) تذكرة الحفاظ : 4 / 1499 ، وأعيان العصر : 12 / الورقة : 124.
(2) تاريخ الاسلام ، الورقة : 186 (أيا صوفيا : 3014).
(3) البداية والنهاية : 13 / 326 ، وشذرات الذهب : 5 / 412 ، وتاريخ الاسلام ، الورقة : 186 (أيا صوفيا : 3014).
(4) تذكرة الحفاظ : 4 / 1499.
(5) انظر أقوال المزي في ابن تيمية بكتاب"الرد الوافر"لابن ناصر الدين"130 128.
(6) البداية : 14 / 27 ، والدرر : 5 / 234.
(7) البداية : 14 / 19.
(8) الوافي بالوفيات : 5 / 18 ، والبداية : 14 / 33 وفتواه في الصوفية والفقراء (القاهرة : 1348 ه)
(9) البداية : 14 / 34.
(10) نفسه : 14 / 11.

(1/19)


كلاما شديدا ، وعمل على ثبات البلاد حينما خلت من الجيوش القادرة على رد الغزو المدمر ، فكان يدور على الاسوار يحرض الناس على الصبر والقتال ، ويتلو عليهم آيات الجهادو الرباط ، وأقام معسكرات التدريب في كل مكان ومنها المدارس ، فكان المحدثون والفقهاء يتعلمون الرمي ، ويستعدون لقتال العدو (1). ثم سافر إلى مصر يحض الدولة والناس على القتال حتى تمكن في سنة (702) من رص الصفوف ، وتوحيد القلوب ، وتحديد الهدف مما أدى إلى الانتصار الكبير في وقعة"شقحب"التي شارك الإمام ابن تيمية في القتال فيها يصحبه طلبة العلم من المحدثين والفقهاء والصالحين ، وكان يحرض الجيش والمطوعة في ساحة القتال على البلاء ويبشرهم بالنصر (2) ، قال ابن كثير : وجعل يحلف بالله الذي لا إله إلا هو"إنكم منصورون عليهم هذه المرة ، فيقول له الامراء : قل إن شاء الله ، فيقول : إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا ، وأفتى الناس بالفطر مدة قتالهم وأفطر هو أيضا" (3).
أقول : إن هذه الشخصية العظيمة جذبت المزي إليها ، فأعجب المزي بابن تيمية الاعجاب كله ، وترافق معه طيلة حياته ، قال الذهبي : ترافق هو وابن تيمية كثيرا في سماع الحديث ، وفي النظر في العلم ، وكان يقرر طريقة السلف في السنة ، ويعضد ذلك بمباحث نظرية وقواعد كلامية..وما وراء ذلك بحمدالله إلا حسن إسلام وحسبة لله مع أني لم أعلمه ألف في ذلك شيئا" (4) ، وقال التاج السبكي : واعلم أن هذه الرفقة أعني المزي والذهبي والبرزالي وكثيرا من أتباعهم ، أضر بهم أبو العباس ابن تيمية إضرارا بينا ،
__________
(1) انظر تاريخ الاسلام ، الورقة : 334 فما بعد (أيا صوفيا : 3014) ، والبداية : 14 / 12 6.
(2) أعيان العصر : 8 / 7 1 من نسختي المصورة عن أيا صوفيا : 2968.
(3) البداية : 14 / 26.
(4) تذكرة الحفاظ : 4 / 1499.

(1/20)


وحملهم من عظائم الامور أمرا ليس هينا ، وجرهم إلى ما كان التباعد عنه أولى بهم ، وأوقعهم في دكادك من نار المرجو من الله أن يتجاوزها لهم ولاصحابهم" (1). وهذه النصوص تشير إلى قدم هذه العلاقة التي ابتدأت منذ أيام الطلب ، وأخذت تنمو على مرور الايام ، فتزيد متانة وصلابة.
وهكذا تكون فكر الحافظ المزي ، فهو شافعي المذهب ، سلفي العقيدة ، أخلص الاخلاص كله لرفيقه ابن تيمية وآرائه التجديدية ، وجعله مثله الاعلى ، ويظهر ذلك جليا من دراسة سيرتيهما ، فقد أوذي المزي بسبب ذلك : أوذي مرة ، واختفى مدة من أجل تحديثه بتاريخ بغداد للخطيب البغدادي (2) ، وأوذي ثانية في رجب من سنة (705) حينما تناظر ابن تيمية مع الاشاعرة عند نائب السلطنة الافرم ، وقرئت عقيدة ابن تيمية الواسطية وحصل البحث في أماكن منها ، ثم اضطر المناظرون له إلى قبولها بعد أن أفحمهم شيخ الاسلام ، فقعد المزي عندئذ تحت قبة النسر بجامع دمشق ، وقرأ فصلا بالرد على الجهمية من كتاب"أفعال العباد"للامام البخاري بعد قراءة ميعاد البخاري ، فغضب بعض الفقهاء الشافعية الحاضرون ، وقالوا : نحن المقصودون بذلك ، وشكوه إلى القاضي الشافعي نجم الدين أحمد بن صصرى ، وكان عدوا للشيخ ابن تيمية ، فسجن المزي ، فبلغ الشيخ تقي الدين ذلك
__________
(1) الطبقات : 10 / 400 وهذا الكلام جزء من كلامه في هؤلاء الرفقة من الأئمة الاعلام ولاسيما في شيخه الذهبي بحيث قال فيه : والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه وعدم اعتبار قوله ، ولم يكن يستجري أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه" (الطبقات : 2 / 14 13) ، قال ذلك وشحن كتابه الطبقات من كتب الذهبي إذ كان معتمده الرئيس !
وكان السبكي أشعريا جلدا بحيث قال فيه عز الدين الكناني"ت 819" : هو رجل قليل الادب ، عديم الانصاف جاهل بأهل السنة ورتبهم" (الاعلان للسخاوي : 469 فما بعد ، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي ، الورقة : 48 47 (الظاهرية) ، وانظر مناقشتنا لاقواله في الفصل الذي كتبناه عن"النقد"عند الذهبي من كتابنا : الذهبي ومنهجه ، وخاصة : 458 فما بعد).
(2) أعيان العصر : 12 / الورقة : 124.

(1/21)


فتألم لحبس المزي ، وذهب إلى السجن ، وأخرجه بنفسه ، ولم يحفل بالسلطة ، وراح إلى القصر ، فوجد القاضي ابن صصري هناك ، فتقاولا بسبب المزي ، فحلف ابن صصرى لا بد أن يعيده إلى السجن وإلا عزل نفسه ، وكان الافرم غائبا عن دمشق ذلك اليوم ، فأمر نائبه بإعادته تطييبا لقلب القاضي ، فحبسه عنده أياما ثم أطلقه (1).
وكان ابن تيمية كثير الاعتماد على المزي وعلمه ومعرفته ، فحينما خرج من سجنه بمصر سنة (709) بعد عودة السلطان محمد بن قلاوون وجلس في القاهرة ينشر علمه ، احتاج إلى بعض كتبه التي بالشام ، فكتب إلى أهله كتابا يطلب جملة من كتب العلم التي له ، وطلب منهم أن يستعينوا على ذلك ، بجمال الدين المزي"فانه يدري كيف يستخرج له ما يريده من الكتب التي أشار إليها" (2). وحينما ولي المزي أكبر دار حديث بدمشق هي دار الحديث الاشرفية سنة (718) فرح ابن تيمية فرحا عظيما بذلك وقال : لم يل هذه المدرسة من حين بنائها إلى الآن أحق بشرط الواقف منه" (3). وقد وليها عظماء العلماء المحدثين منهم : تقي الدين ابن الصلاح (643 577) ، وابن الحرستاني (662 577) ، وأبو شامة (665 599) ومحيي الدين النووي (676 631) وغيرهم ، فقد اعتمد ابن تيمية قول الواقف : ان اجتمع من فيه الرواية ومن فيه الدراية قدم من فيه الرواية" (4) ففضله ابن تيمية بذلك على جميع المتقدمين في الرواية.
ولما توفي شيخ الاسلام ابن تيمية مسجونا بقلعة دمشق ، لم يسمح لاحد بالدخول أول الامر إلا لخواص أصحابه ، قال ابن كثير :
__________
(1) البداية : 14 / 37 ، وأعيان العصر : 12 / الورقة : 124 ، والدرر : 5 / 234 ، والدارس للنعيمي : 1 / 98 97 ، والبدر الطالع : 14 / 66 ، 2 / 353.
(2) البداية : 14 / 55 54.
(3) أعيان العصر : 12 / الورقة : 124 ، والدارس : 1 / 35.
(4) أعيان العصر : 12 / الورقة : 124.

(1/22)


"وكنت فيمن حضر هناك مع شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي رحمه الله وكشفت عن وجه الشيخ ، ونظرت إليه وقبلته..ثم شرعوا في غسل الشيخ ، وخرجت إلى مسجد هناك ، ولم يدعوا عنده إلا من ساعد في غسله ، منهم شيخنا الحافظ المزي ، وجماعة من كبار الصالحين الاخيار أهل العلم ، والايمان" (1). ولما مات المزي بعد ذلك بأربعة عشر عاما ، دفن غربي قبر رفيقه وصديقه ابن تيمية (2) رضي الله عنهما.
وظل الشيخ بعد وفاة ابن تيمية مؤمنا بهذه العقيدة ، ولم يفتر عن دوام الايمان بها ، فنجده مدافعا منافحا عن عقيدة الاسلام الصحيحة محاربا الخارجين المارقين عنها ، فيشاهده الناس في ذي القعدة من سنة (741) وهو في الثامنة والثمانين من العمر يحضر المجلس بدار العدل مع رفيقه في العقيدة الإمام الذهبي عند محاكمة عثمان الدكالي ، أحد المارقين عن الاسلام ، قال ابن كثير : وتكلما ، وحرضا في القضية جدا ، وشهدا بزندقة المذكور بالاستفاضة وكذا الشيخ زين الدين أخو الشيخ تقي الدين ابن تيمية ، وخرج القضاة الثلاثة المالكي والحنفي والحنبلي وهو نفذوا حكمه في المجلس ، فحضروا قتل المذكور ، وكنت مباشرا لجميع ذلك من أوله إلى آخره" (3). ولم يكن الشافعية الاشاعرة ، ومنهم قاضيهم تقي الدين السبكي ، قد وافقوا على محاكمة هذا الرجل ، قال ابن حجر في ترجمة الدكالي هذا : كان من الخانقاه السميساطية فدعا طائفة إلى مقالات الباجريقي ، فشاع أمره ، فأمسك ، وقامت عليه البينة بالامور المنكرة فحبس ، ثم حضر المزي والذهبي ، فشهدا عليه بالاستفاضة بما نسب إليه ، فحكم القاضي شرف الدين المالكي بإراقة دمه ، ولم يكن ذلك
__________
(1) البداية : 14 / 138.
(2) البداية : 14 / 192.
(3) البداية : 14 / 190.

(1/23)


رأي النائب ألطنبغا ولا التقي السبكي" (1).
منزلة المزي العلمية
1ـ أبرز آثاره
احتل المزي مكانة عظيمة بين علماء القرن الثامن الهجري في الحديث وعلومه ، وما يتصل بهما ، وقامت شهرته على أعظم كتابين ألفهما في فنهما هما"تحفة الاشراف""وتهذيب الكمال.
ويعد كتاب"تحفة الاشراف بمعرفة الاطراف (2)"من أعظم الكتب المؤلفة في أطراف الكتب الستة وبعض لواحقها ، كان الغرض الاساس منه جمع أحاديث الكتب الستة وبعض لواحقها بطريق تسهل على القارئ معرفة أسانيدها المختلفة مجتمعة في موضع واحد. وقد رتبه على الأسانيد دون المتون ، فصار معجما مرتبا على تراجم أسماء الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ، وفي بعض الاحيان أتباع أتباع التابعين فدونت جميع أحاديث الكتب الستة وبعض لواحقهما على هذه الأسماء ، فأصبح يتكون من (1395) مسندا منها (995) مسندا منسوبا إلى الصحابة بعد أن رتب أسماءهم على حروف المعجم ، والباقية من المراسيل وعددها أربع مئة منسوبة إلى أئمة التابعين ومن بعدهم على حروف المعجم أيضا ، وهو عمل هائل تعجز عنه العصبة (3). يضاف إلى ذلك أن المزي لم يقتصر فيه على الكتب الستة كما ذكرنا ، بل أضاف إليها من لواحق ومؤلفات أصحاب الستة : أ- مقدمة صحيح
__________
(1) الدرر : 3 / 56.
(2) يطبع بعناية عبد الصمد شرف الدين طبعة علمية جيدة. وطريقة كتب الاطراف أن تذكر حديث الصحابي مفردا مثل أهل المسانيد ، إلا أنهم يذكرون طرفا من الحديث في الغالب خلاف أصحاب المسانيد فانهم يذكرون الحديث بتمامه. ومن أعظم فوائدها أن الباحث يكتفي بمطالعة كتاب من كتب الاطراف فيغنيه عن مطالعة جميع الكتب التي كونت مادتها إذا كان يريد معرفة طرق الحديث فيها بسبب تجمعها في مكان واحد.
(3) راجع مقدمة الكتاب.

(1/24)


مسلم. ب- كتاب المراسيل لابي داود. ج- كتاب العلل للترمذي ، وهو الذي في آخر كتاب الجامع له. د- كتاب الشمائل للترمذي أيضا.
ه كتاب عمل يوم وليلة للنسائي.
وحينما انتهى من تأليف الكتاب ألحق به بعد ذلك ذيلا سماه. "لحق الاطراف"تتبع فيه بعض الاحاديث التي لم ترد إلا برواية ابن الاحمر من كتاب النسائي. وذكر الحافظ ابن حجر أنه شاهده في جزء لطيف ، ثم شاهد نسخة ابن كثير من"التحفة"وعليها هذا اللحق بخط المؤلف (1).
وقد ذكر ابن حجر أنه"قد حصل الانتفاع بهذا الكتاب شرقا وغربا ، وتنافس العلماء في تحصيله بعدا وقربا (2)". ونظرا لهذه المنزلة التي احتلها في هذا الفن ، فقد تناوله العلماء بالاستدراك والتلخيص والتعليق ، لانه صار الكتاب المعتمد في هذا الفن.
وقد اختصره تلميذه ورفيقه مؤرخ الاسلام الذهبي في مجلدين على ما ذكر الصفدي (3) وابن شاكر (4) والسبكي (5) والزركشي (6) وسبط ابن حجر (7).
واختصره أبو العباس أحمد بن سعد بن محمد الاندرشي المتوفى سنة (750) وسماه"العمدة في مختصر الاطراف" (8).
وألف العلامة علاء الدين مغلطاي بن قليج الحنفي المتوفى سنة (762) مستدركا على تحفة الاشراف ذكر ابن حجر أن فيه أوهاما منه.
__________
(1) راجع مقدمة كتاب"النكت الظراف"لابن حجر.
(2) نفسه : 1 / 4 (بهامش تحفة الاشراف).
(3) الوافي بالوفيات : 2 / 164 ، ونكت الهميان : 243.
(4) عيون التواريخ ، الورقة : 86.
(5) الطبقات : 9 / 105.
(6) عقود الجمان ، الورقة : 79 (نسخة مكتبة فاتح باستانبول ذات الرقم : 4435).
(7) رونق الالفاظ ، الورقة : 181 (نسخة الخالدية بالقدس ، رقم : 11 تراجم).
(8) كشف الظظنون : 2 / 1560.

(1/25)


وكتب الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين المعروف بالحافظ العراقي المتوفى سنة (806) بعض المستدركات على هامش نسخته أفاد منها ولده العلامة ولي الدين العراقي المتوفى سنة (826) حينما ألف جزءا مستدركا على المزي بعد أن أضاف إليه بعض ما جمعه مغلطاي (1).
ويبدو أن الثلاثة : الزين العراقي وولده ومغلطاي لم يطلعوا في أول الامر على"لحق الاطراف"الذي استدرك به المزي على نفسه.
ثم جمع الحافظ ابن حجر كل هذه المستدركات ، وأضاف إليها وأخرجها في كتاب سماه"النكت الظراف (2)". وجمع الحافظ محمد بن فهد المكي المتوفي سنة (871) بين كتابي المزي وابن حجر بكتابه"الاشراف على الجمع بين النكت الظراف وتحفة الاشراف (3).
أما كتاب المزي الثاني ، فهو"تهذيب الكمال"وهو كتابنا هذا ، فإنه يعد أعظم كتاب ألف في فنه غير مدافع أربى فيه على من تقدمه وكسب مؤلفاتهم ، ولم يستطع أحد بعده حتى اليوم أن يبلغ شأوه بله أن يأتي بأحسن منه ، وسيأتي الكلام عليه مفصلا في الفصل الثاني من هذه المقدمة.
2- مناصبه العلمية
ونتيجة لما بلغه المزي من منزلة مرموقة بين علماء عصره ، وما عرف عنه من ديانة متينة وحفظ وإتقان وبراعة في الحديث وعلومه ، فقد ولي دار الحديث الاشرفية في يوم الخميس الثالث والعشرين من
__________
(1) مقدمة النكت الظراف لابن حجر ، وكشف الظنون : 1 / 117.
(2) يطبع في أسفل تحفة الاشراف.
(3) يراجع في ذلك مقدمة المجلد الثاني من تحفة الاشراف.

(1/26)


ذي الحجة سنة (718) (1) ، وليها على الرغم من معارضة الكثيرين بسبب صحبته لشيخ الاسلام ابن تيمية وتأييده لآرائه ، لكن علمه وفضله ، وهما مما لا يستطيع أن ينكره الاشاعرة ولا غيرهم ، جعلهم يضطرون إلى توليته هذه الدار التي كانت تعد من أكبر دور الحديث بدمشق (2). وعلى الرغم من أنه كتب بخطه حين وليها بأنه أشعري (3) ، فقد أبانوا عن سخطهم ، فلم يحضروا حفل الافتتاح كما جرت العادة آنذاك ، قال العماد ابن كثير : ولم يحضر عنده كبير أحد ، لما في نفوس بعض الناس من ولايته لذلك مع أنه لم يتولها أحد قبله أحق بها منه ، وما عليه منهم إذا لم يحضروا ؟ فإنه لا يوحشه إلا حضورهم عنده ، وبعدهم آنس ، والله أعلم (4).
وقد جرت محاولات عدة لاخراجه من مشيخة هذه الدار باءت كلها بالفشل لما كان يتمتع به الحافظ المزي من المكانة الرفيعة بدمشق ، تلك المكانة التي اعترف بها المخالف قبل الموافق. واستمرت المكائد تحاك ضده حتى وهوفي آخر شيخوخته ، ففي سنة (739) ولى تقي الدين السبكي قضاء الشافعية بدمشق (5) ، وما إن وصل دمشق حتى حضر عنده الشيخ صدر الدين سليمان بن عبد الحكيم المالكي بعد ليلة واحدة من دخوله (6) ، وكان صدر الدين
__________
(1) تذكرة الحفاظ : 4 / 1499 ، وأعيان العصر : 12 / الورقة : 123 ، والبداية : 14 / 89 ، 91 ، والدارس للنعيمي : 1 / 34.
(2) منسوبة إلى الملك الاشرف مظفر الدين موسى ابن العادل الايوبي ، ابتدأ عمارتها سنة 628 وافتتحت سنة 630 وأول من وليها محدث عصره الحافظ ابن الصلاح المتوفى سنة 643 (تاريخ الاسلام ،
الورقة : 243 أيا صوفيا : 3012 ، والدارس : 1 / 19 فما بعد).
(3) طبقات السبكي : 10 / 398.
(4) البداية : 14 / 89.
(5) الذيل على العبر للذهبي : 204 ، وقال : وفرح المسلمون به"والبداية"14 / 184 ، وطبقات السبكي : 10 / 168.
(6) طبقات السبكي : 10 / 398.

(1/27)


أشعريا جلدا متعصبا على المخالفين (1) ، ولكن التقي السبكي كان يحبه (2) ، فروى التاج السبكي أن والده التقي قال : دخل إلي وقت العشاء الآخرة ، وقال أمورا يريد بها تعريفي بأهل دمشق ، قال : فذكر لي البرزالي وملازمته لي ، ثم انتهى إلى المزي ، فقال : وينبغي لك عزله من مشيخة دار الحديث الاشرفية ، قال الشيخ الإمام (يعني التقي) ، فاقشعر جلدي ، وغاب فكري ، وقلت في نفسي : هذا إمام المحدثين ، الله لو عاش الدارقطني استحيى أن يدرس مكانه. قال : وسكت ، ثم منعت الناس من الدخول علي ليلا ، وقلت : هذه بلدة كثيرة الفتن. فقلت أنا للشيخ الإمام : إن صدر الدين المالكي لا ينكر رتبة المزي في الحديث ، ولكنه كأنه لاحظ ما هو شرط واقفها ، من أن شيخها لابد أن يكون أشعري العقيدة ، والمزي وإن كان حين ولي كتب بخطه بأنه أشعري إلا أن الناس لا يصدقونه في ذلك. فقال : أعرف أن هذا هو الذي لاحظه صدر الدين ، ولكن من ذار الذي يتجاسر أن يقول : المزي ما يصلح لدار الحديث ، والله ركني ما يحمل هذا الكلام (110).
وقد استمر المزي متوليا لهذه الدار طيلة حياته ، وكانت مسكنه ، فكانت ولايته لها قرابة أربعة وعشرين عاما ، ومنها نشر علمه الجم ، وفيها حدث بكتابه العظيم تهذيب الكمال وغيره ، وسمعها عليه الجلة من شيوخ العصر.
وكان المزي ، إضافة إلى ذلك ، شيخا لدار الحديث الحمصية المعروفة بحلقة صاحب حمص ، وإن كنا لا ندري متى تولاها ، ولكنه تنازل عنها لتلميذه الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي
__________
(1) الذيل على ذيل العبر للحسيني : 276 ، والدرر لابن حجر : 2 / 248 ، وذيول تذكرة الحفاظ : 119 ، وتوفي سنة 749.
(2) طبقات السبكي : 10 / 397.
(3) نفسه : 10 / 398 397.

(1/28)


(761 694) فدرس العلائي بها في محرم سنة 728 (1).
وحينما توفي رفيقه وتلميذه علم الدين البرزالي في ذي الحجة من سنة (739) تولى المزي أقدم دار حديث بدمشق وأعرقها هي دار الحديث النورية إلى حين وفاته ، فوليها بعده تلميذه ابن رافع السلامي (2).
وكان بدء تدريس المزي في هذه الدار في المحرم سنة (640) ، وكتب له تلميذه الصلاح الصفدي التوقيع بمشيختها أورد نصه الكامل في كتابه : أعيان العصر (3).
3- تلاميذه
أصبح الإمام المزي حافظ العصر غير مدافع ، وفضله الإمام الذهبي في الحفظ على جميع من لقي من الحفاظ طيلة حياته ، وأتاحت له معرفته الفذة في علم الرجال منزلة مميزة بين أساتيذ العصر ، فأمه طلبة العلم من كل حدب وصوب. وكانت دار الحديث الاشرفية من أعظم الاماكن التي بث منها المزي علمه ، وقد متعه الله بالعمر الطويل ، وصحة الحواس ، وقوة الجسم ، فكان وهو في عشر التسعين معتدل القامة ، قوي الركب ، يصعد إلى الصالحية ماشيا ، ولا يركب بغلة ولا حمارا ، ويستحم بالماء البارد في الشيخوخة (4) ، ويحكم ترقيق الاجزاء وترميمها ، ويعتني بكتابة الطباق عليها (5) ، فحدث زيادة على خمسين سنة (6) ، وقلما نجد عالما دمشقيا من أهل ذلك العصر إلا درس عليه ، قال الذهبي : وغالب المحدثين من دمشق وغيرها قد تلمذوا له ، واستفادوا منه ، وسألوه عن المعضلات ، فاعترفوا بفضيلته ، وعلو ذكره" (7)
__________
(1) ذيل العبر للذهبي : 156 ، والبداية : 14 / 132 ، والدارس ، 1 / 59.
(2) الدارس : 1 / 94 ، 109 ، 113.
(3) أعيان العصر : 12 / الورقة : 128.
(4) نفسه : 12 / الورقة : 123.
(5) الدرر : 5 / 235.
(6) طبقات السبكي : 10 / 401.
(7) كما نقل عنه ابن حجر في الدرر : 5 / 234.

(1/29)


وقد حدث بكتبه مرات عديدة ، وحدث بصحيح البخاري مرات ، وبالمسند للامام أحمد ، وبالمعجم الكبير للامام الطبراني ، وبدلائل النبوة للبيهقي ، وبكتب كثيرة جدا ، كما حدث بسائر أجزائه العالية ، وبكثير من أجزائه النازلة (1).
ويكفيه فخرا وفضلا أن عظماء العلماء من أساتيذه ورفاقه وتلامذته النجب قد أخذوا عنه ، فسمع منه من العلماء الاعلام : شيخ الاسلام ابن تيمية الحراني (ت 728) ، وفتح الدين ابن سيد الناس اليعمري (ت 734) ، وإما المؤرخين والمحدثين شمس الدين الذهبي (ت 748) سمع منه سنة (694) وأخذ عنه صحيح البخاري غير مرة ، والإمام العلامة تقي الدين السبكي (ت 756) وغيرهم. وبه تخرج أعاظم الرواة والمحدثين والمؤرخين من أعلامهم : علم الدين البرزالي (ت 739) ، وشمس الدين أبو عبد الله بن عبد الهادي (ت 744) ، وصلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي (ت 761) ، وعلاء الدين مغلطاي الحنفي (ت 762) ، وتقي الدين ابن رافع السلامي (ت 774) ، والشيخ عماد الدين ابن كثير صهره (ت 774) ، وخلق يطول ذكرهم.
4- آراء العلماء فيه
ونرى من المفيد أن نقتطف هنا آراء العلماء والنقاد المعاصرين فيه ، لما لذلك من أهمية في توثيقه وبيان فضله ومنزلته. وقد نقلنا لك قبل قليل رأي شيخ الاسلام ابن تيمية واعترافه له ، وأنبأناك بثنائه عليه غير مرة.
وقد اتصل به العلامة فتح الدين ابن سيد الناس اليعمري بعد
__________
(1) أعيان العصر : 12 / الورقة : 126.

(1/30)


سنة 690 ، فقال في حقه : ووجدت بدمشق من أهل العلم الإمام المقدم والحافظ الذي فاق من تأخر من أقرانه ومن تقدم أبا الحجاج المزي ، بحر هذا العلم الزاخر وحبره القائل من رآه : كم ترك الاوائل للاواخر ، أحفظ الناس للتراجم ، وأعلم الناس بالرواة من أعارب وأعاجم ، لا يخص بمعرفته مصرا دون مصر ولا ينفرد علمه بأهل عصر دون عصر..وهو في اللغة أيضا إمام..فكنت أحرص على فوائده لاحرز منها ما أحرز..وهو الذي حداني على رؤية شيخ الاسلام ابن تيمية" (1).
وترجم له الذهبي في معجم شيوخه الكبير ، فقال : العلامة الحافظ البارع أستاذ الجماعة جمال الدين أبو الحجاج ، محدث الاسلام الكلبي القضاعي ، المزي الدمشقي ، الشافعي..طلب هذا الشأن سنة خمس وسبعين وهلم جرا إلى اليوم ، فماونى ، ولا فتر ، ولا لها ولا قصر ، وعني بهذا الشأن أتم عناية ، وقرأ العربية ، وأفاد ، وأكثر من اللغة والتصريف. وصنف وأفاد..وكتب الكثير ورواه ، مع السمت الحسن ، والاقتصاد ، والتواضع ، والحلم ، وعدم الشر ، والله يصلحه وإياي. أخبرنا يوسف ابن الزكي الحافظ..(2).
وقال في "تذكرة الحفاظ" : شيخنا الإمام العالم الحبر الحافظ الاوحد محدث الشام..وأما معرفة الرجال ، فهو حامل لوائها ، والقائم بأعبائها ، لم تر العيون مثله..وأوضح مشكلات ومعضلات ما سبق إليها في علم الحديث ورجاله..وكان ثقة حجة ، كثير العلم ، حسن الاخلاق ، كثير السكوت ، قليل الكلام جدا ، صادق
__________
(1) أجوبة ابن سيد الناس ، وهي مما أجاب به أبالحسين بن أيبك الحسامي الدمياطي المتوفى سنة 749 نسخة الاسكوريال : 1160 ، ونقل قوله هذا أيضا الصفدي في أعيان العصر : 121 / الورقة : 127 ، وابن حجر في الدرر : 5 / 235 234. وعندي نسخة مصورة من أجوبة ابن سيد الناس وهي نسخة نفيسة.
(2) معجم الشيوخ : 2 / الورقة : 90.

(1/31)


اللهجة ، لم تعرف له صبوة. وكان يطالع وينقل الطباق إذا حدث وهو في ذلك لا يكاد يخفى عليه شيء مما يقرأ ، بل يرد في المتن والاسناد ردا مفيدا يتعجب منه فضلاء الجماعة (1).
وقال الذهبي أيضا في معجمه المختص بمحدثي العصر (2) : كان خاتمة الحفاظ ، وناقد الأسانيد والالفاظ ، وهو صاحب معضلاتنا ، وموضح مشكلاتنا..ولو كان لي رأي للازمته أضعاف ما جالسته ، فإنني أخذت عنه هذا الشئ بحسبي لا بحسبه ، وكان لا يكاد يعرف قدره إلا من أكثر مجالسته". وقال أيضا : وقد (3) كان مع حسن خطه ذا إتقان قل أن توجد له غلطة ، أو تؤخذ عليه لحنة". وقال أيضا : وكان مأمون الصحبة ، حسن المذاكرة ، خير الطوية ، محبا للآثار ، معظما لطريقة السلف ، جيد المعتقد ، وكان اغتر في شبيبته وصحب العفيف التلمساني ، فلما تبين له ضلاله ، هجره ، وتبرأ منه"
وكان الإمام الذهبي يورد سلسلة أعاظم الحفاظ ، وكتبها بخطه وعنه أخذها الصلاح الصفدي ، والتاج السبكي ، وقراها عليه (4) ، قال الذهبي : ما رأيت أحدا في هذا الشأن أحفظ من الإمام أبي الحجاج المزي ، وسمعته يقول في شيخنا أبي محمد الدمياطي (5) إنه ما رأى أحفظ منه ، وكان الدمياطي يقول : إنه ما رأى شيخا أحفظ من
__________
(1) تذكرة الحفاظ : 4 / 1499 1498.
(2) لم تصل إلينا ترجمته في المعجم المختص لكنها وصلت بما نقل منه الصفدي في أعيان العصر : 12 / الورقة : 125 وابن حجر في الدرر : 5 / 236 235 وان صرح يصرح باسم الكتاب ، والتاج السبكي في الطبقات : 10 / 296.
(3) في الدرر : ولو"وهو تصحيف فاحش غير المعنى بالكلية وانظر ماذا يفعل الناشر الجاهل الذي يدعي معرفة التحقيق ، اللهم نسألك العافية !
(4) أوردها السبكي في ترجمة والده : 10 / 223 220 ، والصفدي في أعيان العصر : 12 / الورقة : 125.
(5) توفي سنة 705 ، وهو أشهر من أن يذكر.

(1/32)


زكي الدين عبد العظيم (1)..الخ.
ونقل الصفدي عن الذهبي قوله : لم يسألني ابن دقيق العيد إلا عنه" (2).
وقال الذهبي نفسه في ترجمة الضياء المقدسي المتوفي سنة (643) من تاريخ الاسلام : سألت الحافظ أبا الحجاج المزي ، وما رأيت مثله (3).."
وقال شمس الدين الحسيني المتوفى سنة (765) : وكان مع تبحره في علم الحديث رأسا في اللغة العربية والتصريف ، له مشاركة جيدة في الفقه وغيره ، ذا حظ من زهد وتعفف ، ويقنع باليسير. وقد شهد له بالإمامة جميع الطوائف ، وأثنى عليه الموافق والمخالف (4).
وقال الصلاح الصفدي : الشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ الفريد الرحلة ، إمام المحدثين..خاتمة الحفاظ ، ناقد الأسانيد والالفاظ". وقال : كان شيخنا الحجة جمال الدين أبو الحجاج شيخ الزمان ، وحافظ العصر ، وناقد الاوان ، لو عاصره ابن ماكولا ، كان له مشروبا وماكولا ، وجعل هذا الامر إليه موكولا".ثم أطنب في تعداد فضائله ومحاسنه وزهده وقال في حفظه : وسمعت صحيح مسلم على ذالبندنيجي وهو حاصر بقراءة ابن طغريل وعدة نسخ صحيحة حاضرة يقابل بها ، فيرد الشيخ جمال الدين رحمه الله على ابن طغريل اللفظ ، فيقول ابن طغريل : ما في النسخة إلا ما قرأه ، فيقول من بيده بعض
__________
(1) يعني المنذري صاحب الترغيب والترهيب ، والتكملة لوفيات النقلة الذي حققته ويطبع الآن الطبعة الثانية المنقحة في مؤسسة الرسالة.
(2) أعيان العصر : 12 / الورقة : 125.
(3) وفيات سنة 643 (أيا صوفيا : 3014) ، وفي مثل هذا انظر أيضا الاوراق : 111 ، 161 ، 162 من مجلد أيا صوفيا 3014.
(4) الذيل على ذيل العبر : 230 229.

(1/33)


تلك النسخ الصحيحة : هو عندي كما قال الشيخ..أو في الحاشية تصحيح ذلك ، ولما تكرر ذلك قلت أنا له : ما النسخة الصحيحة إلا أنت !" (1).
وقال التاج عبد الوهاب السبكي مع مخالفة المزي له في العقائد : شيخنا وأستاذنا وقدوتنا الشيخ جمال الدين أبو الحجاج المزي ، حافظ زماننا ، حامل راية السنة والجماعة والقائم بأعباء هذه الصناعة ، والمتدرع جلباب الطاعة ، إمام الحفاظ ، كلمة لا يجحدونها ، وشهادة على أنفسهم يؤدونها ، ورتبة لو نشر أكابر الأعداء ، لكانوا يودونها ، واحد عصره بالاجماع ، وشيخ زمانه الذي تصغي لما يقول الاسماع (2)".ثم أورد طائفة من مناقبه وفضائله ، وثناء العلماء عليه ، ولاسيما والده التقي السبكي ، ثم قال : وبالجملة كان شيخنا المزي أعجوبة زمانه ، يقرأ عليه القارئ نهارا كاملا ، والطرق تضطرب والأسانيد تختلف وضبط الأسماء يشكل ، وهو لا يسهو ولا يغفل ، يبين وجه الاختلاف ، ويوضح ضبط المشكل ، ويعين المبهم ، يقظ لا يغفل عند الاحتياج إليه ، ولقد شاهدته الطلبة ينعس ، فإذا أخطأ القارئ ، رد عليه كأن شخصا أيقظه ، قال له : قال هذا القارئ كيت وكيت ، هل هو صحيح ؟ وهذا من عجائب الامور.وكان قد انتهت إليه رئاسة المحدثين في الدنيا." (3).
وفاته
انتاب المزي المرض في أوائل صفر من سنة (742) أياما يسيرة ، وكان مرضه في أوله خفيفا لم يشغله عن شهود الجماعة ، وحضور الدروس ، وإسماع الحديث ، وقد وصلت إلينا طبقة سماع
__________
(1) أعيان العصر : 22 / الورقة : 127 123.
(2) الطبقات : 10 / 396 395.
(3) المصدر نفسه : 10 / 397.

(1/34)


الجزء الثالث من"تهذيب الكمال"عليه لجملة من الفضلاء في يوم الخميس العاشر من صفر (1) ، فلما كان يوم الجمعة حادي عشره أسمع الحديث إلى قريب وقت الصلاة ، ثم دخل منزله ليتوضأ ، ويذهب للصلاة ، فاعترضه في باطنه مغص عظيم ، ظن أنه قولنج ، وما كان إلا طاعون ، فلم يقدر على حضور الصلاة ، قال صهره ابن كثير : فلما فرغنا من الصلاة ، أخبرت بأنه منقطع ، فذهبت إليه.فدخلت عليه ، فإذا هو يرتعد رعدة شديدة من قوة الالم الذي هو فيه ، فسألته عن حاله ، فجعل يكرر"الحمدلله"ثم أخبرني بما حصل له من المرض الشديد ، وصلى الظهر بنفسه ، ودخل إلى الطهارة ، وتوضأ على البركة وهو في قوة الوجع ، ثم اتصل به هذا الحال إلى الغد من يوم السبت ، فلما كان وقت الظهر لم أكن حاضره إذ ذاك ، لكن أخبرتنا بنته زينب زوجتي أنه لما أذن الظهر ، تغير ذهنه قليلا ، فقالت : يا أبة أذن الظهر ، فذكر الله ، وقال : أريد أن أصلي ، فتيمم وصلى ، ثم اضطجع فجعل يقرأ آية الكرسي حتى جعل لا يفيض بها لسانه ، ثم قبضت روحه بين الصلاتين رحمه الله يوم السبت ثاني عشر صفر ، فلم يمكن تجهيزه تلك الليله ، فلما كان من الغد يوم الاحد ثالث عشر صفر صبيحة ذلك اليوم ، غسل وكفن وصلي عليه بالجامع الأموي ، وحضر القضاة والاعيان وخلائق لا يحصون كثرة ، وخرج بجنازته من باب النصر ، وخرج نائب السلطنة الامير علاء الدين ألطنبغا (2) ومعه ديوان السلطان ، والصاحب ، وكاتب السر وغيرهم من الامراء ، فصلوا عليه خارج باب النصر ، أمهم عليه القاضي تقي الدين السبكي الشافعي ، وهو الذي صلى عليه بالجامع الأموي ، ثم ذهب به إلى مقابر الصوفية ،
__________
(1) نسخة دار الكتب المصرية : 25 مصطلح الحديث ، المجلد الاول : اللوحة : 65 من نسختي المصورة وانظر أيضا أدناه صورتها المنشورة مع النماذج.
(2) في الاصل : طنبغا"محرف ، والتصحيح من مصادر ترجمته في كتب القرن الثامن ومنها الدرر لابن حجر : 1 / 436 وكان قد ولي نيابة دمشق في محرم سنة 741.

(1/35)


فدفن هناك إلى جانب زوجته المرأة الصالحة الحافظة لكتاب الله ، عائشة بنت إبراهيم بن صديق غربي قبر الشيخ تقي الدين ابن تيمية" (1).
وكانت زوجته عائشة قد توفيت قبله بتسعة أشهر تقريبا في مستهل جمادى الاولى سنة (741) ، وكانت عديمة النظير في نساء زمانها لكثرة عبادتها وتلاوتها وإقرائها القرآن الكريم بفصاحة وبلاغة وأداء صحيح ، وختمت نساءا كثيرات ، وقرأ عليها من النساء خلق ، وانتفعن بها وبصلاحها ودينها وزهدها في الدنيا ، وتقللها منها مع طول العمر حيث بلغت ثمانين سنه ، وكان المزي محسنا إليها مطيعا لا يكاد يخالفها لحبه لها طبعا وشرعا (2).وكانت والدة أمة الرحيم زينب زوج العلامه ابن كثير رحمهم الله.
وقد عني المزي بأهل بيته ، فكان يحضرهم مجالس السماع لا يستثني من ذلك حتى الجواري (3) ، واشتهر من أولاده عبد الرحمن ابن يوسف الذي ولد له سنة (687) وتوفي بالطاعون العام سنة (749) وكان شيخا لشرف الدين الحسيني (4).وولي مشيخة دار الحديث النورية ، ودفن بمقابر الصوفية على والده (5).
__________
(1) البداية 14 / 192 ، وقد جمع تلميذه الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي جزءا سماه سلوان التعزي عن الحافظ المزي. ابن حجر الدرر 5 / 237.
(2) البداية : 14 / / 72 ، 189.
(3) كما هو مثبت في خطه في كثير من أجزاء تهذيب الكمال انظر أدناه نموذجا من ذلك.
(4) البداية : 14 / 227.

(1/36)


الفصل الثاني
تهذيب الكمال في أسماء الرجال
منهجه وأهميته
توطئة : عني العلماء منذ فترة مبكرة بتأليف الكتب التي تتناول رواة الحديث للافادة منها في بيان صحيح الحديث من سقيمه.وحينما وضعت الكتب الستة في الحديث وهي : صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وجامع الترمذي ، وسنن النسائي ، وسنن أبي داود ، وسنن ابن ماجة القزويني ، عدها جهابذة المحدثين دواوين الاسلام فعنوا بها وبروايتها وتدقيقها ، فاشتهرت في بلاد الاسلام ، وذاع صيتها بين الانام. ونتيجة لذلك ألفوا الكتب المعنية بتناول الرجال الواردين في أسانيدها منذ القرن الرابع الهجري.
ابن عساكر أول من ألف في شيوخ أصحاب الكتب الستة.
ولكن أحدا لم يجمع شيوخ أصحاب الستة على ما حققناه قبل حافظ الشام أبي القاسم ابن عساكر (571 499) (1) في كتابه المختصر النافع"المعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل (2)"الذي ألفه بعد كتابه "الاطراف" وسار فيه على المنهج الآتي :
1- اقتصر فيه على شيوخ أصحاب الستة دون الرواة الآخرين.
__________
(1) راجع عن ابن عساكر بحثنا : ابن عساكر : أخذ وعطاء"مجلة التراث العربي ، السنة الاولى ، العدد الاول ، ص : 17 فما بعد.
(2) نسختي المصورة عن النسخة المحفوظة في مكتبة الاوقاف العراقية ، وعندي نسخة محققة غير منشورة منه. وما ذكرناه عن منهجه متأت عن دراستنا للكتاب نفسه.

(1/37)


2- رتب الكتاب على حروف المعجم المشرقية ، وابتدأ كتابه بمن اسمه"أحمد.
3- أورد التراجم على سبيل الاختصار فذكر اسم المترجم ونسبته ، ثم من روى عنه من أصحاب الكتب الستة ، ثم توثيقه ، وأتبع ذلك بتاريخ وفاته إن وقع له.وأشار في نهاية الترجمة فيما إذا وقع له من حديثه ما كان موافقة أو بدلا عاليا ونحو ذلك من رتب العلو في الرواية.
4- ومن أجل التخفيف على النساخ استعمل لاصحاب الستة علامات تدل عليهم ، وهي : (خ) للبخاري و(م) لمسلم ، و(د) لابي داود ، و(ت) للترمذي ، و(ن) للنسائي ، و(ق) لابن ماجة القزويني. الكمال في أسماء الرجال.
ثم جاء الحافظ الكبير أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الجماعيلي الحنبلي (600 544) (1) فألف كتابه"الكمال في أسماء الرجال"وتناول فيه رجال الكتب الستة.
وإذا كان الحافظ أبو القاسم ابن عساكر أول من ألف في شيوخ أصحاب الكتب الستة ، فإن الحافظ عبد الغني أول من ألف في رواة الكتب الستة حيث لم يقتصر على شيوخهم بل تناول جميع الرواة المذكورين في هذه الكتب من الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى شيوخ أصحاب الكتب الستة.
أما نطاق الكتاب ومنهجه فيمكن تلخيصه بما يأتي :
1- اجتهد أن يستوعب جميع رجال هذه الكتب غاية الامكان ، لكنه قال : غير أنه لا يمكن دعوى الاحاطة بجميع ما فيها ، لاختلاف
__________
(1) التقييد لابن نقطة ، الورقة : 158 ، والذيل لابن الدبيثي ، الورقة :179(مجلد باريس 5922) ، والتكملة للمنذري ، الترجمة : 778 وتعليقنا عليها.

(1/38)


النسخ ، وقد يشذ عن الانسان بعد إمعان النظر وكثرة التتبع ما لا يدخل في وسعه" (1).
2- بين أحوال هؤلاء الرجال حسب طاقته ومبلغ جهده ، وحذف
كثيرا من الاقوال والأسانيد طلبا للاختصار"إذ لو استوعبنا ذلك ، لكان الكتاب من جملة التواريخ الكبار" (2).
3- استعمل عبارات دالة على وجود الرجل في الكتب الستة أو في بعضها ، فكان يقول"روى له الجماعة"إذا كان في الكتب الستة ، ونحو قوله : اتفقا عليه"أو"متفق عليه"إذا كان الراوي ممن اتفق على إخراج حديثه البخاري ومسلم في "صحيحيهما"وأما الباقي فسماه تسمية.
4- ابتدأ كتابه بترجمة قصيرة للرسول صلى الله عليه وسلم أخذها بسنده من كتاب"السيرة"لابن هشام استغرقت صفحة واحدة فقط ، وقال في نهايتها"وقد أفردنا لاحواله صلى الله عليه وسلم مختصرا لا يستغني طالب الحديث ولا غيره من المسلمين عن مثله".وأتبع ذلك بفصل من أقوال الأئمة في أحوال الرواة والنقلة ، أورده بالأسانيد المتصلة إليه استغرق ثمان أوراق (3).
5- أفرد الصحابة عن باقي الرواة ، فجعلهم في أول الكتاب ، وبدأهم بالعشرة المشهود لهم بالجنة ، فكان أولهم الصديق أبو بكر رضي الله عنهم ، وأفرد الرجال عن النساء ، فأورد الرجال أولا ، ثم أتبعهم بالنساء ، ورتب الرواة الباقين على حروف المعجم ، وبدأهم بالمحمدين لشرف هذا الاسم.
وقد امتدحه العلماء ، وأثنوا عليه ، فقال ياقوت الحموي (ت
6) : جوده جدا (4)". وقال الحافظ المزي : وهو كتاب نفيس ،
__________
(1) مقدمة الكمال (نسخة خدابخش).
(2) نفسه.
(3) الكمال : 1 / الورقة : 11 2.
(4) معجم البلدان : 2 / 113.

(1/39)


كثير الفائدة ، لكن لم يصرف مصنفه رحمه الله عنايته إليه حق صرفها
ولا استقصى الأسماء التي استملت عليها هذه الكتب استقصاءا تاما ، ولا تتبع جميع تراجم الأسماء التي ذكرها في كتابه تتبعا شافيا ، فحصل في كتابه بسبب ذلك إغفال وإخلال (1).
محاولة فاشلة على "الكمال" قبل المزي :
وأشار المزي في مقدمة التهذيب إلى أن أحد أولاد الحافظ عبد الغني"ممن لم يبلغ في العلم مبلغه ، ولا نال في الحفظ درجته ، رام تهذيب كتابه وترتيبه واختصاره واستدراك بعض ما فاته من الأسماء"فلم ينجح في ذلك ، ولم يزد سوى بعض تراجم أخذها من أسماء كتاب "الاطراف" لابي القاسم ابن عساكر ، وبعض أسماء التابعين من ذلك الكتاب أيضا ، ثم أضاف إليهم بعض شيوخ أصحاب الستة من كتاب"المعجم المشتمل"لابن عساكر أيضا ، ولم يزد في عامة ذلك على ما ذكره ابن عساكر ، فضلا عن وقوع خلل كثير ووهم شنيع فيما اختصره من كتاب والده (2).
ولم يصرح المزي باسم هذا"الولد"ولا أشار أحد غيره إليه فيما وقفت عليه من مصادر ، لكنني وقعت على ثلاثة أولاد للحافظ عبد الغني ممن عني بالحديث وطلبه وروايته ، وهم :
1- عز الدين أبو الفتوح محمد بن عبد الغني (613 566) وهو ممن دخل بغداد غير مرة ، وسمع بها ، كما سمع بدمشق وأصبهان (3).
2- جمال الدين أبو موسى عبد الله بن عبد الغني (581
__________
(1) مقدمة التهذيب.
(2) المصدر نفسه.
(3) الذيل لابن الدبيثي ، الورقة : 73 (مجلد باريس 5922) ، والتكملة للمنذري ، الترجمة : 1501 ،والذيل لابي شامة : 99 ، وتلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي : 4 / الترجمة : 436 ، وتذكرة الحفاظ : 4 / 1401 ، وتاريخ الاسلام ، الورقة : 204 (باريس 1582) ، والذيل لابن رجب : 2 / 92 90 وغيرها.

(1/40)


629). سمع بدمشق وبغداد وأصبهان ومصر ، وحدث بدمشق ومصر وغيرهما ، فتكلم فيه بعضهم بسبب تقربه من السلطان (1).
3- محيي الدين أبو سليمان عبد الرحمن بن عبد الغني (583 أو 584 ، 643). سمع بدمشق وبغداد ومصر ، وحدث ، وكان فقيها زاهدا (2).
ومن دراسة سير أولاده الثلاثة هؤلاء دراسة مستفيضة في جميع الموارد التي ترجمت لهم لم أجد أحدا ذكر هذا"المختصر"أو"التهذيب"الذي عمله لكتاب والده ، ولكنني في الوقت نفسه أرجح أن يكون المقصود بهذا هو عز الدين أبا الفتح محمد بن عبد الغني ، لان الذين ترجموا له ذكروا له عناية بهذا الفن ، أعني رجال الحديث ، قال محدث بغداد الحافظ ابن النجار (ت 643) : وكان من أئمة المسلمين حافظا للحديث متنا وإسنادا ، عارفا بمعانيه وغريبه ومشكله ، متقنا لاسامي المحدثين وكناهم ، ومقدار أعمارهم ، وما قيل فيهم من جرح وتعديل ، ومعرفة أنسابهم واختلاف أسمائهم (3)"ولم يذكروا لغيره مثل هذه المعرفة.
التهذيب ليس مختصرا للكمال
درس الحافظ جمال الدين المزي كتاب "الكمال" للحافظ عبد الغني ، فوجد فيه نقصا وإخلالا وإغفالا لكثير من الأسماء التي هي من
__________
(1) مرآة الزمان للسبط : 8 / 675 ، والتكملة للمنذري ، الترجمة : 2416 ، والذيل لابي شامة : 161 ، وتاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة : 79 (أيا صوفيا : 3012) ، وتذكرة الحفاظ : 4 / 1408 ونثر الجمان للفيومي : 2 / الورقة : 43 ، والذيل لابن رجب : 2 / 187 185 ، وذيل التقييد للتقي الفاسي ، الورقة : 173 وغيرها.
(2) صلة التكملة للعز الحسيني : 1 / الورقة : 25 من نسختي المصورة ، وتاريخ الاسلام في وفيات : 643 (أيا صوفيا : 3013) ، والذيل لابن رجب : 2 / 231.
(3) لم تصل إلينا ترجمته في تاريخ ابن النجار لضياع هذا القسم منه ، ولكن قوله هذا نقله الذهبي في تاريخ الاسلام ، وهو في هامش التي بخطه ، الورقة : 117 (أيا صوفيا : 3011) ، والذيل لابن رجب : 2 / 91 وغيرهما.

(1/41)


شرطه بلغت مئات عديدة ، وقرر تأليف كتاب جديد يستند في أسسه على كتاب "الكمال" وسماه"تهذيب الكمال في أسماء الرجال". والظاهر أنه اشتغل بمادة الكتاب منذ فترة مبكرة ، فقد أشار الذهبي في مقدمة كتابه"تاريخ الاسلام"إلى أنه طالع مسودة كتاب"التهذيب"قبل قيامه بتأليف كتابه ، ثم طالع المبيضة كلها (1). وقد بدأ المزي يضع كتابه بصيغته النهائية المبيضة في اليوم التاسع من محرم سنة (705) ولم ينته منه إلا يوم عيد الاضحى من سنة (712) (2) ، وبذلك يكون قد قضى في تبييضه وإعادة النظر فيه ثمانية أعوام إلا شهرا.
وقد ظن بعضهم غلطا أن الحافظ المزي إنما اختصر كتاب "الكمال" لعبد الغني حينما ألف كتابه"تهذيب الكمال" (3) ، وكأنهم ربطوا بين كلمتي"الاختصار"و"التهذيب"مع أن الاخيرة تدل في الاغلب على التنقية والاصلاح (4). والحق أن المزي قد تجاوز كتاب "الكمال" في كتابه هذا تجاوزا أصبح معه التناسب بينهما أمرا بعيدا ، سواء أكان ذلك في المحتوى ، أم التنظيم ، أم الحجم ، وإليك بيان ذلك على وجه الاختصار :
__________
(1) انظر مقدمة تاريخ الاسلام ، وقد ابتدأ الذهبي كتابه قبل بدء المزي بإخراج كتابه بصيغته النهائية ، راجع كتابنا : الذهبي : 24 فما بعد.
(2) نص المؤلف على ذلك في آخر كتابه ، ولعل من أبرز الادلة على أن هذه كانت المبيضة.
1- عدم وجود إضافات ذات بال في حواشي الاصل.
2- أن المؤلف لم يعد النظر في أية مسألة من مسائله طوال ثلاثين عاما مع أنه حدث به خمس مرات.
3- أن ابن المهندس كان ينقل نسخته الاولى حينما ينتهي المؤلف من تبييض قسم منها ، وهذا هو الذي يفسر لنا ما يبدو متناقضا لاول وهلة بين ما ذكره المؤلف في ابتداء تأليفه الكتاب وانتهائه منه وبين ما وجدناه بخط ابن المهندس من أنه نسخ المجلد الاول سنة 706.
(3) انظر مثلا مقدمة خلاصة تذهيب تهذيب الكمال للشيخ عبد الفتاح أبي غدة : 6.
(4) راجع"هذب"في معجمات اللغة.

(1/42)


تفضيل التهذيب على الكمال في المحتوى
أولا اقتصر كتاب "الكمال" على رواة الكتب الستة ، فاستدرك المزي ما فات المؤلف من رواة هذه الكتب أولا ، وهم كثرة ، ودقق في الذين ذكرهم ، فحذف بعض من هو ليس من شرطه ، وهم قلة ، ثم أضاف إلى كتابه الرواة الواردين في بعض ما اختاره من مؤلفات أصحاب الكتب الستة ، وهي :
للبخاري :
1- كتاب القراءة خلف الإمام.
2- كتاب رفع اليدين في الصلاة.
3- كتاب الادب المفرد.
4- كتاب خلق أفعال العباد.
5- ما استشهد به في الصحيح تعليقا.
ولمسلم :
6- مقدمة كتابه الصحيح.
ولابي داود :
7- كتاب المراسيل.
8- كتاب الرد على أهل القدر.
9- كتاب الناسخ والمنسوخ.
10- كتاب التفرد (وهو ما تفرد به أهل الامصار من السنن).
11- كتاب فضائل الانصار.
12- كتاب مسائل الإمام أحمد (وهي المسائل التي سأل عنها أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل).
13- كتاب مسند حديث مالك بن أنس.

(1/43)


وللترمذي :
14- كتاب الشمائل.
وللنسائي :
15- كتاب عمل يوم وليلة.
16- كتاب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
17- كتاب مسند علي رضي الله عنه.
18- كتاب مسند حديث مالك بن أنس.
ولابن ماجة القزويني
19- كتاب التفسير.
وبذلك زاد في تراجم الاصل أكثر من ألف وسبع مئة ترجمة.
ثانيا : وذكر جملة من التراجم للتمييز ، وهي تراجم تتفق مع تراجم الكتاب في الاسم والطبقة ، لكن أصحابها لم يكونوا من رجال أصحاب الكتب الستة.
ثالثا : أضاف المزي إلى معظم تراجم الاصل مادة تاريخية جديدة في شيوخ صاحب الترجمة ، والرواة عنه ، وما قيل فيه من جرح أو تعديل أو توثيق ، وتاريخ مولده أو وفاته ، ونحو ذلك ، فتوسعت معظم التراجم توسعا كبيرا.
رابعا : وأضاف المزي بعد كل هذا أربعة فصول مهمة في آخر كتابه لم يذكر صاحب "الكمال" منها شيئا وهي :
1- فصل فيمن اشتهر بالنسبة إلى ابيه أو جده أو أمه أو عمه أو نحو ذلك.
2- فصل فيمن اشتهر بالنسبة إلى قبيلة أو بلدة أو صناعة أو نحو ذلك.

(1/44)


3- فصل فيمن اشتهر بلقب أو نحوه.
4- فصل في المبهمات.
وهذه الفصول تيسر الانتفاع بالكتاب تيسيرا عظيما في تسهيل الكشف على التراجم الاصلية ، فضلا عن إيراد بعضهم مفردا في هذه الفصول.
خامسا : رجع المزي إلى كثير من الموارد الاصلية التي لم يرجع إليها صاحب "الكمال" يعرف ذلك كل من يلقي نظرة على الكتابين ، وكان لا بد للمزي أن يفعل ذلك بعد توسيعه لمادة الكتاب كل هذا التوسيع ، فلم يكن ذلك ممكنا إلا بزيادة الموارد المعتمدة.
سادسا : هذا فضلا عن زيادة التدقيق والتحقيق وبيان الأوهام ومواطن الخلل في كل المادة التاريخية التي ذكرها عبد الغني في "الكمال" ، فوضح سقيمها ، ووثق ما اطمأن إليه ، فأورده في كتابه الجديد.
التهذيب ثلاثة أضعاف الكمال
لقد أدت كل هذه الاضافات الاساسية إلى تضخم الكتاب تضخما كبيرا ، فصار ثلاثة أضعاف "الكمال" تقريبا ، وأصتبح يتكون من مئتين وخمسين جزءا حديثيا ، فإذا علمنا أن الجزء الحديثي الذي كتبه المؤلف المزي بخطه يتكون من عشرين ورقة (أربعين صفحة) عرفنا أن المزي وضع كتابه في عشرة آلاف صفحة ، في كل صفحة 21 سطرا ، فضلا عما كتبه المؤلف من تحقيقات في حواشي نسخته.
تفضيل التهذيب على الكمال في التنظيم
نظم المزي كتابه تنظيما جديدا سواء أكان ذلك في هيكله العام أم في مادة كل ترجمة من التراجم ، وابتدع أمورا تنظيمية في بعض

(1/45)


المواضع لم يسبق إليها من قبل ، فوضع بذلك أساسا لكثير من الكتب اللاحقة ، وإليك مجمل ذلك على وجه الاختصار :
أولا : كان صاحب الكمال قد أفرد الصحابة عن باقي المترجمين فذكرهم في أول كتابه ، وذكر الرجال منهم ثم النساء ثم اتبعهم بمن بعدهم. أما المزي قد ذكر الجميع على نسق واحد ، وابتدأ بالرجال منهم ، فوضع الصحابة في مواضعهم من التراجم ، ورتب الجميع على حروف المعجم المشرقية في أسمائهم وأسماء آبائهم وأجدادهم ، لكنه بدأ في حرف الالف بالأحمدين ، وفي حرف الميم بالمحمدين لشرف هذين الاسمين ، وهي سنة اتبعها كثير من المؤلفين في الرجال والتراجم قبله. ثم رتب في نهاية الأسماء فصول الكنى والانساب والالقاب والمبهمات على حروف المعجم أيضا. وجعل النساء في آخر كتابه ورتبهم على الترتيب المذكور في الأسماء والكنى والانساب والالقاب والمبهمات. وقد ذكر المزي في مقدمته سبب خلطه الصحابة بغيرهم من المترجمين خلافا لصاحب "الكمال" فقال : لان الصحابي ربما روى عن صحابي آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيظنه من لا خبرة له تابعيا فيطلبه في أسماء التابعين فلا يجده ، وربما روى التابعي حديثا مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيظنه من لا خبرة لا صحابيا ، فيطلبه في أسماء الصحابة فلا يجده ، وربما تكرر ذكر الصحابي في أسماء الصحابة وفيمن بعدهم ، وربما ذكر الصحابي الراوي عن غير النبي صلى الله عليه وسلم في غير الصحابة ، وربما ذكر التابعي المرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحابة ، فإذا ذكر الجميع على نسق واحد ، زال ذلك المحذور وذكر في ترجمة كل إنسان منهم ما يكشف عن حاله إن كان صحابيا أو غير صحابي.
ثانيا : وعمل المزي إحالات للاسماء الواردة في كتابه بحسب شهرته أو وروده في كتب الحديث ، وجعل كثيرا من هذه الاحالات في

(1/46)


صلب كتابه ، كما أفاد من فصول الكنى والانساب والالقاب والمبهمات في عمل الاحالات ، وهي فهارس قلما نجدها في عصرنا الحديث هذا لصعوبتها ، فسهل بذلك على الناظرين في كتابه والمستفيدين منه.
ثالثا : ثم فرق المزي الأسماء التي أضافها إلى تراجم "الكمال" بعلامة تفرزها ، فكتب الاسم واسم الاب ، أو ما يجري مجراه باللون الاحمر, واقتصر في تراجم الاصل على كتابة الاسم الاول حسب باللون الاحمر.
رابعا : وأعاد المزي تنظيم الترجمة الواحدة ولا سيما شيوخ المترجم والرواة عنه بعد أن زاد فيهم زيادة كبيرة فاقت الاصل في معظم الاحيان عدة مرات. فنظم شيوخ المترجم على حروف المعجم على نحو ترتيب الأسماء في الاصل ، ورتب الرواه عنه على ذلك النحو أيضا ، فسهل للمطالع العجل الوقوف على بغيته ، وما أظن أحدا سبقه إلى هذا الابتداع المفيد في حين قبله الكثير ممن جاء بعده ، فساروا على نهجه.
خامسا : وجعل المزي لكل مصنف علامة مختصرة تدل عليه ، وهي سبع وعشرون علامة ، منها ست علامات للاصول الستة ، وعلامة لما اتفق عليه الستة ، وعلامة لما اتفق عليه أصحاب السنن الأربعة ، وتسع عشرة علامة لمؤلفات أصحاب الستة الاخرى بينها في مقدمته. وقد كتب هذه العلامات فوق كل اسم من أسماء المترجمين وجعلها باللون الأسود بسبب كتابته الاسم باللون الاحمر ، وبذلك يستطيع الناظر إلى الترجمة معرفة من أخرج له من هؤلاء الأئمة ، وفي أي كتاب من هذه الكتب أخرجوا له عند أول نظرة تقع على اسم المترجم. ولم يكتف بتلك الرموز ، بل نص على معانيها نصا صريحا عند انقضاء

(1/47)


الترجمة أو قبل ذلك على حسب ما تقتضيه الحال دفعا لاي التباس.
وزاد الحافظ المزي في التدقيق ، فوضع رقوما (علامات) ، كما ذكرنا سابقا ، فوق كثير من أسماء شيوخ صاحب الترجمة ، أو الرواة عنه باللون الاحمر ليعرف الناظر إليها في أي كتاب من تلك الكتب وقعت روايته عن ذلك الاسم المرقوم عليه ، ورواية ذلك الاسم المرقوم عليه عنه ، ثم ذكر بعد ذلك في تراجمهم روايتهم عنه أو روايته عنهم ، وبذلك صارت كل ترجمة من تراجم الكتاب شاهدة للاخرى بالصحة ، والاخرى شاهدة لها بذلك أيضا. ودقق بعد ذلك تدقيقا عظيما ذكره مفصلا في مقدمته.
وهذا عمل من اختراعه وابتداعه ما أظن يستطيع عمله من غير استعانة بأحدث الآلات الحاسبة المحللة في العصر الحديث (الكومبيوتر) ، وهو أمر يكفي وحده لتفصيله على سابقيه ولاحقيه.
عظمة تهذيب الكمال
من أجل كل هذا الذي قدمنا أصبح كتاب"تهذيب الكمال"أعظم كتاب في موضوعه غير مدافع ، قال الصلاح الصفدي (ت 764) : وصنف كتاب تهذيب الكمال في أربعة عشر مجلدا كسف به الكتب المتقدمة في هذا الشأن ، وسارت به الركبان ، واشتهر في حياته (1)". وقال تاج الدين السبكي (ت 1771) : وصنف تهذيب الكمال المجمع على أنه لم يصنف مثله (2)" ، وقال ابن تغري بردي : وهو في غاية الحسن في معناه (3)" ، بل قال العلامة علاء الدين مغلطاي
__________
(1) أعيان العصر : 12 / الورقة : 125 ، وعيون التواريخ لابن شاكر ، الورقة : 59.
(2) الطبقات : 10 / 401.
(3) النجوم الزاهرة : 10 / 77 وقال حاج خليفة : وهو كتاب كبير لم يؤلف مثله ولا يظن أن يتسطاع".

(1/48)


الحنفي (ت 762) بعد أن كتب كل ذلك النقد الطويل عليه إنه : كتاب عظيم الفوائد ، جم الفرائد ، لم يصنف في نوعه مثله..لان مؤلفه أبدع فيما وضع ، ونهج للناس منهجا لم يشرع". وقال أيضا : وقد صار كتاب التهذيب حكما بين طائفتي المحدثين والفقهاء إذا اختلفوا قالوا : بيننا وبينكم كتاب المزي (2)". فانظر إلى هذه المرتبة العظيمة التي وصل إليها كتاب"التهذيب"بعد أن أجمع جهابذة الفن على عظمته وفضله على جميع الكتب التي من بابته.
__________
(1) راجع مقدمة إكمال تهذيب الكمال (نسخة الازهر التي بخطه).

(1/49)


الفصل الثالث
عناية العلماء بتهذيب الكمال
المختصرون والمستدركون
قد بينا فيما سبق أن"التهذيب"أصبح من أعظم الكتب المؤلفة في فنه وأنه فاق جميع المتقدمين المؤلفين في هذا الباب بما تضمنه من سعة في المادة ، وتنظيم دقيق في أساليب العرض فضلا عن التدقيق والتمحيص ، لذلك تناوله جملة من الحفاظ والعلماء المعنيين بهذا الفن استدراكا أو تعقيبا أو تلخيصا ، أو أساسا لكتب أخرى. وعلى العكس من ذلك لم نجد بعد ظهور"التهذيب"من عني بكتاب "الكمال" للحافظ عبد الغني مما يشير إلى أفول نجمه ، وانعدام أهميته ، وإليك من عني بهذا الكتاب منقذ عصر المؤلف على وجه الاختصار :
رافع السلامي"718 668" :
جمال الدين أبو محمد رافع بن أبي محمد هجرس بن شافع السلامي.
ولد في أواخر سنة 668 أو أوائل سنة 669 ، وعني بالحديث والقراءات ، وقرأ ونسخ وسمع (تهذيب الكمال) على مؤلفه وأحضر ولده محمد بن رافع صاحب كتاب (الوفيات) فسمعه معه ، وكان محدثا زاهدا مقرئا صالحا أعاد ببعض المدارس ، وولي عقود الانكحة ، وتوفي في ذي الحجة سنة 718 (1).
__________
(1) انظر الدرر لابن حجر : 2 / 198 ، والمقتفي لتاريخ أبي شامة للبرزالي (وفيات سنة 718) ، وشذرات ابن العماد : 6 / 52 وغيرها.

(1/51)


له كتاب"الكنى المختصر من تهذيب الكمال في أسماء الرجال" :
اختصر فيه القسم الاخير من (تهذيب الكمال) الخاص بالكنى ، وقفنا على نسخة منه بخطه ، قال في أولها : الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى. هذا كتاب مختصر من كتاب الكنى من تهذيب الكمال في أسماء الرجال ، يشتمل على ذكر المشهورين بالكنى ممن أخرج حديثه الأئمة الستة في كتبهم الستة وغيرها من مصنفاتهم المذكور أسماء رجالها في الكتاب المذكور..ذكرنا ذلك على ترتيب حروف المعجم مبتدئين بالاول فالاول من الحروف ، وسمينا من عرفنا اسمه منهم ، وأشرنا إلى بعض ما وقع في ذلك من الخلاف ، ولم نذكر ممن رووا عنه وروى عنهم في الغالب سوى راو واحد ، وربما ذكرنا الحديث الذي رواه صاحب الترجمة ، ومن كان من الصحابة لم ندكر عمن روى في الغالب ، لان عامة رواية الصحابي إنما هي عن النبي صلى الله عليه وسلم. وما ليس عليه علامة ، فمنهم من فيه خلاف ، ومنهم من فيه إشكال ومنهم من له ذكر في بعض هذه الكتب من غير رواية ، فمن أراد الوقوف على ذلك على طريق الاستقصاء ، فلينظر في الاصل المختصر هذا منه.
وجاء في آخره : فرغ في ليلة التاسع من ذي القعدة سنة سبع وسبع مئة بدرب الملوخية من القاهرة المعزية ، علقه لنفسه رافع بن أبي محمد بن محمد (1)". قال بشار : وهذا يدل على أنه اختصره من المسودة ، وإلا فإن المزي لم يكمل تبييض الكتاب إلا في أواخر سنة (712).
__________
(1) النسخة في (54) ورقة من القطع الصغير ، ومسطرتها : (16) سطرا ، وكتب السلامي الكنى بالحمرة ، وهي من محفوظات مكتبة أيا صوفيا (الملحقة الآن بالسليمانية في استنبول) برقم (3405) ، وفي خزانة كتبي =

(1/52)


الذهبي (748 673)
عني الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (1) بكتاب"التهذيب"فاستوعب معظم تراجمه في كتابه الحافل"تاريخ الاسلام (2)" ، واختصر من التهذيب أربعة كتب هي :
1- تذهيب التهذيب
وقد حافظ فيه على ترتيب الاصل ، وأضاف إلى مختصره ما رآه
حريا بالاضافة ، وعلق على كثير من تراجم الاصل من حيث الرواية وضبط الأسماء والوفيات وبعض أقوال العلماء في المترجمين (3) ، وكان الانتهاء من الاختصار في سنة 719 واستغرق ثمانية أشهر ، وكما صرح به في آخر النسخة.
وقام صفي الدين أحمد بن عبد الله بن أبي الخير بن عبدالعليم
__________
= نسخة مصورة منها. وفي اثناء رحلتنا إلى استنبول في مطلع سنة (1400) وقلنا على نسخة أخرى وهي غفل من اسم مؤلفها في مكتبة السلطان أحمد الثالث برقم (2947) في مئة ورقة وورقة ومسطرتها (15) سطرا كتبت بخط واضح جلي نفيس كتبها جمال الدين أبو بكر عبد الله بن العلامة علاء الدين مغلطاي بن قليج الحنفي البكجري (791 719 ه) وفرغ منها في آخر يوم الاحد السادس عشر من صفر سنة (743) وعلى النسخة حواش بخط شيخ الاسلام سراج الدين البلقيني.
(1) كتبنا سيرة مفصلة للذهبي في كتابنا : الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الاسلام"المطبوع بالقاهرة سنة 1976 ، ص : 276 1
(2) انظر مقدمة"تاريخ الاسلام.
(3) الصفدي في الوافي : 2 / 164 ونكت الهميان : 243 ، والسبكي في الطبقات : 9 / 104 ، والزركشي في عقود الجمان ، الورقة : 79 ، وابن تغري بردي في المنهل الصافي ، الورقة : 71 ، وسبط ابن حجر في رونق الالفاظ ، الورقة : 180 وكتابنا : الذهبي ، ص : 219. وفي خزانة كتبي نسخة مصورة منه عن نسخة أحمد الثالث باستانبول كتبت في حياة المؤلف سنة 745 وعلى هامشها تصحيحات بخطه. ووقفت على نسخة أخرى منه بدار الكتب المصرية كتبت سنة 731 فيها المجلدات من الاول إلى الثالث (62 مصطلح الحديث) ، ووقفنا في الدار المذكورة على بعض أجزاء متفرقة منه تحمل الرقم (88 مصطلح الحديث). وفي دار الكتب الظاهرية بدمشق المجلدان الثالث والرابع من نسخة تتكون من أربعة مجلدات كتبت سنة 762 (رقم 282 ، 383 تاريخ) ورأينا في سنة 1975 المجلد الاول منه في مكتبة أسعد أفندي باستانبول (رقم 292) ورأينا مجلدا منه ضمن كتب الطلب في المكتبة المذكورة لم يكتب اسم مؤلفه (رقم 2461) وهناك نسخ أخرى ذكرها بروكلمان وغيره.

(1/53)


الخزرجي الأنصاري سنة 923 بتلخيصه بكتابه المعروف"خلاصة تذهيب الكمال في أسماء الرجال (1)" ، وفائدته أنه قيد بعض الأسماء بالحروف.
(2) الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة (2) :
قال الذهبي في مقدمته : هذا مختصر نافع في رجال الكتب الستة : الصحيحين والسنن الأربعة ، مقتضب من تهذيب الكمال لشيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي ، اقتصرت فيه على ذكر من له رواية في الكتب ، دون باقي تلك التواليف التي في "التهذيب" ، ودون من ذكر للتمييز أو كرر للتنبيه.
"وجاء في آخر نسخة التيمورية (رقم 1935 تاريخ) وهي بخط الذهبي : إنه فرغ من اختصاره بعد العصر من يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر رمضان سنة 720.
ذكره الصفدي والبكي والزركشي والعيني وسبط ابن حجر والسخاوي.
وقد مر بنا أن الإمام الذهبي اختصر التهذيب في كتابه"التهذيب" ، وذكر الصفدي (3) والسبكي (4) وابن تغري بردي (5) وابن العماد (6) أن الذهبي اختصر كتاب الكاشف من"التذهيب"وهو وهم منهم ، حيث صرح الذهبي في مقدمته أنه اختصره من الاصل ، أعني من"تهذيب الكمال" ، فضلا عن أن كتاب"الكاشف"اقتصر على
__________
(1) طبع سنة 1301 ه بالقاهرة ثم طبع بعد ذلك سنة 1323 ه وأعيد في سنة 1979 طبعه بالاوفست وكتب له الشيخ عبد الفتاح أبو عدة مقدمة فراجعها.
(2) راجع الكلام عليه مفصلا في كتابي : الذهبي ومنهجه : 230 227.
(3) الوافي : 2 / 164
(4) الطبقات : 9 / 104.
(5) المنهل الصافي ، الورقة : 70
(6) شذرات الذهب : 6 / 155.

(1/54)


رجل الكتب الستة في حين كان"التذهيب"كأصله ، قد شمل رجال الكتب الستة وغيرها من التواليف.
احتل كتاب"الكاشف"مكانة مميزة بين كتب الذهبي ، على الرغم من أنه جاء في عشر الكتاب الاصلي (1) ، بحيث قال فيه التاج السبكي : إنه مجلد نفيس (2). ثم وجدنا العلماء يعنون به ، بل أشار الحافظ ابن حجر في مقدمة"تهذيب التهذيب"إلى أن الناس صاروا يعتمدون"الكاشف"في هذا الفن ، ونتيجة لاهمية كتاب"الكاشف"فقد ذيل عليه واحد من كبار العلماء هو أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي المتوفى سنة (826) وذكر تقي الدين بن فهد هذا الذيل (3) ورأيت أنا نسخة منه (4).
كما أن لابراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي ثم الحلبي المعروف بسبط ابن العجمي المتوفى سنة (841) حواشي عليه (5). واعتمد على"الكاشف"كثيرا شرف الدين الحسين بن محمد بن عبد الله الطيبي المتوفى سنة (743) حينما ألف كتابه في : أسماء الرجال" (6).
__________
(1) انظر آخر نسخة الخزانة التيمورية (1935 تاريخ).
(2) الطبقات : 9 / 104.
(3) لحظ الالحاظ : 287.
(4) مصورة في خزانة شيخنا المحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاج صبحي البدري السامرائي نزيل بغداد ، وهي مصورة عن مكتبة فيض الله باستانبول (رقم 1454) في 142 لوحة. وقد أضاف العراقي في هذا الذيل بقية التراجم التي ذكرها المزي في التهذيب ، كما أضاف رجال مسند الإمام أحمد وزيادات ولده عبد الله عليه. وهذا في رأينا تجوز من العراقي رحمه الله لان الذهبي اقتصر على ذكر من له رواية في الكتب الستة فقط وأسقط متعمدا تراجم الدين لهم رواية في تواليف أصحاب الكتب الستة الاخرى ممن ذكرهم المزي في "التهذيب"وإلا فإنه ذكر الجميع في كتابه"تذهيب التهذيب"فما الفرق بينه وبين الكاشف عندئذ ؟ !.
(5) ابن فهد : لحظ الالحاظ : 314.
(6) الطيبي : أسماء الرجال ، الورقة : 47 (نسخة الظاهرية 6164).

(1/55)


3- المجرد من تهذيب الكمال
ذكره السبكي (1) وسبط ابن حجر (2) وحاجي خليفة (3) والبغدادي (4) ، واقتصر فيه على رجال الكتب الستة أيضا دون التواليف الاخرى ، لكنه رتبه على الطبقات فجعله في عشر طبقات ، ثم رتب رجال كل طبقة على حروف المعجم (5).
4- المقتضب من تهذيب الكمال
قال شمس الدين السخاوي : وللذهبي أسماء من أخرج لهم أصحاب الكتب الستة في تواليفهم سواها ممن لم يذكرهم في الكاشف" (6).
فالذي يفهم من نص السخاوي أن الذهبي اختصر كتابا آخر من تهذيب الكمال خاصا بأسماء رجال مؤلفات أصحاب الكتب الستة الاخرى ، لذلك فهو لا علاقة له بكتابي"الكاشف"و"المجرد"اللذين مر ذكرهما. وقد ذكره البغدادي بالعنوان الذي ذكرناه (7).
__________
(1) الطبقات : 9 / 105 وسماه : المجرد في رجال الكتب الستة"
(2) رونق الالفاظ ، الورقة : 180.
(3) كشف الظنون : 2 / 1593
(4) هدية العارفين : 2 / 154.
(5) من الكتاب نسخة بخزانة كتب الفاتيكان (رقم 1032) ، وكانت منه نسخة ببرلين تحمل الرقم 9938. وعثرت على نسخة منه في مكتبة الشهيد علي باشا باستانبول (رقم 523) في مئة ورقة وورقتين ينقص من أولها بعض الاوراق ، وأول ما فيها : أبو معقل الأنصاري الأسدي ، وآخرها آخر طبقة البخاري وباقي شيوخ الأئمة. وقد كتبت هذه النسخة سنة 717 ، وفي حواشيها تعليقات واستدراكات كثيرة ، وقوبلت على نسخة الذهبي في التاريخ المذكور. وصور معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية هذه النسخة وضمها إلى خزانته برقم 576 تاريخ لكنهم لم يعرفوا اسم الكتاب ، فذكروا أنه في "أسماء رجال تهذيب الكمال للمزي"ولا عرفوا مؤلفه لذهاب الورقات الاولى منه فاقتضى لذلك التنبيه (انظر فهرس المخطوطات المصورة لفؤاد سيد : ج 2 ق ، ص : 10).
(6) الاعلان : 601.
(7) هدية العارفين : 2 / 154.

(1/56)


الاندرشي (بعد 750 690)
أبو العباس أحمد بن سعد بن محمد بن أحمد الغساني العسكري الاندرشي الصوفي. قدم المشرق فحج واستوطن دمشق ، وسمع من القاسم ابن عساكر ، ودرس العربية على أثير الدين أبي حيان النحوي ، فبرع في النحو ، وكان زاهدا منجمعا عن الناس (25). ذكره الذهبي في المعجم المختص ، وقال : إنه نسخ"تهذيب الكمال"كله واختصرة (26). وذكر مختصره هذا السيوطي (27) وحاجي خليفة (28). وذكر حاجي خليفة أيضا أن للسيوطي (ت 911) زوائد عليه.
علاء الدين مغلطاي (762 689)
علاء الدين أبو عبد الله مغلطاي بن قليج بن عبد الله البكجري الحنفي.
ولد بالقاهرة ، وسمع بها جملة من مشايخ عصره ، منهم : التاج أحمد بن دقيق العيد ، والواني ، والختني ، والدبوسي ، وغيرهم ، وتخرج بابن سيد الناس اليعمري. ورحل إلى دمشق ، فسمع بها على شيوخ العصر ، وبرع في الحديث والانساب. وولي التدريس بعدة مدارس بمصر منها المدرسة الظاهرية (29) ، وليها بعد شيخه ابن سيد الناس ، فتحامل الناس عليه بسبب ذلك ، وتكلموا فيه من أجل ادعائه سماع بعض من لا يحتمل سماعه منهم ، وهي مسألة أكثروا الكلام فيها ، والظاهر أن وراءها دوافع أخرى.
__________
(25) ابن رافع : الوفيات ، الورقة : 78.
(26) ابن حجر في الدرر : 1 / 145
(27) بغية الوعاة : 1 / 309.
(28) كشف الظنون : 2 / 1510 وقد جعله حاجي خليفة شخصين ، أحدهما : الاندرشي والآخر : العسكري ، فقال وهو يذكر مختصرات التهذيب : وأبو العباس أحمد بن سعد العسكري المتوفى سنة 750..ومختصر التهذيب للحافظ الاندرشي صاحب العمدة في مختصر الاطراف"وهذا وهم مبين فهما واحد.
(29) وفيات ابن رافع ، الورقة : 93 92 ، والبداية لابن كثير ، 14 / 281 ، والدرر لابن حجر : 5 / 122 ، ولسان الميزان : 6 / 72 ، ولحظ الالحاظ لابن فهد : 139 ، والنجوم لابن تغري بردي : 6 / 197 ، وذيل طبقات الحفاظ للسيوطي : 365.

(1/57)


ويبدو لنا أن علاء الدين مغلطاي صرف جل عنايته لدراسة المؤلفات السابقة ونقدها ، وأولع بالرد والاستدراك عليها ، ساعده على ذلك كثرة اطلاعه ودأبه وتوافر الكتب والمصادر الكثيرة لديه (1) ، فقد
ذيل على"إكمال الاكمال"للحافظ ابن نقطة البغدادي (ت 629) ، و"تكملة إكمال الاكمال"لابي حامد ابن الصابوني (ت 680) ، و"الذيل"على كتاب ابن نقطة الذي ألفه منصور بن سليم الاسكندراني (ت 673) ، كما ذيل على كتاب الضعفاء لابن الجوزي (ت 597) ، ووضع شيئا على"الروض الانف"للسهيلي (ت 581) (2) ، وقال الشهاب ابن رجب : وعدة تصانيفه نحو المئة أو أزيد ، وله مآخذ على أهل اللغة وعلى كثير من المحدثين" (3).
ومن هذا المنطلق عني علاء الدين مغلطاي بالكتابين العظيمين اللذين ألفهما المزي ، وهما : تحفة الاشراف ، وتهذيب الكمال ، فكتب كتابا في "أوهام الاطراف" (4) ثم كتب كتابه العظيم"إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال" (5).
ذكر مغلطاي في مقدمة كتابه أن استدراكه هذا لا ينقص من قيمة كتاب المزي وأهميته ، وقال : ومعتقدي أن لو كان الشيخ حيا لرحب بهذا الاكمال". وذكر عظمة كتاب المزي ومنزلته ، ثم أخذ عليه جملة أمور من أبرزها :
1- ذكره أشياء لا حاجه إليها مثل الأسانيد التي يذكرها من باب العلو أو الموافقات أو نحو ذلك.
__________
(1) الدرر لابن حجر : 5 / 123.
(2) لحظ الالحاظ لابن فهد : 139.
(3) الدرر : 5 / 123.
(4) ذيل طبقات الحفاظ للسيوطي : 366.
(5) أخذت هذا العنوان من النسخة التي بخط المؤلف وهي مسودته ، وعندي مصورتها.

(1/58)


2- ذكره للترجمة النبوية وأخذه معظم ما ذكره فيها من كتاب أبي عمر بن عبد البر.
3- إيراد بعض أخبار المترجمين مما لا ينفع في بيان أحوالهم في التوثيق أو التجريح.
4- محاولة المزي استيعاب شيوخ صاحب الترجمة والرواة عنه ، مع أن الاحاطة بذلك متعذرة لا سبيل إليها.
5- مسامحة المزي لصاحب "الكمال" في بعض المواضع التي لم يرد عليه فيها.
ونتيجة دراستنا لكتاب مغلطاي يمكننا تلخيص منهجه بما يأتي :
1- ترك نقد المقدمة ، وابتدأ بالأسماء مباشرة.
2- أورد اسم المترجم كما ذكره المزي ، ثم أورد تعليقاته على الترجمة ، وتتكون هذه التعليقات من نقول كثيره عن المصادر السابقة فيها الغث والسمين مما يتفق مع ما ذكره المزي فيؤيده ، أو يختلف عنه ، وقلما ترك ترجمة من غير تعليق.
3- أعاد تدقيق جميع النصوص التي أوردها المزي في كتابه ، وتكلم على أدنى اختلاف فيما نقله ، وهو أمر ليس باليسير ، فكأنه بذلك أعاد تحقيق مادة الكتاب.
4- عني بإيراد المزيد من التوثيق والتجريح ، ورجع إلى مصادر كثيرة جدا ، وعني بذلك عناية فائقة أبانت عن علمه ومعرفته بالكتب ، لكن النتيجة لم تكن لتخرج في الاغلب عما ذكر المزي من حال المترجم له سوى زيادة التوثيق أو التجريح.
5- عني بضبط كثير من الأسماء والانساب ، وأورد ما يوافق

(1/59)


المؤلف وما يخالفه في هذا الباب ، معتمدا في ذلك عددا كبيرا من المصادر.
6- استدرك على المؤلف بعض ما فاته من المترجمين ، وأكثر ما استدرك عليه في "التمييز"وهي الأسماء التي تتفق مع أسماء المترجم لهم في هذا الكتاب ومن أهل عصرهم.
ابتدأ مغلطاي بتأليف مسودة كتابه في منتصف سنة (744) وأطال النفس فيه ، فجاء في حجم كتاب المزي تقريبا في أربعة عشر مجلدا (1).
وقد توهم الكثيرون ، فظنوا أن المزي لم يكمل كتابه ، فأكمله مغلطاي.
دفعهم إلى هذه المقالة ما يوهمه اسم الكتاب وما ذكره حاجي خليفة في "كشف الظنون"وعدم دراستهم للكتابين والله أعلم (2).
إن أغلب المادة التاريخية التي أوردها مغلطاي هي مادة إضافية أعتقد جازما أن المؤلف المزي كان عارفا بأكثرها ، ولكنه لم يوردها من أجل أن لا يطول كتابه. والحق أن المزي قد أشار في مقدمة كتابه على
__________
(1) لحظ الالحاظ لابن فهد : 139. وقال ابن حجر في الدرر : وله ذيل على تهذيب الكمال يكون في قدر الاصل. " (5 / 123) ، وذكر حاجي خليفة أنه في ثلاثة عشر مجلدا (كشف الظنون : 2 / 1510) وراجع الاعلان للسخاوي : 600 وفي خزانة كتبي المجلدان الاول والثاني من المسودة ، يتكون المجلد الاول من عشرة أجزاء حديثية وليس فيه إلا حرف الالف ملئت حواشيها بالاستدراكات. أما المجلد الثاني فهو بحجم المجلد الاول وينتهي بنهاية الجزء العشرين في أثناء حرف الحاء المهملة. وفي مكتبة فيض الله مجلدان منه : مجلد فيه الاجزاء : 88 72 تبدأ بعبد الرحمن بن محمد بن سلام بن ناصح البغدادي ثم الطرسوسي وتنتهي بعمرو بن سعد الفدكي (رقم 1379) ، ومجلد فيه الاجزاء من : 119 102 يبدأ بترجمة محمد بن عبد الملك بن زنجويه البغدادي وينتهي بترجمة يحيى بن عثمان بن صالح بن صفوان السهمي المصري (رقم 1378) وهما بخط المؤلف أيضا ، ومنهما مصورتان في معهد المخطوطات (فهرس التاريخ : 60) وراجع الملحق لبروكلمان : 1 / 606 (بالالمانية). وقد حصلت على نسخ مصورة منها. وحصلت أيضا على مجلدات مبيضة وهي المجلدات : من الاول إلى السادس وبعض المجلد السابع.
(2) كشف الظنون : 2 / 1510 ، فهرس المخطوطات المصورة في معهد المخطوطات : ج 2 ق 4 ص : 46.

(1/60)


من يريد زيادة الاطلاع ضرورة مراجعة"طبقات ابن سعد"و"تاريخ ابن أبي خيثمة"و "الثقات" لابن حبان ، و"تاريخ مصر"لابن يونس ، و"تاريخ نيسابور"للحاكم ، و"تاريخ أصبهان"لابي نعيم باعتبارها أمهات الكتب المصنفة في هذا الفن (1). وقد نقل مغلطاي من هذه الكتب وأمثالها كثيرا مما استدرك به على المزي ، لذلك قال زين الدين ابن رجب : وغالب ذلك لا يرد على المزي" (2). ومع ذلك فإن إضافته من هذه الكتب ومن عشرات غيرها نقلت إلينا ثروة تاريخية كادت تضيع لولا ما نقل هو وأمثاله ، بسبب ضياع كثير من أصولها.
وحين انتهى مغلطاي من استدراكه هذا اختصره في مجلدين مقتصرا فيه على المواضع التي ظن أن الحافظ المزي غلط فيها ، قال ابن حجر : واختصره مقتصرا على الاعتراضات على المزي في نحو مجلدين" (3) وقال ابن فهد المكي ، وهو يعدد بعض كتب مغلطاي : وكتاب ذيل به على تهذيب الكمال للمزي وفيه فوائد ، غير أن فيه تعصبا كثيرا في أربعة عشر مجلدا ثم اختصره في مجلدين مقتصرا فيه
على المواضع التي زعم أن الحافظ المزي غلط فيها ، وأكثر ما غلطه فيه لا يرد عليه ، وفي بعضه كان الغلط منه هو فيها" (4) ، وسمى السيوطي هذا المختصر"أوهام التهذيب" (5). ثم ذكر ابن حجر وابن فهد أنه اختصر المختصر في مجلد لطيف (6).
ويبدو لنا أن الكتاب قد اشتهر منذ فترة مبكرة ، وأثار جدلا عند المعنيين بهذا الفن ، فقد حمل التاج السبكي بعضا مما ظنه الحافظ
__________
(1) انظر مقدمة تهذيب الكمال.
(2) الدرر لابن حجر : 5 / 123.
(3) نفسه.
(4) لحظ الالحاظ : 139.
(5) ذيل طبقات الحفاظ : 366.
(6) الدرر : 5 / 123 ، ولحظ الالحاظ : 139.

(1/61)


مغلطاي وهما من المزي من القاهرة إلى دمشق ، وأعطاه لوالده ليتثبت منه ، قال : وهذه مواقف استدركها بعض محدثي العصر بديار مصر ، وهو الشيخ علاء الدين مغلطاي شيخ الحديث بالمدرسة الظاهرية بالقاهرة ، وانتقاها مما استدركه على كتاب تهذيب الكمال لشيخنا المزي ، وحضرت معي إلى دمشق لما جئت من القاهرة في سنة أربع وخمسين وسبع مئة لاسأل عنها الشيخ الإمام الوالد ، فأجاب عنها رحمه الله ، وقد كتبتها من خطه ، قال رحمه الله : أسئلة وردت من الديار المصرية مع ولدي عبد الوهاب في الثامن والعشرين من جمادى الاولى سنة أربع وخمسين وسبع مئة.." (1) ثم أورد التاج السبكي الاجوبة (2) وكان قال قبل ذلك في ترجمة والده وهو يعدد مصنفاته : أجوبة سؤالات أرسلت إليه من مصر ، حديثية ، أوردها بعض المشايخ على كتاب تهذيب الكمال للحافظ المزي" (3).
ومهما يكن من أمر ، فإن ما كتبه مغلطاي من نقد وفر مادة تاريخية لجميع الذين جاؤوا بعده ممن عني باختصار"التهذيب"أو الاستدراك عليه ولاسيما سراج الدين ابن الملقن"ت 804"في إكماله ، والحافظ ابن حجر في مختصراته ولاسيما"تهذيب التهذيب"فإنه لم يستطع إلا أن يقول في مقدمته : وقد انتفعت في هذا الكتاب المختصر بالكتاب الذي جمعه الإمام العلامة علاء الدين مغلطاي على تهذيب الكمال مع عدم تقليدي له في شيء مما ينقله ، وإنما استعنت به في العاجل ، وكشفت الاصول التي عزا النقل إليها في الآجل ، فما وافق أثبته. وما باين أهملته ، فلو لم يكن في هذا المختصر إلا الجمع بين هذين الكتابين الكبيرين في حجم لطيف ، لكان معنى مقصودا" (4).
__________
(1) الطبقات : 10 / 408.
(2) نفسه : 10 / 430 408 وقد أفدنا منها في التعليق على النص.
(3) نفسه : 10 / 314.
(4) تهذيب التهذيب : 1 / 8.

(1/62)


نعم ، كانت لمغلطاي أوهام لاسيما وهو من المكثرين ، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ماذا ؟
شمس الدين الحسيني (675 715)
شمس الدين أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة الحسيني الدمشقي الشافعي. سمع من جماعة من الاعيان منهم المزي والذهبي.
وكان ثقة ثبتا إماما مؤرخا حافظا ، له مؤلفات كثيرة ، وعني بكتاب"تحفة الاشراف"للمزي فاختصره (1).
التذكرة في رجال العشرة :
اختصر فيه"تهذيب الكمال"لشيخه المزي ، وحذف منه من ليس في الكتب الستة ، وأضاف إليهم رجال أربعة كتب هي : الموطأ للامام مالك ، والمسند للامام أحمد (2) ، ومسند الشافعي ، ومسند أبي حنيفة للحارثي.
وذكر في مقدمته سبب إضافته لهذه الكتب الأربعة ، وبين أن ذلك متأت من كون أصحابها هم الأئمة المقتدى بهم ، وأن عمدتهم في استدلالهم لمذاهبهم في الغالب على ما رووه بأسانيدهم في مسانيدهم المذكورة.
ونسخ هذا الكتاب متوفرة في خزائن الكتب ، وذكر العلامة المرحوم خير الدين الزركلي أنه رأى الملجد الثاني منه بخطه (3) ، ووقفت أنا عليه (4).
__________
(1) وفيات ابن رافع ، الورقة : 98 ، والبداية لابن كثير : 14 / 307 ، والدرر لابن حجر : 4 / 179 ، ولحظ الالحاظ لابن فهد : 150 ، ومقدمة ذيول تذكرة الحفاظ ، ومقدمة ذيول العبر لصديقنا المرحوم محمد رشاد عبدالمطلب المصري.
(2) من الجدير بالذكر أن شمس الدين الحسيني قد ألف كتابا مستقلا في رجال مسند الإمام أحمد سماه : الاكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال سوى من ذكر في تهذيب الكمال.
رأيت نسخة مصورة منه عن الجامعة العثمانية بحيدر آباد بالهند في مئة ورقة. وقد يسمى : الامتثال بما في مسند أحمد من الرجال ممن ليس في تهذيب الكمال"والمعنى واحد.
(3) الاعلام : 7 / 178 لكنه جعله كتابين فذكره أولا باسم"التذكرة في رجال العشرة"ثم ذكره ثانية باسم"اختصار تهذيب الكمال" ، وهما واحد.
(4) وانظر أيضا الاعلان للسخاوي : 603 ، وكشف الظنون : 1 / 1510.

(1/63)


عماد الدين ابن كثير (774 701)
عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصروي ثم الدمشقي العلامة الحافظ المحدث صهر الشيخ أبي الحجاج المزي وترجمته مشهورة ، وتصانيفه معروفة مذكورة.
له :
"التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل.
جمع فيه بين "تهذيب الكمال"للمزي ، و"ميزان الاعتدال"لشيخه الذهبي ، مع زيادات وتحرير عليهما في الجرح والتعديل. وقفت على نسخة منه بدار الكتب المصرية ، وانتقيت منها بعض الفوائد (1).
ابن بردس البعلبكي (786 720)
عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن بردس البعلبكي الحنبلي. ولد ببعلبك ، ودرس على والده ، وأبي الفتح اليونيني ، وسمع جمعا من مسندي عصره ، وحدث عنهم ، واشتهر باختصاره لجملة من الكتب ونظمها (2).
له :
بغية الاريب في اختصار التهذيب :
أكمل مسودته في المحرم سنة (779) وهو اختصار ليس فيه
__________
(1) رقم 24227 ب وهي في مجلدين وانظر أيضا ذيل تذكرة الحفاظ للحسيني : 58 ، والاعلان للسخاوي : 589 ، 600.
(2) لحظ الالحاظ لابن فهد : 167 166 ، والدرر لابن حجر : 1 / 404 ، والتبيان لابن ناصر الدين ،

(1/64)


إضافات تذكر ، ولم يحذف من رجال"التهذيب"أحدا لكنه حذف بعض أنساب المشهورين ، وذكر الجرح والتعديل مختصرا ، كما حذف الأسانيد (1).
ابن الملقن (804 723)
سراج الدين أبو علي عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بابن الملقن ، الإمام الكبير صاحب التصانيف المشهورة. أجازه المزي ، وتخرج بالحافظ علاء الدين مغلطاي ، وكان أكثر أهل عصره تصنيفا (2).
له :
إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال :
اختصر فيه"التهذيب"مع التذييل عليه من رجال ستة كتب هي : مسند الإمام أحمد ، وصحيح ابن خزيمة ، وصحيح ابن حبان ، والمستدرك للحاكم ، والسنن للدارقطني ، والسنن للبيهقي (3).
سبط ابن العجمي (841 753)
برهان الدين أبو الوفاء إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي الاصل ، الحلبي المولد والدار والوفاة ، الشافعي المعروف بسبط ابن العجمي حافظ حلب في زمانه (4).
له :
__________
(1) في خزانة كتبي نسخة مصورة منه في 574 ورقة. ورأيت منه نسخة في الازهر ناقصة الاول في 541 ورقة (رواق المغاربة ، رقم 894).
(2) لحظ الالحاظ لابن فهد : 197 ، الضوء اللامع للسخاوي : 6 / 100 ، وذيل طبقات الحفاظ للسيوطي : 396.
(3) نسخة معروفة وراجع بروكلمان : 1 / 164 (بالالمانية) وفهرس المخطوطات المصورة بمعهد المخطوطات : التاريخ ، رقم : 59.
(4) لحظ الالحاظ لابن فهد : 315 308 ، والبدر الطالع للشوكاني : 1 / 28.

(1/65)


نهاية السول في رواة الستة الاصول :
قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة : وقد زينه بالفوائد العلمية الحديثية النادرة ، والضبوط المحررة الدقيقة للاسماء والكنى والالقاب والانساب والبلدان ونحوها..وقد رأيت في رحلتي إلى الهند وباكستان سنة (1382) نسخة المؤلف التي كتبها بخط يده الناعم الدقيق الجميل في (999) ورقة بالقطع الكبير ، وفي مجلد واحد في مكتبة رضا في مدينة رامبور. ورقمها فيها (1019)"وذكر في آخرها أنه انتهى منه في سنة (829) بحلب (1).
قلت : لم أوفق في الوقوف عليه ، ولعله اعتمد فيه على"الكاشف"للذهبي فاتخذه أصلا ، ثم أضاف إليه من عنده كما مر بنا عند كلامنا على"الكاشف.
ابن قاضي شهبة (851 779)
تقي الدين أبو بكر بن أحمد بن محمد المعروف بابن قاضي شهبة الأسدي الدمشقي صاحب التاريخ المشهور (2).
ذكر حاجي خليفة أنه اختصر"تهذيب الكمال" (3). ولا أعرف عنه شيئا.
ابن حجر العسقلاني (852 773)
حافظ عصره شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي الكناني العسقلاني صاحب التصانيف المشهورة الذائعة الصيت.
له :
__________
(1) مقدمة خلاصة تذهيب التهذيب : 7- 6.
(2) الضوء اللامع : 11 / 21 ، وشذرات الذهب : 7 / 269.
(3) كشف الظنون : 2 / 1510.

(1/66)


أولا تهذيب التهذيب (1) :
اختصر فيه"تهذيب الكمال"إلى نحو الثلث ، وأبدى في مقدمته عدة ملاحظات على كتاب المزي من أبرزها :
1- طول الكتاب ، بحيث قصرت الهمم عن تحصيله فتوجه الناس بسبب ذلك إلى"الكاشف". الذي امتازت تراجمه بالاختصار الشديد بحيث لا تفي بالغرض.
2- خلو بعض تراجم"التهذيب"من بيان أحوالهم.
3- محاولة المزي استيعاب شيوخ صاحب الترجمة واستيعاب الرواة عنه ، وأنه بالرغم من تمكنه من ذلك في أغلب التراجم"لكنه شيء لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره بسبب انتشار الروايات وكثرتها وتشعبها وسعتها ، فوجد المتعنت بذلك سبيلا إلى الاستدراك على الشيخ بما لا فائدة جليلة ولا طائلة" (2).
4- أنه أفرد"عمل اليوم والليلة"للنسائي عن"السنن"وهو من جملة كتاب السنن في رواية ابن الاحمر وابن سيار ، وكذلك أفرد "خصائص علي"وهو من جملة المناقب في رواية ابن سيار. ولم يفرد"التفسير"وهو من رواية حمزة وحده ، ولا كتاب"الملائكة"و"الاستعاذة"و"الطب"وغير ذلك ، وقد تفرد بذلك راو دون راو عن النسائي فما تبين لي وجه إفراده"الخصائص"و"عمل اليوم والليلة" (3).
__________
(1) طبع بحيدر آباد في اثني عشر مجلدا في السنوات 1327 1325 وأعادت دار صادر طبعه بالاوفست.
(2) تهذيب التهذيب : 1 / 4 ، ولعل ابن حجر يشير بذلك إلى ما عمله العلامة علاء الدين مغلطاي في إكماله.
(3) تهذيب : 1 / 6.

(1/67)


أما منهجه في كتابه فيمكن إجماله على الوجه الآتي :
1- لم يحذف من رجال"التهذيب"أحدا ، بل زاد فيهم من هو على شرطه ، كما ذكر بعض التراجم التي تفيد للتمييز مما لم يذكره المزي ، وحافظ على العلامات (الرقوم) التي وضعها المزي في الاصل مقتصرا على ما وضعه على أسماء المترجمين دون شيوخ صاحب الترجمة والرواة عنه أما الفصول التي ذكرها المزي في المقدمة وهي التي في شروط الأئمة الستة وفي الحث على الرواية عن الثقات وفي الترجمة النبوية ، فقد حذفها في مختصره ، لوجود مادتها في الكتب المعينة بذلك.
2- أعاد التراجم التي حذفها المزي من أصل "الكمال" ، والتي كان الحافظ عبد الغني قد ذكرها بناء على أن بعض الستة أخرج لهم ، وكان المزي قد حذفهم بسبب عدم وقوفه على روايتهم في شيء من الكتب الستة. وذكر ابن حجر أن ذكرهم على الاحتمال أكثر فائدة من حذفهم ، ونبه على ما في تراجمهم من عوز ، أو عند وقوفه عند روايتهم في الكتب المذكورة.
3- أما في صياغة الترجمة فقد سار على النهج الآتي :
أ- حذف من الترجمة جميع الاحاديث التي خرجها المزي من مروياته العالية من الموافقات والابدال وغير ذلك من أنواع العلو.
ب- اقتصر من شيوخ المترجم ومن الرواة عنه على الاشهر والاحفظ والمعروف ، وحذف الباقين ، إذا كان المترجم من المكثرين وإن كانت الترجمة متوسطة اقتصر على ذكر الشيوخ والرواة الذين عليهم علامة في الاغلب ، وإن كانت طويلة اقتصر على من عليه علامة البخاري ومسلم ، مع ذكر جماعة غيرهم. أما إذا كانت الترجمة قصيرة فإنه لم يحذف منها شيئا في الاغلب.

(1/68)


ج- لم يلتزم بنهج المزي في ترتيب شيوخ صاحب الترجمة والرواة عنه على حروف المعجم ، لان ذلك يؤدي حسب قوله إلى"تقديم الصغير على الكبير" ، بل ذكر في أول الترجمة أكثر شيوخ الرجل ، وأسندهم ، وأحفظهم ، إن تيسر له معرفة ذلك ، إلا أن يكون للرجل ابن أو قريب فإنه كان يقدمه في الذكر ، وحرص أن يختم الرواة عن صاحب الترجمة بمن وصف بأنه آخر من روى عنه ، وربما صرح بذلك.
د- حذف من الترجمة أغلب الاخبار التي لا تدل على توثيق ، ولا
على تجريح ، واقتصر على ما يفيد ذلك.
ه- حذف كثيرا من الاختلافات المذكورة في وفاة المترجم.
و- ميز إضافاته على الترجمة أو تصحيحاته بلفظة : (قلت) وجعلها في آخر الترجمة ، وأكثر إضافاته ما يفيد التوثيق أو التجريح.
وقد انتفع ابن حجر بالمؤلفات التي سبقته مما وضع على"التهذيب"استداركا أو اختصارا ، ولا سيما"تذهيب التهذيب"للامام الذهبي و"إكمال تهذيب الكمال"للعلامة علاء الدين مغلطاي. والحق أن معظم ما أضافه ابن حجر من توثيق أو تجريح أو اختلاف في الوفيات ، أو استدارك في التراجم ، سواء أكانت من التراجم التي هي من شرط المزي ، وهي قليلة ، أم للتمييز ، قد أخذها من كتاب مغلطاي بالدرجة الاولى ، وعليه كان اعتماده ، لكنه انتقى منه ما وجده مهما حريا بالذكر فذكره ، وأهمل الباقي فأسقطه ، وإن إضافاته الشخصية كانت قليلة جدا.
ثانيا تقريب التهذيب :
ثم اختصر الحافظ ابن حجر كتابه هذا بكتاب صغير في مجلدين سماه"تقريب التهذيب"اقتصر فيه على اسم المترجم مختصرا ودرجة

(1/69)


توثيقه وطبقته والعلامات التي ذكرها له المزي ، وقيد بعض الأسماء والانساب والكنى بالحروف (1).
ومما تجدر الاشارة إليه أن ابن حجر أفاد من"تهذيب الكمال"في جميع المؤلفات التي وضعها مما يتعلق بهذا الفن.
تقي الدين ابن فهد (871 787)
تقي الدين أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد بن فهد الهاشمي المكي الشافعي. ولد بمصر ، وتوفي بمكة ، واشتهر بتصانيفه الكثيرة الماتعة (2).
قال في كتابه"لحظ الالحاظ"عند الكلام على"تهذيب التهذيب"لابن حجر : وهو يشتمل على اختصار تهذيب الكمال للمزي مع زيادات كثيرة عليه تقرب من ثلث المختصر ، دمجتها مع زيادات الذهبي في "تذهيبه"وما زدته في التهذيب في كتابه"نهاية التقريب وتكميل التهذيب بالتذهيب (3)". وقال الشمس السخاوي : وجمع بين المزي وشيخنا بنصهما معزيادات ، التقي بن فهد وسماه : نهاية التقريب وتكميل التهذيب بالتذهيب" ، وذكر أنه كتاب حافل لو ضم إليه ما عند مغلطاي من الزوائد في مشايخ الراوي والآخذين عنه ، لكنه اعتذر بعدم وصول كتاب مغلطاي إلى مكة إذ ذاك (4).
وقد أصبح"تهذيب الكمال"إلى كل ذلك مصدرا لجميع المؤلفين في هذا الفن الجليل طوال العصور اللاحقة ، فإنه قلما وجدنا
__________
(1) طبع وهو مشهور بأيدي الناس.
(2) انظر مقدمة ذيل تذكرة الحفاظ.
(3) لحظ الالحاظ : 333.
(4) الاعلان : 600 وانظر مقدمة المجلد الثاني من تحفة الاشراف للمزي.

(1/70)


كتابا ألف في موضوعه لم يتخذه مصدرا رئيسا ، ثم صار بعد ذلك معيارا وحدا فاصلا لكثير من المؤلفات ، فحينما ذيل الحافظ زين الدين
أبو الفضل عبد الرحيم العراقي (ت 806) على"ميزان"الذهبي ذكر ابن حجر أن معظم هذا الذيل مأخوذ من"تهذيب الكمال"للمزي (1).
وحينما وضع ابن حجر نفسه"لسان الميزان"ذكر أنه اعتمد فيه"ميزان"الذهبي بعد أن حذف منه"من أخرج له الأئمة الستة في كتبهم أو بعضهم ، فلما ظهر لي ذلك استخرت الله ، وكتبت منه ما ليس في تهذيب الكمال (2)". وجمع أحدهم"الثقات من تهذيب الكمال (3)"وهلم جرا..
__________
(1) كشف الظنون : 2 / 1917.
(2) انظر مقدمة لسان الميزان : 124 (ط.الهند)
(3) راجع المجلد الاول من فهرس المخطوطات بدار الكتب المصرية الخاص بمصطلح الحديث الذي وضعه صديقنا المرحوم فؤاد سيد.

(1/71)


الفصل الرابع
منهجنا في تحقيق تهذيب الكمال
كثرة نسخ التهذيب الخطية :
بدأ المزي في وضع كتابه في صيغته النهائية منذ مطلع سنة (705) للهجرة ، وبدأ يحدث به منذ سنة (706) (1) على الرغم من أنه لم يتمه إلا في أواخر سنة (712) (2) ، فجاء في أربعة عشر مجلدا بخطه (3).
وقد طال عمر المزي ، ومتعه الله بالصحة الجيدة ، وصحة الحواس إلى آخر عمره ، واشتهر كتابه في حياته ، وسارت به الركبان ، فحدث بكتابه خمس مرات (4) بين سنة (706) وسنة (742) ، فسمع الكتاب عليه خلال هذه الستة والثلاثين عاما عدد كبير من المعنيين بهذا الشأن ، واجتهدوا في تثبيت خطه على نسخهم. ثم نال هذا الكتاب طوال القرون التالية منزلة رفيعة جعلته من أوائل الكتب التي يسعى أصحاب الخزائن إلى استنساخه واقتنائه.
لكل هذه الاسباب توافرت نسخ هذا الكتاب ، وانتشرت في بقاع الدنيا. فقلما نجد خزانة نفيسة من خزائن الكتب العالمية تخلو من
__________
(1) سمع محمد بن علي بن حرمي الدمياطي الجزء الثامن من أصل المؤلف سنة 706 ولعل المؤلف قد حدث بكتابه قبل هذا ولكننا لا نستطيع الجزم لعدم توفر الادلة.
(2) انظر الورقة الاخيرة من المجلد الثاني عشر من نسخة دار الكتب المصرية ذات الرقم : 25 مصطلح الحديث.
(3) أعيان العصر : 12 / الورقة : 126.
(4) على ما ذكر رفيقه وتلميذه الذهبي (أعيان العصر : 12 / الورقة : 125 ، والدرر : 5 / 234).

(1/73)


مجلد أو مجلدات من هذا الكتاب العظيم ، فضلا عما فيها من كتب اختصرت التهذيب ، أو استدركت عليه.
ومن سعادة المزي ، وسعادة التراث العربي الاسلامي أن نجد اليوم في خزائن الكتب عددا من المجلدات بخط المؤلف نفسه في أعظم مركزين للمخطوطات في العالم وهما : استانبول والقاهرة ، وعلى هذه المجلدات طباق السماعات مما سنصفه في صدر هذا المجلد والمجلدات الآتية بعون الله.
وقد يسر الله لي بحمده ومنه عددا من نسخ هذا الكتاب صورتها في رحلاتي المتعددة ، وأودعتها خزانة كتبي ، ومنها قسم بخط المؤلف المزي رحمه الله إذ كنت قد كلفت بهذا الكتاب النفيس منذ فترة ليست بالقصيرة.
نسخة ابن المهندس :
وقد تبين لي بعد دراسة العديد من النسخ أن من أحسن النسخ التي نسخت عن نسخة المؤلف وقوبلت عليه هي النسخة التي نسخها الإمام المحدث المفيد العدل الكبير شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن غنائم المعروف بابن المهندس الصالحي الحنفي الشروطي (733 665) (1).
كان ابن المهندس عالما فاضلا ، سمع على شيوخ عصره ، ورحل في طلب العلم إلى حلب ومصر ، وحج مرات ، وزار القدس الشريف ، وسمع في كل تلك البلاد ، وحصل تحصيلا كثيرا. وكان من أعيان الشهود العدول ، لازم الشهادة وكتابة الشروط مدة طويلة ، وولي
__________
(1) معجم الشيوخ للذهبي : 2 / الورقة : 29 ، وتذكرة الحفاظ : 4 / 1502 ، وذيل العبر : 179 ، والجواهر المضية للقرشي : 2 / 4 ، والدرر لابن حجر : 3 / 378 ، والدارس للنعيمي : 2 / 94 ، وشذرات ابن العماد :

(1/74)


مشيخة الحديث بمشهد ابن عروة ، ومشيخة الحديث بالتربة الكاملية الصلاحية بالصالحية ، وأخذ عنه فضلاء العلماء ، منهم : عز الدين ابن جماعة الكناني ، وعلم الدين البرزالي ، وإمام المؤرخين شمس الدين الذهبي ، وتقي الدين بن رافع السلامي ، وغيرهم. قال علم الدين البرزالي : وكان رجلا فيه ديانة وخير ومحبة للعلم وأسمع جملة من مسموعاته ، ورافقته في الحج ، فرأيت فيه حرصا على العبادة والخير"وقال الذهبي في معجم شيوخه الكبير : محمد بن إبراهيم بن غنائم بن وافد العدل الفقيه المحدث المتقن شمس الدين أبو عبد الله بن المهندس الصالحي الحنفي. ولد سنة خمس وستين وست مئة ، وعني بهذا الشأن عناية جيدة ، وكتب العالي والنازل ، وسمع..وكان صحيح النقل ، مليح الاصول..ونسخ الكتب الكبار ، وشهد على القضاة ، وتميز في الشروط ، وفيه خير وتواضع واحتمال.." (1). وذكر الذهبي أنه نسخ"تهذيب الكمال"مرتين (2).
وقد وصلت إلينا نسخته الاولى وهي في اثنين وعشرين مجلدا (3) ، كتبها عن نسخة المؤلف ، في الفترة (715 706) وسمعها عليه بعد ذلك كما هو مثبت بخطه في كثير من الاجزاء التي وصلت إلينا من نسخة المؤلف المزي.
اعتماد العلماء نسخة ابن المهندس :
وقد أضحت نسخة ابن المهندس هي النسخة المعتمدة عند العلماء منذ عصر المؤلف وفي العصور التالية له ، نظرا لدقتها وجودتها وصحة نقل ناسخها وسماعه على المؤلف ، فقد تبين لي أن العلامة
__________
(1) معجم الشيوخ : 2 / الورقة : 29.
(2) ذيل العبر : 179.
(3) ينقص من نسخة مكتبة السلطان أحمد الثالث التي صورت عنها نسختي المجلدات : الرابع والعاشر والحادي عشر والتاسع عشر ، وأنا مجتهد في العثور على هذا النقص في مكتبات أخر.

(1/75)


علاء الدين مغلطاي قد اعتمدها في كتابه"إكمال تهذيب الكمال"وهو يستدرك على الحافظ المزي ، قال في ترجمة أبي إسحاق أحمد بن إسحاق المطوعي السرماري وهو يتكلم على"سرمارة"التي نسب إليها : نسبة إلى قرية تدعى سرمارة بفتح السين وسكون الراء ، ويقال : بكسر السين فيما ذكر الحافظان الجياني وابن خلفون ، وابن السمعاني يضم السين وكأنه معتمد المزي ، لان المهندس ضم السين ضبطا عن الشيخ" (1).
كما اعتمدها العلامة تقي الدين السبكي (ت 756) في رده على بعض ما استدركه مغلطاي على المزي ، وهو مما حمله معه من مصر ابنه التاج عبد الوهاب صاحب الطبقات وسأل فيه والده (2) : السؤال الثاني : قال : وقال أيضا (يعني مغلطاي) : عياض بن حمار بن أبي حماري ، واسمه : ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان ، نسبه خليفة ، كذا هو موجود بخط المهندس ، وقرأته على الشيخ. والذي رأيت في كتاب الطبقات لخليفة المكتوب عن تلميذه أبي عمران عنه : ابن أبي حمار ، بغير ياء..الجواب (يعني جواب التقي السبكي) (3) : لفظ المزي في كتابه بخطه عندي : عياض بن حمار المجاشعي التميمي..له صحبة ، وهو عياض بن حمار بن أبي حمار بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع ، نسبه خليفة بن خياط. فالذي قاله المزي كما قاله غيره من الأئمة ، ونسخة من قال خلاف ذلك غلط. وهذه الترجمة في الجزء الرابع والستين من تهذيب الكمال وقد سمعه المهندس بقراءة جمال الدين رافع كما قلناه" (4)
__________
(1) إكمال تهذيب الكمال ، الورقة : 7 من المجلد الذي بخطه ، وانظر طبقات السبكي : 10 / 416 ، 417 ، 420.
(2) انظر أعلاه كلامنا على كتاب مغلطاي.
(3) إضافة مني للتوضيح.
(4) الطبقات : 10 / 417 416.

(1/76)


نسختنا المعتمدة :
قلنا سابقا : إن الحافظ المزي حدث بكتابه خمس مرات وإنه عاش مدة طويلة بعد الانتهاء من تأليفه ، لذلك كنت حذرا الحذر كله وأنا أطالع النسخ ، وأدرسها ، وأقارن بينها خوفا من أن يكون الرجل قد غير في كتابه بعض ما وجده حريا بالتغيير كما هي عادة جمهرة من العلماء ممن سبقه أو عاصره (1) لكن الذي ظهر لي بعد طول التتبع أنه لم يقم بأي تغيير أو تبديل على المبيضة التي انتهى منها في عيد الاضحى سنة (712) ، وأنه اعتمدها إلى حين وفاته باستثناء بعض الاضافات والتعديلات اليسيرة جدا.
ومن المعلوم في بدائه فن التحقيق أن نسخة المؤلف التي ارتضاها في آخر حياته تنسخ جميع النسخ ، فلا تكون بعد ذلك قيمة لاية نسخة غيرها.
وعلى هذا الاساس اعتمدت ما توفر لي من الكتاب بخط المؤلف واتخذته أصلا ، وما عدا ذلك ، فقد اعتمدت نسخة ابن المهندس"وقد اتخذنا هذا المجلد أصلا في المواضع التي لم يتضمنها المجلد الاول من نسخة المولف.
واستعنا بالنسخ الاخرى
__________
(1) كان من عادة المؤلفين في كل العصور إعادة النظر في الكتب التي يؤلفونها ، فكانوا يعيدون نشرها كلما تقدم الزمن بهم إذا وجدوا لذلك ضرورة. وقد قام مؤرخ بغداد ابن النجار مثلا بنشر كتابه أكثر من مرة وظل يضيف عليه إلى قريب وفاته. وأعاد الذهبي النظر في كتابه العظيم"تاريخ الاسلام"غير مرة واضطر إلى إعادة نسخ بعض مجلداته وتغيير اعدادها لكثرة ما أضاف من مادة بعد انتهاء تأليف الكتاب لا سيما في المئة الثانية ، بل غير عنوان الكتاب بعد الانتهاء من تأليفه حيث كان"تاريخ الاسلام وطبقات المشاهير والاعلام"فجعل كلمة"وفيات"بدلا من"طبقات" (انظر كتابنا : الذهبي : 25 فما بعد ومقدمتنا للقسم الاول من المجلد الثامن عشر الذي حققناه ونشرناه بالقاهرة سنة 1977).
ولدينا من معجم شيوخ الذهبي الكبير نسختان نقلت الاولى عن نسخة المؤلف المكتوبة سنة 728 ه وقد تضمنت 1278 ترجمة وظل عدد التراجم ثابتا إلى سنة 738 (أحمد الثالث : 462) ، أما النسخة الثانية ، فقد قرئت على المؤلف سنة 745 وهي تمثل آخر نشرة له فقد أشار الذهبي على من سمع عليه الكتاب آنذاك باسقاط جماعة من المكتوبين على حواشي الاصل من أصحاب ابن البخاري فلم يكتبهم الناسخ في هذه النسخة المقروءة عليه ، فنقص لاجل ذلك عدد التراجم قرابة المئتين وخمسين ترجمة. (نسخة دار الكتب المصرية ، رقم : 65 مسطلح الحديث).
فمثل هذا الامر يحتاج إلى دراسة لاعتماد الماده التاريخية التي ارتضاها المؤلف ، والامثلة على ذلك كثيرة.

(1/77)


تدفعني إلى ذلك جملة دوافع :
1- إن ابن المهندس من أوائل الذين سمعوا الكتاب على مؤلفه ، وأنه ابتدأ بنسخه منذ بدأ المزي يخرج المبيضة المعتمدة. وكان في وقت سماعه رجلا ناضجا عارفا بما يسمع.
2- كان ابن المهندس من العلماء الفضلاء الفهماء ذوي العلم الرصين ، والدين المتين ، والضبط والاتقان ، شهد له بذلك جهابذة العلماء مثل البرزالي والذهبي وابن حجر وغيرهم.
3- ان نسخته كانت هي النسخة المعتمدة عند جماهير العلماء منذ عصر المؤلف.
4- وإنه كان ناسخا محترفا صاحب خط جيد يسير فيه على قواعد الخط المعروفة قلما يخرج عنها.
5- كان ابن المهندس يضيف ويعدل في نسخته بعض ما أضافه المزي أو عدله في نسخته الاصلية من إضافات أو تعديلات طفيفة حتى بعد الانتهاء من نسخها ، وهو أمر نادر عند النساخ طيلة الاعصر ، فمن ذلك مثلا أن المزي أضاف ترجمة جديدة إلى كتابه بعد الانتهاء من تبييضه وذلك في العاشر من جمادى الاولى سنة (713) هي ترجمة أحمد بن محمد بن هانئ أبي بكر الأثرم البغدادي الإسكافي ، فنقلها ابن المهندس بورقة ملحقة في نسخته ، ولم يكتف بذلك بل قرأها على المؤلف بعد ذلك بأربعة أيام فقط وكتب خطه في نهاية الورقة الملحقة بالسماع ونصه : قرأت هذه الترجمة على مصنفها الشيخ الإمام العالم الحافظ جمال الدين يوسف المزي أبقاه الله وسمعها ابنه محمد في يوم الخميس رابع عشر جمادي الاولى سنة ثلاث عشرة وسبع مئة ، وكتب محمد ابن المهندس بدمشق".

(1/78)


6 ولا أبالغ إذا قلت : إن نسخة ابن المهندس لا تقل أهمية عن نسخة المؤلف ، بل ربما نجد فيها من الضبط مما لا نجده في نسخة المزي ، وهو مما قيده على نسخته عند سماعه الكتاب على شيخه المزي.
ومع ذلك سوف أصف في بداية كل مجلد من مطبوعنا النسخ التي اعتمدتها على وجه الاختصار.
تنظيم النص وأهميته :
وقد نظمت مادة الكتاب بما يفيد فهم النص فهما جيدا ، ويظهر النقول والتعقيبات بصورة واضحة ، وهي عملية ليست سهلة كما تبدو لاول وهلة ، ذلك أن عدم معرفة انتهاء النقل عند عدم التصريح به تتطلب معرفة تامة بموارد الكتاب وطبيعتها ، والرجوع إلى نصوصها الاصلية ، ولم تكن المخطوطات القديمة تسير على منهج معين في تنظيم نص الكتاب ، بل كانت تسردها بصورة متتالية ، فيصعب بذلك عندئذ فهم الكتاب والافادة منه على وجه الصحة ، لذا قمت بإعادة تنظيم بدء الفقرات ، ووضعت النقط والفواصل اللازمة حسب ما تقتضيه المعاني.
ترقيم التراجم :
ووضعت أرقاما مسلسلة للتراجم الاصلية بغية تسهيل الرجوع إليها ، والاحالة عليها بيسر ، وأدخلت معها ما كتبه المؤلف للتمييز ، أو ما ذكره وإن كان من أوهما صاحب "الكمال" ليرد عليه ممن لم يجد لهم المزي رواية عند أحد من أصحاب الكتب الستة ، لانها تراجم كاملة. أما الأسماء التي أوردها المؤلف"إحالة"ليترجم لهم فيما بعد ، أو ليشير إلى الموضع الذي ترجم لهم فيه بأسمائهم الكاملة أو الصحيحة ، فقد وضعت علامة فارقة تميزها"•" ، ولم أنظمها في

(1/79)


سلك تسلسل التراجم كما فعل ناشر وبعض مختصرات التهذيب مثل"تهذيب التهذيب"لابن حرج و"تقريب التهذيب"له أيضا ، أو غيرهما ، لان المؤلف لم يقصد من ذكرهم غير التنبيه إلى ورود ترجمتهم في مكان آخر ، وبذلك تخلصت من كثير من التراجم المكررة.
وهذه الارقام وتلك العلامة لم تكن في أصل النص ، فهما من عندي وضعتهما للتسهيل والتيسير.
وضع علامات أصحاب الستة ومؤلفاتهم الاخرى :
وكنا قد ذكرنا عند كلامنا على منهج التهذيب أن المؤلف المزي قد وضع علامات أصحاب الكتب الستة وعلامات مؤلفاتهم الاخرى
التي ترجم لرواتها فوق الاسم الاول سواء أكان ذلك للمترجمين الاصليين أم لبعض شيوخهم والرواة عنهم ممن ذكرهم داخل الترجمة.
أما نحن ، فقد وضعنا هذه العلامات في بداية الترجمة وبعد الرقم المتسلسل في التراجم الاصلية ، وبعد الاسم الكامل في أسماء شيوخ صاحب الترجمة والرواة عنه وحصرناها بين قوسين.
رموزبعض ألفاظ التحمل :
استعمل المؤلف مختصرات اعتاد المحدثون والنساخ استعمالها في الأسانيد من قديم الزمان وهلم جرا إلى أزمنة متأخرة ، فاقتصروا على الرمز في بعض ألفاظ التحمل ، فيكتبون من"حدثنا"الثاء والنون والالف"ثنا"وقد تحذف الثاء ويقتصر على"نا"ويكتبون من"أخبرنا" : أنا"أو"أبنا" (14) وربما حذفوا النقط من جميع ما ذكرنا ، واقتصروا على الرسم ، وهم إنما يفعلون ذلك لكثرة دوره في الاسناد ، ويختصرونها خطا ، ويثبتونها لفظا ، لكننا رأينا كثيرا من طلبة العلم
__________
(1) أما"أنبأنا"فلم يجوزوا فيها الاقتصار على الرمز"انظر كتب مصطلح الحديث ومنها مثلا تدريب الراوي : 302 فما بعد).

(1/80)


يتلفظون بها كما هي مكتوبة ، وهو خطأ مبين ، فارتأينا اثباتها خطا دفعا لهذه الغائلة ، ولقلة دورها في هذا الكتا ب (1).
انتساخى :
ولابد لنا من التنويه بأننا قد غيرنا في رسم بعض الالفاظ ، وهو ما يعرف في عصرنا بالاملاء. وقد اختلف الكتاب والنساخ في العصور الاسلامية وحتى هذا اليوم في رسم بعض الالفاظ والحروف واستعملوا
صيغا متنوعة دفعا للالتباس من جهه وتسهيلا للنساخ العجلين من جهة أخرى ، ولعدم وجود وحدة كتابية كالطباعة الحديثة عندنا تنظم هذه الامور.
فمن ذلك مثلا رسم"ابن"تجد همزتها تارة محذوفة وموجودة تارة أخرى في الموضع الذي حذفت فيه ، وأهل العربية مختلفون في ذلك اختلافا لا مزيد عليه. وقد حذفناها في جميع المواضع التي وقعت فيها بين علمين إلا في حالتين : الاولى عند مجيئها في أول السطر ، والثانية عند وقوعها قبل الصفات المادحة والانساب ونحوهما مثل"الحافظ"و"الشيخ"و"العدل"و"الإمام"و"الرازي"و"النيسابوري"و"القرشي"وهلم جرا.
ومن ذلك حذفهم الالف الوسطية من كثير من الأسماء مثل"خالد" ، و"الحارث"و"ابراهيم"و"سليمان"و"عثمان"و"اسحاق"و"عبد الرحمن"ونحوها ، ولم نأخذ به.
وكان المزي قد حذف عدة تراجم من أصل (الكمال) ممن ترجم لهم عبد الغني المقدسي بناءا على أن بعض أصحاب الكتب
__________
(1) وحذف المحدثون من أصل الاسناد كلمة"قال"جملة كافية وافترضوا أن القارئ يتلفظ بها ، ولو لا عدم اعتياد الناس على وجودها لاضفتها إلى الاسناد من أجل تقويم صحة قراءته. ودعوى أن الأسانيد تضخم الكتب دعوى جاهلة وباطلة في آن واحد لا سيما بعد توفر الطباعة وانتشارها.

(1/81)


الستة قد أخرج لهم ، فمن لم يقف المزي على روايته في شيء من هذه الكتب الستة أو مؤلفات أصحابها الاخرى حذفه ، فرأينا من المفيد تثبيت ما حذفه بنصه في هامش مطبوعتنا معتمدين غير نسخة من (الكمال) وقد قال الحافظ ابن حجر : وذكرهم على الاحتمال أفيد من حذفهم.
ومنه أيضا عدم وضع النقطتين تحت الياء المتطرفة في نسخنا الخطية هذه (1) ، وقد أخذ به كثير من الكتاب في عصرنا ولاسيما كتاب مصر فصارت تلتبس بالالف المقصورة ، فالتبست عشرات أسماء منقوصة بأسماء مقصورة أو صفات بمصادر أو مصادر بمصادر أو مصادر بصفات ، ولا يزال الناس يعانون التباس"المتوفي"الذي هو الله سبحانه وتعالى"بالمتوفى"الذي هو الانسان بسبب عدم إعجام الياء (2) ، لذلك أعجمنا مثل هذه الياء وهو مما ييسر القراءة.
ومعظم القدماء ، وكثير من أهل عصرنا ، ويكتبون"مئة"بزيادة ألف"مائة" ، وإنما فعل القدماء ذلك خوفا من اشتباهها ب"منه"أو"فئة" ، ولكن كثيرا من الناس صاروا يقرؤونها بلفظ الالف وهو خطأ مبين ما نحن بحاجة إليه بعد زوال العلة بظهور الطباعة الحديثة.
إن هذه الامور ليست من الاهمام بحيث يقال فيها : أخطأ فلان وأصاب فلان ، وإنما ذكرناها لئلا يحتج علينا بإغفالها ، ومسألة التيسير في الرسم"الاملاء"أصبحت من الامور المهمة في عصرنا على
__________
(1) الحق أنني وجدت المزي في الاغلب الاعم ينقط الالف التى على صورة الياء ويترك في الوقت نفسه نقط الياء ، وكأنه يريد بذلك ، والله أعلم ، التمييز بين الاثنين وأنه إنما نقط الالف لقلة ورودها في مثل هذه المواضع إذا قيس ذلك بكثرة ورود الياء ، ثم وجدت بعض ثقات النساخ أيضا من يكتب كل ألف مقصورة ألفا قائمة فكتبوا"المنجا"و"المرجا"و"المعلا"وحرف الجر"علا"فكل هذا يشير إلى جواز التصرف بالخط دفعا للالتباس.
(2) فصل شيخنا العلامة المرحوم الدكتور مصطفى جواد طيب الله ثراه القول في هذا فراجع كتابه النافع : دراسات في فلسفة النحو والصرف واللغة والرسم"المطبوع ببغداد سنة 1968 ص : 12 8.

(1/82)


ما قرره علامة العراق أستاذنا الشيخ محمد بهجة الاثري (3).
صيغ بداية الاجزاء وانتهائها :
قد ذكرنا في هذه المقدمة أن الحافظ المزي وضع كتابه في مئتين وخمسين جزءا حديثيا. وكان المزي يبدأ كل جزء وينهيه بصغية دالة على ذلك ، نحو ذلك البسملة في بداية الاجزاء والنص على انتهاء الجزء ، وذكر بداية الجزء الذي يليه. وقد حذفنا ذلك من أصل النص ووضعناه وأمثاله في الهوامش ، وأشرنا إلى بداية الاجزاء ونهايتها في الهوامش أيضا ، لاعتقادنا أن هذا الذي ذكر ليس من أصل المادة التاريخية التي تضمنها الكتاب بدليل تصرف السامعين على المؤلفين وأصحاب النسخ بمثل هذه الصيغ على مر العصور.
تحقيقات المزي وتعليقاته في الحواشي هل هي من أصل متن الكتاب ؟ ووجدنا للمؤلف المزي في حواشي نسخته كثيرا من التحقيقات العلمية والمقابلات ، منها تصحيحات في الأسماء أو الروايات مما استدركه على الحافظ عبد الغني المقدسي ، والحافظ أبي القاسم ابن عساكر في "المعجم المشتمل" ، فكان يكتب الصحيح في أصل نسخته ويشير إلى الاخطاء والاوهام في حواشيها ، وكان يبدأ تعقباته على عبد الغني في الحواشي بقوله : كان فيه (كذا) وهو وهم"ونحو ذلك. كما شرح في حواشي نسخته بعض ما لم يشأ إدخاله في صلب الترجمة مثل شرح نسبة شخص ، أو ضبط تقييد ، أو شرح غريب ، ونحو ذلك.
وقد تبين لنا بعد اطلاعنا على أجزاء كثيرة من الكتاب بخط المصنف ومقارنة تلك الحواشي بما جاء في حواشي النسخ الاخرى أن المؤلف لم يقصد أن تكون من صلب النص ، إنما كانت تعليقات له
__________
(1) انظر كلامه النافع في مجلة المجمع العلمي العراقي : م : 4 ، ج : 1 ، ص : 321.

(1/83)


على النص الذي كتبه وهو ما يعرف بالتحقيق في عصرنا ، وبيان ذلك :
1- وجود هذه العبارات في نسخة المصنف ، وليس لها إشارة في صلب النص أو لفظة"صح"التي اعتاد أن يعضها على العبارة المكملة للنص كما فعل هو وكثير غيره من المؤلفين والنساخ عند تبييض نسخهم ، أو مقابلتها بالاصل المنتسخ عنه.
2- انتقال هذه الملاحظات إلى حواشي جميع النسخ الموثقة وإشارة هؤلاء النساخ إلى ورود تلك العبارات في حاشية نسخة المصنف وبخطه.
3- استعمال العبارات الدالة على أن هذه التحقيقات أو التعليقات ليست من صلب النص نحو قول المؤلف تعليقا على"البنادرة""البنادرة جمع بندار ، وهو الناقد" (1) ، ونحو تعليقه على"ابن السكن"من مقدمته : هو أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن الحافظ" (2) ، وقوله في حاشية الورقة نفسها تعليقا على"الحسين بن محمد الماسرجسي" : هو"أبو علي الحسين بن محمد"وهلم جرا مما ستراه في حواشي كتابنا هذا.
ونظرا لاهمية هذه التحقيقات ، ولكونها من كلام المؤلف ، فقد ثبتها في هوامش مطبوعتنا هذه بنصها وعلقت على ما يحتاج التعليق منه إلى التعليق.
العناية بضبط النص :
وقد عنيت بضبط النص عناية بالغة ، وتحريت في هذا الامر غاية التحري ، ورجعت إلى كل ما أمكنني الرجوع إليه من المصادر مخطوطها ومطبوعها لا سيما تلك التي أخذ عنها مؤلف الكتاب ،
__________
(1) الترجمة : 6 من طبعتنا هذه.
(2) انظر الصفحة الاولى من الفصل الذي كتبه المؤلف عن فضيلة الكتب الستة.

(1/84)


فقارنت ما نقله عنها وثبت بعض الاختلافات التي رأيتها جديرة بالتثبيت والذكر ، وأهملت الكثير مما لم أر فائدة في إيراده ، يعينني على ذلك توفر جملة من الامهات مخطوطها ومطبوعها ، في خزانة كتبي الخاصة.
ولما كان المزي قد بني كتابه أصلا على كتاب "الكمال" للحافظ عبد الغني المقدسي ، فقد قارنت مادة هذا الكتاب بمادة "الكمال" مقارنة دقيقة ، وتخيرت من بين النسخ العديدة التي ضمتها خزانة كتبي أفضل هذه النسخ وأدقها للمقارنة والمطابقة. كما عنيت بكتاب"المعجم المشتمل"للحافظ ابن عساكر العناية نفسها وتحت يدي نسخة محققة غير منشورة منه.
أهمية كتب المشتبه في ضبط النص :
ولما كانت كثير من الحروف العربية تتشابه في رسمها مثل الحاء والخاء والجيم ، والباء والتاء والثاء والياء ، وغيرها من الحروف المتفقة في الرسم المختلفة في النقط ، فضلا عن اشتباه كثير من الالفاظ والأسماء والانساب والكنى ببعضها وائتلافها في الرسم واختلافها في النقط أو اللفظ ، فقد عنيت عناية بالغة بالكتب التي وضعها جهابذة المحدثين في هذا الفن الخطير ، لانها أعظم المصادر أهمية في ضبط علم الرجال على الاطلاق ، وهي الركن الركين ، والمرجع الامين لكل المشتغلين بهذا الفن العسير ، إذ يزول الخطأ عند الاعتماد عليها أو يكاد. وقد تحصل لي بحمدالله ومنه كل ما علمت بوجوده مما يتصل بهذا الفن الجليل ، وأخص منها بالذكر الكتاب الحافل الذي وضعه الامير هبة الله بن ماكولا (ت 475) ووسمه بالاكمال ، واستوعب فيه معظم المؤلفات السابقة له ، والذيل المستدرك الذي وضعه عليه الحافظ أبو بكر بن نقطة البغدادي (ت 629) وهو"إكمال

(1/85)


الاكمال" (1). ومنها أيضا : الكتاب المختصر النافع الجامع الملئ الذي وضعه مؤرخ الاسلام الذهبي في "المشتبه"وشرحاه : للحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي (ت 842) وسماه"توضيح المشتبه" (2) ، وللحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852) وهو"تبصير المنتبه (3).
وتوضيح ابن ناصر الدين أكثر دقة وشمولا وسعة من حيث الضبط والتقييد والاستدراك على الإمام الذهبي الاستدراك النفيسة التي فاق بها ابن حجر.
ضبط النص بالحركات :
واجتهدت بتقيد كثير من الأسماء والكنى وأسماء البلدان ومعظم الانساب بالشكل تقييد القلم في أصل النص ، وربما قيدت ما أخشى وقوع التصحيف والتحريف فيه ضبطا بالحروف في الهامش زيادة في التحري.
وانتفعت عند ضبط الانساب بالكتاب الذي وضعه الإمام أبو سعد السمعاني (ت 562) فيها ، وبكتاب"اللباب"الذي هذب فيه عز الدين ابن الاثير (ت 630) أنساب السمعاني واستدرك عليه ، ولم أشر إليهما إلا في الخاص القليل النادر ، فإذا وجد في كتابنا المحقق هذا شرح لنسبة أو ما إليها وهو غفل من مصدره فتلك هي مصادره. ويشبه هذا في تقييد أسماء البلدان وضبطها وشرحها ، إذ اعتمدت الكتب المعنية بهذا الشأن ، وكل جل اعتمادي على"معجم البلدان"لياقوت
__________
(1) وذيل على ابن نقطة جمال الدين أبو حامد المحمودي المعروف بابن الصابوني"ت 680"في كتابه"تكملة إكمال الاكمال"وهو الذي حققه شيخنا العلامة ونشر ببغداد سنة 1975 ، وأبو المظفر منصور بن سليم الهمداني الاسكندارني"ت 673"وعندي منه نسخة مصححة بخطي ، ولكن أكثر ما تناولاه إنما هو من الأسماء والانساب والكني لاهل عصرهما.
(2) اعتمدت نسختي المصورة عن نسخة الظاهرية العامرة ، وهي أكمل النسخ.
(3) طبعه البجاوي في أربعة مجلدات وهو مشهور.

(1/86)


الحموي (ت 626) ومختصره المعروف"بمراصد الاطلاع"لابن عبد الحق البغدادي.
أما الذي ورد في ضبطه وتقييده أكثر من رواية ، فقد اخترت ما رأيته مرجحا عند المؤلف ، فإذا لم أجد قرينة لذلك ، أخذت بالمرجح عند أهل الحديث ، لانه منهم ، واكتفيت في الاغلب الاعم بترجيح واحد إلا في القليل النادر.
ولو شئت أن أشرح كل ما راجعت وقيدت وضبطت وشرحت وأذكر موارده ، لتضخمت حواشي الكتاب تضخما كبيرا على حساب النص وحساب الحواشي والتعليقات التي رأيتها أكثر نفعا وفائدة للقارئ.
أقول قولي هذا وليعلم القارئ الكريم علما تاما بأنني بذلت الجهد ، واستنفدت الطاقة في التدقيق والتمحيص وأنا معترف بعد كل هذا بمسؤوليتي العلمية والادبية عن أي خطأ وقع فيما حررت ، وعن أي تحريف أو تصحيف أصاب النسخة أو سوء قراءة مني لها.
أهمية"تاريخ الاسلام"للذهبي في تحقيق"التهذيب" :
عني الإمام الذهبي بكتاب تهذيب الكمال ، فاختصر منه أربعة كتب ، وطالع مسودته ثم طالع المبيضة كلها ، واستوعب معظم تراجمه في كتابه العظيم"تاريخ الاسلام ووفيات المشاهير والاعلام"الذي هو أصل كتبه الرجالية والتاريخية وأكثرها استيعابا وتفصيلا.
وعني ، وهو إمام المؤرخين وشيخ المعدلين والمجرحين ، بالتعليق على هذه التراجم ، بقراءة كل ترجمة من تراجم التهذيب مما ورد في "تاريخ الاسلام" ، وأفدت منه مستعينا بنسختي التامة الملفقة من عدة نسخ ، ومنها قسم كبير بخط المؤلف المتقن ، ولم أعدم الافادة من كتبه الكثيرة الاخرى ولا سيما"الميزان"و"التذهيب"
الانتفاع بالكتب الموضوعة على التهذيب :
وانتفعت في تحقيق هذا الكتاب انتفاعا عظيما بالكتب التي

(1/87)


وضعت على"تهذيب الكمال"من مستدركات ، ومختصرات مستدركات ، وقد تحصل عندي معظمها ، مخطوطها ومطبوعها. ومن أبرز هذه الكتب وأكثرها أهمية كتاب"إكمال تهذيب الكمال"للعلامة علاء الدين مغلطاي (ت 762) الذي يعد من أوسع الكتب المستدركة على"تهذيب الكمال" ، ثم كتاب"تهذيب التهذيب"لحافظ عصره ابن حجر العسقلاني (ت 852) وهو وإن اعتمد على كتاب مغلطاي وكتاب"التذهيب"للامام الذهبي اعتمادا كبيرا ، لكنه انتقى منهما ما وجده مهما فذكره. يضاف إلى ذلك أن ما ورد في تهذيب ابن حجر من استدراكات أو إضافات يمثل الصيغة النهائية لما استدركه أو صححه أو أضافه العلماء طيلة قرن كامل من العناية بهذا الكتاب العظيم.
تعليقاتنا على النص وأهميتها :
وقد أردت لطبعتنا المحققة هذه من"تهذيب الكمال"أن تكون ناسخة لجميع الكتب السابقة واللاحقة له في هذا الفن ، ومعوضة عنها جهد المستطاع ، فاجتهدت أن أثبت في حواشيها جملة تعليقات مضافة إلى ما ذكرت من تعليقات في الضبط والمقارنة من أبرزها :
1- التعليق على الأوهام القليلة التي وقع فيها صاحب الكتاب ، أو ترجيحه لرأي ، أو ضبط غير مرجح ، أو ما استدركه عليه الآخرون فكان استدراكا غير موفق ، أو ما حسبوه غلطا وهو صواب ، فبينت كل ذلك واستعنت بما توفر عندي من مصادر ، ومن بينها الكتب الموضوعة على التهذيب.
2- إيراد الاضافات أو الآراء الاخرى التي وجدها العلماء المعنيون بتهذيب الكمال على مر العصور ضرورية فذكروها واقتنعت أنا بها فذكرتها ، لاسيما الاضافات المختصرة التي جمعها ابن حجر في "تهذيب التهذيب". وكانت عنايتي تتركز بالدرجة الاولى على الاضافات المعنية

(1/88)


بالتوثيق والتجريح.
وقد اجتهدت دائما أن تكون تعليقاتي في جميع ما يصحح أو يوضح أو يستدرك جامعة نافعة ومختصرة كل الاختصار شرط أن تكون مجزئة دالة في الوقت نفسه.
مستدركنا على تهذيب الكمال :
وضعت في هامش مطبوعتنا المحققة هذه مستدركا على"تهذيب الكمال" ، ذكرت فيه التراجم التي هي من شرطه أو التراجم النافعة للتمييز بينها وبين تراجم التهذيب على الطريقة التي ابتدعها المزي نفسه حينما ذكر كثيرا من التراجم للتمييز. ووضعت لهذه التراجم أرقاما متسلسلة لجميع أجزاء الكتاب لا علاقة لها بأرقام تراجم الاصل.
وتحريت في إيراد النوعين فلم أذكر في هذا المستدرك كل من ذكره السابقون ، بل اقتصرت على ما حصل عليه اتفاق أو شبه اتفاق اقتنعت به ، وانتفعت في ذلك بما أورد المستدركون ولا سيما الذهبي ومغلطاي وابن حجر في هذا المجال وإن لم أشر إليهم دائما ، وأعدت صياغة الترجمة بما رأيته مناسبا.
وبعد :
فهذا تهذيب الكمال لامام الحافظ جمال الدين المزي أقدمه لطلاب العلم من ذوي الارب والمعرفة ، وعشاق التراث العربي الاسلامي الاصيل ، والعاملين على حفظ سنة النبي العربي الامي صلى الله عليه وسلم وصيانتها ورعايتها ونشرها ، قد بذلت فيه الطاقة ، واستفرغت الجهد ، وقطعت كثيرا من الاشغال لاجله ، لم أبخل عليه بضياء عين ثمين ، ولا وقت عزيز ، ولا تدقيق أو تمحيص ، فليعذر القارئ العالم من خطأ متأت عن ذهول ، أو سبق قلم ، أو انزلاق نظر أجهده طول النظر في صور المخطوطات ، وليقدم النصح ، فإن العقل للنصح مفتوح

(1/89)


والصدر رحب إن شاء الله تعالى ، وكل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأرى من الواجب علي أن أنوه بفضل كل من ساعد على ظهور هذا الكتاب ، وأخص منهم بالذكر :
أخي وصديقي الفاضل الاستاذ محيي هلال السرحان الذي تفضل فأعانني في نسخ جزء من المجلد الاول.
وصديقي العالم الفاضل المحقق ، والمتقن المتفنن ، الشيخ شعيب الارناؤوط لما بذله ويبذله من مساعدات وإسهامات كان لها الفضل العظيم على إخراج هذا الكتاب. فقد قام بقراءته قراءة دارس عالم ، وأنبهني على بعض ما فاتني ، وخرج الاحاديث الشريفة الواردة فيه ، وأبان عن درجة كل حديث من الصحة وغيرها حسبما تقتضيه القواعد الحديثية ، ثم توج عمله بالاشراف على تصحيح تجارب الطبع سدد الله خطاه ، وأنجح مسعاه ، ونوله رضاه.
وأما ناشر الكتاب الاستاذ رضوان الدعبول صاحب مؤسسة الرسالة ، فيستحق منا كل ثناء وتقدير على ما بذله من جهد مادي وأدبي لطبع هذا الكتاب الضخم الذي تعجز المؤسسات الخاصة والعامة عن نشره ، وهو بصنيعه هذا قد أتاح للباحثين والعلماء الانتفاع بهذا الكتاب والافادة منه ، فجزاه الله عنا وعنهم خير الجزاء.
وآخر دعواي أن الحمد لله وحده به قوتي وثقتي إليه الرغباء وبيده النعماء
بشار عواد معروف ، الدكتور
الاعظمية : 12 ربيع الال 1400 ه
30 كانون ثاني 1980 م

(1/90)


وصف النسخ المعتمدة في هذا المجلد
لقد ارتأينا أن نصف في صدر كل مجلد النسخ المعتمدة في تحقيقه ، لاننا لم نعتمد نسخا معينة في جميع مجلدات الكتاب ، ولم نذكر في هذا الوصف الا النسخ الاصيلة ، وأهملنا غيرها ، وهي كثيرة جدا لغناء الاصول الجيدة عنها. كما أننا سوف نزين كل مجلد بعدد من السماعات الواردة في النسخ ، ولاسيما تلك التي أثبتت على نسخة المؤلف التي بخطه.
1- قسم من المجلد الاول من نسخة المؤلف المبيضة التي بخطه وفيه الاجزاء من أول الرابع إلى نهاية العاشر والمحفوظ أصله في مكتبة فيض الله باستانبول برقم (1427) ومصورته في خزانة كتبي.
يبدأ هذا القسم من أثناء ترجمة"أحمد بن صالح المصري"وهي الترجمة رقم (1) من مطبوعتنا وأوله : بسم الله الرحمن الرحيم : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي ، أخبرنا أبو حفص عمربن محمد بن معمر بن طبرزد.."وينتهي بآخر ترجمة"أزهر بن عبد الله بن جميع الحرازي الحميري الحمصي" ، وجاء في آخره : آخر الجزء العاشر من تهذيب الكمال ، ويتلوه : أزهر ابن القاسم. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا".

(1/91)


ويتكون هذا القسم من مئة واثنتين وأربعين ورقة ، وفي بداية الاجزاء ونهاياتها مجموعة كبيرة من السماعات بخط المؤلف وبخط غيره من كبار العلماء مثل ابن المهندس ، والتقي السبكي والد التاج عبد الوهاب ، ومحمد بن حسن بن محمد المعروف بابن النقيب الخبري ، وخليل بن كيكلدي العلائي ، وعلي بن محمد الختني ، ومحمد بن علي بن حرمي الدمياطي ، ومحمد بن محمد سبط التنيسي الاسكندري ، وعمر بن عبد العزيز بن عبد الله القرشي المعروف بابن الفارقي ، وعبد القادر بن محمد بن إبراهيم البعلبكي وغيرهم من فضلاء العلماء (انظر ملحق السماعات).
ولا أعلم بوجود غير هذا المجلد من نسخة المؤلف التي بخطه في جميع خزائن الكتب التركية وقد فتشتها مكتبة مكتبة. ومن الطبيعي أن نتخذ هذا المجلد أصلا في جميع مادته.
2- المجلد الاول من النسخة التي بخط أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن غنائم ابن المهندس الحنفي ، المحفوظ أصلها في مكتبة أحمد الثالث باستانبول برقم : (2848 / أ)
A ، والمتكونة أصلا من اثنين وعشرين مجلدا ، والموجودة مصورتها في خزانة كتبي ولا ينقصها سوى المجلدات الرابع والعاشر والحادي عشر والتاسع عشر.
يتضمن هذا المجلد الاجزاء : (121) وبعض الثالث عشر ويتكون من مئتين وعشر لوحات ، في كل لوحة صفحتان ، ومسطرة الصفحة (21) سطرا ، وقد انتهى ابن المهندس من كتابته في مستهل رجب سنة (706) بسفح جبل قاسيون ظاهر دمشق.ولعله أول مجلد نسخ عن نسخة المؤلف (1).
__________
(1) أشار ابن المهندس إلى مقابلة نسخته بالاصل الذي بخط المصنف في أواخر الاجزاء.

(1/92)


يبدأ المجلد من أول الكتاب ، وينتهي بآخر ترجمة أبي موسى إسرائيل بن موسى البصري.
وقد اتخذنا هذا المجلد أصلا في الاجزاء الثلاثة الاولى التي لم يتضمنها المجلد الذي بخط المؤلف ، ورمزنا له بالحرف"م.
3- المجلد الاول من النسخة المحفوظة بدار الكتب المصرية برقم : (25) مصطلح الحديث ، والتي تتكون من اثني عشر مجلدا ، وصورتها كاملة في خزانة كتبي.
وهذا المجلد بخط دولتشاه بن قتلغ بك بن عبد الله البغدادي ، وقد انتهى من نسخة في مستهل شعبان سنة (741) بمشهد الربوة بدمشق ، نسخها للشريف نجم الدين أبي المطهر طاهر بن أبي بكر بن محمود الحسيني التبريزي ، وقوبلت هذه النسخة على نسخة المؤلف كما هو ظاهر في حواشيها.
يتضمن هذا المجلد الاجزاء : (18 1) ويتكون من (375) لوحة في كل لوحة صفحتان ، ومسطرتها : (19) سطرا. ويبدأ المجلد من أول الكتاب ، وينتهي بآخرترجمة أيوب بن سويد الرملي الحميري السيباني.
وعلى هذا المجلد والمجلدات الاحدى عشرة الباقية وقفية برسم السلطان الملك الاشرف أبي النصر برسباي على طلبة العلم الشريف المنزلين بالجامع الذي أنشأه بالقاهرة بخط الحريري مؤرخة في سنة (827).

(1/93)


وقد استكتب الشريف التبريزي هذه النسخة ليسمعها مع ولده زين الدين فضل الله على المؤلف إلا أن الظروف لم تسعفه إلا بسماع ثلاثة أجزاء من الكتاب فقط ، وكان سماعه للجزء الثالث على المؤلف قبل وفاته بيومين فقط ، وهو يوم الخميس العاشر من صفر سنة (742) ، وقد كتبت طبقة السماع ، ولكن لم يتسن للمزي وضع خطه عليها كما هو دأبه ، ولعل ذلك كان بسبب مرضه الذي توفي به.
ورمزنا لهذه النسخة"د.
4- المجلد الاول من نسختي المصورة عن المجلدات المحفوظة في الخزانة التيمورية برقم : (1681) تاريخ.
يتضمن هذا المجلد الاجزاء : (23 1) وينتهي بانتهاء حرف الثاء المثلثة ، وآخر ما فيه ترجمة : ثوير بن أبي فاختة القرشي الهاشمي أبي الجهم الكوفي.
ولا علاقه لهذا المجلد بالمجلدات الباقيات في نسخة الخزانة التيمورية التي بخط المؤلف ، والتي يبدأ ما وصف غلطا المجلد الثاني منها بترجمة الحكم بن عمرو الغفاري الذي هو بخط المؤلف.
وكان الفراغ من نسخ هذا المجلد في يوم الاربعاء سابع عشر ذي الحجة سنة (732) ، نسخه علي بن حسن بن سند بن علي الشافعي المصري لاحد الفضلاء ، وخطها جيد متقن ، وضع الناسخ فواصل بين الجمل والأسماء ، ولا سيما أسماء شيوخ صاحب الترجمة والرواة عنه كما هو ظاهر في النموذج المنشور.
وفي أول النسخة طبقة سماع بخط المزي يذكر فيها سماع

(1/94)


صاحبها الذي رمج أحدهم اسمه ، وجماعة آخرين لقسم من الكتاب عليه ، وهي الاجزاء : من الاول إلى نهاية الثامن والخمسين في مجالس آخرها سلخ المحرم سنة (740) بدار الحديث الاشرفية ، وأجاز لهم الشيخ ما لم يسمعوه.
ورمزنا لهذا المجلد"ت.
وثمة نسخ أخرى نملك صورا منها لا ترقى إلى مستوى النسخ التي وصفناها ، ليس في وصفها كبير فائدة.
فمنها : المجلد الاول المحفوظ بمكتبة الجامع الكبير بصنعاء برقم : (72) مصطلح الحديث. والمجلد الاول أيضا من النسخة المحفوظة بمكتبة أحمد الثالث باستانبول برقم : (2848 / 1.)
B
وقد عثرنا في استانبول على عدة نسخ ومجلدات من (تهذيب الكمال) من أبرزها : نسخة كاملة في أربعة مجلدات ضخمة محفوظة في مكتبة الحميدية بالارقام : 225 ، 226 ، 227 ، 228 كتبها سلام السوني الشافعي بالجامع الازهر من القاهرة سنة 1161. ومنها أيضا نسخة كاملة مكتوبة بخط مغربي في أربعة مجلدات أيضا ، مجلدها الاول في مكتبة فيض الله برقم 1429 ، والمجلدات الباقية في مكتبة كوبرلي بالارقام : 272 ، 273 ، 274.

(1/95)


سماعات وردت في الاجزاء 10 4
من المجلد الاول
من نسخة المؤلف التي بخطه
طبقة سماع في سنة 739 لجماعة من الفضلاء على المؤلف بخط محمد بن الحسن بن محمد الخبري المعروف بابن النقيب المتوفى سنة 749 (1) مثبتة في أول الجزء الرابع من نسخة المؤلف التي بخطه (2) :
"وقرأت جميع هذا الجزء على مؤلفه شيخنا الإمام العلامة شيخ الاسلام حافظ الآفاق مسند الدنيا رحلة الوقت العمدة الحجة حمال الدين أبي الحجاج يوسف ابن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي فسح الله في أجله.
فسمعه الجماعة السادة : الإمامان العالمان زين الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن القاسم ابن شيخ العوينة الموصلي ، وتاج الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن يوسف المراكشي ، والفقيه شهاب الدين أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عثمان السنجاري ، والفقيه شهاب (الدين) (3) أحمد بن إبراهيم بن سلور (4) المعروف بابن صاروا
__________
(1) انظر وفيات ابن رافع ، الترجمة : 544 (بتحقيق تلميذنا البارع الاستاذ صالح مهدي عباس) ، والدرر لابن حجر : 4 / 44.
(2) تتكرر هذه الطبقة في أول كل جزء ، وهي موجودة في أول الاجزاء من الرابع إلى العاشر من نسخة فيض الله مع اختلاف يسير في بعض أسماء السامعين بين طبقة وأخرى.
(3) إضافة من الطباق الاخرى يظهر أن الكاتب ذهل عنها.
(4) كتبها أولا ،"سركور"ثم كتب فوقها"سلور"وأشار عليها بكلمة"صح"دلالة على أن هذا هو الصحيح ، وهي كذلك أيضا ، أعني"سلور"في الطباق الاخرى.

(1/96)


البعلبكي ، والفقيه شهاب الدين أحمد بن بشر بن سليمان البياني ،
وشمس الدين محمد بن سليمان بن عبد الحافظ المقدسي ، الشافعيون والإمام جمال الدين محمد بن محمد بن محمد ابن قاضي الاسكندرية ، ورفيقه فخر الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله المعروف بابن المخلطة ، والشيخان العارفان أمين الدين مبارك بن عبد الله اللبناني ، وبرهان الدين إبراهيم بن محمد ابن الجيلي الصوفيان ، والشيخ نجم الدين أبو الخير سعيد بن عبد الله الذهلي ، والإمام محيى الدين محمد بن عبدالقاهر بن عبد الرحمن الشهرزوري وناصر الدين أبو بكر محمد بن طولبغا بن عبد الله السيفي ، المحدثون ، والقاضي مجد الدين أحمد بن عبد الرحمن مسعود الخازني ، وعتيقه فرج بن عبد الله النوبي ، وشمس الدين محمد بن عبد الله بن الشماخ بن عثمان بن أنعم اليمني المؤذن ، وبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن محمود بن عبيدان (1) البعلبكي الحنبلي ، وأحمد بن أحمد بن إسماعيل الفراء ، والشيخ عمر بن أبي بكر بن أحمد المصري ، والشيخ ابراهيم بن عبدالمحيي بن محمد الواسطي ، وعمر ابن محمد بن أبي نصر النجار الاقفاصي وابنه محمد بن عمر ، وزوجتي أم محمد ست الشهود بنت تقي الدين أبي بكر بن حسن بن أبي التائب (2) الأنصاري ، وصح ذلك وثبت في يوم الخميس الثامن من شهر ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وسبع مئة بدار الحديث الاشرفية بدمشق المحروسة.
وكتب محمد بن حسن بن محمد بن أحمد بن إسرائيل الخبري ابن النقيب عفا الله عنه.
__________
(1) هكذا قرأته ، ولعله هو الذي ذكره ابن حجر في الدرر 1 / 96 وذكر أنه ولد سنة 686 وتوفي سنة 767.
(2) وردت مهملة في جميع الطباق ولعل ما أثبتناه هو الصواب ، ولم أعثر لست الشهود هذه ولا لوالدها أبي بكر على ترجمة في كتاب آخر ، ولكن انظر الدرر لابن حجر : 4 / 81.

(1/97)


خطوط جماعة من الفضلاء في أعلى الورقة الاولى من بداية الجزء الرابع وهي مكررة في جميع الاجزاء :
"سمعه وما قبله بقراءته عبد القادر بن محمد المقريزي" (1).
"وسمعه وما قبله إبراهيم بن يونس البعلبكي" (2).
"سمعه وما قبله محمد ابن الشهرزوري" (3).
"فرغ منه قراءة على مؤلفه ونسخا محمد ابن النقيب الخبري.
"علقه بعد ما سمعه محمد بن محمد بن محمد سبط التنيسي المالكي الاسكندري" (4).
"سمعه..على مصنفه محمد بن طولبغا السيفي" (5).
وهذه بعض السماعات المثبتة في أواخر الاجزاء من الرابع إلى العاشر مرتبة حسب قدمها ، وكثير منها مكرر في معظم الاجزاء المذكورة :
1- سماع بخط عماد الدين محمد بن علي بن حرمي الدمياطي المتوفى سنة 749 في آخر الجزء الرابع نصه : بلغت قراءة على مصنفه شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي في التاسع (6) كتبه ابن حرمي الدمياطي.
__________
(1) هذا هو جد تقي الدين المقريزي المؤلف المشهور صاحب"الخطط"و"السلوك"وغيرهما من المؤلفات ، وتوفي في حدود سنة 734 (الدرر : 3 / 4) وأصلهم من بعلبك. وخطه مثبت في سماع الجزء السادس على المؤلف في الثامن من رجب سنة 715.
(2) توفي سنة 741 ترجم له ابن رافع في الوفيات (الترجمة : 277) والذهبي في معجم شيوخه وابن حجر في الدرر : 1 / 81
(3) انظر الطبقة المذكورة قبل قليل ، والدرر لابن حجر : 4 / 139.
(4) هو المذكور في الطبقة الماضية باسم"جمال الدين محمد بن محمد بن محمد ابن قاضي الاسكندرية"وراجع الدرر : 4 / 348.
(5) ذكره ابن النقيب في طبقة السماع التي نقلناها قبل قليل ، وتوفي سنة 749 (الدرر : 4 / 81).
(6) يعني في الميعاد التاسع ، وهو ميعاد السماع.

(1/98)


وفي آخر الجزء الثامن ثبت ابن حرمي الدمياطي تاريخ السماع لهذا الجزء قال : بلغت قراءة في الرابع عشر على مصنفه شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي. كتبه محمد بن علي بن حرمي الدمياطي سنة ست وسبع مئة". وكانت قراءته للجزء العاشر في الميعاد السادس عشر.
2- سماع بخط العلامة قاضي القضاة تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي المتوفى سنة 756 في آخر الجزء الرابع وبعد كلام الدمياطي حيث كتب : وكذلك علي بن عبد الكافي السبكي في الرابع". وكتب في آخر الجزء الخامس : بلغت قراءة على مصنفه شيخنا الحافظ أبي الحجاج نفع الله به في العشرين من صفر سنة 8 (2). وكتب علي بن عبد الكافي السبكي.
وكتب السبكي في آخر الجزء السابع : بلغت سماعا من لفظ مصنفه رضي الله عنه لهذا الجزء وسمع تقي الدين أحمد بن محمد ابن المغربي.
وكتب علي بن عبد الكافي السبكي وصح.
3- سماع بخطه الفقيه الزاهد علي بن محمد بن عبد الله الختني
التركي المتوفى سنة 717 في آخر الجزء الرابع ونصه : سمع جميع هذا الجزء الرابع من تهذيب الكمال على مؤلفه الشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ الحجة محدث العصر نسيج وحده وفريد عصره جمال الدين أبي الحجاج يوسف ابن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي الكلبي أدام الله بقاءه : شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن نصر الله القواس المزي ، وعلي بن محمد بن عبد الله الختني الشافعي بقراءته وهذا خطه ، وصح في مجالس آخرها الثامن والعشرين من رجب من سنة عشر وسبع مئة.
__________
(1) لعله يريد بذلك سنة 708 وهو الذي أرجحه.

(1/99)


وكرر السماع في آخر الاجزاء الباقية وذكر هناك موضع القراءة وهو بالكلاسة من جامع دمشق.
4- سماع بخط العلامة محمد بن إبراهيم ابن المهندس الحنفي في نهاية كل جزء ، وهذا ما جاء في آخر الجزء الرابع : قرأته على مؤلفه أيده الله ، وعارضت نسختي ، وسمعه ابنه محمد في ثلاثة مجالس ، آخرها يوم الاثنين ثاني عشر صفر سنة اثنتي عشرة وسبع مئة. وكتب محمد بن إبراهيم المهندس عفا الله عنه بمنه وكرمه.
وكانت قراءته للجزء الخامس في مجالس آخرها يوم الخميس التاسع والعشرين من صفر من سنة 712 ، والجزء السادس في يوم الاثنين الرابع من ربيع الاول من السنة ، والسابع في يوم الخميس الرابع عشر من ربيع الاول أيضا ، والثامن في يوم الخميس الحادي والعشرين من الشهر المذكور ، والتاسع في مجالس آخرها يوم الخميس الثامن والعشرين من الشهر المذكور أيضا.
5- سماع بخط المؤلف المزي في آخر الجزء العاشر مؤرخ في العشرين من جمادى الآخرة سنة 712 نصه : سمع ابني محمد ما فاته من هذا الجزء علي بقراءتي من لفظي في العشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة وسبع مئة وكتب مصنفه يوسف المزي.
وبخطه في آخر الجزء الرابع :
"سمع هذا الجزء علي ابني محمد ، وابن ابني عمر بن عبد الرحمن بقراءة الإمام العلامة كمال الدين أبي العباس أحمد بن محمد ابن أحمد بن الشريشي ، وحدثهما القارئ بما فيه من حديث حنبل عن أبي الحسن بن البخاري عنه ، وصح ذلك في مجلسين ثانيهما يوم الخميس الثاني عشر من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وسبع مئة.

(1/100)


وكتب مصنفه يوسف المزي عفا الله عنه.
وبخطه مثل ذلك في آخر الجزء الخامس ، وفي آخر الجزء السادس نص المزي على أن قراءة الشريشي هذه كانت في المدرسة الناصرية بدمشق.
وجاء في آخر الجزء السادس أيضا : سمعه علي بقراءة رافع بن أبي محمد السلامي ابنه محمد ، وطيبرس الفاروخي ، وابنتي زينب ، وابن ابني عمر بن عبد الرحمن وأخته خديجة ، وأمهما فاطمة بنت محمد بن عبد الخالق وبنت خالهم آسية بنت محمد بن إبراهيم بن صديق وسمع زكريا بن يجبرتن بن مخلوف المغربي ، وصح ذلك في يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من جمادى الاولى سنة أربع عشرة. وكتب مصنفه يوسف ابن الزكي عبد الرحمن المزي.
6- سماع بخط العلامة صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي
ابن عبد الله العلائي الدمشقي الشافعي المتوفى سنة 761 في نهاية الاجزاء : الرابع والخامس والسادس والعاشر ، وهذا نص سماعه في نهاية الجزء الرابع :
"قرأت جميع هذا الجزء والخامس بعده على مصنفهما شيخنا الشيخ الإمام العلامة الحافظ الاوحد الحجه الناقد جمال الدين بقية السلف أستاذ المحدثين أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي أبقاه الله فسمعهما ابنته زينب وابنة ابنه خديجة بنت عبد الرحمن ، وصح في يوم الاحد سادس عشري شهر محرم سنة أربع عشرة وسبع مئة بمنزله بدمشق. وكتب خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي.
7- سماع بخط العلامة الحافظ علم الدين القاسم بن محمد البرزالي المحدث المشهور المتوفى سنة 739 في آخر السادس وهذا نصه : سمعه جميع هذا الجزء السادس والجزء الخامس قبله بكمالهما على

(1/101)


المؤلف الشيخ الإمام العالم العامل الحافظ البارع الاوحد الزاهد الورع ، بقية السلف ، شيخ المحدثين ، عمدة الحفاظ ، جمال الدين أبي الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي نفع الله به بقراءة القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي وهذا خطه الجماعة السادة : زين الدين عبد الرحمن بن علي بن حمدان الصالحي الشافعي ، وناصر الدين محمد بن أحمد بن منصور بن إبراهيم الجوهري ، وشمس الدين محمد بن حمزة بن عمر بن أبي بكر المجد لي ، وشمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد المصري المالكي المعروف بابن رشيق وابنته عائشة وأمها خاتون بنت عبد العزيز بن سليمان التاجر ، وناصر الدين محمد بن طغريل بن عبد الله الصيرفي ، وسراج الدين عمر بن العباس بن عبد الرحمن بن سليمان بن سوير الزواوي المالكي ، وزين الدين عمر بن عبد العزيز ابن الشيخ العلامة زين الدين عبد الله بن مروان الفارقي ، وشرف الدين محمد بن أحمد بن الشيخ زين الدين أبي بكر بن يوسف بن أبي بكر المزي ، وزين الدين عبد الرحمن ابن المسمع ، ونفيسة بنت عبد العزيز بن الفارقي أخت عمر المذكور ، وعبد الله الهندي المراواتي من أصحاب الشيخ تقي الدين ابن تيمية.
وسمع الجزء السادس فقط ناصر الدين محمد ابن الشيخ شرف الدين عيسى بن علي بن عيسى المحدث المؤذن. وصح ذلك وثبت في يوم الاربعاء ثاني عشر شهر رجب سنة تسع عشرة وسبع مئة بدار الحديث الاشرفية بدمشق المحروسة ، وأجاز لهم ما يرويه وما يجوز له تسميعه.
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
8- سماع بخط العلامة المحدث المورخ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمربن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774 في آخر الجزء

(1/102)


السادس وهذا نصه : قرأت هذا الجزء بكماله على مؤلفه الإمام الحافظ جمال الدين أبي الجاج المزي أثابه الله الجنة في مجلسين آخرهما في يوم الثلاثاء ثالث رجب الفرد سنة سبع وعشرين وسبع مئة بمنزله بدار الحديث الاشرفية بدمشق ، وأجاز. وكتب إسماعيل بن عمربن كثير الشافعي ، والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما.
9- وفي آخر الجزء السادس أيضا طبقة سماع استغرقت أكثر من صفحتين تضمنت سماع جملة كبيرة من النساء والاطفال والرجال
للاجزاء : الخامس والسادس والسابع على المؤلف بقراءة المحدث الإمام الحافظ محب الدين أبي محمد عبد الله بن المحدث الثقة شهاب الدين أبي العباس أحمد بن عبد الله المقدسي الصالحي الحنبلي المتوفى سنة 737 (1) وكتب الطبقة بخطه أيضا وتاريخ القراءة يوم الاحد العاشر من شهر شعبان سنة إحدى وثلاثين وسبع مئة بدار الحديث الاشرفية.
10- سماع بخط المحدث عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن مروان القرشي المعروف بابن الفارقي المتوفى سنة 749 في آخر الجزء السادس أيضا مؤرخ في سنة 737 وهذا نصه : قرأت جميع هذا الجزء على مؤلفه شيخنا الإمام العالم العلامة الاوحد جمال الحفاظ علم النقاد نادرة وقته جمال الدين أبي الحجاج يوسف ابن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي فسح الله في مدته ، وأعاد علينا من بركته ، فسمعه الشيخ زين الدين عمر بن أيوب بن سلمان عرف بابن مؤذن النجيبي وولده
__________
(1) اشتهر الإمام محب الدين المقدسي هذا بسرعة القراءة لا يتقدمه أحد فيها (ذيول تذكرة الحفاظ : 29 30) وابنه أبو بكر بن المحب نسخ تهذيب الكمال بخطه (الذيول أيضا : 61).

(1/103)


أحمد ، وصح ذلك وثبت في يوم الاثنين حادي عشري ربيع الاول من سنة سبع وثلاثين وسبع مئة بدار السنة الاشرفية داخل دمشق. وكتب عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن مروان القرشي ابن الفارقي عفا الله عنهم. الحمدلله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وقد مر في الطبقة التي كتبها البرزالي سنة 719 سماع عمر ابن الفارقي هذا مع أخته نفيسة للجزء نفسه على مؤلفه.
سماعات منتقاة من نسخة المؤلف
المحفوظة بدار الكتب المصرية رقم (26) حديث.
من الجزء الحادي والستين :
1-"قرأت جميع هذا الجزء على مصنفه الشيخ الإمام العالم الحافظ الناقد الزاهد العابد الورع جمال الدين أبي الحجاج يوسف ابن الزكي عبد الرحمن المزي أبقاه الله تعالى وصح في مجالس آخرها الحادي والعشرين من ربيع الاول سنة عشر وسبع مئة بدمشق وكتب محمد ابن المهندس" (1).
2-"قرأت جميع هذا الجزء على مصنفه شيخنا وسيدنا الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الحجة الزاهد جمال الدين أبي الحجاج أبقاه الله فسمعه ابنه أبو عبد الله محمد ، وابن ابنه عمر بن عبد الرحمن ، وصح في يوم السبت سابع عشرين شهر ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وسبع مئة.
كتب خليل بن كيكلدي العلائي.
__________
(1) وهو متكرر في جميع أجزاء الكتاب.

(1/104)


3-"قرأته جميعه على مصنفه شيخ وقته أبي الحجاج المزي في مجالس آخرها يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر صفر سنة أربع عشرة وسبع مئة بالكلاسة من جامع دمشق المحروسة. كتبه علي بن محمد الختني الشافعي.
في آخر الجزء الثالث والستين :
1-"سمع هذا الجزء علي بقراءتي من لفظي أولادي : محمد وزينب ، وابن أخيهما عمر بن عبد الرحمن ، وصلاح الدين خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي.وصح ذلك في يوم الاثنين سلخ ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وسبع مئة بمنزلنا بدمشق. وكتب مصنفه يوسف المزي عفا الله عنه.
2-"سمع هذا الجزء والجزء من قبله علي بقراءة الإمام جمال الدين أبي محمد رافع بن أبي محمد بن محمد بن شافع السلامي : ابنه محمد ، وعلاء الدين طيبرس بن عبد الله الفاروخي ، وأولادي محمد وزينب وابن أخيهما عمر بن عبد الرحمن وأخته خديجة وأمهما فاطمة بنت محمد بن عبد الخالق ، وبنت خالهم خديجة بنت محمد بن إبراهيم بن صديق وأختها آسية وصح ذلك يوم الاحد العاشر من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وسبع مئة.وكتب مصنفه يوسف المزي.
في آخر الجزء السابع والستين :
1-"سمع جميع هذا الجزء وهو السابع والستون والجزء الذي بعده وهو الثامن والستون وهما من كتاب تهذيب الكمال على مصنفه الشيخ الإمام العالم الحافظ البارع الاوحد الزاهد الورع جمال الدين بقية السلف عمدة الحفاظ شيخ المحدثين أبي الحجاج يوسف ابن الزكي عبد الرحمن

(1/105)


ابن يوسف المزي نفع الله به بقراءة القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البرزالي وهذا خطه : الشيخ الإمام شمس الدين محمد بن محمد بن الحسن بن نباتة المصري ، وأبو عبد الله محمد ابن الشيخ محمد بن أبي بكر عبد الرحمن بن عبد الله الكنجي ، وشرف الدين محمد بن أحمد بن الشيخ تقي الدين أبي بكر بن يوسف المزي ، وزين الدين عمر بن عبد العزيز ابن الشيخ العلامة تقي الدين عبد الله بن مروان الفارقي وصح ذلك يوم الاربعاء يوم تاسوعاء محرم سنة عشرين وسبع مئة بدار الحديث
الاشرفية داخل دمشق.
سماع بخط المؤلف
في أول المجلد الاول من النسخة التيمورية
الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى.
سمع علي من أول هذا الكتاب إلى آخر الجزء الثامن والخمسين من الاصل وهو إلي آخر ترجمة زكريا بن أبي زائدة بقراءة الإمام العالم شمس الدين أبي عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد المعروف بابن النقيب ، وبعضه بقراءة غيره : صاحبه الشيخ الإمام العلامة..وآخرون في مجالس آخرها في سلخ المحرم سنة أربعين وسبع مئة بدار الحديث الاشرفية بدمشق وقد أجزت لمن سمع على ذلك أو شيئا منه رواية جميع هذا الكتاب ورواية ما تجوز لي روايته بشرطه عند أهله. وكتب العبد الفقير إلى رحمة ربه المعترف بذنبه يوسف ابن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي عفا الله عنه.
طبقة سماع الجزء الاول على المؤلف من نسخة التبريزي
سمع جميع هذا الجزء الاول من كتاب تهذيب الكمال في

(1/106)


أسماء الرجال على مصنفه الشيخ الإمام الحافظ العلامة العمدة الحجة الجهبذ البارع الاوحد الكامل شيخ الاسلام ، رحلة الانام ، قدوة أهل الدراية والرواية ، محيي السنة ، جمال الدين أبي الحجاج يوسف ابن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف بن علي بن أبي الزهر القضاعي ، ثم الكلبي المزي الشافعي ، فسح الله في مدته ، وأمتع المسلمين بفضله وبركته بقراءة صاحبه الشيخ الإمام السيد الجليل العالم الصدر الرئيس الكبير الاوحد الحسيب النسيب فخر السادة والاشراف نجم الدين أبي المطهر طاهر ابن الصدر الكبير خواجه جمال الدين أبي بكر بن السيد فخر الدين أبي الثناء محمود بن سعيد ابن أسعد بن مؤيد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الحسيني التبريزي الشافعي أدام الله شرفه : ابنه السيد الشريف الفقيه المحصل المجتهد المرضي زين الدين أبو المكارم فضل الله المقرئ ، والإمام العلامة الاوحد البارع مفتي المسلمين علاء الدين أبو الحسن علي بن محمود ابن حميد بن مؤمن القونوي المدرس الحنفي المتصوف ، والشيخ الإمام العالم الاصيل الكامل نظام الدين أبو الفضائل يحيى ابن العلامة نور الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن عمر بن علي ابن محمود الجعفري الطياري ، والإمام العالم الفاضل الاصيل الجليل الكامل إمام الدين أبو المكارم شيخ علي ابن الصاحب السعيد خواجه شهاب الدين مبارك شاه ابن أبي بكر البكري الساوجي التبريزي الشافعي ، والشيخ الصالح بدر الدين أبو علي الحسن بن علي بن محمد البغدادي الصوفي ، والشيخان الاديبان الفاضلان الرفيقان أبو جعفر أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي المعروف بابن جابر الضرير الاندلسي ، وكتاب السماع محمد ابن عبد القاهر بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبدالقاهر بن الحسن بن علي ابن القاسم بن المظفر بن علي بن القاسم الشهرزوري الموصلي الشافعي

(1/107)


عفا الله عنهم ، وسمح لهم.
وسمع الشيخ الجليل الفقيه برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد القرشي اليمني المدني من قوله فيه"ولهؤلاء الأئمة الستة مصنفات عدة"إلى آخره ، وسمع الجليل العالم الشيخ الاديب الفاضل نور الدين أبو الحسن علي بن محمد بن فرحون اليعمري المدني ، وابنه الفقيه شمس الدين أبو عبد الله محمد ، وشرف الدين عبد الله بن الإمام تقي الدين أبي عبد الله محمد بن سليمان بن عبد الله الجعبري ، ومحمد بن النظام حسن بن محمد النيسابوري ، والخطيب شمس الدين محمد بن عمر بن فلاح الحراضي خطيب قرية داعية من أول الجزء إلى قوله فيه : فصل : وهذه نبذة من أقوال الأئمة في هذا العلم تمس الحاجة إليها"ومن هنا إلى آخره الشيخ الجليل الصالح بدر الدين أبو علي الحسن بن إبراهيم ابن أسد بن أبي الفرج بن دراع اليمني المتصوف ، والشيخ الصالح تقي الدين إبراهيم بن عبدالمحيي بن محمد بن منصور الواسطي المعروف بابن الوراق ، والامير ناصر الدين محمد بن علم الدين سنجر بن عبد الله اليمكي ، وصائن الدين نصر الله بن الشيخ نظام الدين يحيى الجعفري المذكور ، وبرهان الدين إبراهيم بن الإمام تقي الدين الجعبري ، وقطلو بنت عبد الله الرومية فتاة زينب بنت المسمع.
وسمع الجزء كاملا حبيبة بنت أيوب بن يوسف زوج المصنف المسمع ، وأنملك بنت محمد بن عبد الله الحلبي ، وفاطمة وأسماء بنتا الإمام تقي الدين الجعبري المذكور. وصح ذلك وثبت في مجلسين ثانيهما يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شعبان سنة إحدى وأربعين وسبع مئة بدار الحديث الاشرفية بمدينة دمشق حرسها الله تعالى. وأجاز لهم المسمع جميع ما تجوز له روايته بسؤال كاتب الطبقة. والحمد لله وحده ، وصلى

(1/108)


الله على محمد وصحبه وسلم.
صحيح ذلك وكتب يوسف المزي
ومما جاء في طبقة سماع الجزء الثالث من نسخة التبريزي وهو آخر سماع فيها : سمع جميع هذا الجزء الثالث من كتاب تهذيب الكمال في أسماء الرجال على مصنفه الشيخ الإمام الحافظ العلامة العمدة الحجة..بقراءة صاحب النسخة المولى الصدر الكبير...التبريزي : ابنه..ومحمد بن عبدالقاهر بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبدالقاهر بن الحسن بن علي بن القاسم ابن الشهرزوري وهذا خطه ، وصح ذلك في يوم الخميس العاشر في صفر سنة اثنتين وأربعين وسبع مئة بدار الحديث الاشرفية بدمشق المحروسة. وأجاز لهم الشيخ رواية ما تجوز له روايته ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد النبي وآله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

(1/109)


تهذيب الكمال في اسماء الرجال
للحافظ المتقن جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي 654 ، 742 ه
المجلد الاول
حققه ، وضبط نصه ، وعلق عليه
الدكتور بشار عواد معروف

(1/143)


مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنار طريق الحق ، وأبان سبيل الهدى ، وأزاح العلة ، وأزال الشبهة ، وبعث النبيين مبشرين ومنذرين ، لئلا يكون للناس على الله حجه بعد الرسل ، وليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بينة.
وصلى الله على خيرته من خلقه ، وصفوته من بريته : إمام المتقين ، وخاتم النبيين ، وخطيبهم إذا وفدوا ، وشافعهم إذا حبسوا ، ومبشرهم إذا يئسوا ، صاحب لواء الحمد ، والمقام المحمود أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ، وإخوانه من النبيين والمرسلين وسائر عباد الله الصالحين ، صلاة دائمة غير زائلة ، وباقية غير فانية ، ومتصلة غير منقطعة ، وسلم تسليما.
أما بعد ، فإن الله تعالى وله الحمد لم يخل الارض من قائم له بحجة ، وداع إليه على بصيرة ، لكي لا تبطل حجج الله وبيناته ، فهم كما وصفهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث يقول : أولئك هم الاقلون عددا ، الاعظمون عند الله قدرا ، هجم بهم العلم على حقيقة الامر ، فاستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدان قلوبها معلقة بالمحل الاعلى شوقا إلى لقائهم.

(1/145)


وإذا كان الامر كما ذكرنا ، والحال على ما وصفنا ، فواجب إذا على كل مكلف ذي عقل سليم مطلق من إسار الشهوات الحيوانية والشبهات الشيطانية أن يبذل جهده ، ويستفرغ وسعه في تحصيل الفوز بالنعيم الابدي ، والنجاة من العذاب السرمدي.
ومن المعلوم الواضح عند كل ذي بصيرة أن ذلك لا يحصل إلا بتزكية النفس وتطهيرها من الادناس الطبيعية ، والاخلاق البهيمية ، وذلك منحصر في أمرين لا ثالث لهما ، وهما : العلم النافع ، والعمل الصالح.
لكن الناس مختلفون في ذلك اختلافا كثيرا ، ومتباينون فيه تباينا شديدا ، فكل قوم يدعون أن ما هم عليه من القول والعمل هو الحق المؤدي إلى طهارة النفس وتزكيتها ، وأن ما سوى ذلك باطل مضر بصاحبه ، ويقيمون على ذلك دلائل من آرائهم ، وبراهين من أفكارهم ، ويدعي خصومهم مثل ذلك ، ويعارضونهم بمثل ما ادعوه لانفسهم وعارضوا به خصومهم ، فكل بكل معارض وبعض ببعض مناقض. وما كان هذا سبيله فليس فيه شفاء غليل ولابرء عليل ، وإذا كان ذلك كذلك لم يبق أمر يقصد إليه ، ولا شيء يعول عليه إلا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، وسنة الرسول الكريم المؤيد بالدلائل الواضحات والمعجزات الباهرات التي يعجز كل أحد من البشر عن معارضتها والاتيان بمثلها.
فأما الكتاب العزيز ، فإن الله تعالى تولى حفظه بنفسه ولم يكل ذلك إلى أحد من خلقه فقال تعالى : {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) {1) ، فظهر مصداق ذلك مع طول المدة ، وامتداد الايام ، وتوالي الشهور ، وتعاقب السنين ، وانتشار أهل الاسلام ، واتساع رقعته.
__________
(1) الحجر ، آية : 9.

(1/146)


وأما السنة ، فإن الله تعالى وفق لها حفاظا عارفين ، وجهابذة عالمين ، وصيارفة ناقدين ، ينفون عنها تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، فتنوعوا في تصنيفها ، وتفننوا في تدوينها على أنحاء كثيرة وضروب عديدة ، حرصا على حفظها ، وخوفا من إضاعتها ، وكان من أحسنها تصنيفا ، وأجودها تأليفا ، وأكثرها صوابا ، وأقلها خطأ ، وأعمها نفعا ، وأعودها فائدة ، وأعظمها بركة ، وأيسرها مؤونة ، وأحسنها قبولا عند الموافق والمخالف وأجلها موقعا عند الخاصة والعامة : صحيح أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، ثم صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ، ثم بعدهما كتاب السنن لابي داود سليمان بن الاشعث السجستاني ، ثم كتاب الجامع لابي عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، ثم كتاب السنن لابي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ، ثم كتاب السنن لابي عبد الله محمد بن يزيد المعروف بابن ماجة القزويني وإن لم يبلغ درجتهم.
ولكل واحد من هذه الكتب الستة مزية يعرفها أهل هذا الشأن ، فاشتهرت هذه الكتب بين الانام ، وانتشرت في بلاد الاسلام ، وعظم
الانتفاع بها ، وحرص طلاب العلم على تحصيلها ، وصنفت فيها تصانيف ، وعلقت عليها تعاليق ، بعضها في معرفة ما اشتملت عليه من المتون ، وبعضها في معرفة ما احتوت عليه من الأسانيد ، وبعضها في مجموع ذلك.
وكان من جملة ذلك كتاب "الكمال" (1) الذي صنفه الحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي رحمة الله عليه في معرفة أحوال الرواة الذين اشتملت عليهم هذه الكتب الستة. وهو كتاب نفيس ، كثير الفائدة ، لكن لم يصرف مصنفه رحمه الله عنايته إليه حق صرفها ، ولا استقصى الأسماء التي اشتملت
__________
(1) تمام اسم الكتاب كما هو مشهور : الكمال في أسماء الرجال".

(1/147)


عليها هذه الكتب استقصاء تاما ، ولا تتبع جميع تراجم الأسماء التي ذكرها في كتابه تتبعا شافيا ، فحصل في كتابه بسبب ذلك إغفال وإخلال.
ثم إن بعض ولده ممن لم يبلغ في العلم مبلغه ، ولا نال في الحفظ درجته رام تهذيب كتابه وترتيبه واختصاره واستدراك بعض ما فاته من الأسماء ، فكتب عدة أسماء من أسماء الصحابة الذين أغفلهم والده من تراجم كتاب "الاطراف" (1) الذي صنفه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي المعروف بابن عساكر رحمه الله وأسماء يسيرة من أسماء التابعين من كتاب "الاطراف" أيضا. وكتب عدة أسماء ممن أغفلهم والده من كتاب"المشايخ النبل"الذي صنفه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر أيضا.
ولم يزد في عامة ذلك على ما ذكره الحافظ أبو القاسم شيئا. فوقعت عامة تلك الأسماء المستدركة في الكتاب مختصرة منتفة ، ولا يحصل بذكرها كذلك كبير فائدة. ووقع في بعض ما اختصره بلفظه من كتاب والده خلل كبير ، ووهم شنيع.
فلما وقفت على ذلك ، أردت تهذيب الكتاب وإصلاح ما وقع فيه من الوهم والاغفال ، واستدراك ما حصل فيه من النقص والاخلال ، فتتبعت الأسماء التي حصل إغفالها منهما جميعا ، فإذا هي أسماء كثيرة تزيد على مئات عديدة من أسماء الرجال والنساء. ثم وقفت على عدة مصنفات لهؤلاء الأئمة الستة غير هذه الكتب الستة وستأتي أسماؤها قريبا إن شاء الله تعالى فإذا هي تشتمل على أسماء كثيرة ليس لها ذكر في الكتب الستة ، ولا في شيء منها ، فتتبعتها تتبعا تاما ، وأضفتها إلى ما قبلها ، فكان مجموع ذلك زيادة على ألف وسبع مئة اسم من الرجال والنساء. فترددت بين كتابتها مفردة عن كتاب الاصل ، وجعلها كتابا مستقلا
__________
(1) انظر عن كتاب "الاطراف" ونسخة بحث الاستاذ كوركيس عواد من مؤلفات ابن عساكر المقدم إلى مهرجان ابن عساكر المعقود بدمشق في ربيع سنة 1979.

(1/148)


بنفسه ، وبين إضافتها إلى كتاب الاصل ، ونظمها في سلكه ، فوقعت الخيرة على إضافتها إلى كتاب الاصل ، ونظمها في سلكه ، وتمييزها بعلامة تفوزها عنه ، وهو أن أكتب الاسم ، واسم الاب أو ما يجري مجراه بالحمرة وأقتصر في الاصل على كتابة الاسم خاصة بالحمرة.
وجعلت لكل مصنف علامة (1) ، فإن تكرر الاسم في أكثر من مصنف واحد اقتصرت على عزوه إلى بعضها في الغالب.
فعلامة ما اتفق عليه الجماعة الستة في الكتب الستة : (ع)
وعلامة ما اتفق عليه أصحاب السنن الأربعة في سننهم الأربعة : (4).
وعلامة ما أخرجه البخاري في الصحيح : (خ) ، وعلامة ما استشهد به في الصحيح تعليقا : (خت).
وعلامة ما أخرجه في كتاب القراءة خلف الإمام : (ز).
وعلامة ما أخرجه في كتاب رفع الدين في الصلاة : (ي). وعلامة ما أخرجه في كتاب الادب : (بخ). وعلامة ما أخرجه في كتاب أفعال العباد : (عخ) (2).
وعلامة ما أخرجه مسلم في الصحيح : (م) ، وعلامة ما أخرجه في مقدمة كتابه : (مق) (3).
وعلامة ما أخرجه أبو داود في كتاب السنن : (د) ، وعلامة ما أخرجه في كتاب المراسيل : (مد). وعلامة ما أخرجه في كتاب الرد على أهل القدر : (قد). وعلامة ما أخرجه في كتاب الناسخ والمنسوخ : (خد).
__________
(1) انظر عن ظهور هذه العلامات وتطورها كتاب روزنتال : مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي". ترجمة الدكتور أنيس فريحة ، ص : 96 فما بعد (بيروت 1961).
(2) ذكر ابن حجر مما فاته كتاب"بر الوالدين"للبخاري (تهذيب : 1 / 6)
(3) ذكر ابن حجر مما فاته من تآليف الإمام مسلم كتاب"الانتفاع بأهب السماع" (تهذيب : 1 / 6).

(1/149)


وعلامة ما أخرجه في كتاب التفرد ، وهو ما تفرد به أهل الامصار من السنن : (ف). وعلامة ما أخرجه في فضائل الانصار : (صد). وعلامة ما أخرجه في كتاب المسائل التي سأل عنها أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل : (ل). وعلامة ما أخرجه في مسند حديث مالك بن أنس : (كد) (1).
وعلامة ما أخرجه الترمذي في الجامع : (ت). وعلامة ما أخرجه
في كتاب الشمائل : (تم).
وعلامة ما أخرجه النسائي في كتاب السنن : (س). وعلامة ما أخرجه في كتاب عمل يوم وليلة : (سي). وعلامة ما أخرجه في كتاب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (ص).
وعلامة ما أخرجه في مسند علي رضي الله عنه : (عس). وعلامة ما أخرجه في مسند حديث مالك بن أنس : (كن) (2).
وعلامة ما أخرجه ابن ماجة القزويني في كتاب السنن (ق). وعلامة ما أخرجه في كتاب التفسير : (فق).
ولم يقع لي من مسند حديث مالك بن أنس لابي داود سوى جزء واحد ، وهو الاول ، ولا من تفسير ابن ماجة سوى جزءين منتخبين منه ، وما سوى ذلك مما سميته ها هنا ، فقد وقع لي كل واحد منهم بكماله ولله الحمد.
__________
(1) فات المؤلف من تآليف أبي داود كتاب"الزهد" ، وكتاب"دلائل النبوة" ، وكتاب"الدعاء"وكتاب"ابتداء الوحي" ، وكتاب"أخبار الخوارج.
ذكر ذلك ابن حجر في مقدمة تهذيب التهذيب : 1 / 6.
(2) قال الحافظ ابن حجر : وأفراد عمل اليوم والليلة للنسائي عن السنن وهو من جملة كتاب السنن في رواية ابن الاحمر وابن سيار ، وكذلك أفرد خصائص علي وهو من جملة المناقب في رواية ابن سيار ، ولم يفرد التفسير وهو من رواية حمزة وحده ولا كتاب"الملائكة"و"الاستعاذة"و"الطب"وغير ذلك وقد تفرد بذلك راو دون راو عن النسائي ، فما تبين لي وجه إفراده الخصائص وعمل اليوم والليلة !" (تهذيب : 1 / 6).

(1/150)


ولهؤلاء الأئمة الستة مصنفات عدة سوى ذلك منها ما لم أقف عليه ، ومنها ما وقفت عليه ولم أكتب منه شيئا ، إما لكونه ليس من غرض كتابنا هذا ، أو لكونه ليس فيه إسناد ، نحو : تاريخ البخاري الكبير ، وتاريخه الاوسط ، وتاريخه الصغير ، ونحو : كتابي الضعفاء ، له ، ونحو : كتاب الكنى لمسلم ، وكتاب التمييز له ، وكتاب الوحدان له ، وكتاب الأخوة له ، ونحو : كتاب الأخوة لابي داود ، وكتاب معرفة الاوقات له ، ونحو : كتاب العلل للترمذي وهو غير الذي ذكره في آخر الجامع. ونحو : كتاب الكنى للنسائي ، وكتاب أسماء الرواة والتمييز بينهم له ، وكتاب الضعفاء له ، وكتاب الأخوة له ، وكتاب الأغراب وهو ما أغرب شعبة على سفيان وسفيان على شعبة له ، ومسند منصور بن زاذان له ، وغير ذلك ، لان عامة من ذكروا روايته في هذه الكتب المصنفة على التراجم لا يجري في الاحتجاج به مجرى من ذكروا روايته في الكتب الستة ، وما تقدم ذكره معها من الكتب الصنفة على الابواب.
وقد جعلت على كل اسم كتبته بالحمرة رقما من الرقوم المذكورة أو أكثر بالسواد ، ليعرف الناظر إليه عند وقوع نظره عليه من أخرج له من هؤلاء الأئمة وفي أي كتاب من هذه الكتب أخرجوا له ، ثم أنص على ذلك نصا صريحا عند انقضاء الترجمة ، أو قبل ذلك على حسب ما تقتضيه الحال إن شاء الله تعالى.
وذكرت أسماء من روى عنه كل واحد منهم ، وأسماء من روى عن كل واحد منهم في هذه الكتب أو في غيرها على ترتيب حروف المعجم أيضا على نحو ترتيب الأسماء في الاصل. ورقمت عليها أو على بعضها رقوما بالحمرة يعرف بها في أي كتاب من هذه الكتب وقعت روايته عن ذلك الاسم المرقوم عليه ، ورواية ذلك الاسم

(1/151)


المرقوم عليه عنه. ثم ذكرت في تراجمهم روايتهم عنه ، أو روايته عنهم كذلك ، لتكون كل ترجمة شاهدة للاخرى بالصحة والاخرى شاهدة لها بذلك.
فإن كان للصحابي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن غيره ، ابتدأت بذكر روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكرت روايته عن غيره راقما على ما يحتاج من ذلك إلى رقم. وإن كان الراوي ممن روى عنه هؤلاء الأئمة الستة أو بعضهم بغير واسطة ، ابتدأت بذكر روايتهم ، أو رواية من روى منهم عنه ، ثم ذكرت من روى عنه من غيرهم على الترتيب المذكور. وإن كان فيهم من روى عنه بغير واسطة ، ثم روى عنه بواسطة ابتدأت بذكر روايته عنه بغير واسطة ، ثم رقمت على اسم من روى عنه من الرواة عنه على نحو ما تقدم. وإن كان بعضهم قد روى عنه بغير واسطة ، وبعضهم قد روى عنه بواسطة ، ابتدأت بذكر من روى عنه منهم بغير واسطة كما تقدم ، ثم ذكرت من روى عنه منهم بواسطة في آخر الترجمة قائلا : وروى له فلان ، أو فلان وفلان إن كان أكثر من واحد.
واعلم : أن ما كان في هذا الكتاب من أقوال أئمة الجرح والتعديل ونحو ذلك ، فعامته منقول من كتاب"الجرج والتعديل" (1) لابي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي الحافظ ابن الحافظ ، ومن كتاب"الكامل" (2) لابي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ ، ومن كتاب"تاريخ بغداد" (3) لابي بكر محمد بن علي بن ثابت
__________
(1) طبع بحيدر آباد 1956 1952.
(2) هو : الكامل في ضعفاء الرجال"ويسمى أيضا : الكامل في معرفة ضعفاء المحدثين وعلل الحديث" ، ومن الكتاب نسخ كثيرة ، رأينا نسخة نفيسة منه في مكتبة السلطان أحمد الثالث باستانبول ، رقم : 2943.
(3) طبع بالقاهرة سنة 1931 ، وفي خزانة كتبي نسخة مصورة عن مكتبة شيخ الاسلام عارف حكمت أضبط من المطبوعة وأكثر دقة.

(1/152)


الخطيب البغدادي الحافظ ، ومن كتاب"تاريخ دمشق" (1) لابي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر الدمشقي الحافظ.
وما كان فيه من ذلك منقولا من غير هذه الكتب الأربعة ، فهو أقل مما كان فيه من ذلك منقولا منها ، أو من بعضها.
ولم نذكر إسناد كل قول من ذلك فيما بيننا وبين قائله خوف التطويل.
وقد ذكرنا من ذلك الشئ بعد الشئ لئلا يخلو الكتاب من الاسناد على عادة من تقدمنا من الأئمة في ذلك.
وما لم نذكر إسناده فيما بيننا وبين قائله : فما كان من ذلك بصيغة الجزم ، فهو مما لا نعلم بإسناده عن قائله المحكي ذلك عنه بأسا ، وما كان منه بصيغة التمريض ، فربما كان في إسناده إلى قائله ذلك نظر ، فمن أراد مراجعة شيء من ذلك أو زيادة اطلاع على حال بعض الرواة المذكورين في هذا الكتاب ، فعليه بهذه الامهات الأربعة فإنا قد وضعنا كتابنا هذا متوسطا بين التطويل الممل ، والاختصار المخل.
وقد اشتمل هذا الكتاب على ذكر عامة رواة العلم ، وحملة الآثار ، وأئمة الدين ، وأهل الفتوى ، والزهد والورع والنسك ، وعامة المشهورين من كل طائفة من طوائف أهل العلم المشار إليهم من أهل هذه الطبقات ، ولم يخرج عنه منهم إلا القليل ، فمن أراد زيادة اطلاع على ذلك ، فعليه بعد هذه الكتب الأربعة بكتاب"الطبقات الكبير" (2) لمحمد بن سعد كاتب الواقدي ، وكتاب"التاريخ" (3) لابي
__________
(1) شهرته تغني عن التعريف به ، وقد طبع بعضه ، والهمم متوجهة لطبعه بعون الله.
(2) طبع بأوروبا وبيروت ، وتوفي ابن سعد سنة 230 كما هو مشهور.
(3) انظر : السخاوي : الاعلان بالتوبيخ ، ص : 588 وتوفي ابن أبي خيثمة سنة 279.

(1/153)


بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب ، وكتاب "الثقات" (1) لابي حاتم محمد بن حبان البستي ، وكتاب"تاريخ مصر" (2) لابي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبدالاعلى الصدفي ، وكتاب"تاريخ نيسابور" (3) للحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ ، وكتاب"تاريخ أصبهان" (4) لابي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني الحافظ ، فهذه الكتب العشرة أمهات الكتب المصنفة في هذا الفن.
وقد كان صاحب الكتاب رحمه الله ابتدأ بذكر الصاحبة أولا : الرجال منهم والنساء على حدة ، ثم ذكر من بعدهم على حدة. فرأينا ذكر الجميع على نسق واحد أولى ، لان الصحابي ربما روى عن صحابي آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيظنه من لا خبرة لا تابعيا فيطلبه في أسماء التابعين ، فلا يجده ، وربما روى التابعي حديثا مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيظنه من لاخبرة له صحابيا فيطلبه في أسماء الصحابة ، فلا يجده ، وربما تكرر ذكر الصحابي في أسماء الصحابة وفيمن بعدهم ، وربما ذكر الصحابي الراوي عن غير النبي صلى الله عليه وسلم في غير الصحابة ، وربما ذكر التابعي المرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحابة ، فإذا ذكر الجميع على نسق واحد ، زال ذلك المحذور وذكر في ترجمة كل إنسان منهم ما يكشف عن حاله إن كان صحابيا ، أو غير صحابي.
__________
(1) توفي ابن حبان البستي سنة 354 وكتابه الثقات طبع بعضه بحيدر آباد بأخرة.
(2) لابن يونس المتوفى سنة 347 تاريخان لمصر ، الاول خاص بأهلها ، والثاني خاص بالغرباء ، ولكن المؤرخين غالبا ما يعتبرونهما واحدا.
انظر : تذكرة الحفاظ للذهبي ص : 898 وتاريخ بغداد للخطيب : 6 / 75 وغيرهما.
(3) ضاع الاصل وبقي مختصره الذي اختصره أحمد بن محمد المعروف بالخليفة النيسابوري وقد طبع هذا المختصر في طهران سنة 1339 طبعة رديئة ونشره المستشرق فراي مرة أخرى ، وعندي نسخة خطية منه مصورة عن بروسة.
(4) هو"ذكر أخبار أصبهان"الذي طبع في ليدن بهولندا سنة 1931 ، وتوفي أبو نعيم سنة 430 وهو مشهور.

(1/154)


وقد رتبنا أسماء الرواة من الرجال في كتابنا هذا على ترتيب حروف المعجم في هذه البلاد (1) مبتدئين بالاول فالاول منها ، ثم رتبنا أسماء آبائهم وأجدادهم على نحو ذلك إلا أنا ابتدأنا في حرف الالف بمن اسمه أحمد ، وفي حرف الميم بمن اسمه محمد لشرف هذا الاسم على غيره ، ثم ذكرنا باقي الأسماء على الترتيب المذكور ، فإذا انقضت الأسماء ذكرنا المشهورين بالكنى على نحو ذلك ، فإن كان في أصحاب الكنى من اسمه معروف من غير اختلاف فيه ، ذكرناه في الأسماء ، ثم نبهنا عليه في الكنى ، وإن كان فيهم من لايعرف اسمه ، أو من اختلف في اسمه ، ذكرناه في الكنى خاصة ، ونبهنا على ما في اسمه من الاختلاف في ترجمته. ثم ذكرنا أسماء النساء على نحو ذلك. وربما كان بعض الأسماء يدخل في ترجمتين أو أكثر ، فنذكره في أولى التراجم به ، ثم ننبه عليه في الترجمة الاخرى.
وقد ذكرنا في أواخر الكتاب فصولا أربعة مهمة لم يذكر صاحب الكتاب شيئا منها ، وهي :
فصل فيمن اشتهر في النسبة إلى ابيه ، أو جده ، أو أمه ، أو عمه ، أو نحو ذلك ، مثل : ابن أبجر ، وابن الاجلح ، وابن أشوع ، وابن جريج ، وابن علية ، وغيرهم.
وفصل فيمن اشتهر بالنسبة إلى قبيلة ، أو بلدة ، أو صناعة ، أو نحو ذلك مثل : الأنباري ، والأنصاري ، والأوزاعي ، والزهري ، والشافعي ، والعدني ، والمقابري والصيرفي ، والفلاس ، وغيرهم.
وفصل فيمن اشتهر بلقب أو نحوه ، مثل : الاعرج ، والأعمش ، وبندار ، وغندر ، وغيرهم. ونذكر فيهم وفيمن قبلهم نحو ما ذكرنا في الكنى.
__________
(1) يعني بلاد المشرق ، ليميزه عن ترتيب الاندلسيين والمغاربة.

(1/155)


وفصل في المبهمات ، مثل : فلان عن أبيه ، أو عن جده ، أو عن أمه ، أو عن عمه ، أو عن خاله ، أو عن رجل ، أو عن امرأة ، ونحو ذلك. ونبه على اسم من عرفنا اسمه منهم.
وينبغي للناظر في كتابنا هذا أن يكون قد حصل طرفا صالحا من علم العربية : نحوها ولغتها وتصريفها ، ومن علم الاصول والفروع ، ومن علم الحديث ، والتواريخ ، وأيام الناس ، فإنه إذا كان كذلك ، كثر انتفاعه به ، وتمكن من معرفة صحيح الحديث وضعيفه ، وذلك خصوصية المحدث التي من نالها ، وقام بشرائطها ساد أهل زمانه في هذا العلم ، وحشر يوم القيامة تحت اللؤاء المحمدي إن شاء الله تعالى.

(1/156)


فصل
وهذه نبذة من أقوال الأئمة في هذا العلم تمس الحاجه إليها.
أخبرنا الشيخ الإمام شيخ الاسلام أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي في جماعة ، قالوا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر (1) بن طبرزذ البغدادي قدم علينا دمشق أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني ، أخبرنا أبو طالب محمد ابن محمد بن إبراهيم بن غيلان الهمداني البزاز ، أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، حدثنا عبد الله بن روح المدائني ومحمد بن ربح البزاز ، قالا : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما الاعمال بالنية ، وإنما لامرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
هذا حديث صحيح متفق على صحته من حديث يحيى بن سعيد
__________
(1) قيده الذهبي في "المشتبه" فقالك"وبالتثقيل : معمر بن سليمان..وعمر بن محمد بن معمر بن طبرزذ مسند وقته." (ص : 604 603).

(1/157)


الأنصاري قاضي المدينة ، وهو متواتر إليه ، رواه عنه العدد الكثير والجم الغفير (1). وأخرجه الإمام أحمد بن محمد بن حنبل في مسنده عن يزيد بن هارون بهذا الاسناد ، فوقع لنا موافقة له عالية. وأخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما"عن عبد الله بن مسلمة القعنبي ، عن مالك بن أنس ، عن يحيى بن سعيد ، ومن طرق أخر عن يحيى. وأخرجه مسلم أيضا عن محمد بن عبد الله بن نمير عن يزيد بن هارون ، وقد وقع لنا بدلا عاليا جدا من حديث يزيد بن هارون ، عن يحيى بن سعيد ، كأن ابن طبرزذ شيخ مشايخنا من حيث العدد سمعه من أبي محمد بن حمويه الراوي عن الفربري صاحب البخاري ، ومن أبي أحمد الجلودي الراوي عن إبراهيم بن محمد بن سفيان صاحب مسلم ، وكأنا نحن سمعناه من أبي الوقت الراوي عن أبي الحسن الداوودي صاحب ابن حمويه ، ومن أبي عبد الله الفراوي (2) الراوي عن أبي الحسين الفارسي صاحب الجلودي ، ولله الحمد والمنة ، ولا يوجد الآن على وجه الارض إسناد لهذا الحديث أعلى من هذا الاسناد.
وأخبرنا الشيخ الإمام الرئيس الكبير أبو الغنائم المسلم (3) بن
__________
(1) لكنه غريب في أوله ، فقد قال الحفاظ : لم يرو هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية عمر بن الخطاب ، ولا عن عمر إلا من رواية علقمة بن وقاص ، ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي ، ولا عن محمد إلا من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري ، وعن يحيى انتشر ، فرواه جمع من الأئمة. وهو مخرج عند البخاري 1 / 7 ، 15 في بدء الوحي ، وفي الايمان ، وفي العتق ، وفي فضائل أصحاب النبي ، وفي النكاح ، وفي الايمان والنذور ، وفي الحيل ، ومسلم (1907) في الامارة ، وأخرجه أبو داود (2201) ، والترمذي (1647) ، وابن ماجه (2427) ، والنسائي 1 / 58 ، 60. وقول الحافظ في "الفتح"1 / 11 : ووهم من زعم أنه في "الموطأ"مغترا بتخريج الشيخين له والنسائي
من طريق مالك وهم منه رحمه الله ، فإنه في "الموطأ"ص 401 برواية محمد بن الحسن.(ش)
(2) الفراوي : نسبة إلى"فراوة"قيدها السمعاني في الانساب بضم الفاء وفتح الراء المهملة وتابعه ابن الاثير في اللباب. وفتح ياقوت الفاء في معجم البلدان وتابعه ابن عبد الحق في المراصد ، وقد اخترنا ضم الفاء لان السمعاني أعلم بتلك البلاد.
(3) بتشديد اللام وفتحها ، ولم يقيده الذهبي في "المشتبه" (ص : 588) مع أنه ذكر جملة ممن يقيد كذلك تفريقا لهم عمن يقيد"مسلم"بكسر اللام ، واستدركه عليه ابن حجر في التبصير : 4 / 1284 فقال : والمسلم بن أبي الفضل محمد بن المسلم بن علان بن مكي ، راوي مسند أحمد.
وقد ترجم له الذهبي في وفيات سنة 680 من تاريخ =

(1/158)


محمد بن المسلم بن مكي بن علان القيسي في جماعة قالوا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزذ ، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن مسعر ، عن سعد بن إبراهيم ، قال : إنما يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الثقات.
رواه مسلم في مقدمة كتابه عن محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني وأبي بكر بن خلاد الباهلي كلاهما عن سفيان بن عيينة نحوه ، فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخبرنا الشيخ الإمام أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد ابن البخاري المقدسي ، وأم أحمد زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحراني قالا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزذ ، أخبرنا الحافظ أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الانماطي وأبو الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن صرما الدقاق ، قالا : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هزارمرد الصريفيني الخطيب ، أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن إسحاق بن حبابة (1) البزاز ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، أخبرنا منصور بن المعتمر ، قال :
__________
= الاسلام وقيده بالتشديد ، والنسخة بخطه ، وقال : وسألت أبا الحجاج الحافظ عنه فقال : شيخ جليل نبيل من أكبر بيوتات الدمشقيين ، سمعنا منه مسند أحمد وغير ذلك" (الورقة : 78 من مجلد آيا صوفيا 3014) ، وترجم له في العبر أيضا : 5 / 332 ، وفي الكتابين قال في نسبه : أبو الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن مكي بن خلف..بن علان"كما ورد هنا وليس ما ورد في التبصير لابن حجر قال أفقر العباد بشار عواد محقق هذا الكتاب : وهو ابن أخي السديد مكي بن المسلم بن مكي بن علان القيسي المتوفى سنة 652 آخر الرواة عن حافظ الشام أبي القاسم ابن عساكر وفاة.
(1) قيده الذهبي في "المشتبه" كما قيدناه : 206.

(1/159)


سمعت ربعيا يقول : سمعت عليا رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تكذبوا علي فإن من يكذب علي يلج النار" (1).
رواه البخاري عن علي بن الجعد ، به ، فوقع لنا موافقة له بعلو ، ورواه مسلم في مقدمة كتابه عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار كلاهما عن محمد بن جعفر غندر ، عن شعبة بن ، فوقع لنا عاليا جدا ، كأن ابن طبرزذ شيخ مشايخنا سمعه من أبي أحمد الجلودي الراوي عن إبراهيم بن محمد بن سفيان صاحب مسلم ، وكأنا نحن سمعناه من أبي عبد الله الفراوي الراوي عن أبي الحسين الفارسي صاحب الجلودي ولله الحمد.
وقال حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع" (2).
وقال أبو عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم" (3).
وقال عامر بن عبدة عن عبد الله بن مسعود : إن الشيطان ليمثل في صورة الرجل ، فيأتي القوم ، فيحدثهم بالحديث من الكذب فيتفرقون ، فيقول الرجل منهم : سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه يحدث (4).
وقال هشام بن حسان عن محمد بن سيسرين : إن هذا العلم دين
__________
(1) أخرجه البخاري 1 / 178 في العلم : باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسلم (1) في مقدمة صحيحه.(ش)
(2) رواه مسلم (5) في مقدمة صحيحه.
(3) رواه مسلم (6) في مقدمة صحيحه.
(4) أخرجه مسلم 1 / 12 في مقدمة صحيحه ، وفيه"ليتمثل"بدل"يمثل"وفي (م)"فينفرون"وما أثبتناه عن (د) ومسلم.

(1/160)


فانظروا عمن تأخذون دينكم (1).
وقال الأوزاعي ، عن سليمان بن موسى : لقيت طاووسا فقلت : حدثني فلان كيت وكيت (2) ، قال : إن كان مليا ، فخذ عنه (3).
وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه : أدركت بالمدينة مئة كلهم مأمون ما يؤخذ عنهم الحديث ، يقال : ليس من أهله.
وقال أبو إسماعيل الترمذي ، عن إسماعيل بن أبي أويس سمعت خالي مالك بن أنس يقول : إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم.
لقد أدركت عدد هذه الاساطين وأشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقول : قال فلان ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما أخذت عنهم شيئا ، وإن أحدهم لو ائتمن على بيت مال كان أمينا ، لانهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن ، ويقدم علينا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو شاب فنزدحم على بابه.
وقال عمرو بن علي : سمعت يحيى بن سعيد ، قال : سألت سفيان الثوري وشعبة ومالكا وسفيان بن عيينة عن الرجل لا يكون ثبتا في الحديث ، فيأتيني الرجل ، فيسألني عنه ؟ فقالوا : أخبر عنه أنه ليس بثبت.
وقال أبو همام الوليد بن شجاع : سمعت عبيد الله الاشجعي يذكر عن سفيان الثوري قال : ليس يكاد يفلت من الغلط أحد ، إذا كان الغالب على الرجل الحفظ ، فهو حافظ وإن غلط ، وإذا كان الغالب عليه الغلط ، ترك.
__________
(1) رواه مسلم في مقدمة صحيحه"باب بيان أن الاسناد من الدين.
(2) قد تفتح تاء"كيت"وقد تكسر وهما لغتان فيها.
(3) رواه مسلم في مقدمة صحيحه"باب بيان أن الاسناد من الدين" ، ومعظم الاقوال الآتية في مقدمات كتب الحديث فراجعها ، ولا سيما صحيح مسلم.

(1/161)


"وقال نعيم بن حماد عن عبد الرحمن بن مهدي : سألت أو سئل شعبة عمن يترك" (1) حديثه ، قال : إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون (2) فأكثر ، طرح حديثه ، وإذا اتهم بالكذب ، طرح حديثه ،"ومن روى حديثا غلطا مجتمعا عليه ، فتمادى في روايته ، طرح حديثه ، ومن أكثر من الغلط طرح حديثه" (3) ، وما كان غير هؤلاء فارووا عنه.
وقال أبو موسى محمد بن المثنى : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : المحدثون ثلاثة : رجل حافظ متقن ، فهذا لا يختلف فيه ، والآخريهم ، والغالب على حديثه الصحة ، فهذا لا يترك حديثه ، ولو ترك حديث مثل هذا ، لذهب حديث الناس ، والآخر يهم ، والغالب على حديثه الوهم ، فهذا يترك حديثه.
وقال أحمد بن ملاعب البغدادي : سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول : لا ينبغي أن يؤخذ الحديث إلا عن حافظ له ، أمين عليه ، عارف بالرجال.
وقال أحمد بن أبي الحواري (4) : سمعت مروان بن محمد يقول : لاغني لصاحب حديث عن صدق وحفظ وصحة كتب فإذا أخطأته واحدة وكانت فيه واحدة ، لم يضره إن لم يكن له حفظ ورجع إلى الصدق وكتبه صحيحة لم يضره إن لم يحفظ.
__________
(1) سقطت هذه العبارة من"د.
(2) في "د" : المعرفون.
(3) ما بين الحاصرتين ساقط من"د.
(4) قيد ناسخ"د"راء"الحواري"بالفتح. وذكره الذهبي في "المشتبه" : 257 وضبطه بالقلم بفتح الحاء المهملة ، ولكن لم يظهر في المطبوع ما يشير إلى حركة الراء.وقال ابن حجر في تبصير المنتبه (553) : الحواري : واحد الحواريين على الاصح. وكان بعض الحفاظ يقوله بفتح الراء.
وذكر ابن ناصر الدين في توضيحه لمشتبه الذهبي أن في حاء"الحواري"الفتح والكسر مع تخفيف الواو فيها وتشديد آخره مع كسر الراء ، ثم قال : وحكى الحسن بن محمد البكري ضم الحاء وفتح الراء ، وهو غريب. " (المجلد الاول ، الورقة : 226 من نسخة الظاهرية).
وأحمد بن أبي الحواري هذا هو : أحمد بن عبد الله بن ميمون التغلبي ، سيأتي في هذا المجلد (الرقم : 62).

(1/162)


وقال محمد بن أبان البلخي : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : من رأى رأيا ولم يدع إليه ، احتمل ، ومن رأى رأيا دعا إليه ، فقد استحق الترك.
وقال محمد بن عمرو الغزي ، عن رواد (1) بن الجراح : سمعت سفيان الثوري يقول : خذوا هذه الرغائب وهذه الفضائل عن المشيخة ، وأما الحلال والحرام ، فلا تأخذوه إلا عمن يعرف الزيادة فيه من النقص.
وقال الربيع بن سليمان المرادي : قال الشافعي (2) : ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا منها :
أن يكون من حدث به عالما بالسنة (3) ، ثقة في دينه ، معروفا بالصدق في حديثه ، عاقلا لما يحدث به ، عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ ، أو (4) يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمعه (5) لا يحدث به على المعنى ، لانه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه لا يدرى (6) لعله يحيل الحلال إلى الحرام ، فإذا (7) أداه بحروفه ، لم (8) يبق فيه (9) وجه يخاف فيه إحالة
__________
(1) رواد : بتشديد الواو. وسيأتي ذكره في هذا الكتاب.
(2) الكلام بنصه في كتاب الرسالة للشافعي : 370 ، الفقرات : 1000 ، 1001 ، 1002.
(3)"عالما بالسنة"ليست في المطبوع من الرسالة.
(4) في المطبوع من الرسالة : وأن" ، وراجع تعليقي المرحوم الشيخ أحمد شاكر الذي يرجح فيه"أو.
(5) رجح الشيخ أحمد شاكر"كما سمع"وقال في تعليقه : في سائر النسخ"كما سمعه"والهاء ملصقة في الاصل ، وليست منه. قال بشار عواد : والظاهر أنها من الاصل بدلالة نقل المزي.
(6) في المطبوع من الرسالة : لم يدر.
(7) في الرسالة : وإذا.
(8) في الرسالة : فلم.
(9)"فيه"ليست في المطبوع من الرسالة.

(1/163)


الحديث (1). ويكون (2) حافظا إن حدث من حفظه ، حافظا لكتابه إن حدث من تابه ، إذا شرك أهل الحفظ في الحديث وافق حديثهم ، بريا (3) من أن يكون مدلسا يحدث عمن لقي بما لم يسمع (4) ، أو يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بما يحدث الثقات بخلافه عنه عليه السلام (5).
ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه ، حتى ينتهى بالحديث موصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن (6) عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته ، وليس (7) تلك العورة كذبا ، فيرد (8) بها حديثه ولا النصيحة في الصدق ، فنقبل منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق فنقول (9) : لا نقبل من مدلس حديثا حتى يقول فيه : سمعت"أو"حدثني"ومن (10) كثر غلطه من المحدثين ولم يكن له أصل كتاب صحيح لم يقبل (11) حديثه.
ونقبل خبر الواحد ونستعمله ، تلقاه العمل أو لم يتلقه ، وهو مذهب أهل الحديث. قال الشافعي : وكان ابن سيرين والنخعي وغير
__________
(1) رجع محقق الرسالة"إحالته الحديث"وعلق بقوله : في النسخ المطبوعة"إحالة"بدون الضمير ، وهو ثابت في الاصل ونسخة ابن جماعة.
(2)"ويكون"ليست في المطبوع من الرسالة.
(3)"بريا"بتسهيل الهمزة وتشديد الياء.
(4) في المطبوع من الرسالة : يسمع منه.
(5) في الرسالة : ويحدث عن النبي ما يحدث الثقات خلافه عن النبي.
(6) تجاوز المزي الفقرات : 1032 1003 ، وما هنا هو بداية الفقرة : 1033 من الرسالة ، ص : 379.
(7) الرسالة : وليست.
(8) الرسالة : بالكذب فنرد.
(9) الرسالة : فقلنا.
(10) الرسالة ، فقرة : 1044.
(11) الرسالة : نقبل.

(1/164)


واحد من التابعين يذهبون إلى أن لا يقبلوا الحديث إلا عمن (1) عرف.
قال الشافعي : وما لقيت أحدا من أهل العلم يخالف هذا المذهب.
وقال أبو بكر الخلال عن عباس بن محمد الدوري : سمعت يحيى بن معين يقول : دخلت على أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ، فقلت له : أوصني ، قال : لاتحدث المسند إلا من كتاب. قال : وكذلك قال علي ابن المديني : قال لي سيدي أحمد بن حنبل : لا تحدث إلا من كتاب.
وقال أيوب ابن المتوكل ، عن عبد الرحمن بن مهدي : الحفظ الاتقان ، ولا يكون إماما من"حدث عن كل من رأى ، ولا من حدث بكل ما سمع" (2).
وقال صالح بن حاتم بن وردان : سمعت يزيد بن زريع يقول : لكل دين فرسان ، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد.
وقال البخاري : سمعت علي ابن المديني يقول : التفقه في معاني الحديث نصف العلم ، ومعرفة الرجال نصف العلم.
وقال أحمد بن محمد الأزرق : سمعت يحيى بن معين يقول : آلة الحديث الصدق والشهرة والطلب ، وترك البدع ، واجتناب الكبائر.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي : قال يحيى بن سعيد : لا تنظروا إلى الحديث ، ولكن انظروا إلى الاسناد ، فإن صح الاسناد وإ فلا تغتروا بالحديث إذا لم يصح الاسناد.
__________
(1) في م : إلا من عرف"وما أثبتناه من"د.
(2) العبارة التي بين الحاصرتين مكررة في "د".

(1/165)


وقال محمد بن عيسى المقرئ ، عن إسحاق بن بشر الرازي : قال عبد الله بن المبارك : ليس جودة الحديث [ قرب الاسناد ، جودة الحديث ] (1) صحة الرجال.
وقال أبو بكر بن خزيمة ، عن عبد الله بن هاشم الطوسي : كنا عند وكيع ، فقال : الأعمش أحب إليكم ، عن أبي وائل عن عبد الله ، أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ؟ فقلنا : الأعمش عن أبي وائل أقرب ، فقال : الأعمش شيخ ، وأبو وائل شيخ ، وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله : فقيه عن فقيه عن فقيه عن فقيه.
زاد غيره ، قال : وحديث يتداوله الفقهاء أحب إلينا من حديث يتداوله الشيوخ.
وقال علي بن خشرم (2) : سمعت وكيعا يقول : لا يكمل الرجل أو لاينبل حتى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه.
وقال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري : وليس لامة من الامم إسناد كإسنادهم ، يعني هذه الامة ، رجل عن رجل وثقة عن ثقة حتى يبلغ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته فيبين بذلك الصحيح والسقيم ، والمتصل والمنقطع ، والمدلس والسليم.
__________
(1) سقط من"م"من قوله"قرب"إلى قوله"الحديث.
(2) خشرم : بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين وفتح الراء ، سيأتي في هذا الكتاب.

(1/166)


فصل
فيما روي عن الأئمة في فضيلة هذه الكتب الستة
قال محمد بن أبي نصر الحميدي : سمعت الفقيه أبا محمد علي ابن أحمد بن سعيد الحافظ بالاندلس وقد جرى ذكر"الصحيحين"فعظم منهما ، ورفع من شأنهما.
وحكي أن سعيد ابن السكن (1) اجتمع إليه قوم من أصحاب الحديث ، فقالوا له : إن الكتب في الحديث قد كثرت علينا ، فلو دلنا الشيخ على شيء نقتصر عليه منها. فسكت عنهم ، ودخل إلى بيته ، فأخرج أربع رزم ، فوضع بعضها على بعض ، فقال : هذه قواعد الاسلام : كتاب البخاري وكتاب مسلم ، وكتاب أبي داود ، وكتاب النسائي.
وروينا عن إبراهيم بن معقل النسفي قال : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول : خرجت كتاب"الجامع"في بضع عشرة سنة وجعلته فيما بيني وبين الله حجة.
وروينا عنه أنه قال : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : ما
__________
(1) في هامش النسخ المعتمدة جميعها تعليق نصه : هو أبو علي سعيد بن عثمان ابن السكن الحافظ. "قال بشار بن عواد : هو بغدادي نزل مصر ، وكان حافظا حجة توفي سنة 353 (الذهبي : تذكرة الحفاظ : 3 / 937 ، ووفيات سنة 253 من تاريخ الاسلام مجلد أيا صوفيا : 3008 بخط المؤلف).

(1/167)


أدخلت في كتاب"الجامع"إلا ما صح ، وتركت من الصحاح لحال الطول.
وقال أبو عبد الله بن مندة الحافظ : سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري يقول : ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج في علم الحديث.
وقال محمد بن الحسين الماسرجسي عن أبيه (1) : سمعت مسلم بن الحجاج يقول : صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاث مئة ألف حديث مسموعة.
وقال أحمد بن سلمة النيسابوري : رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما.
وقال أبو بكر محمد بن عبد العزيز الهاشمي المكي : سمعت أبا داود السجستاني بالبصرة ، وسئل عن رسالته التي كتبها إلى أهل مكة جوابا لهم ، فأملى علينا : سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. أما بعد : عافانا الله وإياكم ، فهذه الأربعة آلاف والثمان مئة حديث كلها من الاحكام ، فأما أحاديث كثيرة من الزهد والفضائل وغيرها من غير هذا ، فلم أخرجها ، والسلام عليكم ورحمة الله وصلى الله على محمد النبي وآله.
__________
(1) في حاشية النسخ : هو أبو علي الحسين بن محمد". قال بشار : هو أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى بن ماسرجس وإليه نسبوا النيسابوري صاحب المسند العظيم الذي قال الحاكم : إنه في ألف وثلاث مئة جزء لم يصنف في الاسلام مثله. توفي سنة 365. وهذه العبارة التي رواها عن أبيه في صحيح مسلم أوردها الحاكم في تاريخ نيسابور كما جاء في تذكرة الحفاظ : 3 / 956 ، وتاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة 68 (أيا صوفيا : 3008).

(1/168)


وقال أبو بكر بن داسة : سمعت أبا داود يقول : كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس مئة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب ، يعني كتاب السنن ، جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثمان مئة حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه ، ويكفي الانسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث : أحدها قوله صلى الله عليه وسلم : الاعمال بالنيات" ، والثاني قوله صلى الله عليه وسلم" : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (1) ، والثالث : قوله صلى الله عليه وسلم : لا يكون المرء (2) مؤمنا حتى يرضى لاخيه ما يرضى لنفسه" (3) ، والرابع : قوله صلى الله عليه وسلم : الحلال بين ، والحرام بين ، وبين ذلك أمور مشتبهات..الحديث" (4).
وقال أبو بكر الصولي : سمعت زكريا بن يحيى الساجي يقول : كتاب الله أصل الاسلام ، وكتاب السنن لابي داود عهد الاسلام.
وقال إسماعيل بن محمد الصفار : سمعت محمد بن إسحاق
__________
(1) أخرجه الترمذي (2318) ، وابن ماجه (3976) من حديث أبي هريرة وفي سنده ضعف لكن له شاهد من حديث الحسين بن علي عند أحمد 1 / 201 ، والطبراني ، ومن حديث أبي بكر عند الحاكم في الكنى ، ومن حديث أبي ذر عند الشيرازي ، ومن حديث علي بن أبي طالب عند الحاكم في تاريخه ، ومن حديث زيد بن ثابت عند الطبراني في الاوسط ، ومن حديث الحارث بن هشام عند ابن عساكر ، فهو صحيح بهذه الشواهد.(ش)
(2) في "د" : المؤمن.
(3) أخرجه البخاري 1 / 53 في الايمان : باب من الايمان أن يحب لاخيه ما يحب لنفسه ، ومسلم (44) في الايمان : باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم... ، والطيالسي (2004) ، وأحمد 3 / 177 ، 207 ، 275 ، 278 ، والدارمي 2 / 307 ، وابن ماجه (65) ، وأبو عوانة 1 / 33 من حديث أنس بن مالك بلفظ"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه". وزاد أحمد وأبو عوانة والنسائي والإسماعيلي : من الخير".(ش)
(4) أخرجه البخاري 1 / 116 ، 119 في الايمان : باب فضل من استبرأ لدينه ، و4 / 248 في البيوع : باب الحلال بين والحرام بين ، ومسلم (1599) في المساقاة : باب أخذ الحلال وترك الشبهات من حديث النعمان بن بشير ولفظه بتمامه عن مسلم :
"إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. كالراعي يرعى حول الحمى ، يوشك أن يرتع فيه.
الا وإن لكل ملك حمى. ألا وإن حمى الله محارمه. ألا وإن في الجسد مضغة ، إذ صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".(ش)

(1/169)


الصغاني يقول : ألين لابي داود الحديث كما ألين داود الحديد.
وقال أبو سليمان الخطابي : سمعت ابن الاعرابي يقول ونحن نسمع منه هذا الكتاب يعني كتاب السنن وأشار إلى النسخة وهي بين يديه : لو أن رجلا لم يكن عنده من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله عزوجل ، ثم هذا الكتاب لم يحتج معهما إلى شيء من العلم بتة. قال الخطابي : وهذا كما قال لا شك فيه ، لان الله تعالى أنزل كتابه تبيانا لكل شيء ، وقال : {ما فرطنا في الكتاب من شئ) {1) ، فأخبر سبحانه وتعالى وبحمده أنه لم يغادر شيئا من أمر الدين لم يتضمن بيانه الكتاب. إلا أن البيان على ضربين : بيان جلي ، تناوله الذكر نصا ، وبيان خفي اشتمل على معنى التلاوة ضمنا ، فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو معنى قوله سبحانه وتعالى : {لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) {2). فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفى وجهي البيان. وقد جمع أبو داود في كتابه هذا من الحديث في أصول العلم ، وأمهات السنن ، وأحكام الفقه ما لا نعلم متقدما سبقه إليه ، ولا متأخرا ، لحقه فيه.
قال أبو سليمان : واعلموا رحمكم الله أن كتاب السنن لابي داود كتاب شريف لم يصنف في حكم الدين كتاب مثله ، وقد رزق القبول من كافة الناس فصار حكما بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء. على اختلاف مذاهبهم ، ولكل فيه ورد ، ومنه مشرب ، وعلى معول أهل العراق وأهل مصر وبلاد المغرب وكثير من مدن أقطار الارض فأما أهل خراسان فقد أولع أكثرهم بكتاب محمد بن إسماعيل ، ومسلم ابن الحجاج ومن نحا نحوهما في جمع الصحيح على شرطهما في
__________
(1) سورة الانعام : الآية : 38.
(2) سورة النحل ، الآية : 44.

(1/170)


السبك والانتقاد ، إلا أن كتاب أبي داود أحسن وضعا ، وأكثر فقها ، وكتاب أبي عيسى أيضا كتاب حسن ، والله تعالى يغفر لجماعتهم ، ويحسن على جميل النية فيما سعوا له مثوبتهم برحمته.
ثم اعلموا أن الحديث عند أهله على ثلاثة أقسام : حديث صحيح ، وحديث حسن ، وحديث سقيم.
فالصحيح عندهم : ما اتصل سنده وعدلت نقلته.
والحسن منه : ما عرف مخرجه ، واشتهر رجاله ، وعليه مدار أكثر الحديث ، وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء. وكتاب أبي داود جامع لهذين النوعين من الحديث.
فأما السقيم منه ، فعلى طبقات شرها الموضوع ، ثم المقلوب (1) ، ثم المجهول. وكتاب أبي داود خلي منها ، برئ من جملة وجوهها ، وإن وقع فيه شيء من بعض أقسامها لضرب من الحاجة تدعوه إلى ذكره ، فإنه لا يألو أن يبين أمره ، ويذكر علته ، ويخرج من عهدته.
قال : ويحكى لنا عن أبي داود أنه قال : ما ذكرت في كتابي حديثا اجتمع الناس على تركه.
قال : وكان تصنيف علماء الحديث قبل زمان أبي داود الجوامع والمسانيد ونحوهما ، فتجمع تلك الكتب إني ما فيها من السنن والاحكام أخبارا وقصصا ومواعظ وآدابا (2). فأما السنن المحضة فلم
__________
(1) المقلوب نوعان ، الاول : أن يكون الحديث مشهورا براو فيجعل في مكانه آخر في طبقته ، والثاني : أن يؤخذ إسناد متن فيجعل على متن آخر وبالعكس. (انظر التفاصيل في تدريب الراوي : 191 فما بعد).
(2) تضم كتب"الجوامع"جميع أبواب الحديث المعروفة وهي : العقائد ، والاحكام ، والرقائق ، وآداب الطعام والشراب ، والتفسير والتاريخ والسير ، والشمائل ، والفتن ، والمناقب : أما المسانيد جمع مسند فهي تضم جميع أبواب الحديث أيضا لكنها مرتبة على أسماء الصحابة ، لذلك قال الخطابي هذه المقالة.

(1/171)


يقصد واحد منهم جمعها واستيفاءها ولم يقدر على تحصيلها واختصار مواضعها من أثناء تلك الاحاديث الطويلة ومن أدلة سياقها على حسب ما اتفق لابي داود ، ولذلك حل هذا الكتاب عند أئمة الحديث وعلماء الاثر محل العجب ، فضربت فيه أكباد الابل ، ودامت إليه الرحل.
وقال أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الادريسي الحافظ : محمد بن عيسى بن سورة الترمذي الحافظ الضرير ، أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث ، صنف كتاب"الجامع"والتواريخ والعلل تصنيف رجل عالم منتق ، كان يضرب به المثل في الحفظ.
وقال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ : سمعت الإمام أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري بهراة ، وجرى بين يديه ذكر أبي عيسى الترمذي وكتابه ، فقال : كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم ، لان كتابي البخاري ومسلم لا يقف على الفائدة منهما إلا المتبحر العالم ، وكتاب أبي عيسى يصل إلى فائدته كل أحد من الناس.
وقال أبو الفضل بن طاهر أيضا : سألت الإمام أبا القاسم سعد ابن علي الزنجاني بمكة عن حال رجل من الرواة فوثقه ، فقلت : إن أبا عبد الرحمن النسائي ضعفه ، فقال : يا بني إن لابي عبد الرحمن في الرجال شرطا أشد من شرط البخاري ومسلم.
وقال الحاكم أبو عبد الله بن البيع الحافظ : سمعت أبا الحسن أحمد بن محبوب الرملي بمكة يقول : سمعت أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي يقول : لما عزمت على جمع كتاب السنن استخرت الله تعالى في الرواية عن شيوخ كان في القلب منهم بعض الشئ ، فوقعت الخيرة على تركهم ، فنزلت في جملة من الحديث كنت أعلو فيه عنهم.

(1/172)


وقال عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ : سمعت أبا علي الحسن بن خضر السيوطي يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وبين يدي كتب كثيرة فيها كتاب السنن لابي عبد الرحمن ، فقال لي صلى الله عليه وسلم : إلى متى وإلى كم ، هذا يكفي ، وأخذ بيده الجزء الاول من كتاب الطهارة من السنن لابي عبد الرحمن ، فوقع في روعي أنه يعني كتاب السنن لابي عبد الرحمن أحب إليه.
وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسي : رأيت على ظهر جزء قديم بالري حكاية كتبها أبو حاتم الحافظ المعروف بخاموش يعني أحمد بن الحسن بن محمد بن خاموش الرازي الواعظ قال أبو زرعة الرازي : طالعت كتاب أبي عبد الله بن ماجة ، فلم أجد فيه إلا قدرا يسيرا مما فيه شيء ، وذكر قريب بضعة عشر ، أو كلاما هذا معناه.
وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر : قرأت بخط أبي الحسن علي بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن بابويه (1) الرازي شاب كان يسمع معنا الحديث بالري سنة تسع وعشرين وخمس مئة قال أبو عبد الله بن ماجة : عرضت هذه النسخة على أبي زرعة فنظر فيه ، وقال : أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع كلها أو قال : أكثرها ثم قال : لعله لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا مما في إسناده ضعف ، أو قال : عشرين أو نحو هذا من الكلام ، قال : وحكي أنه نظر في جزء من أجزائه وكان عنده في خمسة أجزاء (2).
هذا بعض ما حضرنا من أقوال الأئمة في فضيلة هذه الكتب الستة. وأما مناقب مصنفيها وفضائلهم ، فسيأتي ما تيسر من ذلك في ترجمة كل واحد منهم في مواضعها من الكتاب إن شاء الله تعالى.
__________
(1) قيد الذهبي بابويه في "المشتبه" : 38.
(2) علق الذهبي على هذه الحكاية بقولة : سنن أبي عبد الله كتاب حسن لولا ما كدره أحاديث واهية ليست بالكثيرة" (تذكرة 2 / 636).

(1/173)


فصل
وهذا حين نبتدئ بعون الله تعالى فيما له قصدنا من الأسماء بعد ذكر نسب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وذكر شيء من سيرته ومعجزاته على طريق الاختصار ، إذ الكتاب لم يوضع لذلك ، لكن أحببنا أن لا نخلي الكتاب من ذلك ، طلبا لبركته ، وتشرفا بذكره صلى الله عليه وسلم.
فأما نسبه :
فهو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف ، بن قصي ، بن كلاب ، بن مرة ، بن كعب ، بن لؤي ، بن غالب ، بن فهر بن مالك ، بن النضر ، بن كنانة ، بن خزيمة ، بن مدركة ، بن إلياس ، بن مضر ، بن نزار ، بن معد ، بن عدنان. إلى هنا أجمع أهل النسب ، وما وراء ذلك ، ففيه اختلاف كبير جدا.
قال أبو عمر بن عبد البر حافظ أهل المغرب (1) : قال محمد بن
عبدة بن سليمان النسابة : أجمع النسابون جميعا : العدنانية والقحطانية والاعاجم على أن إبراهيم خليل الله عليه السلام من ولد عابر بن شالخ ابن أرفخشذ بن سام بن نوح. قال (2) : وأجمعوا أن عدنان من ولد
__________
(1) الانباه على قبائل الرواة : 46.
(2) يعني محمد بن عبدة.

(1/174)


إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام إلا أنهم اختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل من الآباء ، فذكر عن طائفة سبعة آباء بينهما ، وذكر عن طائفة مثل ذلك إلا أنها خالفتها في بعض الأسماء ، وعن طائفة تسعة آباء مخالفة أيضا في بعض الأسماء ، وعن طائفة خمسة عشر أبا بين عدنان وإسماعيل.
ثم قال (1) : وأما الذين جعلوا بين عدنان وإسماعيل أربعين أبا ، فإنهم استخرجوا ذلك من كتاب رخيا ، وهو يورخ كاتب أرميا عليه السلام ، وكانا قد حملا معد بن عدنان من جزيرة العرب ليالي (2) بخت نصر فأثبت رخيا في كتبه نسبة عدنان ، فهو معروف عند أحبار (3) أهل الكتاب وعلمائهم مثبت في أسفارهم. قال : وقد وجدنا طائفة من علماء العرب تحفظ لمعد أربعين أبا بالعربية إلى إسماعيل ، وتحتج في أسمائهم بالشعر من شعر أمية بن أبي الصلت وغيره من علماء الشعراء (4) بأمر الجاهلية ومطالعة الكتب. وكل الطوائف يقولون : عدنان بن أدد ، إلا طائفة قالت : عدنان بن أد بن أدد.
قال أبو عمر (5) : وروى ابن لهيعة عن أبي الأسود أنه سمع عروة ابن الزبير يقول : ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان ، ولا ما وراء قحطان إلا تخرصا.
قال : وقال أبو الأسود يتيم عروة : سمعت أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، وكان من أعلم قريش بأشعارهم وأنسابهم ، يقول : ما وجدنا أحدا يعلم ما وراء معد بن عدنان في شعر شاعر ، ولا علم عالم.
__________
(1) يعني محمد بن عبدة أيضا.
(2) في الانباه : ليلا إلى.
(3) أحبار ، جمع حبر ، وفي الانباه : أخبار"مصحف.
(4) الانباه : الشعر"محرف.
(5) الانباه : 48 47.

(1/175)


قال أبو عمر (1) : وكان قوم من السلف ، منهم : عبد الله بن مسعود ، وعمرو بن ميمون الأودي ومحمد بن كعب القرظي ، إذا تلوا : {والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله) {2) ، قالوا : كذب النسابون.
قال : ومعنى هذا عندنا على غير ما ذهبوا إليه ، وإنما المعنى فيها والله أعلم تكذيب من ادعى إحصاء بني آدم ، فإنه لا يحصيهم إلا الذي خلقهم ، فإنه هو الذي أحصاهم وحده لا شريك له. وأما أنساب العرب ، فإن أهل العلم بأيامها وأنسابها قد وعوا ، وحفظوا جماهيرها ، وأمهات قبائلها ، واختلفوا في بعض فروع ذلك.
قال (3) : والذي عليه أئمة هذا الشأن في نسب عدنان ، قالوا : عدنان بن أدد بن مقوم ، بن ناحور ، بن تيرح ، بن يعرب ، بن يشجب ، ابن نابت ، بن إسماعيل ، بن إبراهيم خليل الرحمن ، بن تارح ، وهو ازر ، بن ناحور ، بن شاروخ ، بن راغو (4) ، بن فالخ (5) ، بن عيبر ، بن شالخ ، بن أرفخشذ ، بن سام ، بن نوح بن لامك ، بن متوشلخ بن خنوخ وهو إدريس النبي صلى الله عليه وسلم فيما يزعمون والله أعلم وكان أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث وخط بالقلم ابن يرد بن مهليل ، بن قينن (6) ، بن يانش ، بن شيث ، بن آدم صلى الله عليه وسلم.
قال ابن هشام (7) : حدثنا زياد بن عبد الله البكائي ، عن محمد
__________
(1) نفسه : 49.
(2) سورة إبراهيم ، الآية : 9.
(3) الانباء : 50 49.
(4) في المطبوع من الانباه : أرغو" ، وفي سيرة ابن هشام : راعو"ولكن انظر ما سيأتي من الشعر نقلا عن الانباه : وأرغو فناب في الحروب محكم"مما يدل على أن الذي ذكره ابن عبد البر هو"أرغو.
(5) الانباه : فالغ"وسيأتي في القصيدة كذلك أيضا فهو الاصح.
(6) الانباه : قينان"وسيأتي في الشعر أنه قينان.
(7) نقل المزي هذا النص من الانباه لابن عبد البر أيضا : 50 ، وهو في السيرة : 1 / 3.

(1/176)


ابن إسحاق المطلبي بهذا الذي ذكرت من نسب عدنان إلى آدم وما فيه من حديث إدريس وغيره.
قال أبو عمر (1) : ومن أحسن ما جاء في ذلك ما نظمه أبو العباس عبد الله بن محمد الناشئ في قصيدة يمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي قوله :
مدحت رسول الله أبغي بمدحه • وفور حظوظي من كريم المآرب
مدحت امرءا فاق المديح موحدا • بأوصافه عن مبعد أو (2) مقارب
نبيا تسامى في المشارق نوره • فلاحت هواديه لاهل المغارب
أتتنا به الانباء قبل مجيئه • وشاعت به الاخبار في كل جانب
وأصبحت الكهان تهتف باسمه • وتنفي به رجم الظنون الكواذب وأنطقت الاصنام نطقا تبرأت • إلى الله فيه من مقال الاكاذب
وقالت لاهل الكفر قولا مبينا • أتاكم نبي من لؤي بن غالب
ورام استراق السمع جن فزيلت • مقاعدهم منها رجوم الكواكب
هدانا إلى ما لم نكن نهتدي له • لطول العمى من واضحات المذاهب
وجاء بآيات تبين أنها • دلائل جبار مثيب معاقب
فمنها انشقاق البدر حين تعممت • شعوب الضيا منه رؤوس الاخاشب ومنها نبوع الماء بين بنانه • وقد عدم الرواد قرب المشارب
فروى به جما غفيرا وأسهلت • بأعناقه طوعا أكف المذانب
وبئر طغت بالماء من مس سهمه • ومن قبل لم تسمح بمذقة شارب
وضرع مراه فاستدر ولم تكن • به درة تصغي إلى كف حالب
ونطق فصيح من ذراع مبينة • لكيد عدو للعداوة ناصب
__________
(1) الانباه : 50 فما بعد.
(2) الانباه : و.
(3) الانباه : يكن.

(1/177)


وإخباره بالامر من قبل كونه • وعند بواديه بما في العواقب
ومن تلكم الآيات وحي أتى به • قريب المآتي مستجم العجائب
تقاصرت الافكار عنه فلم يطع • بليغا ولم يخطر على قلب خاطب
حوى كل علم واحتوى كل حكمة • وفات مرام المستمر الموارب
أتانا به لا عن روية مرتئ • ولا صحف مستمل ولا رصف (1) كاتب
يواتيه طورا في إجابة سائل • وإفتاء مستفت ووعظ مخاطب
وإتيان برهان وفرض شرائع • وقص أحاديث ونص مآرب
وتصريف أمثال وتثبيت حجة • وتعريف ذي جحد وتوقيف كاذب
وفي مجمع النادي وفي حومة الوغى • وعند حدوث المعضلات الغرائب.
فيأتي على ما شئت من طرقاته • قويم المعاني مستدر الضرائب
يصدق منه البعض بعضا كأنما • يلاحظ معناه بعين المراقب
وعجز الورى عن أن يجيئوا بمثل ما • وصفناه معلوم بطول التجارب
تأبى بعبد الله أكرم والد • تبلج منه عن كريم المناسب
وشيبة ذي الحمد الذي فخرت به • قريش على أهل العلى والمناصب ومن كان يستسقى الغمام بوجهه • ويصدر عن آرائه في النوائب
وهاشم الباني مشيد افتخاره • بعز (2) المساعي وامتهان (3) المواهب وعبد مناف وهو علم قومه • اشتطاط الاماني واحتكام الرغائب
وإن قصيا من كريم غراسه • لفي منهل لم يدن من كف قاضب
به جمع الله القبائل بعد ما • تقسمها نهب الاكف السوالب
وحل كلاب من ذرى المجد معقلا • تقاصر عنه كل دان وغائب
ومرة لم يحلل مريرة عزمه • سفاه سفيه أو محوبة حائب وكعب
علا عن طالب المجد كعبه • فنال بأدنى السعي أعلى المراتب
__________
(1) الانباه : وصف"وما هنا أحسن.
(2) الانباه : بغر.
(3) الانباه : وامتنان.

(1/178)


وألوى لؤي بالعداة فطوعت • له همم الشم الانوف الاغالب
وفي غالب بأس أبى البأس دونهم • يدافع عنهم كل قرن مغالب
وكانت لفهر في قريش خطابة • يعوذ بها عند اشتجار المخاطب
وما زال منهم مالك خير مالك • وأكرم مصحوب وأكرم صاحب وللنضر طول يقصر الطرف دونه • بحيث التقى ضوء النجوم الثواقب لعمري لقد أبدى كنانة بعده (1) محاسن تأبى أن تطوع لغالب
ومن قبله أبقى خزيمة بعده • تليد تراث عن حميد الاقارب
ومدركة لم يدك الناس مثله • أعف وأعلى عن دني المكاسب
وإلياس كان اليأس منه مقارنا • لاعدائه قبل اعتداد الكتائب
وفي مضر يستجمع الفخر كله • إذا اعتركت يوما زحوف المناقب
وحل نزار من رئاسة قومه • محلا تسامى عن عيون الرواقب
وكان معد عدة لوليه • إذا خاف من كيد العدو المحارب
وما زال عدنان إذا عد فضله • توحد فيه عن قرين وصاحب
وأد تأدى الفضل منه بغاية • وإرث حواه عن قروم أشايب
وفي أدد حلم تزين بالحجا • إذا الحلم أزهاه قطوب الحواجب
وما زال يستعلي هميسع بالعلى • ويبلغ (2) آمال البعيد المراغب
ونبت بنته دوحه العز وابتنى • معاقله في مشمخر الاهاضب
وحيزت لقيذار سماحة حاتم • وحكمة لقمان وهمه حاجب
هم نسل إسماعيل صادق وعده • فما بعده في الفخر مسعى لذاهب وكان خليل الله أكرم من عنت • له الارض من ماش عليها وراكب وتارح ما زالت له أريحية • تبين منه عن حميد الضرائب
وناحور نحار العدى حفظت له • مآثر لما يحصها عد حاسب
وأشرع في الهيجاء ضيغم غابة • يقد الطلى بالمرهفات القواضب
__________
(1) هكذا في النسخ ، وفي الانباه : قبله"وهو الاصح.
(2) الانباه : ويتبع".

(1/179)


وأرغو فناب (1) في الحروب محكم • ضنين على نفس المشيح (2) المغالب
وما فالغ (3) في فضله تلو قومه • ولا عابر من دونه (4) في المراتب وشالخ وارفخشذ وسام سمت بهم • سجايا حمتهم كل زار وعائب
وما زال نوح عند ذي العرش فاضلا • يعدده في المصطفين الاطايب
ولمك أبوه كان في الروع رائعا • جريئا على نفس الكمي المضارب
ومن قبل لمك لم يزل متوشلخ • يذود العدى بالذائدات الشوازب (5) وكانت لادريس النبي منازل • من الله لم تقرن بهمة راغب
ويارد بحر عند أهل سراته • أبي الخزايا مستدق المآرب
وكانت لمهلاييل فيهم فضائل • مهذبة من فاحشات المثالب
وقينان (6) من قبل اقتنى مجد قومه • وفات بشأو الفضل وخد (7) الركائب
وكان أنوش ناش للمجد نفسه • ونزهها عن مرديات المطالب
وما زال شيث بالفضائل فاضلا • شريفا بريئا من ذميم المعايب
وكلهم من نور آدم اقتبسوا • وعن عوده أجنوا ثمار المناقب
وكان رسول الله أكرم منجب • جرى في ظهور الطيبين المناجب
مقابلة آباؤه ، أمهاته (8} مبرأة من فاضحات المثالب
عليه سلام الله في كل شارق • آلاح لنا ضوءا وفي كل غارب
قال أبو عمر (9) : وقد اختلف في قريش ، فقال أكثر الناس :
__________
(1) الانباه : ناب.
(2) الانباه : المشح.
(3) قد مر عند ذكر النسب"فالخ"والظاهر أن هذا هو المختار عند ابن عبد البر ، فهو الاصح.
(4) الانباه : دونهم.
(5) في الانباه : الشوارب"بالراء ، مصحف. والشوازب : جمع الشازب وهو الخشن والضامر اليابس.
(6) قد مر رسمه"قينن"وكان ورد في الانباه هناك"قينان"ورسم في النسخ هنا"قينان"أيضا ، فكأنهم استعاضوا هاك بالفتحة عن الالف.
(7) الانباه : وخذ"بالذال المعجمة ، وما هنا أصح لانه يشير إلى سير الابل.
(8) الانباه : وأمهاته"ولا يستقيم البيت بها.
(9) الانباة : 66.

(1/180)


كل من كان من ولد النضر بن كنانة ، فهو قرشي ، وحجتهم في ذلك حديث الاشعث بن قيس الكندي ، قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة فقلت : ألستم منا يا رسول الله ؟ فقال : لا ، نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا ولا ننتفي من ابينا" (1).
وقال مصعب الزبيري (2) : كل من لم ينسب إلى فهر ، فليس بقرشي.
وقال علي بن كيسان : فهر هو أبو قريش ، ومن لم يكن من ولد فهر ، فليس من قريش.
قال أبو عمر : وهذا أصح الاقاويل في النسبة لا في المعنى الذي من أجله سميت قريش قريشا ، والدليل على صحة هذا القول أنه لا يعلم اليوم قرشي في شيء من كتب النسب ينسب إلى أب فوق فهر دون لقاء فهر ، ولذلك قال مصعب وابن كيسان والزبيربن بكار ، وهم أعلم الناس بهذا الشأن وأوثق من ينسب علم ذلك إليه ، إن فهر بن مالك جماع قريش كلها باسرها.
قال (3) : واختلفوا فيما سميت له قريش قريشا ، فقال قوم : إنما سميت بذلك لتجمعها (4) بمكة ، والتجمع : التقرش ، دليل ذلك قول أبي خلدة اليشكري :
إخوة قرشوا الذنوب علينا • في حديث من دهرنا وقديم
__________
(1) أخرجه أحمد في المسند 5 / 211 و212 ، وابن ماجه (2612) في الحدود : باب من نفى رجلا من قبيلة ، من طريق حماد بن سلمة عن عقيل بن طلحة السلمي عن مسلم بن هيضم عن الاشعث بن قيس ، وهذا سند صحيح كما قال البوصيري في الزوائد (ش).
(2) هذا القول وقول علي بن كيسان الذي بعده نقله المؤلف من الانباه أيضا ، فراجعه : 67.
(3) الانباه : 68.
(4) في الانباه : لتجمعهم.

(1/181)


وقال حذافة بن غانم العدوي :
أبوبكم قصي كان يدعى مجمعا • به جمع الله القبائل من فهر
قال أبو عمر : قصي اسمه زيد ، وإنما قيل له : قصي ، لانه كان قاصيا عن قومه في قضاعة ، ثم قدم مكة وقريش متفرقون ، فجمعهم إلى الكعبة ، فسمي مجمعا. وقد قيل غير هذا.
وقال بعض قريش : إنما سميت قريش قريشا بقريش بن الحارث بن مخلد بن النضر بن كنانة ، وكان دليل بني النضر ، وصاحب ميرتهم ، فكانت (1) العرب تقول : قد جاءت عير قريش وقد خرجت عير قريش ، قال : وابنه بدر بن قريش به سميت بدر التي كانت بها الوقعة المباركة هذا (2) الذي احتفرها.
وقال آخرون : النضر بن كنانة كان يقال له القرشي.
وقال آخرون : قصي كان يقال له القرشي.
قال أبو عمر (3) : المقدم من قريش بنو هاشم وهم فصيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعشيرته الاقربون ، وآله الذين تحرم عليهم الصدقة ، قال أهل العلم في معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم"لا تحل الصدقة لمحمد ولالآل محمد" (4) قالوا (5) : هم بنو هاشم آل العباس وآل أبي طالب وبنو أبي لهب وبنو الحارث بن عبدالمطلب وآل علي وآل عقيل وآل
__________
(1) في "د" ،"وكانت"وما هنا من"م"والانباه.
(2) في الانباه : هو.
(3) الانباه : 70 69.
(4) أخرجه مسلم (1072) في الزكاة : باب ترك استعمال آل النبي في الصدقة ، وأحمد 4 / 166 من حديث عبدالمطلب بن الربيعة (ش).
(5) في الانباه : قال"وليس بشيء لقوله أولا : قال أهل العلم".

(1/182)


جعفر وكل بني عبدالمطلب وسائر بني هاشم. قال : وقيل أيضا : بنو عبدالمطلب فصيلته ، وبنو هاشم فخذه ، وبنو عبد مناف بطنه ، وقريش عمارته ، وبنو كنانة قبيلته ، ومضر شعبه.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي ، أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله المشكاني الخطيب في كتابه إلينا من مشكان (1) ، مدينة من كور همذان ، أخبرنا القاضي أبو منصور محمد بن الحسن بن محمد بن يونس النهاوندي قدم علينا مشكان سنة ست وسبعين وأربع مئة ، أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن الحسين بن زنبيل (2) النهاوندي ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الخليل القاضي يعرف بابن الاشقر سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، قراءة في سنة ثمان وأربعين ومئتين ، حدثني سليمان بن عبد الرحمن حدثني الوليد بن مسلم وشعيب بن إسحاق قالا : حدثنا الأوزاعي ، حدثني شداد أبو عمار ، حدثني واثلة ابن الأسقع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى هاشما من قريش (3) ، واصطفاني من بني هاشم.
__________
(1) مشكان : بضم وسكون الشين المعجمة ، هكذا قيدها ياقوت وغيره.
(2) قال الذهبي في "المشتبه" : وبزاي ونون (زنبيل) راوي تاريخ البخاري : أبو العباس أحمد بن الحسين بن أحمد بن زبيل النهاوندي عن أبي القاسم ابن الاشقر ، عنه." ، (ص : 308). وتوهم المحقق الشيخ البجاوي ففتح الزاي من"زنبيل"والصحيح فيها الكسر ، قال ابن ناصر الدين في التوضيح لمشتبه الذهبي : الزاي مكسورة تليها النون ساكنة ، ثم استدرك على الذهبي قوله"راوي تاريخ البخاري"بسبب أن للبخاري ثلاثة تواريخ : كبير ، وأوسط ، وصغير ، وهذا الرجل كان راويا للتاريخ الصغير.
(م 2 الورقة : 23 من نسخة الظاهرية).
(3) في صحيح مسلم (رقم : 2276) : واصطفى من قريش بني هاشم ، واللفظ هناك لشيخه محمد بن مهران الرازي.

(1/183)


هكذا رواه البخاري في "التاريخ"ورواه مسلم عن محمد بن عبد الرحمن بن سهم الانطاكي ومحمد بن مهران الرازي ، كلاهما عن الوليد بن مسلم به.
ورواه الترمذي عن البخاري ، عن سليمان بن عبد الرحمن ، عن الوليد وحده به ، فوقع لنا موافقة له عالية.

(1/184)


فصل
وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة.
وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل ، في ربيع الاول ، يوم الاثنين لليلتين خلتا منه.
وقيل : لاثنتي عشرة ليلة خلت منه.
وقيل : ولد بعد الفيل بثلاثين سنة ، وقيل بأربعين. والاول أشهر.
ومات أبوه عبد الله بن عبدالمطلب وقد أتى له ثمانية وعشرون شهرا ، وقيل أقل من ذلك.وقيل : مات أبوه وهو حمل.
وأرضعته ثويبة جارية أبي لهب وأرضعت معه عمه حمزة بن عبد المطلب وأبا سلمة بن عبد الاسد.
وأرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية ، وأقام عندها في بني سعد أربع سنين ، ثم ردته إلى أمه حين شق عن فؤاده.
وخرجت أمه إلى المدينة تزور أخواله ، فتوفيت بالابواء وهي راجعة إلى مكة وله صلى الله عليه وسلم ست سنين وثلاثة أشهر وعشرة أيام.
وقيل : ماتت أمه وله أربع سنين. فلما ماتت حملته أم أيمن إلى مكة بعد وفاة أمه بخمسة أيام.
وتوفي جده عبدالمطلب وله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين ، وأوصى به إلى عمه أبي طالب.

(1/185)


فصل
في أسمائه صلى الله عليه وسلم
روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما"من حديث الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لي أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحى بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي أحشر الناس ، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي" (1).
وروى مسلم في "صحيحه"من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، عن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه. قال : سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء منها ما حفظنا ، فقال : أنا محمد ، وأنا أحمد ، والمقفي ، ونبي الرحمة ، ونبي التوبة ، ونبي الملحمة" (2).
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان العامري ، أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري ، أخبرنا الحافظ أبو الحسن علي بن سليمان بن
__________
(1) أخرجه البخاري 6 / 403 و406 و8 / 492 في تفسير سورة الصف ، وفي الانبياء : باب ما جاء في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسلم (2354) في الفضائل : باب أسمائه صلى الله عليه وسلم ، والترمذي (2840) في الجامع و(359) في "الشمائل" (ش).
(2) نص حديث أبي موسى الاشعري في صحيح مسلم بالاسناد الذي ذكره المزي فيه اختلاف عما هنا ، وهو في الصحيح ، رقم (2355) ونصه : أنا محمد ، وأحمد ، والمقفي ، والحاشر ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة.
وأخرجه الترمذي في "الشمائل" (360) من حديث حذيفة بلفظ"أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا نبي الرحمة ، ونبي التوبة ، وأنا المقفي ، وأنا الحاشر ، ونبي الملاحم"وهو حسن. والملاحم : جمع ملحمة (ش).

(1/186)


أحمد المرادي ، أخبرنا فقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي. قال القاضي أبو القاسم : وأنبأنا أبو عبد الله الفراوي هذا وأبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري إذنا ، قالا : أخبرنا الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول : قال الخليل بن أحمد : خمسة من الانبياء ذوو اسمين اسمين : محمد وأحمد نبينا صلى الله عليه وسلم ، وعيسى والمسيح عليه السلام ، وإسرائيل ويعقوب صلى الله عليه ، ويونس وذو النون صلى الله عليه وإلياس وذو الكفل صلى الله عليه.
قال أبو زكريا : ولنبينا صلى الله عليه وسلم خمسة أسماء في القرآن : محمد وأحمد وعبد الله وطه ويس. قال الله عزوجل في ذكر محمد صلى الله عليه وسلم : {محمد رسول الله) {1) ، وقال : {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) {2) ، وقال الله تعالى في ذكر عبد الله : {وأنه لما قام عبد الله (يعني النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن) يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا) {3). وإنما كانوا يقعون بعضهم على بعض كما أن اللبد متخذ من الصوف فيوضع بعضه على بعض فيصير لبدا. وقال عز وجل : {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) {4) ، والقرآن إنما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره ، وقال الله عزوجل : {يس) {5) يعني يا
__________
(1) سورة الفتح ، الآية : 29. وقلنا : ومنها أيضا : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" (آل عمران : 144) ، و{ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله) {الاحزاب : 40) ، و{وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم) {محمد : 2).
(2) سورة الصف ، الآية : 6.
(3) سورة الجن ، الآية : 19.
(4) طه : 2 1. وقال الإمام الذهبي : وقيل : طه لغة لعك ، أي يا رجل ، فإذا قلت لعكي : يا رجل ، لم يلتفت ، فإذا قلت له : طه ، التفت إليك.
نقل هذا ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. والكلبي متروك. فعلى هذا القول لا يكون طه من أسمائه. (تاريخ الاسلام : 2 / 10).
(5) سورة يس ، الآية : 1.

(1/187)


إنسان ، والانسان ها هنا العاقل وهو محمد صلى الله عليه وسلم {إنك لمن المرسلين) {1).
قال الحافظ أبو بكر : وزاد غيره من أهل العلم فقال : سماه الله تعالى في القرآن رسولا نبيا أميا ، وسماه : شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، وسماه : رؤوفا رحيما ، وسماه : نذيرا مبينا ، وسماه مذكرا ، وجعله رحمة ونعمة وهاديا ، وسماه : عبدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم كثيرا (2).
__________
(1) سورة يس ، الآية : 3.
(2) انظر الفصل الذي كتبه الذهبي في تاريخ الاسلام : 2 / 11 8.

(1/188)


فصل
ونشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيما يكفله جده عبدالمطلب ، وبعده عمه أبو طالب بن عبدالمطلب ، وطهره الله من دنس الجاهلية ومن كل عيب ومنحه كل خلق جميل حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالامين لما شاهدوا من طهارته وصدق حديثه وأمانته.
فلما بلغ اثنتي عشرة سنة ، خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام حتى بلغ بصرى فرآه بحيرا الراهب فعرفه بصفته ، فجاء وأخذ بيده ، وقال : هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين ، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين. فقيل له : وما علمك بذلك ؟ قال : إنكم حين أقبلتم من العقبة لم يبق شجرة ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدن إلا لنبي ، وإنا نجده في كتبنا. وسأل أبا طالب ، فرده خوفا عليه من اليهود (1). ثم خرج ثانيا إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة في تجارة لها قبل أن يتزوجها حتى بلغ إلى سوق بصرى ، فباع تجارته.
فلما بلغ خمسا وعشرين سنة تزوج خديجة. فلما بلغ أربعين سنة اختصه الله بكرامته ، وابتعثه برسالته ، فأتاه جبريل عليهما السلام وهو
__________
(1) أخرجه الترمذي برقم (3620) ورجاله ثقات لكن في متنه غرابة فقد مؤرخ الاسلام الإمام الذهبي : تفرد به قراد واسمه عبد الرحمن بن غزوان (وهو) ثقة احتج به البخاري والنسائي ، ورواه الناس عن قراد وحسنه الترمذي. وهو حديث منكر جدا"ثم نقند الحديث نقدا داخليا بارعا وحلل وقائعه ولغته واستقصى الاختلاف في ذلك ، فراجعه تجد فائدة إن شاء الله (تاريخ الاسلام : 2 / 27 فما بعد). وانظر أيضا"البداية"2 / 284 ، 285 للحافظ ابن كثير.

(1/189)


بغار حراء ، فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة ، وقيل : خمس عشرة ، وقيل : عشرا ، والصحيح الاول.
وكان يصلى إلى بيت المقدس مدة إقامته بمكة ، ولا يستدبر الكعبة ، بل يجعلها بين يديه. وصلى إلى بيت المقدس أيضا بعد قدومه المدينة سبعة عشر شهرا ، أو ستة عشر شهرا.
ثم هاجر إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ودليلهم عبد الله بن الاريقط الليثي وهو على دين قومه ولم نعرف له إسلاما ، فأقام بالمدينة عشر سنين.
وتوفي وهو ابن ثلاث وستين (سنة) (1) ، وقيل : ابن خمس وستين ، وقيل : ابن ستين. والاول أصح. وكانت وفاته يوم الاثنين حين اشتد الضحى لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الاول ، وقيل : لليلتين خلتا منه ، وقيل : لاستهلاله. ودفن ليلة الاربعاء ، وقيل : ليلة الثلاثاء. وكانت مدة علته اثني عشر يوما ، وقيل : أربعة عشر يوما. وغسله (2) : علي ، والعباس وابناه الفضل وقثم ابنا العباس ، وأسامة بن زيد بن حارثة وشقران مولياه ، وحضرهم أوس بن خولي الأنصاري. وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية من ثياب سحول بلدة باليمن ، ليس فيها قميص ولا عمامة. وصلى عليه المسلمون أفذاذا لم يؤمهم عليه أحد. وفرش تحته قطيفة حمراء كان يتغطاها (3). ودخل قبره علي ، والعباس وابناه الفضل وقثم ، وشقران وأطبق عليه تسع لبنات. ودفن في الموضع الذي توفاه الله فيه ، حول فراشه ، وحفر له ولحد في بيته الذي كان بيت عائشة. ثم دفن معه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
__________
(1) ليس في "د.
(2) قارن السيرة لابن هشام : 2 / 662 فما بعد.
(3) أخرج مسلم (967) في الجنائز عن ابن عباس قال : جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء"والقطيفة : كساء له خمل ، وهذه القطيفة ألقاها شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : كرهت أن يلبسها أحد بعده (ش).

(1/190)


فصل
في ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم
وكان له صلى الله عليه وسلم من البنين ثلاثة :
القاسم ، وبه كان يكنى. ولد بمكة قبل النبوة ، ومات بها وهو ابن سنتين.
وعبد الله ، ويسمى : الطيب ، والطاهر ، لانه ولد في الاسلام.
وقيل : إن الطيب والطاهر غيره ، والصحيح الاول.
وإبراهيم ، ولد بالمدينة ، ومات بها سنة عشر وهو ابن سبعة عشر ، أو ثمانية عشر شهرا.
وكان له من البنات أربع بلا خلاف :
زينب : تزوجها أبو العاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبد شمس ، وهو ابن خالتها وأمه هالة بنت خويلد ، فولدت له عليا ، مات صغيرا ، وأمامة التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة وبقيت حتى تزوجها علي بعد موت فاطمة.
وفاطمة الزهراء رضوان الله عليها : تزوجها علي فولدت له : الحسن ، والحسين ، ومحسنا مات صغيرا ، وأم كلثوم تزوجها عمر بن الخطاب.
وزينب تزوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

(1/191)


ورقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم : تزوجها عثمان بن عفان ، فماتت عنده.
وأم كلثوم : تزوجها عثمان أيضا بعد رقية فماتت عنده. وولدت له رقية ابناه فسماه عبد الله وبه كان يكنى.
وأول من ولد له صلى الله عليه وسلم : القاسم ، ثم زينب ثم رقية ، ثم فاطمة ، ثم أم كلثوم ، ثم في الاسلام : عبد الله ، ثم إبراهيم بالمدينة. وأولاده كلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية. وكلهم ماتوا قبله إلا فاطمة ، فإنها عاشت بعده ستة أشهر على الصحيح.
وقيل غير ذلك.

(1/192)


فصل
في حججه وعمره صلى الله عليه وسلم
روى البخاري ومسلم من حديث همام بن يحيى ، عن قتادة قال : قلت لانس بن مالك : كم حج النبي صلى الله عليه وسلم من حجة ؟ (1).
قال : حجة واحدة ، واعتمر أربع عمر ، اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث صده المشركون عن البيت ، والعمرة الثانية حيث صالحوه من العام المقبل ، وعمرة من الجعرانة (2) حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة ، وعمرته مع حجته (3). يعني بذلك بعدما هاجر إلى المدينة ، وأما ما حج واعتمر قبل الهجرة ، فلم يحفظ على الصحيح.
__________
(1) بكسر الحاء المهملة ، وهي من الشواذ لان القياس الفتح كما في مختار الصحاح. وفي نسخة"د"وجدنا الحاء المهملة مفتوحة ، وليس بشيء ، وقال الفيروز آبادي في القاموس : والحجة : المرة الواحدة شاذ لان القياس الفتح.
(2) الجعرانة : ماء بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أقرب ، قال ياقوت : بكسر أوله إجماعا ثم إن أصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راءه ، وأهل الاتقان والادب يخطئونهم ويسكنون العين ويخففون الراء. وقد حكي عن الشافعي أنه قال : المحدثون يخطئون في تشديد الجعرانة وتخفيف الحديبية. ثم قال ياقوت : والذي عندنا أنهما روايتان جيدتان. حكى إسماعيل ابن القاضي عن علي ابن المديني أنه قال : أهل المدينة يثقلونه ويثقلون الحديبية وأهل العراق يخففونهما ومذهب الشافعي تخفيف الجعرانة. وسمع من العرب من قد يثقلها...وأما في الشعر فلم نسمعها إلا مخففة. (معجم البلدان : 2 / 85) قلت : ولما كان المزي من أهل الحديث فقد ضبطناها بضبطهم.
(3) البخاري 7 / 338 في المغازي : باب غزوة الحديبية ، وفي العمرة : باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي الجهاد : باب عن قسمة الغنيمة في غزوة وسفره ، ومسلم (1253) في الحج : باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وأزمانهن (ش).

(1/193)


فصل
في غزواته صلى الله عليه وسلم
وغزا صلى الله عليه وسلم بنفسه خمسا وعشرين غزوة فيما قاله موسى بن عقبة ، ومحمد بن إسحاق ، وأبو معشر المدني ، وغير واحد.
وقيل : سبعا وعشرين ، والمشهور الاول. قاتل في تسع منها : في بدر ، وأحد ، والخندق ، وبني قريظة ، وبني المصطلق ، وخيبر ، وفتح مكة ، وحنين ، والطائف.وقيل : إنه قاتل أيضا بوادي القرى ، والغابة ، وبني النضير.
وأما البعوث والسرايا فنحو خمسين.

(1/195)


فصل
في ذكر كتابه ورسله صلى الله عليه وسلم
وكتب له صلى الله عليه وسلم :
أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وأبي بن كعب ، وثابت بن قيس بن شماس ، وعامر بن فهيرة ، وعبد الله بن الأرقم الزهري ، وخالد بن سعيد بن العاص الأموي ، وشرحبيل بن حسنة ، وحنظلة بن الربيع الاسيدي ، وزيد بن ثابت ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وكانا ألزمهم لذلك وأخصهم به.
وبعث (1) صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري رسولا إلى النجاشي ، فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه على عينيه ونزل عن سريره فجلس على الارض وأسلم وحسن إسلامه ، وكان إسلامه (2) عندما هاجر إلى أرضه جعفر بن أبي طالب وأصحابه. وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم يوم مات (3). وروي أنه كان لا يزال يرى النور على قبره.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك
__________
(1) انظر سيرة ابن هشام : 2 / 607 606.
(2) انظر التفاصيل في تاريخ الاسلام للذهبي : 2 / 122 121.
(3) انظر المسند 1 / 461 ، وسنن أبي داود (3205) في الجنائز : باب في الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك ، وصلاة النبي على النجاشي ، رواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، وقد أخرجه من حديث أبي هريرة : البخاري 3 / 163 ، ومسلم (951) ، وأبو داود (3204) ، والطيالسي (2300) ، وابن ماجه (1534) ، والنسائي 4 / 70 ، والترمذي (1022) ، وأخرجه من حديث جابر عبد الله : البخاري 3 / 163 ، ومسلم (952) ، وأحمد =

(1/196)


الروم ، واسمه هرقل ، فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبتت عنده صحة نبوته ، فهم بالاسلام فلم توافقه الروم على ذلك ، وخافهم على ملكه فأمسك (1).
وبعث صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حدافة السهمي إلى كسرى ملك فارس ، فمزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فدعا عليه رسول الله أن يمزق الله ملكه كل ممزق ، فمزق الله ملكه وملك قومه (2).
وبعث صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة اللخمي إلى المقوقس ملك الاسكندرية ومصر ، فقال خيرا وقارب الامر ولم يسلم ، وأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية (3) وأختها سيرين فوهبها لحسان بن ثابت ، فولدت له عبد الرحمن بن حسان ، وهو ابن خالة إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).
__________
= 3 / 295 و3319 ، وأخرجه من حديث عمران بن حصين مسلم (9553) ، والنسائي 4 / 70 ، وابن ماجه (1535) ، والترمذي (1039). وأخرجه عن حذيفة بن أسيد : أحمد 4 / 7 ، وابن ماجه (1537) ، وأخرجه عن مجمع بن حارثة الأنصاري ، أحمد 4 / 64 و5 / 376 ، وابن ماجه (1536). وأخرج أحمد 4 / 260 و263 بسند حسن عن جرير بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أخاكم النجاشي قد مات فاستغفروا له". وقد اختار غير واحد من العلماء أن الغائب إن مات ببلد لم يصل عليه فيه ، صلي عليه صلاة الغائب كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لانه مات بين الكفار ولم يصل عليه. وإن صلي عليه حيث مات لم يصل عليه صلاة الغائب لان الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه (ش).
(1) هو في حديث ابن عباس الطويل عن أبي سفيان في بدء الوخي ، ومسلم (1773) في الجهاد والسير : باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الاسلام (ش).
(2) أخرجه البخاري 8 / 96 في المغازي : باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر من حديث الزهري ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن ابن عباس أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي ، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين ، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ، فلما قرأه ، مزقه ، فحسب (القائل هو الزهري) أن ابن المسيب قال : فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق (ش).
(3) في "د" : القطبية ، سبق قلم من الناسخ.
(4) انظر ابن سيد الناس 2 / 265 و266 ، وشرح المواهب 3 / 348 ، 350 ، ونصب الراية 4 / 421 ، 422 (ش).

(1/197)


وبعث صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ملكي عمان جيفر وعبد (1) ابني الجلندى الأزديين ، والملك يومئذ جيفر ، فأسلما وصدقا وخليا بين عمرو بن العاص وبين الصدقة والحكم فيما بينهم ، فلم يزل عندهم حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
وبعث صلى الله عليه وسلم سليط بن عمرو العامري إلى اليمامة ، إلى هوذة بن علي الحنفي ، فأكرمه وأنزله ، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، وأنا خطيب قومي وشاعرهم فاجعل لي بعض الامر. فأبى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسلم هوذة ، ومات زمن الفتح (3).
وبعث صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء من أرض الشام. قال شجاع : فانتهيت إليه وهو بغوطة دمشق فقرأ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم رمى به ، وقال : أنا أسير إليه ، وعزم على ذلك فمنعه قيصر (4).
وبعث صلى الله عليه وسلم المهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث الحميري ، أحد مقاولة اليمن.
وبعث صلى الله عليه وسلم بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين ، وكتب إليه كتابا يدعوه إلى (5) الاسلام ، فأسلم وصدق (6).
وبعث صلى الله عليه وسلم أبا موسى الاشعري ومعاذ بن جبل الأنصاري إلى
__________
(1) في سيرة ابن هشام : عياذ.
(2) انظر ابن سيد الناس 2 / 267 ، 269 ، وشرح المواهب 3 / 352 و355 ، ونصب الراية 4 / 423 ، 424 (ش).
(3) انظر ابن سيد الناس 2 / 269 و270 ، وشرح المواهب 3 / 355 و356 (ش).
(4) انظر ابن سيد الناس 2 / 70 ، وشرح المواهب 3 / 356 ، 357 (ش).
(5) ليس في "د.
(6) انظر شرح المواهب 3 / 324.

(1/198)


جملة اليمن داعيين إلى الاسلام ، فأسلم عامة أهل اليمن : ملوكهم وعامتهم طوعا من غير قتال (1).
__________
(1) أخرجه البخاري 6 / 113 في الجهاد : باب ما يكره من التنازع والاختلاف ، و8 / 51 و10 / 435 و13 / 143 ، ومسلم(1733) في الجهاد : باب في الامر بالتيسير وترك التنفير من طريق سعيد بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن ، فقال : يسرا ولا تعسرا"وبشرا ولا تنفرا ، وتطاوعا ولا تختلفا" (ش).

(1/199)


فصل
في ذكر أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم
وكان له صلى الله عليه وسلم من العمومة أحد عشر ، منهم :
الحارث بن عبدالمطلب : أمه سمراء بنت جنيدب بن حجير بن رئاب بن سواءة بن عامر بن صعصعة. وهو أكبر ولد عبدالمطلب ، وبه كان يكنى.
ومن ولده ولد ولده جماعة لههم صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقثم : هلك صغيرا ، وهو شقيق الحارث.
والزبير : وكان من أشراف قريش. وابنه عبد الله بن الزبير شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا وثبت يومئذ ، واستشهذ بأجنادين ، وروي أنه وجد إلى جنب سبعة قد قتلهم وقتلوه. وابنته ضباعة بنت الزبير لها صحبة ، وأم الحكم بنت الزبير ، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحمزة بن عبدالمطلب : أسد الله وأسد رسوله. أمه هالة بنت أهيب ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. وهو أخول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة. أسلم قديما ، وهاجر إلى المدنية ، وشهد بدرا وأحدا ، وقتل يومئذ شهيدا. ولم يكن له إلا ابنة.
والعباس : أسلم وحسن إسلامه ، وهاجر إلى المدينة. وكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين. وكان له عشرة من الذكور.
وأبو طالب : واسمه عبد مناف ، وهو شقيق عبد الله والد رسول

(1/200)


الله صلى الله عليه وسلم ، وشقيق عاتكه صاحبة الرؤيا في بدر ، أمهم فاطمة بنت عمرو ابن عائذ بن عمران بن مخزوم.
وأبو لهب : واسمه عبدالعزى ، وكنيته أبو عتبة ، كناه أبوه أبا لهب لحسن وجهه.وأمه ليلى ، ويقال : لبني ، بنت هاجر بن عبد مناف بن حناطر بن حبشية بن سلوان (1) بن كعب بن سلول بن عمرو الخزاعي. ومن ولده : عتبة ومعتب (2) ابنا أبي لهب ، وكانا ممن ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين.ودرة بنت أبي لهب ، لها صحبة ، وهي التي كان علي بن أبي طالب خطبها على فاطمة.وعتيبة بن أبي لهب قتله الاسد بالزرقاء من أرض الشام على كفره بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
وعبد الكعبة بن عبدالمطلب : وهو المقوم ، وقيل : إنهما اثنان ، وهو شقيق حمزة.
وحجل : واسمه المغيرة ، وهو شقيق حمزة أيضا ، لابقية له.
والغيداق : سمي بذلك لانه كان أجود قريش وأكثرهم طعاما.وقيل : هو (3) حجل والغيداق لقبه.وقال الزبير بن بكار عن عمه مصعب بن عبد الله : اسمه مصعب ، قال : وقال غيره من قريش : اسمه نوفل.وأمه ممنعة بنت عمرو بن مالك بن مؤمل ، من خزاعة.
وضرار : وهو شقيق العباس أيضا ، لا بقية له.
وعماته صلى الله عليه وسلم ست :
صفية بنت عبدالمطلب : أسلمت وهاجرت ، وقيل : لم يسلم منهن غيرها.وهي أم الزبير بن العوام.توفيت بالمدينة في خلافة عمر
__________
(1) في "د" : سلول.
(2) قيده ابن حجر في الاصابة كما قيدناه : بضم الميم وفتح العين وتشديد التاء.
(3) في "د" : (إنه).

(1/201)


ابن الخطاب سنة عشرين ولها ثلاث وسبعون سنة.وهي شقيقة حمزة.
وعاتكه بنت عبدالمطلب : صاحبة الرؤيا في بدر.قيل : إنها أسلمت أيضا.
وكانت عند أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم ، فولدت له : عبد الله ، له صحبة ، وزهيرا ، وقريبة (1) الكبرى.
وأروى بنت عبدالمطلب : كانت عند عمير بن وهب بن عبد الدار بن قصي فولدت له : طليب بن عمير ، وكان من المهاجرين الاولين شهد بدرا ، وقتل بأجنادين ، وليس له عقب.
وأميمة بنت عبدالمطلب : كانت عند جحش بن رئاب بن يعمر ابن صبرة فولدت له : عبد الله بن جحش قتل بأحد شهيدا ، وأبا أحمد بن جحش الاعمى الشاعر واسمه عبد ، وزينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وحبيبة بنت جحش ، وحمنة (2) بنت جحش ، لهم صحبة ، وعبيد الله بن جحش أسلم ثم تنصر ومات بالحبشة نصرانيا.
وبرة بنت عبدالمطلب : كانت عند عبد الاسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فولدت له : أبا سلمة واسمه عبد الله وكان زوج أم سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم أسلم وهاجر إلى أرض الحبشة.وتزوجها بعد عبد الاسد أبورهم بن عبدالعزى بن أبي قيس بن عبدود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، فولدت له : أبا سبرة واسمه عبد الله ، له صحبة وهو ممن شهدا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأم حكيم بنت عبدالمطب.وهي البيضاء كانت عند كريز بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ، فولدت له : عامرا ، وأم طلحة واسمها : أرنب ، وأروى وهي أم عثمان بن عفان.
__________
(1) ضبطنا الاسم وقيدناه من مشتبه الذهبي : 527.
(2) في "د" : خمنة"والضبط من مشتبه الذهبي : 250.

(1/202)


فصل
في ذكر أزواجه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن (1)
وأول من تزوج صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى ابن قصي بن كلاب تزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وبقيت عنده حتى أكرمه الله تعالى بنبوته ، وكانت له وزير صدق.
وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين ، وقيل بأربع ، وقيل : بخمس ، والاول أصح.
ثم تزوج سودة بنت زمعة بن قيس بن عبدشمس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بعد خديجة بمكة قبل الهجرة.وكانت قبله عند السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو.وكبرت ، وأراد طلاقها ، فوهبت يومها لعائشة فأمسكها.
وتزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق بمكة قبل الهجرة ، وبنى بها بالمدينة بعد الهجرة.
وتزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب ، وكانت قبله عند خنيس ابن حذافة السهمي ، وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وتوفي بالمدينة.
وتزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان ، واسمها رملة بنت صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.هاجرت مع زوجها عبيد
__________
(1) خص رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أمته بجمع أكثر من أربع زوجات ، وأحل له فيهن ما شاء ، وأفاض المؤرخون في ذكرهن رضي الله عنهن ، فانظر مثلا سيرة ابن هشام : 2 / 648 643 ، والاستيعاب لابن عبد البر : 1 / 44 فما بعد.

(1/203)


الله بن جحش إلى أرض الحبشة ، فتنصر هناك ثم مات نصرانيا ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بأرض الحبشة ، وأصدقها عنه النجاشي أربع مئة دينار (1) ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها عمرو بن أمية الضمري إلى أرض الحبشة ، وولي نكاحها عثمان بن عفان.
وقيل : خالد بن سعيد ابن العاص.وتوفيت بالمدينة قبل أخيها معاوية.
وتزوج أم سلمة ، واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.وكانت قبله عند أبي سلمة بن عبد الاسد.وتزوج زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة ، وهي بنت عمته أميمة بنت عبدالمطلب ، وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة وقصتها مشهورة 2).
وماتت في خلافة عمر.
وتزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبدمناف بن هلال بن عامر بن صعصعة.وكانت تسمى أم المساكين لكثرة إطعامها المساكين.وكانت قبله عند عبد الله بن جحش ، وقيل : عند الطفيل بن الحارث ، والاول أصح.تزوجها سنة ثلاث من الهجرة ، ولم تلبث عنده إلا شهرين أو ثلاثة ثم ماتت (3).
وتزوج جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب الخزاعية ثم المصطلقية ، سبيت في غزوة بني المصطلق ، فوقعت في سهم ثابت بن
__________
(1) أخرج أبو داود (2107) في النكاح : باب الصداق ، والنسائي 6 / 119 في النكاح : باب القسط في الاصدقة من حديث أم حبيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بأرض الحبشة ، زوجها النجاشي ، وأمهرها أربعة آلاف ، وجهزها من عنده ، وبعث معها شرحبيل بن حسنة ، ولم يبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء ، وكان مهور نسائه أربعمئة درهم.وفي رواية : أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش ، فمات بأرض الحبشة ، فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمهرها عنه أربعة آلاف ، وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة.وإسناده صحيح ((ش).
(2) انظر صحيح مسلم (1428) في النكاح : باب زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ، والنسائي 6 / 79 ، والبخاري 13 / 348 في التوحيد : باب وكان عرشه على الماء (ش).
(3) ولم يمت أحد من أزواجه صلى الله عليه وسلم في حياته غيرها وغير خديجة قبلها.

(1/204)


قيس بن شماس ، فكاتبها ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها وتزوجها (1).
وتزوج صفية بنت حيي بن أخطب النضرية من ولد هارون بن عمران أخي موسى بن عمران عليهما السلام ، سبيت في غزوة خيبر سنة سبع من الهجرة (2). وكانت قبله تحت كنانة بن أبي الحقيق ، قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقها ، وجعل عتقها صداقها (3).
وتزوج ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة ، وهي خالة خالد بن الوليد ، وعبد الله بنت عباس.تزوجها بسرف (4) وبنى بها فيه ، وماتت به (5) ، وهو ماء على تسعة أميال من مكة.وهي آخر من تزوج من أمهات المؤمنين ، وآخر من مات منهن على المشهور ، وقيل : أم سلمة آخر من مات منهن.رضي الله عنهن.
فهؤلاء جملة من دخل بهن من النساء وهن إحدى عشرة ، وعقد على سبع ولم يدخل بهن (6).
__________
(1) انظر ابن هشام 2 / 294 ، 295 ، ومسند أحمد 6 / 277.
(2) كانت قد وقعت في سهم دحية بن خليفة الكلبي ، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقها وتزوجها سنة سبع.
(3) أخرجه البخاري 7 / 360 في المغازي : باب غزوة خيبر ، و9 / 111 في النكاح : باب من جعل عتق الامة صداقها ، ومسلم (1365) في النكاح : باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها من حديث أنس بن مالك (ش).
(4) معجم البلدان لياقوت : 3 / 77 وذكر هناك زواج النبي صلى الله عليه وسلم وبنائه بها.
(5) أخرجه مسلم (1411) ، وأبو داود (1843) ، والترمذي (845) ، وابن ماجه (1964) ، عن يزيد بن الاصم ، عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال ، وبنى بها حلالا ، وماتت بسرف.وقد خطأ العلماء ابن عباس في قوله : إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم مع أن حديثه متفق عليه.انظر بسط ذلك في "زاد المعاد"5 / 112 ، 113 ، طبع مؤسسة الرسالة بتحقيقنا (ش).
(6) قال ابن عبد البر : وأما اللواتي اختلف فيهن ممن ابتنى بها وفارقها أو عقد عليها ولم يدخل بها ، أو خطبها ولم يتم له العقد منها ، فقد اختلف فيهن ، وفي أسباب فراقهن اختلافا كثيرا يوجب التوقف عن القطع بالصحة في واحدة منهن" (الاستيعاب : 1 / 46).

(1/205)


فصل
في ذكر خدمه صلى الله عليه وسلم من الاحرار
وكان يخدمه صلى الله عليه وسلم من الاحرار :
أنس بن مالك بن النضر الأنصاري ، وربيعة بن كعب ، وهند بن حارثة ، وأخوه أسماء بن حارثة ، الأسلميون ، وأبو ذر الغفاري ، وبلال بن رباح المؤذن ، وسعد مولى أبي بكر الصديق ، وذو مخبر ، ويقال : ذو مخمر الحبشي ابن أخي النجاشي ، ويقال : ابن أخته ، وبكير ، ويقال : بكر ، ابن شداخ لليثي.
وكان عبد الله بن مسعود صاحب نعليه ، كان إذا قام ألبسه إياهما ، وإذا جلس جعلهما في ذراعيه حتى يقوم.
وكان عقبة بن عامر الجهني صاحب بغلته يقود به في الاسفار.
وكان أبو أيوب الأنصاري صاحب رحله.

(1/206)


فصل
في ذكر مواليه وإمائه صلى الله عليه وسلم (1)
فمن مواليه صلى الله عليه وسلم : زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي ، وابنه أسامة ابن زيد وكان يقال له : الحب ابن الحب ، وثوبان بن بجدد ، وكان له نسب في اليمن ، وأبو كبشة ، يقال : اسمه سليم ، وكان من مولدي مكة ويقال : من مولدي أرض دوس ، شهد بدرا ، وأنسنة ، من مولدي أرض السراة ، وشقران ، واسمه (2) صالح ، ورباح ، وكان أسود ، ويسار ، وكان نوبيا ، وأبو رابع ، واسمه أسلم ، ويقال : إبراهيم ، وكان للعباس فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه ، وأبو مويهبة ، وكان من مولدي مزينة ، وفضالة ، نزل الشام ، ورافع ، كان لسعيد بن العاص فورثه ولده فأعتقه بعضهم وتمسك بعضهم ، فجاء رافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه فوهب له ، فكان يقول : أنا مولى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومدعم ، أسود وهبه له رفاعة بن زيد الجذامي ، وكان من (3) مولدي حسمى (4) ، قتل بوادي القرى ، وكزكرة ، كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم ، وزيد ، جد بلال بن
__________
(1) انظر"زاد المعاد"1 / 114 وما بعدها ، طبع مؤسسة الرسالة بتحقيقنا (ش).
(2) هكذا جزم المزي فقال : واسمه صالح" ، وقال ابن عبد البر : قيل : اسمه صالح فيما ذكر خليفة بن خياط ومصعب" (الاستيعاب : 2 / 09 7).
(3) سقط حرف الجر"من"من"م.
(4) بكسر الحاء المهملة وسكون السين المهملة ، وهو مقصور : أرض ببادية الشام بينها وبين وادي القرى ليلتان على ما ذكر ياقوت وابن عبد الحق البغدادي.

(1/207)


يسار بن زيد ، وعبيد ، وأبو عبيد ، وأبو السمح ، ومابور القبطي ، أهداه إليه المقوقس ، وهشام ، وأبو ضميرة ، وحنين ، وأبو عسيب ، واسمه أحمر ، وسفينة مولى أم سلمة أم المؤمنين ، أعتقته واشترطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم حياته ، فقال : لو لم تشترطي علي ما فارقته ، وواقد ، وأبو واقد ، ومولى يقال له : طهمان ، أو كيسان ، أو مهران ، أو ذكوان أو مروان.
فهؤلاء المشهورون من مواليه ، وقيل : إنهم (1) كانوا أربعين.
وكان له من الاماء : أم رافع ، زوج أبي رافع ، واسمها سلمى ،
وأم أيمن ، واسمها بركة ، ورثها من ابيه ، وكانت حاضنته صلى الله عليه وسلم ، وهي أم أسامة بن زيد ، وميمونة بنت سعد ، ويقال : بنت سعيد ، وخضرة ، ورضوى ، رضي الله عنهم أجمعين (2).
__________
(1)"إنهم"ليس في "م.
(2) إلى هنا ينتهي الجزء الاول من الكتاب حسب تقسيم المؤلف ، وجاء في "د" : آخر الجزء الاول من تهذيب الكمال في أسماء الرجال ، والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، يتلوه في الجزء الثاني إن شاء الله : فصل في ذكر أفراسه ودوابه وسلاحه صلى الله عليه وسلم".ثم تجئ بعد ذلك ، وفي صفحة مستقلة ، طبقة سماع لصاحب النسخة وجملة من الفضلاء والفضليات على المؤلف المزي في مجلسين آخرهما يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شعبان سنة 741 ، ثم خط المؤلف المزي بصحة السماع والاجازة.ويتلو ذلك صفحة مستقلة فيها عنوان الجزء الثاني ، ثم يبدأ الجزء في صفحة أخرى بالبسملة.

(1/208)


فصل
في ذكر أفراسه ودوابه وسلاحه صلى الله عليه وسلم
أول فرس ملكه صلى الله عليه وسلم : السكب ، اشتراه من أعرابي من بني فزارة بعشر أواق ، وكان (1) اسمه عند الاعرابي : الضرس ، فسماه : السكب.وكان أعز محجلا مطلق اليمين ، وهو أول فرس غزا عليه (2).
وكان له : سبحة (3) ، وهو الذي سابق عليه فسبق ففرح بذلك.
والمرتجز (4) ، وهو الذي اشتراه من أعرابي من بني مرة ، فشهد له عليه خزيمة بن ثابت.
وكان له : الورد (5) ، أهداه له تميم الداري (6) فأعطاه عمر بن لخطاب ، فحمل عليه في سبيل الله ، فوجده يباع (7).
__________
(1) ليس في "د.
(2) كان ذلك في أحد كما ذكر الذهبي في تاريخ الاسلام : 2 / 359 وغيره.والفرس إذا كان خفيف الجري فهو سكب وفيض كانسكاب لماء.
(3) يقال ذلك للفرس الحسن مد اليدين في الجري.
(4) كان ابيض ، وسمي بذلك لحسن صهيله.
(5) الورد : بين الكميت والاشقر.
(6) في "د" : الدراري.سبق قلم من الناسخ.
(7) أخرجه البخاري (2636) في الهبة من حديث زيد بن أسلم قال : سمعت أبي يقول : قال عمر رضي الله عنه : حملت على فرس في سبيل الله ، فرأيته يباع ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا تشتره ولا تعد في صدقتك"ورواه أيضا (1490) في الزكاة و(2623) في الهبة بلفظ"فأضاعه الذي كان عنده ، فأردت أن أشتريه منه ، وظننت أنه بائعه برخص ، فسألت عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد ، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه".وأخرجه أيضا (1489) من طريق سالم أن عبد الله بن عمر =

(1/209)


وروي (1) عن سهل بن سعد الساعدي ، قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندي ثلاثة أفراس ، لزاز ، والضرب ، واللحيف (2).فأما لزاز فأهداه له المقوقس ، وأما الظرب فأهداه له فروة (3) بن عمرو الجذامي ، وأما اللحيف فأهداه له ربيعة بن أبي البراء ، فأثابه عليه فرائض من نعم بني كلاب.
وكانت له بغلة يقال لها : الدلدل يركبها في الاسفار ، وعاشت بعده حتى كبرت ، وذهبت أسنانها وكان يحبش لها الشعير ، وماتت بينبع.
وكان له حمار يقال له : عفير ، مات في حجة الوداع.
وكان له عشرون لقحة (4) بالغابة يراح إليه كل ليلة بقربتين عظيمتين من لبن. وكان فيها لقاح غزر : الحناء ، والسمراء ، والعريس ، والسعدية ، والبغوم ، واليسيرة ، والربى.وكانت له لقحة يقال لها : بردة ، أهداها له الضحاك بن سفيان الكلابي كانت تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان.
__________
= كان يحدث أن عمر بن الخطاب تصدق بفرس في سبيل الله ، فوجده يباع ، فأراد أن يشتريه ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستأمره ، فقال : لاتعد في صدقتك" (ش).
(1) الذي رواه هو حفيده عبدالمهيمن بن عباس بن سهل (ونقله عنه الواقدي) ، قال الذهبي : وهو ضعيف.(تاريخ الاسلام : 2 / 359) ، وتناوله في الميزان فضعفه بما نقل عن الأئمة في حقه : البخاري والنسائي والدارقطني (الميزان : 2 / 671).
(2) في حاشية نسخة"د" : في صحيح البخاري عن أبي بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم في حائطنا فرس يقال له : اللحيف.قال أبو عبد الله : وقال بعضهم اللخفيف بالخاء والله أعلم"وهذه الحاشية للمزي نفسه. قال بشار : وأبي هذا هو أخو عبدالمهيمن الذي ذكر في الهامش السابق وهو ضعيف مثل أخيه وسيأتي في هذا الكتاب وتناوله الذهبي في الميزان وذكر أن ابن معين ضعفه ونقل عن الإمام أحمد أنه منكر الحديث ثم قال : أبي ، وإن لم يكن بالثبت فهو حسن الحديث ، وأخوه عبدالمهيمن واه" (الميزان : 1 / 78).
ولم يرو له البخاري غير هذا الحديث في موضع واحد ، في ذكر خيل النبي صلى الله عليه وسلم.
(3) كان فروة عاملا للروم على فلسطين وما يليها من العرب ، موضعه بعمان ، وقد كتب بإسلامه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (الاستيعاب : 3 / 1259).
(4) والجمع لقاح ، وهي النوق ذوات الالبان.

(1/210)


وكانت له مهرة أرسل بها إليه سعد بن عبادة من نعم بني عقيل.
وكانت له الشقراء.
وكانت له العضباء ، وهي القصواء والجدعاء.ابتاعها أبو بكر الصديق من نعم بني الحريش.وأخرى معها بثمان مئة درهم وهي التي هاجر عليها ، وكانت حين قدم المدينة رباعية وهي التي سبقت فشق ذلك على المسلمين (1).
وكانت له منائح سبع من الغنم : عجرة ، وزمزم ، وسقياء ، وبركة ، وورسة ، وأطلال ، وأطراف.وكان له مئة من الغنم.
وكانت له ثلاثة أرماح أصابها من سلاح بني قينقاع.
وكانت له ثلاث قسي : قوس تسمى الروحاء ، وقوس صفراء تدعى الصفراء ، وقوس من شوحط.
وكان له ترس فيه تمثال رأس كبش فكره مكانه فأصبح وقد أذهبه الله.
وكان سيفه ذو الفقار (2) تنفله يوم بدر ، وهو الذي أري فيه الرؤيا
يوم أحد (3) ، وكان لمنبه بن الحجاج السهمي.
وأصاب من سلاح بني قينقاع ثلاثة اسياف : سيف قلعي (4) ،
__________
(1) أخرجه البخاري 12 / 292 في الرقاق : باب التواضع ، وفي الجهاد : باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبو داود (4802) ، وأحمد 3 / 103 و253 ، والنسائي 6 / 227 من حديث أنس بن مالك ، قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة تسمى العضباء لا تسبق ، فجاء أعرابي على قعود فسبقها ، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه ، فقال : حق على الله ان لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه" (ش).
(2) يقيد بالفتح كما هو مقيد هنا باعتبار أنه جمع لفقارة ، وقيد بالكسر جمع فقرة.
(3) أخرجه أحدم 1 / 271 ، والترمذي (1561) في السير : باب النفل ، وابن ماجه (2808) ، وابن سعد 1 / 486 من حديث ابن عباس ، وسنده حسن (ش).
(4) منسوب إلى مرج القلعة موضع بالبادية.

(1/211)


وسيف يدعى بتارا ، وسيف يدعى الحنيف (1).
وكان له : المخذم (2) ، ورسوب أصابهما من الفلس (3) وهو صنم لطئ.
وفي حديث أنس بن مالك ، قال : كان نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة وقبيعته (4) فضة (5) وما بين ذلك حلق فضة.وأصاب من سلاح بني قينقاع درعين : إحداهما يقال لها : الصغدية (6) ، والاخرى يقال لها : فضة.
وفي حديث محمد بن مسلمة الأنصاري ، قال : رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد درعين : درعه ذات الفضول ، ودرعه فضة.
ورأيت عليه يوم حنين درعه ذات الفضول الصغدية (7).
__________
(1) من الحنف ، وهو الاعوجاج.
(2) المخدم : السريع القطع كما في النهاية لابن الاثير : 2 / 16.
(3) الفلس : بضم الفاء وسكون اللام ، قيده ابن الاثير في النهاية : 3 / 470.
(4) القبيعة : هي التي تكون على رأس قائم السيف ، وقيل : هي ما تحت شاربي السيف ، كما في النهاية لابن الاثير : 4 / 7.
(5) أخرجه النسائي 8 / 219 في الزينة : باب حلية السيف ، ورجاله ثقات : وأخرجه الترمذي في "الشمائل"1 / 192 ، وفي"الجامع" (1691) ، وأبو داود (2583) ، والنسائي 8 / 219 ، وسنده قوي ، بلفظ : كانت قبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة.(ش).
(6) ويقال فيها أيضا"السغدية"بالسين المهملة ، وهي نسبة إلى السغد ، أو الصغد حيث تكتب بالسين والصاد.
(7) أخرجه ابن سعد في "الطبقات"1 / 487 من طريق الواقدي..وفي الباب عن السائب بن يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عليه يوم أحد درعان قد ظاهر بينهما. أخرجه الترمذي في الشمائل (104) ، وأبو داود (2590) ، وأحمد 3 / 449 ، وابن ماجه (2806) ، ورجاله ثقات.وله شاهد عند الترمذي في "الشمائل" (103) ، والحاكم 3 / 25 بسند حسن من حديث الزبير بن العوام.(ش).

(1/212)


فصل
في صفته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم
أخبرنا المشايخ الأربعة : الإمام العلامة شيخ الاسلام أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة ، وبقية السلف أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسيان والرئيس الكبير أبو الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم ابن علان القيسي وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني ، قالوا : أخبرنا أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج البغدادي ، قدم علينا دمشق ، أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني ، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد ابن المذهب التميمي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا وكعى ، أخبرنا المسعودي ، عن عثمان بن عبد الله بن هرمز ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن علي رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بالقصير ولا بالطويل ، ضخم الرأس واللحية ، شثن الكفين والقدمين ، مشربا وجهه حمرة ، طويل المسربة ، ضخم الكراديس ، إذا مشى تكفأ تكفيا كأنما ينحط من صبب ، لم أر قبله ، يعني : ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم (1).
__________
(1) أخرجه أمد 1 / 96 ، والترمذي (3637) في المناقب : باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم وقال : حسن صحيح مع أن المسعودي اختلط ، وعثمان بن عبد الله لين الحديث وأخرج مالك 2 / 919 في أول كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم ، والبخاري 6 / 415 في المناقب ، ومسلم (2347) في الفضائل من حديث أنس بن مالك قال : كان رسول الله =

(1/213)


وهكذا رواه النسائي في مسند علي من رواية المسعودي.
وقيل : عن السمعودي عن عثمان بن مسلم بن هرمز ، وكذلك رواه الترمذي.
وروي عن مسعر عن عثمان بالوجهين جميعا.
وأخبرنا الشيخ الجليل الرئيس أبو العباس أحمد بن محمد بن عبدالقاهر بن هبة الله بن النصيبي الحلبي بحلب ، أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البغدادي بحلب ، أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى بن شعيب السجزي ببغداد ، أخبرنا الشيخ أبو عطاء عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الهروي الجوهري ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن جعفر بن محمود بن حسان الماليني بها إملاء ، أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن علي بن رزين الباشاني ، حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن أبو جعفر العجلي أملاه علينا من كتابه ، حدثنا رجل من بني تميم بن ولد أبي هالة زوج خديجة يكنى أبا عبد الله عن ابن لابي هالة عن الحسن بن علي رضي الله عنهما ، قال : سألت خالي هند بن أبي هالة ، وكان وصافا عن حلية (1) النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به ، فقال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما ، يتلالا وجهه تلالؤ القمر ليلة البدر ، أطول من المربوع ، وأقصر من المشذب ، عظيم الهامة ، رجل الشعر ، إذا انفرقت عقيصته (2) ، فرق وإلا يجاوز شعره شحمة أذنيه
__________
= صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ، ولا بالقصير ، وليس بالابيض الامهق ، ولا بالآدم ، ولا بالجعد القطط ، ولا بالسبط ، بعثه الله على رأس أربعين سنة ، فأقام بمكة عشر سنين ، وبالمدينة عشر سنين ، وتوفاه الله على رأس ستين سنة ، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء"وفي البخاري 10 / 302 عن أنس : كان النبي صلى الله عليه وسلم ضخم اليدين والقدمين ، لم أر قبله ولا بعده مثله ، وكان بسط الكفين.
وما ورد في هذا الحديث من الغريب وفي الاحاديث الآتية سيشرحه المؤلف في نهاية الفصل.(ش).
(1) حلية الرجل : صفته.
(2) العقيصة : الضفيرة.

(1/214)


إذا هو وفره ، أزهر اللون ، واسع الجبين ، أزج الحواجب سوابغ في غير قرن ، بينهما عرق يدره الغضب ، أقنى العرنين ، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم ، كث اللحية ، سهل الخدين ، ضليع الفم ، أشنب ، مفلج الاسنان ، دقيق المسربة (1) ، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة.
معتدل الخلق ، بادن متماسك ، سواء البطن والصدر ، عريض الصدر ، بعيد ما بين المنكبين ، ضخم الكراديس ، أنور المتجرد ، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط ، عاري الثديين والبطن ، وما سوى ذلك ، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر ، طويل الزندين ، رحب (2) الراحة ، شثن (3) الكفين والقدمين ، سائل أو سائر الاطراف ، خمصان الاخمصين ، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء ، إذا زال قلعا ، يخطو تكفيا ، ويمشي هونا ، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب ، وإذا التفت التفت جميعا ، خافض الطرف ، نظره إلى الارض أكثر من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة ، يسوق أصحابه ، ويبدر من لقي بالسلام.
قال : قلت : صف لي منطقه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الاحزان ، دائم الفكرة ، ليست له راحة ، طويل السكت ، لا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح الكلام بأشداقه ويختمه بأشداقه ، ويتكلم بجوامع الكلم فصل لا فضول ولا تقصير ، دمث ليس بالجافي ولا المهين ، يعظم النعمة وإن دقت ، لا يذم شيئا غير أنه لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه ، لا تغضبه الدنيا وما كان لها ، فإذا ، تعدي الحق ، لم يعرفه
__________
(1) المسربة بضم الراء : ما دق من شعر الصدر سائلا إلى الجوف ، كما في النهاية لابن الاثير ، وانظر ما يأتي من الشرح بعد قليل.
(2) الرحب : الواسع.
(3) قال ابن الاثير في النهاية : شئن : في صفته صلى الله عليه وسلم"شثن الكفين والقدمين"أي أنهما يميلان إلى الغلظ والقصر.
وقيل : هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر ، ويحمد ذلك في الرجال ، لانه أشد لقبضهم ، ويذم في النساء" : 2 / 444.

(1/215)


أحد ، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له ، ولا يغضب لنفسه ، ولا ينتصر لها ، إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب ، قلبها ، وإذا تحدث ، اتصل بها ، يضرب براحته اليمنى باطن راحته اليسرى ، وإذا غضب ، أعرض وأشاح ، وإذا فرح ، غض طرفه ، جل ضحكه التبسم ، ويفتر عن مثل حب الغمام.
قال الحسن : فكتمتها الحسين زمانا ، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسأله عما سألت عنه ، ووجدته قد سأل اباه عن مدخله ومخرجه وشكله فلم يدع منه شيئا.
قال الحسين : فسألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك.
وكان إذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزء الله ، وجزء لاهله ، وجزء لنفسه ، ثم جزء جزءه بينه وبين الناس ورد ذلك بالخاصة على العامة ولا يدخر عنهم شيئا. فكان من سيرته في جزء الامة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم ، ويشغلهم فيما أصلحهم والامة من مسألته عنهم وإخبارهم بالذي ينبغي لهم ، يقول : ليبلغ الشاهد الغائب وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها ، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة. ولا يذكر عنده إلا ذلك ، ولا يقبل من أحد غيره ، يدخلون روادا (1) ولا يفترقون إلا عن ذواق (2) ، ويخرجون أدلة ، يعني على الخير.
__________
(1) قال ابن الاثير في "رود"من النهاية : في حديث علي رضي الله عنه ، في صفة الصحابة رضي الله عنهم"يدخلون روادا ويخرجون أدلة"أي يدخلون عليه طالبين العلم وملتمسين الحكم من عنده ، ويخرجون أدلة هداة للناس. والرواد : جمع رائد..وأصل الرائد الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلا ومساقط الغيث : 2 / 275.
(2) قال ابن الاثير في "ذوق"من النهاية في شرح ذلك : ضرب الذواق مثلا لما ينالون عنده من الخير" : 2 / 172.

(1/216)


قال : وسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا مما يعنيه ويؤلفهم ولا ينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ، ويحذر الناس ، ويحترس منهم من أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه ، ويتفقد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس ، ويحسن الحسن ويقويه ، ويقبح القبيح ويوهيه ، معتدل الامر غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا ، لكل حال عنده عتاد ، لا يقصر عن الحق ولا يجاوزه ، الذين يلونه من الناس خيارهم ، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة ، وأعظمهم عنده أحسنهم مواساة.
قال : فسألته عن مجلسه : كيف كان يصنع فيه ، فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر ، ولا يوطن الاماكن ، وينهى عن إيطانها ، وإذا انتهى إلى قوم ، جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ، يعطي كل جلسائه نصيبه ولا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه ، من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف. ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها ، أو بميسور من القول. قد وسع الناس منه بسطه وخلقه ، فصار لهم أبا ، وصاروا عنده في الحق سواء. مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة ، لا ترفع فيه الاصوات ، ولا تؤبن فيه الحرم (1) ، ولا تنثى فلتاته ، متعادلين ، يتفاضلون فيه بالتقوى ، متواضعين يوقرون فيه الكبير ، ويرحمون فيه الصغير ، ويؤثرون ذا الحاجة ، ويحفظون الغريب (2).
روى الترمذي أكثره في كتاب الشمائل عن سفيان بن وكيع بن الجراح به مقطعا ، فوقع لنا موافقة له عالية ولله الحمد.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان
__________
(1) وانظر أيضا النهاية لابن الاثير : 1 / 17.
(2) إسناده ضعيف لضعف سفيان بن وكيع ، وكذا شيخه جميع بن عمر ، وجهالة الرجل من بني تميم ، وكذا الراوي عنه ، وهو في "شمائل الترمذي" (329) و(344) وأخلاق النبي ص (22 ، 26). (ش).

(1/217)


العامري ، أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري ، أخبرنا الحافظ أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد المرادي ، أخبرنا فقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي. قال القاضي أبو القاسم (1) : وأنبأنا أبو عبد الله الفراوي هذا وأبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري إذنا ، قالا : أخبرنا الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ لفظا وقراءة عليه ، حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب العقيقي صاحب كتاب"النسب"ببغداد ، حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو محمد ،
بالمدينة ، سنة ثلاث وستين ومئتين ، حدثني علي بن جعفر بن محمد عن أخيه موسى بن جعفر ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن علي بن الحسين ، قال : قال الحسن بن علي : سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان وصافا وأرجو أن يصف لي منه شيئا أتعلق به. (ح) : قال الحافظ أبو بكر : وأخبرنا أبو الحسين ابن الفضل القطان ببغداد ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي ، حدثنا يعقوب بن سفيان الفسوي ، حدثنا سعيد بن حماد الأنصاري المصري (2) وأبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، قالا : حدثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي ، حدثني رجل بمكة ، عن ابن لابي هالة التميمي ، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي ، وكان وصافا ، عن حلية النبي
__________
(1) في حاشية"د" : يقع بعلو في مشيخة ابن شاذان الصغرى.
(2) في "م" : البصري"وهو وهم فانظر تاريخ يعقوب الفسوي : 3 / 284. وسيأتي في ترجمة شيخه جميع بن عمر العجلي قول المؤلف المزي : روى عنه أبو محمد سعيد بن حماد بن سعيد ابن معروف بن عبد الله الأنصاري المصري" : 2 / الورقة : 138.

(1/218)


صلى الله عليه وسلم وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به فذكر الحديث بطوله نحوه ، وزاد :
قال : قلت : كيف كانت سيرته في جلسائه ؟. وفي رواية العلوي (1) : فسألته عن سيرته في جلسائه فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا سخاب ، ولا فحاش ولا عياب ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ، ولا يؤيس منه [ راجيه ] (2) ولا يجيب فيه. قد ترك نفسه من ثلاث : المراء ، والاكثار ، وما لا يعنيه. وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدا ، ولا يعيره ، ولا يطلب عورته. ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت ، تكلموا ، ولا يتنازعون عنده زاد العلوي الحديث : من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث أوليتهم وفي رواية العلوي : أولهم يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجب مما يتعجبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم وفي رواية العلوي : في المنطق ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه ، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام وفي رواية العلوي : بانتهاء أو قيام
قال : فسألته : كيف كان سكوته ؟ قال : كان سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أربع : الحلم ، والحذر ، والتقدير ، والتفكر وفي رواية
__________
(1) أخذ ابن كثير برواية العلوي في البداية والنهاية : 6 / 33 31.
(2) ما بين الحاصرتين إضافة من شمائل الترمذي. ومعنى"يتغافل عما لا يشتهي"أي : يتكلف الغفلة والاعراض عما لا يستحسنه من القول والفعل. وقوله"لايؤيس منه راجيه"أي : لا يجعله آيسا منه.

(1/219)


العلوي : والتفكير فأما تقديره ففي تسويته النظر والاستماع بين الناس ، وأما تذكره أو قال : تفكره ، قال سعيد : تفكره ، ولم يشك ، وفي رواية العلوي : تفكيره ففيما يبقى ويفنى. وجمع له صلى الله عليه وسلم : الحلم ، والصبر ، وكان يغضبه شيء ، ولا يستفزه ، وجمع له الحذر في أربع : أخذه بالحسنى قال سعيد والعلوي : بالحسن ليقتدى به ، وتركه القبيح لينتهى عنه وفي رواية العلوي : ليتناهى عنه واجتهاد الرأي فيما أصلح أمته والقيام فيما جمع لهم الدنيا والآخرة وفي رواية العلوي : والقيام لهم فيما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة صلى الله عليه وسلم.
وأخبرنا المشايخ الأربعة : أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد ابن البخاري المقدسي وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني وأبو يحيى إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد ابن العسقلاني وأم أحمد زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحراني ، قالوا : أخبرنا ابو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزذ البغدادي ، أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني ، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز ، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، حدثني يسر (1) بن أنس أبو الخير ، وأحمد بن يوسف بن تميم البصري ، قالا : حدثنا أبو هشام محمد بن سليمان زاد أبو الخير : ابن الحكم بن أيوب بن سليمان بن زيد بن ثابت بن سيار الكعبي الربعي الخزاعي. وزاد أحمد : بقديد (2) ، ثم اتفقا قال : حدثنى عمي أيوب بن الحكم. عن
__________
(1) قيده الذهبي في "المشتبه" ، قال في "بسر"من المشتبه : وبياء...ويسر بن أنس في حدود الثلاث مئة" (ص : 79). وقال العلامة ابن ناصر الدين بعد أن قيده بالحروف ونقل قو الإمام الذهبي : قلت : هو بغدادي كنيته أبو الخير ، حدث عنه أبو بكر الشافعي وسمع منه محمد بن زيد بن مروان إملاءا في سنة ثلاث وثلاث مئة" (توضيح المشتبه : 1 / الورقة : 61 من نسخة الظاهرية).
(2) قديد : اسم موضع قرب مكة كما في معجم ياقوت ومراصد البغدادي.

(1/220)


حزام بن هشام ، عن أبيه هشام ، عن جده حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة خرج منها مهاجرا إلى المدينة هو وأبو بكر ومولى لابي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن الاريقط مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية ، وكانت برزة (1) جلدة تحتبي بفناء القبة ، ثم تسقي وتطعم ، فسألوها تمرا ولحما يشترونه منها ، فلم يصيبوا عندها من ذلك شيئا ، وكان القوم مرملين مسنتين ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة ، فقال : ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم. قال : هل بها من لبن ؟ قالت : هي أجهد من ذلك. قال : أتأذنين أن أحلبها ؟ قالت : نعم ، بابي أنت وأمي ، إن رأيت بها حلبا فاحلبها فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها ، وسمى الله عزوجل ، ودعا لها في شاتها ، فتفاجت عليه ودرت واجترت ، ودعا بإناء يربض الرهط ، فحلب ثجا حتى علاه البهاء ، ثم سقاها حتى رويت ، ثم سقى أصحابه حتى رووا ، ثم شرب آخرهم ، ثم حلب ثانيا بعد بدء حتى ملا الاناء ثم غادره عندها وبايعها ، وارتحلوا عنها ، فقل ما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا تساوكن هزلا مخهن قليل ، فلما رأى أبو معبد اللبن عجب ، وقال : من أين لك هذا يا أم معبد والشاء عازب حيال ولا حلوب في البيت ؟ قالت : لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا. قال : صفيه لي يا أم معبد. قالت : رجل ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة ، ولم تزر به صعلة ، وسيم قسيم ، في عبنيه دعج ، وفي أشفاره وطف ، وفي صوته صحل ، وفي عنقه سطع ، وفي لحيته كثاثة ، أزج ، أقرن. إن صمت فعليه الوقار ، وإن تكلم ، سما وعلاه البهاء ، أجمل الناس ، وأبهاه من بعيد ، وأحسنه وأحلاه من
__________
(1) قال ابن الاثير في النهاية : يقال : امرأة برزة إذا كانت كهلة لا تحتجب احتجاب الشواب ، وهي مع ذلك عفيفة عاقلة تجلس للناس وتحدثهم ، من البروز وهو الظهور والخروج" : 1 / 117.

(1/221)


قريب ، حلو المنطق ، فصل لا نزر ولا هذر ، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ، ربعة لا يائس (1) من طول ولا تقتحمه عين من قصر ، غصن بين غصنين ، فهو أنضر الثلاثة منظرا ، وأحسنهم قدرا. له رفقاء يحفون به ، إن قال أنصتوا لقوله ، وإن أمر ، تبادروا إلى أمره ، محفود محشود ، لا عابس ولا مفند. قال أبو معبد : فهذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة ، ولقد هممت أن أصحبه ولافعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا.
وأصبح صوت بمكة عال ، يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه ، وهو يقول :
جزى الله رب الناس خير جزائه • رفيقين قالا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به • فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيال قصي ما زوى الله عنكم • به من فعال لا تجارى وسودد
ليهن بني كعب مكان فتاتهم • ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها • فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت • عليه صريحا ضرة الشاة مزبد
فغادرها رهنا لديها لحالب • يرددها في مصدر ثم مورد
فلما سمع بذلك حسان الأنصاري شبب (2) يجاوب الهاتف فقال :
__________
(1) قال المجد ابن الاثير في (يأس) من النهاية : في حديث أم معبد"لا يأس من طول"أي أنه لا يؤيس من طوله ، لانه كان إلى الطول أقرب منه إلى القصر...ورواه ابن الأنباري في كتابه : لا يائس من طول"وقال : معناه لا ميؤوس من أجل طوله ، أي : لا ييأس مطاوله منه لافراط طوله ، فيائس بمعنى ميؤوس ، كماء دافق بمعنى مدفوق" : 5 / 291. وفي البداية لابن كثير نقلا عن البيهقي : لا تنساه عين من طول". قلت : والذي هنا هو ما ذكره ابن الأنباري لانها رسمت في الاصول جميعها"يايس.
(2) قال ابن منظور في "شبب"من لسان العرب : وفي حديث أم معبد : فلما سمع حسان شعر الهاتف شبب يجاويه ، أي ابتدأ في جوابه ، من تشبيب الكتب ، وهو الابتداء بها ، والاخذ فيها ، وليس من تشبيب بالنساء في الشعر. ويروى نشب بالنون أي : أخذ في الشعر ، وعلق فيه". وفي مجمع الزوائد : 6 / 57 : شب"وهو تحريف.

(1/222)


لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم • وقدس من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فضلت عقولهم • وحل ععلى قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم • وأرشدهم من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا • عمايتهم هاد به كل مهتد (1)
وقد نزلت منه على أهل يثرب • ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله • ويتلو كتاب الله في كل مسجد
وإن قال في يوم مقالة غائب • فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده • بصحبته من يسعد الله يسعد (2)
تفسير ما تضمنته هذه الاحاديث من الالفاظ اللغوية :
قوله في الحديث الاول :
شثن الكفين : يعني أنهما إلى الغلظ ما هما.
والمسربة ها هنا : الشعر المستدق من اللبة إلى السرة.
والكراديس : رؤوس العظام.
وقوله : إذا مشى تكفأ تكفيا" : يريد أن يميد في مشيته ويمشي في رفق غير مختال ، وأصله الهمز.
والصبب : الانحدار ، والصبوب مثله.
وقوله في الحديث الثاني : فخما مفخما" ، قال أبو عبيد :
__________
(1) رواية الشطر الثاني في الديوان (52) والمستدرك (3 / 10) : عمى وهداة يهتدون بمهتد.
(2) حديث حسن قوي أخرجه الحاكم في "المستدرك"3 / 9 ، 10 ، وصححه ، ووافقه الذهبي مع أن هشام ابن حبيش لم يذكر بجرح ولا تعديل ، وذكر الهيثمي في "المجمع"6 / 55 ، 58 ، وقال : رواه الطبراني ، وفي إسناده جماعة لم أعرفهم ، وأورده السيوطي في "الخصائص الكبرى"1 / 467 ، وزاد نسبته إلى البغوي ، وابن شاهين ، وابن السكن ، وابن مندة ، والبيهقي ، وأبي نعيم ، كلهم من طريق حزام بن هشام بن حبيش ، عن أبيه ، عن جده. وذكر له الحافظ ابن كثير في "بدايته"3 / 192 ، 194 طريقين آخرين ، وقال : وقصة أم معبد مشهورة مروية من طرق يشد بعضها بعضا. (ش).

(1/223)


الفخامة في الوجه : نبله وامتلاؤه مع الجمال والمهابة. وقال أبو بكر بن الأنباري : المعنى أنه كان عظيما معظما في الصدور والعيون ، ولم يكن خلقه في جسمه ضخما.
وقوله : يتلالا وجهه"أي : يستنير ويشرق ، وهو مأخوذ من اللؤلؤ.
والمشذب ، قال أبو محمد ابن قتيبة : هو الطويل البائن الطول. وقال ابن الأنباري : لا يقال للطويل مشذب حتى يكون في لحمه بعض النقصان.
والهامة : الرأس.
وقوله : رجل الشعر" ، يعني أنه ليس بسبط ولا مسترخ. وفي حديث أنس : ليس بالسبط ولا الجعد القطط"يعني : ليس بمبالغ في الجعودة كشعر السودان ونحوهم.
وقوله : وفره" ، أي تركه حتى يكون وفرة ، والوفرة : الجمة.
وقوله : أزج الحواجب" : الزجج : تقوس في الحاجب مع طول في أطرافه وسبوغ.
وقوله : أقنى العرنين" : العرنين : طرف الانف. والقنا : ارتفاع مع تحدب ، وهو قريب من الشمم.
والكثاثة : كثرة في التفاف واجتماع ،
والضليع : العظيم ،
والشنب : ماء ورقة في الثغر ،
والفلج : تباعد ما بين الثنايا والرباعيات ،
والدمية : الصورة المصورة.
وقوله : بادن متماسك ، أي ممتلئ البدن غير مسترخ ولا رهل.

(1/224)


والمتجرد : المعترى.
واللبة : النحر.
والسائل والسائر : الطويل السابغ.
والاخمص من القدم : الذي لا يلصق بالارض في الوطئ من باطنها ، أخبر أن ذلك الموضع من باطن قدمه مرتفع عن الارض.
والمسيح والممسوح : الاملس ، أي : ليس فيهما شقاق ، ولا وسخ ولا تكسر فالماء ينبو عنهما لذلك إذا أصابهما.
وقوله : زال قلعا"المعنى : أنه كان يرفع رجليه من الارض رفعا بقوة لا كمن يمشئ اختيالا ، ويقارب خطاه. ويروى : زال قلعا ، ومعناه : التثبت ، ومنه حديث جرير بن عبد الله البجلي : إني رجل قلع" ، وهو الذي لا يثبت على الخيل.
والذريع : السريع.
وقوله : يسوق أصحابه ، يعني : يقدمهم أمامه.
والدمث : السهل.
والجافي : المتكبر.
والمهين : الوضيع.
والذواق : الطعام.
وقوله : أشاح" ، الاشاحة : الاعراض عن الشي كأنه يحذره ويتقيه.
وقوله : يفتر ، أي يبدي عن أسنانه.
وحب الغمام : البرد.
والشكل : النحو والمذهب ، قاله الازهري.
وقوله : ويوهيه ، يعني يضعفه. ويروى : ويوهنه ، وهو بمعناه.

(1/225)


والعتاد : ما يعد للامر مثل السلاح وغيره.
وقوله : لاتؤبن فيه الحرم ، أي لا تذكر بقبيح.
ولاتنثى فلتاته : أي لا تذاع ولا تشاع. والفلتات : جمع فلتة ، وهي الزلة.والمعنى : لم يكن لمجلسه فلتات فتنثى. وقال أبو عبد الله بن الاعرابي : النثا في الكلام : القبيح والحسن.
وقوله في حديث أم معبد : مرملين مسنتين : المرمل : الذي نفد زاده ، والمسنت : الذي دخل في السنة وهي الجدب والقحط.
وكسر الخيمة : جانبها.
والجهد : الهزال.
فتفاجت عليه : أي فرجت ما بين رجليها.
وقوله : يربض الرهط : أي يرويهم حتى يناموا ويمتدوا على الارض ، والثج : السيلان ،
والبهاء (1) هنا : الرغوة ،
والتساوك : اضطراب العنق من الضعف والهزال.
والشاء عازب : اي : بعيدة المرعى.
وحيال : جمع حائل.
والوضاءة : الحسن والجمال.
والابلج : الابيض.
والثجلة : عظم البطن مع استرخاء أسفله. ويروى : نحلة بالنون والحاء من النحول ، وهو الدقة وضعف التركيب.
والازراء : الاحتقار للشئ والتهاون به.
والصعلة : صغر الرأس ، ويروى : صقلة (2) بالقاف وهي
__________
(1) في "م"الهبا"فكأن قلم الناسخ سبقه فقدم الهاء على الباء ، وانظر النهاية في "بها.
(2) لذلك ذكر ابن الاثير الوصف في (صعل)"من النهاية : 2 / 32 ، وفي (صقل) منها ، وقال : ويروى بالسين

(1/226)


الدقة والضمرة. والمراد أنه كان ضربا من الرجال. والصقل : منقطع الاضلاع من الخاصرة. أي : ليس بأثجل عظيم البطن ولا بشديد لحوق الجنبين ، بل هو كامل الخلق لا تعيبه صفة من صفاته صلى الله عليه وسلم.
والوسيم : المشهور بالحسن كأنه صار الحسن له علامة.
والقسيم : الحسن قسمة الوجه.
والدعج : شدة سواد العين.
والاشفار : حروف الاجفان التي تلتقي عند التغميض والشعر نابت عليها ، ويقال لهذا الشعر : الهدب. وأرادت في شعر أشفاره وطف ، والوطف : الطول ، ويروى : عطف بالعين وبالغين أيضا وهو بمعنى الوطف ، ومعناه : أنها مع طولها منعطفة منثنية.
والصحل : شبه البحة ، وهو غلظ في الصوت. وفي رواية : صهل ، وهو قريب منه ، لان الصهيل صوت الفرس وهي تصهل بشدة وقوة.
والسطع : طول العنق.
والقرن : اتصال أحد الحاجبين بالآخر.
وسما : أي علا برأسه ويده. وفي رواية : سما به ، أي علا بكلامه على من حوله من جلسائه.
والفصل : هو ما فسرته بقولها : لا نزر ولا هذر ، أي ليس كلامه بقليل لا يفهم ، ولا بكثير يمل. والهذر : الكثير.
لا تقتحمه عين من قصر : أي لا تزدريه لقصره فتجاوزه إلى غيره بل تهابه وتقبله.
والمحفود : المخدوم.
__________
= على الابدال من الصاد. ويروى صعلة ، وقد تقدم" : 2 / 42.

(1/227)


والمحشود : الذي يجتمع الناس حوله.
وأنضر : أحسن.
والعابس : الكالح الوجه.
والمفند : المنسوب إلى الجهل وقلة العقل.
والضرة : أصل الضرع.
وقوله : مزبد : خفص على المجاورة. ويروى :
دعاها بشاة حائل فتحلبت • له بصريح ضرة الشاة مزبد

(1/228)


فصل
وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس ، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه (1) : كنا إذا احمر الباس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يكن أحد أقرب إلى القوم منه (2).
وكان أسخى الناس ، قال أنس بن مالك رضي الله عنه : ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال : لا (3).
وكان أشد حياء من العذراء في خدرها (4) لا يثبت بصره في وجه أحد.
__________
(1) (رضي الله عنه) لم ترد في "د.
(2) أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي"ص (58) من طريق علي بن الجعد ، عن زهير بن معاوية ، عن أبى إسحاق السبيعي ، عن حارثة بن مضرب ، عن علي. ورواه أيضا من طريق وكيع عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن علي. وله شاهد عند مسلم (1776) في الجهاد من قول البراء : كنا ، والله ، إذا احمر البأس نتقي به ، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم"وللبخاري 10 / 381 من حديث أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس ، وأجود الناس ، وأشجع الناس".(ش).
(3) أخرجه مسلم في "صحيحه" (2312) في الفضائل من طريق حميد ، عن موسى بن أنس ، عن أبيه قال : ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام شيئا إلا أعطاه. قال : فجاءه رجل ، فأعطاه غنما بين جبلين ، فرجع إلى قومه ، فقال : يا قوم أسلموا ، فإن محمد يعطي عطاءلا يخشى الفاقة. وأما اللفظ الذي ذكره المصنف ، فقد أخرجه مسلم (2311) ، والترمذي في "الشمائل" (3451) ، وابن سعد 1 / 368 ، والبخاري 10 / 381 ، كلهم من حديث جابر ابن عبد الله.(ش).
(4) أخرجه البخاري 10 / 427 في الادب : باب من لم يواجه الناس بالعقاب ، وباب الحياء ، ومسلم (2320) في الفضائل : باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم ، والترمذي في الشمائل (351) من حديث أبي سعيد الخدري ، وتمامه : وكان إذا كره شيئا عرف في وجهه".(ش).

(1/229)


وما عاب طعاما قط ، كان إن اشتهاه أكله وإلا تركه (1). وكان لا يأكل متكئا ، ولا يأكل على خوان ، ولا يمتنع من طعام حلال ، إن وجد تمرا ، أكله وإن وجد خبزا ، أكله وإن وجد شواء ، أكله وإن وجد خبز شعير أو بر ، أكله ، وإن وجد لبنا ، اكتفى به. وكان يأكل البطيخ بالرطب (2).
وفي حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب (3).
وفي حديث عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل (4).
وقال أبو هريرة : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير (5).
وفي حديث عائشة : كان يأتي على آل محمد الشهر والشهران لا يوقد في بيت من بيوته نار. وكان قوتهم التمر والماء (6).
وكان يقبل الهدية ويكافئ عليها ، ولا يقبل الصدقة.
وكان لا يتأنق في مأكل ولا ملبس ، يأكل ما وجد ، ويلبس ما وجد.
__________
(1) أخرجه البخاري 9 / 477 في الاطعمة : باب ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما ، ومسلم (2064) في الاشربة : باب لا يعيب الطعام من حديث أبي هريرة. (ش).
(2) أخرجه الترمذي في "الشمائل"1 / 296 ، وفي الجامع (1844) من حديث عائشة ، وسنده حسن (ش).
(3) أخرجه البخاري 9 / 488 في الاطعمة : باب القثاء بالرطب ، ومسلم (2043) في الاشربة : باب أكل القثاء بالرطب.(ش).
(4) أخرجه البخاري 9 / 483 في الاطعمة : باب الحلوى والعسل ، والترمذي في "الشمائل"1 / 256 بشرح علي القاري.(ش).
(5) أخرجه البخاري 9 / 478 في الاطعمة : باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون.(ش).
(6) أخرجه البخاري 11 / 251 في الرقاق : باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ومسلم (2972) في أول الزهد والرقائق.(ش).

(1/230)


وكان يخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويكون في مهنة أهله (1). ويعود المرضى ، ويشهد الجنائز ، ويجيب دعوة الغني والفقير ، ويحب المساكين ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم ، لا يحقر فقيرا لفقره ، ولا يهاب ملكا لملكه.
وكان يركب الفرس والبعير والبغلة والحمار ، ويردف خلفه عبده أو غيره ولا يدع أحدا يمشي خلفه ويقول : دعوا ظهري للملائكة.(2).
وكان يلبس الصوف ، وينتعل المخصوف. وكان أحب اللباس إليه الحبرة وهي من برود اليمن فيها حمرة وبياض.
وكان خاتمه من فضة ، فصه منه ، يلبسه في خنصره الايمن ، وربما لبسه في الايسر.
وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع (3). وقد أوتي بمفاتيح خزائن الارض كلها (4). فأبى أن يقبلها ، واختار الآخرة عليها.
__________
(1) أخرج عبد الرزاق في "المصنف" (20492) من طريق معمر ، عن الزهري ، وهشام بن عروة عن أبيه قال : سأل رجل عائشة : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته ؟ قالت : نعم ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته"وإسناده صحيح ، وأخرج أحمد 6 / 256 بإسناد صحيح عن عائشة قالت : سئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته ؟ قالت : كان بشرا من البشر يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم نفسه. (ش).
(2) أخرجه ابن سعد في "الطبقات"من حديث جابر بلفظ : امشوا أمامي"خلوا ظهري للملائكة"وأخرجه أحمد 3 / 302 ، وابن ماجة (246) في المقدمة من طريق وكيع ، عن سفيان ، عن الأسود بن قيس ، عن نبيح العنزي ، عن جابر ، بلفظ : كان أصحابه يمشون أمامه إذا خرج ، ويدعون ظهره للملائكة". وإسناده صحيح كما قال البوصيري في "الزوائد" : 19 ، وقال : رواه أحمد بن منيع في "مسنده"حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان بن بلفظ : مشوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : امشوا أمامي ، وخلفوا ظهري للملائكة". قلت : وهذا سند صحيح أيضا.وأخرجه أحمد 3 / 332 ، والحاكم 4 / 281 من طريق سفيان به بلفظ"كان إذا خرج من بيته ، مشينا قدامه ، وتركنا ظهره الملائكة".(ش).
(3) انظر البخاري (4101) في المغازي : باب غزوة الخندق ، ومسلم 3 / 1614. (ش).
(4) في البخاري (2977) و(6998) و(7013) و(7273) ، ومسلم (523) (6) من حديث أبي هريرة مرفوعا"بعثت بجوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، فبينا أنا نائم أوتيت مفاتيح خزائن الارض ، فوضعت في يدي"=

(1/231)


وكان يكثر الذكر ، ويقل اللغو ، ويطيل الصلاة ، ويقصر الخطبة.
وكان أكثر الناس تبسما ، وأحسنهم بشرا مع كونه متواصل الاحزان دائم الفكرة.
وكان يحب الريح الطيبة ، ويكره الريح الخبيثة.
وكان يتألف أهل الشرف ، ويكرم أهل الفضل ، ولا يطوي عن أحد بشره ولا خلقه ، ويرى اللعب المباح فلا ينكره ، ويمزح ولا يقول إلا حقا ، ويقبل عذر المعتذر إليه.
وكان لا يرتفع على عبيده ولا إمائه في مأكل ولا ملبس ، ولا يمضي له وقت في غير عمل لله ، أو فيما لا بد له أو لاهله منه.
ورعى الغنم ، وقال : ما من نبي إلا قد رعاها" (1).
وقال سعد بن هشام : دخلت على عائشة فقلت : حدثيني عن خلق (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : كان خلقه القرآن (3) يغضب لغضبه ويرضى لرضاه.
وفي حديث أنس بن مالك قال : ما مسست بيدي ديباجا ولا
__________
= قال أبو هريرة : وأنتم اليوم تنتثلونها. وفي البخاري (1344) و(3596) و(4085) و(6426) و(6590) ، ومسلم (2296) من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما ، فصل على أهل أحد صلاته على الميت ، ثم انصرف إلى المنبر ، فقال : إني فرط لكم ، وأنا شهيد عليكم ، وإني ، والله ، لانظر إلى حوضي الآن ، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الارض ، أو مفاتيح الارض ، وإني ، والله ، ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها".(ش).
(1) أخرجه البخاري 4 / 363 في أول الامارة من حديث أبي هريرة ، وأخرجه أحمد 3 / 326 ، ومسلم (2050) من حديث جابر بن عبد الله.(ش).
(2) الخلق ، بضم اللام وسكونها : السجية.
(3) أخرجه أحمد 6 / 54 و91 و163 ، ومسلم (746) في صلاة المسافرين : باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض ، وأبو داود (1342) في الصلاة : باب في صلاة الليل ، والنسائي 3 / 199 ، 200 في أول قيام الليل ، والدارمي 1 / 344 ، 345. (ش).

(1/232)


حريرا كان ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شممت رائحة قط كانت أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط.
ولا قال لشئ فعلته : لم فعلت كذا وكذا ، ولا لشئ لم أفعله ألا فعلت كذا وكذا (1).
قد جمع الله له كمال الاخلاق ، ومحاسن الافعال ، وآتاه علم الاولين والآخرين وما فيه خير الدنيا والآخرة ، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا معلم له من البشر ، نشأ في بلاد الجهل وعبادة الاوثان ، وآتاه الله ما لم يؤت أحدا من العالمين واختاره على جميع الاولين والآخرين ، فصلواته وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة دائمة إلى يوم الدين.
__________
(1) أخرجه الترمذي في "الشمائل" (338) من طريق قتيبة بن سعيد ، عن جعفر بن سليمان الضبعي ، عن ثابت ، عن أنس. وهذا سند صحيح.
وأخرج القسم الاول منه مسلم في "صحيحه" (2230) في الفضائل من طريق قتيبة بن سعيد به ، وأخرج قوله : ولقد خدمت..إلى آخره"البخاري 10 / 283 في الادب : باب حسن الخلق ، ومسلم (2309) في الفضائل من طرق ، عن ثابت ، عن أنس. (ش).

(1/233)


فصل
في معجزاته صلى الله عليه وسلم (1)
ومن أعظم معجزاته وأوضح دلالاته القرآن العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد الذي أعجز الفصحاء ، وحير البلغاء ، وأعياهم أن يأتوا بسورة من مثله ، وشهد بإعجازه المشركون ، وأيقن بصدقه الجاحدون والملجدون.
وسأل المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم انشقاق القمر فانشق حتى صار فرقتين (2) ، وذلك قوله تعالى : {اقتربت الساعة وانشق القمر) {3).
وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله زوى (4) لي الارض فرأيت مشارقها
__________
(1) أورد الذهبي في تاريخ الاسلام معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ، وخرج الاحاديث الواردة فيها ، فراجعه تجد فائدة : 2 / 285 237.
وقد أوردت الكتب الستة فصولا في معجزاته وتناولتها كتب السيرة ، وتكلم الحافظ ابن حجر عليها كلاما جيدا في فتح الباري (6 / 582 ط ، السلفية).
(2) حديث انشقاق القمر رواه غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم ، فقد أخرجه من حديث عبد الله بن مسعود : البخاري 6 / 464 في الانبياء ، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي تفسير سورة"اقتربت الساعة" ، ومسلم (2800) في صفات المنافقين : باب انشقاق القمر ، والترمذي (3285) و(3287) في التفسير ، وأخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمر ، والترمذي (3288) وأخرجه من حديث عبد الله بن عباس : البخاري 8 / 474 في التفسير ، ومسلم (2813) ، وأخرجه من حديث أنس بن مالك : البخاري 8 / 425 ، ومسلم (2802) ، والترمذي (3282) ، وأخرجه من حديث جبير بن مطعم : الترمذي (3289)..(ش)
(3) سورة القمر ، الآية : 1.
(4) زوى : جمع ، يقال : زويته أزويه زيا. ومنه دعاء السفر"وازولنا البعيد"أي : اجمعه واطوه. (النهاية لابن الاثير : 2 / 320).

(1/234)


ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها" (1). فصدق الله قوله بأن ملك أمته بلغ أقصى المغرب وأقصى المشرق ، ولم ينتشر في الجنوب ولا في الشمال.
وكان يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر وقام عليه ، حن الجذع حنين الناقة حتى جاء إليه ، فالتزمه ، فكان يئن كما يئن الصبي الذي يسكت ، ثم سكن (2).
ونبع الماء من بين أصابعه غير مرة (3).
وسبح الحصى في كفه (4).
وكانوا يسمعون تسبيح الطعام وهو يؤكل عنده (5).
__________
(1) أخرجه مسلم (2889) في الفتن : باب هلاك هذه الامة بعضهم ببعض ، وأبو داود (4252) في الفتن والملاحم : باب ذكر الفتن ودلائلها ، والترمذي (2203) في الفتن : باب ما جاء في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا في أمته ، وابن ماجه (3952) في الفتن : باب ما يكون من الفتن ، كلهم من حديث ثوبان رضي الله عنه (ش).
(2) أخرجه البخاري (2095) في البيوع : باب النجار ، و(3584) و(3585) في المناقب : باب علامات النبوة في الاسلام ، والنسائي 3 / 102 في الجمعة : باب مقام الإمام في الخطبة من حديث جابر رضي الله عنه (ش).
(3) روي من حديث أنس بن مالك ، أخرجه مالك 1 / 32 في الطهارة : باب جامع الوضوء ، والبخاري 1 / 236 في الوضوء : باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة ، وفي الانبياء : باب علامات النبوة في الاسلام ، ومسلم (2279) في الفضائل : باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ، والترمذي (3635) في المناقب ، والنسائي 1 / 60 في الطهارة. ومن حديث جابر أخرجه البخاري 6 / 429 في الانبياء : باب علامات النبوة في الاسلام ، وفي المغازي : باب غزوة الحديبية ، وفي تفسير سورة الفتح : باب إذ يبايعونك تحت الشجرة ، وفي الاشربة : باب شرب البركة والماء المبارك ، ومسلم (1856) في الامارة : باب استحباب مبايعة الإمام. ومن حديث عبد الله بن مسعود عند البخاري 6 / 432 و433 ، والترمذي (3637) ، والنسائي 1 / 60 (ش).
(4) ذكره الهيثمي في المجمع 8 / 298 ، 299 من حديث أبي ذر ونسبه إلى البزار ، وفي سنده ضعيف ومجهول انظر"دلائل النبوة"ورقة 298 للبيهقي ، و"فتح الباري"6 / 433.(ش).
(5) قطعة من حديث أخرجه البخاري 6 / 432 و433 في الانبياء : باب علامات النبوة في الاسلام من طريق محمد بن المثنى ، عن أبي أحمد الزبيري ، عن إسرائيل ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن
مسعود بلفظ : ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل". قال الحافظ : أي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غالبا ووقع ذلك عند الإسماعيلي صريحا ، أخرجه عن الحسن بن سفيان بن بندار عن أبي أحمد الزبيري في هذا الحديث : كنا نأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم الطعام ونحن نسمع تسبيح الطعام"وأخرجه بلفظ البخاري أحمد في "المسند"1 / 460 ، والدارمي 1 / 14 ، 15.(ش).

(1/235)


وسلم عليه الحجر والشجر ليالي بعث (1).
وكلمته الذراع المسمومة (2). ومات الذي أكل معه من الشاة المسمومة وعاش هو صلى الله عليه وسلم بعده أربع سنين.
وشهد الذئب بنبوته (3).
ومر ببعير يستقى عليه ، فلما رآه جرجر ووضع جرانه بالارض ، فقال : إنه شكا كثرة العمل ، وقلة العلف (4).
ودخل حائطا فيه بعير ، فلما رآه حن وذرفت عليناه فقال
__________
(1) حديث تسليم الحجر أخرجه مسلم (2277) ، والترمذي (3628) من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن بمكة حجرا كان يسلم علي ليالي بعثت ، إني لاعرفه الآن.
وما تسليم الشجر ، فهو عنه الترمذي (3630) من حديث علي بن أبي طالب ، وفي سنده ضعيف ومجهول.(ش).
(2) أخرجه أبو داود (4510) في الديات : باب فيمن سقى رجلا سما أو أطعمه فمات أيقاد منه ، من طريق ابن شهاب الزهري عن جابر ، وهذا سند منقطع ، لان الزهري لم يسمع من جرير. وأما قصة الشاة المسمومة دون إخبار الذراع فقد أخرجها البخاري 6 / 195 في صحيحه في الجهاد : باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم ، من حديث أبي هريرة. وأخرجها أيضا البخاري 5 / 169 في الهبة ، ومسلم (2190) في السلام ، وأبو داود (4508) من حديث أنس بن مالك. (ش).
(3) أخرجه الإمام أحمد 3 / 83 ، 84 من طريق يزيد عن القاسم بن الفضل الحداني عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه قال : ألا تتقي الله ، تنزع مني رزقا ساقه الله إلي ؟ فقال : يا عجبي ! ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الانس ، فقال الذئب : ألا أخبرك بأعجب من ذلك : محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق ، قال : فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة ، فزواها إلى زاوية من زواياها ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي : الصلاة جامعة ، ثم خرج ، فقال للراعي : أخبرهم ، فأخبرهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق.
وهذا سند صحيح ، وصححه ابن حبان (2109) والحاكم 4 / 467 ، 468 ، ووافقه الذهبي. (ش).
(4) أخرجه أحمد 4 / 173 من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن حفص عن يعلى بن مرة الثقفي ، وسنده ضعيف لان عطاء بن السائب قد اختلط ، ومعمر سمع منه بعد الاختلاط ، وشيخه عبد الله بن حفص مجهول. لكن أخرجه الحاكم 2 / 617 ، 618 من طريق الأعمش عن المنهال بن عمرو عن يعلى ابن مرة عن أبيه ، وفيه : ثم أتاه بعير ، فقام بين يديه ، فرأى عينيه تدمعان ، فبعث إلى أصحابه ، فقال : ما لبعيركم هذا يشكوكم ؟ فقالوا : كما نعمل عليه ، فلما كبر وذهب عمله تواعدنا عليه لننحره غدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تنحروه ، واجعلوه في الابل يكون معها". وإسناده صحيح كما قال الحاكم ووافقه الذهبي. وله طريق آخر في المسند 4 / 170 بنحوه ، وهو حسن في الشواهد. وانظر"البداية"6 / 138 ، 140. (ش).

(1/236)


لصاحبه : إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه (1).
ودخل حائطا آخر فيه فحلان من الابل قد عجز صاحبهما عنهما فلما رآه أحدهما جاء حتى برك بين يديه فخطمه (2) ودفعه إلى صاحبه فلما رآه الآخر فعل مثل ذلك (3).
وكان نائما في سفر فجاءت شجرة تشق الارض حتى قامت عليه ، فلما استيقظ ذكرت له ، فقال : هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لها (4).
وأمر شجرتين فاجتمعتا ثم أمرهما فأفترقتا (5).
وسأله أعرابي أن يريه آية ، فأمر شجرة ، فقطعت عروقها حتى جاءت فقامت بين يديه ثم أمرها فرجعت إلى مكانها (6).
وأراد أن ينحر ست بدنات (7) فجعلن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ (8).
وندرت عين قتادة بن النعمان الظفري حتى صارت في يده ،
__________
(1) أخرجه أمد 1 / 204 و205 ، وأبو داود (2549) في الجهاد : باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم من حديث عبد الله بن جعفر ، وإسناده صحيح. وتدئبه : تكده وتتعبه. (ش).
(2) أي وضع الخطام في رأس البعير ، وهو ما يقاد به.
(3) ذكره الهيثمي في "المجمع"5 / 4 ، 5 من حديث ابن عباس بنحوه ، وقال : رواه الطبراني ، وفيه أبو عزة الدباغ وثقه ابن حبان ، واسمه الحكم بن طهمان ، وبقية رجاله ثقات. كذا قال ، مع أن الذهبي نقل في الميزان تضعيفه عن ابن حبان. وذكره ابن كثير في "البداية"6 / 136 ، وقال : هذا إسناد غريب ومتن غريب. (ش).
(4) أخرجه أحمد 4 / 173 من طريق عبد الرزاق عن معمر ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن حفص عن يعلى بن مرة الثقفي.
وعطاء اختلط ، وعبد الله بن حفص مجهول (ش).
(5) انظر حديث جابر في صحيح مسلم (3012) ، وحديث يعلى بن مرة في "المستدرك"2 / 617 ، 618 ، وقد تقدم.(ش).
(6) أخرجه الدارمي 1 / 9 ، 10 من حديث ابن عمر ، وصححه الحاكم ، ونقله ابن كثير في "البداية"عنه 6 / 125 وقال : إسناده جيد. (ش).
(7) جمع بدنة ، وقال المجد ابن الاثير معلقا على هذا الحديث : البدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة ، وهي بالابل أشبه ، وسميت بدنة لعظمها وسمنها". (النهاية : 1 / 108).
(8) أخرجه أحمد 4 / 350 ، وأبو داود (1765) في المناسك من حديث عبد الله بن قرط ، وسنده جيد. (ش).

(1/237)


فردها ، فكانت أحسن عينيه وأحدهما ، وقيل : إنها لم تعرف (1).
وتفل في عيني علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أرمد فبرأ من ساعته (2) ولم يرمد بعد ذلك.
ودعا له من وجع أصابه ، فبرأ ولم يشتك ذلك الوجع بعد ذلك (3).
وأصيبت رجل عبد الله بن عتيك الأنصاري ، فمسحها ، فبرأت من حينها (4).
__________
(1) أخرجه أبو يعلى عن يحيى بن عبدالحميد الحماني ، عن عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل ، عن عاصم ابن عمر بن قتادة ، عن أبيه ، عن قتادة بن النعمان أنه أصيبت عينه يوم بدر ، فسالت حدقته على وجنته ، فارادوا أن يقطعوها ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا ، فدعا به ، فغمز حدقته براحته ، فكان لا يدري أي عينيه أصيبت. وهذا سند قابل للتحسين. وأخرجه أيضا من طريق يعقوب بن محمد الزهري ، عن إبراهيم بن جعفر ، عن أبيه ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن جده. وهو منقطع. وجاء من وجه آخر ، أنها أصيبت يوم أحد. فقد قال السهيلي : رواه محمد بن أبي عثمان الأموي عن عمار بن نصر ، عن مالك بن أنس ، عن محمد بن عبد الله بن أبي صعصعة ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري عن أخيه لامه قتادة بن النعمان قال : أصيبت عيناي يوم أحد ، فسقطتا على وجنتي ، فأتيت بهما النبي صلى الله عليه وسلم ، فأعادهما مكانهما ، وبصق فيهما ، فعادتا تبرقان". قال الدارقطني : هذا حديث عن مالك انفرد به عمار بن نصر عن مالك ، وهو ثقة. وأخرج الدارقطني وابن شاهين من طريق عبد الرحمن بن يحيى العذري ، عن مالك ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن قتادة بن النعمان أنه أصيبت عينه يوم أحد ، فوقعت على وجنتيه ، فردها النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانت أصح عينيه.
وعبد الرحمن بن يحيى ، قال العقيلي : مجهول ، لا يقيم الحديث من جهته.
انظر"أسد الغابة"4 / 390 ، 391 و"الاصابة"8 / 138 و139 ،"وشرح المواهب"5 / 186 ، 187. (ش).
(2) أخرجه أحمد 5 / 333 ، والبخاري 6 / 101 في الجهاد : باب فضل من أسلم على يديه رجل ، وباب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاسلام والنبوة ، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : باب مناقب علي بن أبي طالب ، وفي المغازي : باب غزوة خيبر ، وأخرجه مسلم (2406) في فضائل الصحابة : باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه من حديث سهل بن سعد. وقوله : ولم يرمد بعد ذلك"أخرجه الطبراني من حديث علي. (ش).
(3) أخرجه أحمد 1 / 108 و128 ، من طريقين ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي رضي الله عنه قال : اشتكيت ، فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنا أقول اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فاشفني أو عافني ، وإن كان بلاء فصبرني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كيف قلت"؟ قال : فأعدت عليه : قال : فمسح بيده ، ثم قال : اللهم أشفه أو عافه". قال : فما اشتكيت وجعي ذاك بعد. وعبد الله بن سلمة سئ الحفظ ، وباقي رجاله ثقات. (ش).
(4) أخرجه البخاري 7 / 263 ، 265 في المغازي : باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق من حديث البراء بن عازب مطولا ، وفيه : فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فحدثته ، فقال لي : ابسط رجلك ، فبسطت رجلي ، فمسحها ، فكأنها لم أشتكها قط".(ش).

(1/238)


وأخبر أنه يقتل أبي بن خلف الجمحي ، فخدشه يوم بدر أو أحد خدشا يسيرا فمات منه.
وقال سعد بن معاذ لاخيه أمية بن خلف : سمعت محمدا يزعم أنه قاتلك فقتل يوم بدر كافرا (1).
وأخبر يوم بدر بمصارع المشركين ، فقال : هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله ، وهذا مصرع فلان ، فلم يعد واحد منهم مصرعه الذي سماه (2).
وأخبر أن طوائف من أمته يغزون البحر ، وأن أم حرام بنت ملحان منهم ، فكان كما قال (3).
__________
(1) أخرجه البخاري 6 / 463 في المناقب (3632) : باب علامات النبوة في الاسلام ، و7 / 220 في أول المغازي : باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من يقتل ببدر من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : انطلق سعد بن معاذ معتمرا ، قال : فنزل على أمية بن خلف أبي صفوان ، وكان أمية إذا انطلق إلى الشام فمر بالمدينة نزل على سعد فقال أمية لسعد : ألا انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس انطلقت فطفت ، فبينا سعد يطوف ، إذا أبو جهل ، فقال : من هذا الذي يطوف بالكعبة ؟ فقال سعد : أنا سعد ، فقال أبو جهل : تطوف بالكعبة آمنا وقد آويتم محمدا وأصحابه ، فقال : نعم. فتلاحيا بينهما ، فقال أمية لسعد : لا ترفع صوتك على أبي الحكم ، فإنه سيد أهل الوادي ، ثم قال سعد : والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لاقطعن متجرك بالشام ، قال : فجعل أمية يقول لسعد : لا ترفع صوتك ، وجعل يمسكه ، فغضب سعد فقال : دعنا عنك ، فإني سمعت محمدا صلى الله عليه وسلم يزعم أنه قاتلك ، قال : إياي ؟ قال : نعم ، قال : والله ما يكذب محمد إذا حدث ، فرجع إلى امرأته فقال : أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي ؟ قالت : وما قال ؟ ، قال : زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي ، قالت : فوالله ما يكذب محمد ، قال : فلما خرجوا إملى بدر ، وجاء الصريخ قالت له امرأته : أما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي ؟ قال : فأراد أن لا يخرج ، فقال له أبو جهل : إنك من أشراف الوادي فسر يوما أو يومين ، فسار معه يومين ، فقتله الله". والمؤاخاة التي كانت بين سعد وأمية هي المواخاة التي كانت في الجاهلية. (ش).
(2) أخرجه مسلم (2873) في الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، وأحمد 1 / 26 ، والنسائي 4 / 108 ، 109 في الجنائز : باب أرواح المؤمنين ، عن أنس بن مالك أن عمر حدثه عن أهل بدر ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرينا مصارع أهل بدر بالامس ، يقول : هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله" ، قال : فقال عمر : فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا الحدود التي حد رسول الله صلى الله عليه وسلم. (ش).
(3) أخرجه البخاري 12 / 345 ، 346 في التعبير : باب رؤيا النهار ، ومسلم (1912) في الامارة : باب فضل الغزو في البحر ، وأبو داود (2490) ، والترمذي (1645) ، والنسائي 6 / 40 ، وابن ماجه (2776) ، والدارمي 2 / 210 ، وأحمد 2 / 240 ، 264 عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أم حرام بنت ملحان ، فتطعمه ، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، ثم جلست تفلي =

(1/239)


وقال لعثمان بن عفان : إنه تصيبه بلوى شديدة (1) ، فقتل عثمان.
وقال للحسن بن علي : إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين (2). فكان كذلك.
وأخبر بمقتل الأسود العنسي الكذاب ليلة قتله وبمن قتله وهو بصنعاء اليمن (3). وأخبر بمثل ذلك في قتل كسرى (4).
وأخبر عن الشيماء بنت بقيلة أنها رفعت له في خمار أسود على بغلة شهباء ، فأخذت في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في جيش خالد بن الوليد بهذه الصفة (5).
وقال لثابت بن قيس بن شماس : تعيش حميدا ، وتقتل
__________
= رأسه ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استيقظ وهو يضحك ، قالت : فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج البحر ملوكا على الاسرة ، أو مثل الملوك على الاسرة ، قالت : فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، ثم وضع راسه فنام ، ثم استيقظ وهو يضحك ، قالت : فقلت : ما يضحك يا رسول الله ؟ قال : ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الاولى ، قالت : فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : أنت من الاولين. فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية ، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت. (ش).
(1) أخرجه البخاري 10 / 492 في الادب : باب من نكت العود في الماء والطين ، ومسلم (2403) في فضائل الصحابة : باب من فضائل عثمان ، والترمذي (3711) ، وأحمد 4 / 393 و406 و407 من حديث أبي موسى الاشعري ، وفيه أن عثمان استفتح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي موسى : افتح وبشره بالجنة على بلوى تصيبه أو تكون" (ش).
(2) أخرجه البخاري 5 / 224 في الصلح : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي : إن ابني هذا سيد ، وأبو داود (4622) ، والترمذي (3773) ، والنسائي 3 / 107 من حديث أبي بكرة.(ش).
(3) لا يصح ، وانظر"البداية"6 / 310 لابن كثير.(ش)
(4) في البخاري 11 / 458 في الايمان والنذور ، ومسلم (2918) في الفتن من حديث أبي هريرة مرفوعا وقد مات كسرى فلا كسرى بعده ، وإذ هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله".(ش).
(5) أخرجه الطبراني في "الكبير" (4168) من حديث خريم بن أوس ، وأورده الهيثمي في "المجمع"6 / 222 ، وقال : رواه الطبراني ، وفيه جماعة لم أعرفهم.وانظر أسد الغابة 2 / 129 ، والاصابة 3 / 90.(ش).

(1/240)


شهيدا"فعاش حميدا وقتل يوم اليمامة شهيدا (1).
وقال لرجل ممن يدعي الاسلام ، وهو معه في القتال : إنه من أهل النار ، فصدق الله قوله بأن نحر نفسه (2).
ودعا لعمر بن الخطاب أن يعز الله به الاسلام أو بابي جهل بن هشام ، فأصبح عمر فأسلم (3).
ودعا لعلي بن أبي طالب أن يذهب الله عنه الحر والبرد ، فكان لا يجد حرا ولابردا (4).
ودعا لعبد الله بن عباس أن يفقهه الله في الدين ، ويعلمه التأويل ، فكان يسمى : البحر والحبر ، لكثرة علمه (5).
ودعا لانس بن مالك بطول العمر وكثرة المال والولد وأن يبارك
__________
(1) ذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء"في الجزء الاول رقم الترجمة (63) من طريق مالك وغيره عن ابن شهاب ، عن إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس. وأخرج البخاري 6 / 456 ، 457 من طريق أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس ، فقال رجل : يا رسول الله ، أنا أعلم لك علمه ، فأتاه ، فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه ، فقال : ما شأنك ؟ فقال : شر ، كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله وهو من أهل النار ، فأتى الرجل فأخبره أنه قال كذا وكذا ، فقال موسى بن أنس : فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال : اذهب إليه ، فقل له : إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة. (ش).
(2) أخرجه البخاري 7 / 361 ، 362 في المغازي : باب غزوة خيبر ، ومسلم (112) في الايمان : باب غلظ تحريم قتل الانسان نفسه..وأحمد 5 / 332 من حديث سهل بن سعد الساعدي.(ش).
(3) أخرجه الترمذي (3684) في المناقب : باب اللهم أعز الاسلام بابي جهل أو بعمر. وفي سنده النضر وهو ابن عبد الرحمن الخزاز ، متفق على ضعفه. لكن رواه أحمد (5696) ، والترمذي (3682) ، وابن سعد 3 / 1 / 191 من حديث ابن عمر بلفظ"اللهم أعز الاسلام بأحب الرجلين إليك ، بابي جهل أو عمر بن الخطاب"فكان أحبهما إلى الله عمر بن الخطاب. وسنده حسن ، وصححه ابن حبان (2179) ، وصححه الحاكم 3 / 83 من طريق آخر بلفظ"اللهم أيد الدين بعمر بن الخطاب"ووافقه الذهبي. (ش).
(4) أخرجه ابن ماجة (117) في فضائل علي. وفي سنده عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو سئ الحفظ. (ش).
(5) أخرجه البخاري 1 / 214 في الوضوء : باب وضع الماء عند الخلاء ، وفي العلم : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم علمه الكتاب ، وفي فضائل أصحاب النبي : باب ذكر ابن عباس ، وفي الاعتصام في فاتحته من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم فقهه في الدين". وفي لفظ : اللهم علمه الكتاب" ، وفي لفظ : الحكمة.
أما قوله : وعلمه التأويل ، فأخرجه أحمد في المسند 1 / 266 و314 و328 و335 وإسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2477) بلفظ : اللهم فقهه". (ش).

(1/241)


له فيه (1) ، فولد له مئة وعشرون ذكرا لصلبه ، وكان نخله يحمل في السنة مرتين ، وعاش نحو مئة سنة.
وكان عتيبة بن أبي لهب قد شق قميصه وآذاه فدعا عليه أن يسلط الله عليه كلبا من كلابه ، فقتله الاسد بالزرقاء من أرض الشام (2).
وشكي إليه قحوط المطر وهو على المنبر فدعا الله عزوجل ، وما في السماء قزعة ، فثار سحاب أمثال الجبال ، فمطروا إلى الجمعة الاخرى حتى شكي إليه كثرة المطر ، فدعا الله عزوجل فأقلعت ، وخرجوا يمشون في الشمس (3).
وأطعم أهل الخندق ، وهم ألف ، من صاع شعير أو دونه وبهمة وانصرفوا والطعام أكثر مما كان (4).
وأطعم أهل الخندق أيضا من تمر يسير أتت به ابنة بشير بن سعد
إلى ابيها وخالها عبد الله بن رواحة (5).
وأمر عمر بن الخطاب أن يزود أربع مئة راكب من تمر كالفصيل
__________
(1) أخرجه البخاري 11 / 117 في الدعوات : باب قول الله تعالى : وصل عليهم ، وباب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه بطول العمر وبكثرة المال ، وباب الدعاء بكثرة المال مع البركة ، وباب الدعاء بكثرة الولد مع البركة ، ومسلم (660) في المساجد : باب جواز الجماعة في النافلة ، و(2480) و(2481) في فضائل الصحابة : باب من فضائل أنس بن مالك رضي الله عنه ، والترمذي (3827) و(3828) في فضائل الصحابة : باب من فضائل أنس بن مالك رضي الله عنه ، والترمذي (3827) و(3828) في المناقب : باب مناقب أنس رضي الله عنه.(ش).
(2) أخرجه الحاكم 2 / 539 ، من طريق الحارث بن أبي أسامة ، عن العباس بن الفضل الأنصاري ، عن الأسود بن شيبان ، عن أبي نوفل بن أبي عقرب ، عن أبيه ، وقال : صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي ، كذا قالا ، مع أن العباس بن الفضل الأنصاري قال فيه الحافظ في "التقريب" : متروك ، واتهمه أبو زرعة. (ش).
(3) أخرجه البخاري 2 / 423 في الاستسقاء : باب الاستسقاء في خطبة الجمعة ، ومسلم (897) في صلاة الاستسقاء : باب الدعاء في الاستسقاء من حديث أنس بن مالك. والقزعة : القطعة من السحاب ، وجمعها قزع. (ش).
(4) أخرجه البخاري 7 / 304 ، 305 في المغازي : باب غزوة الخندق ، وفي الجهاد : باب من تكلم بالفارسية ، ومسلم (2039) في الاشربة : باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك. (ش).
(5) ذكره ابن كثير في "البداية"6 / 116 ، ونسبه لابن إسحاق قال : حدثني سعيد بن ميناء أن ابنة لبشربن سعد قالت..(ش).

(1/242)


الرابض ، فزودهم وبقي كأنه لم ينقص تمرة واحدة (1).
وأطعم في منزل أبي طلحة ثمانين رجلا من أقراص شعير جعلها أنس تحت إبطه حتى شبعوا وبقي كما هو (2).
وأطعم الجيش من مزود أبي هريرة حتى شبعوا كلهم ثم رد ما
بقي فيه ودعا له فيه فأكل منه حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فلما قتل عثمان ، ذهب. وحمل منه فيما روي عنه خمسين وسقا في سبيل الله عزوجل (3).
وأطعم في بنائه بزينب خلقا كثيرا من قصعة أهدتها له أم سليم ثم رفعت ولا يدرى : الطعام فيها أكثر حين وضعت أو حين رفعت ؟ (4).
ورمى الجيش يوم حنين بقبضة من تراب فهزمهم الله عزوجل.
__________
(1) أخرجه أحمد في "المسند"5 / 445 من طريق عبد الصمد ، عن حرب بن شداد ، عن حصين ، عن سالم ابن أبي الجعد ، عن النعمان بن مقرن قال : قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أربعمئة من مزينة ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره ، فقال بعض القوم : يا رسول الله ، ما لنا طعام نتزود به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر : زودهم ، فقال : ما عندي إلا فاضلة من تمر ، وما أراها تغني عنهم شيئا ، فقال : انطلق فزودهم ، فانطلق بنا إلى علية له ، فإذا فيها تمر مثل البكر الاورق ، فقال : خذوا ، فاخذ القوم حاجتهم ، قال : وكنت أنا في آخر القوم ، فقال : فالتفت وما أفقد موضع تمرة ، وقد احتمل منه أربعمئه رجل. ورجاله ثقات ، لكنه منقطع ، لان سالم بن أبي الجعد لم يدرك النعمان بن مقرن.
وذكره الهيثمي في "المجمع"8 / 304 ، وقال : رواه أحمد في الطبراني ، ورجال أحمد رجال الصحيح. وانظر البداية 6 / 113 ، 115. (ش).
(2) أخرجه البخاري 9 / 460 في الاطعمة : باب من أكل حتى شبع ، وباب من أدخل الضيفان عشرة عشرة ، في الانبياء : باب علامات النبوة في الاسلام ، ومسلم (2040) في الاشربة ، ومالك 2 / 927 ، 928 ، والترمذي (3634) من حديث أنس بن مالك.(ش).
(3) أخرجه أحمد 2 / 352 ، والترمذي (3838) في المناقب : باب مناقب أبي هريرة من طريق المهاجرين أبي مخلد ، عن أبي العالية ، عن أبي هريرة ، وهذا سند محتمل للتحسين ، وقد أورد له الحافظ ابن كثير في بدايته 6 / 117 ، 118 طرقا أخرى له فراجعها.(ش).
(4) أخرجه مسلم (1428) (94) في النكاح : باب زواج زينب بنت جحش ، والبخاري 9 / 196 في النكاح : باب الهدية للعروس من حديث أنس بن مالك. (ش).

(1/243)


وقال بعضهم : لم يبق منا أحد إلا امتلات عيناه ترابا (1) ، وفيه أنزل الله عزوجل : {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) {2).
وخرج على فئة من قريش وهم ينتظرونه فوضع التراب على رؤوسهم ومضى ولم يروه (3).
وتبعه سراقة بن مالك بن جعشم يريد قتله أو أسره ، فلما قرب منه ، دعا عليه ، فساخت فوائم فرسه في الارض ، فناداه بالامان وسأله أن يدعو له فدعاله فنجاه الله (4).
وله صلى الله عليه وسلم من المعجزات الباهرة والدلالات الظاهرة والاخلاق الطاهرة ما يضيق هذا المكان عن ذكره ، وذلك مدون في كتب العلماء اقتصرنا منه على هذا القدر طلبا للتخفيف ، والله ولي التوفيق.
__________
(1) أخرجه مسلم (1777) في الجهاد والسير : باب غزوة حنين ، من حديث سلمة بن الاكوع ، وفيه : فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نزل عن البغلة ، ثم قبض قبضة من تراب الارض ، ثم استقبل به وجوههم ، فقال : شاهت الوجوه ، فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملا عينيه ترابا بتلك القبضة ، فولوا مدبرين..وله أيضا (1775) من حديث ابن عباس..قال : فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته ، فما زلت أرى حدهم كليلا ، وأمرهم مدبرا. (ش).
(2) سورة الانفال ، الآية : 17.
(3) ذكره ابن هشام في السيرة 1 / 483 عن ابن إسحاق قال : حدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي..(ش).
(4) أخرجه البخاري 7 / 187 في المغازي ، والحاكم 3 / 6 ، 7 من حديث سراقة ، وأخرجه البخاري 7 / 196 ، وأحمد 3 / 211 من حديث أنس. (ش).

(1/244)


باب الالف
من اسمه أحمد
1- دفق : أحمد بن إبراهيم بن خالد الموصلي ، أبو علي ، نزيل بغداد.
روى عن : إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني ، وإبراهيم بن سليمان أبي إسماعيل المؤدب ، وإسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المعروف بابن علية ، وجعفر ابن سليمان الضبعي ، وحبيب بن حبيب الكوفي أخي حمزة بن حبيب الزيات القارئ ، والحكم بن سنان الباهلي القربي ، والحكم بن ظهير الفزاري ، وحماد بن زيد ، وخلف بن خليفة ، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، وأبي الأحوص سلام بن سليم الحنفي ، وأبي المنذر سلام ابن سليمان القارئ ، وسيف بن هارون البرجمي ، وشريك بن عبد الله النخعي القاضي ، وصالح بن عمر الواسطي ، والصبي (1) بن الاشعث ابن سالم السلولي ، وأبي زبيد عبثر (2) بن القاسم الزبيدي الكوفي ، وعبد الله بن جعفر بن نجيح المديني والد علي ابن المديني ، وعبد الله بن المبارك ، وعمر بن عبيد الطنافسي ، وفرج بن فضالة الشامي (فق) ، ومحمد بن ثابت العبدي (د) ، ومعاوية بن عبد الكريم الثقفي المعروف بالضال ، وأبي العلاء ناصح بن العلاء ، ونوح بن قيس الحداني ، وأبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي ،
__________
(1) الصبي : تصغير صبي ، قيده الذهبي في "المشتبه" : 408.
(2) عبثر : بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة وفتح الثاء المثلة ، سيأتي في موضعه من هذا الكتاب.

(1/245)


ويزيد بن زريع ، ويوسف بن عطية الصفار البصري.
روى عنه : أبو داود حديثا واحدا ، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختلي ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي الكبير ، وأبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن خالد البراثي ، وأحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجعد الوشاء ، وأحمد بن محمد بن المستلم (1) ، وجعفر بن محمد بن قتيبة الأنصاري الكوفي ، والحسن بن علي بن شبيب المعمري ، وحماد بن المؤمل الضرير ، وعبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ، وأبو القاسم عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز البغوي ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشي المعروف بابن أبي الدنيا ، صاحب المصنفات المشهورة (فق) ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي الحافظ ، وعمر بن شبة ابن عبيدة النميري ، والفضل ابن هارون البغدادي صاحب أبي ثور الكلبي ، وأبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي الحافظ المعروف بمطين ، وأبو أحمد محمد بن عبدوس بن كامل السراج ، ومحمد بن غالب بن حرب الضبي ، تمتام ، ومحمد بن واصل المقرئ ، وموسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري القاضي ، وموسى ابن هارون بن عبد الله الحمال ، وكتب عنه : أحمد بن حنبل ، ويحيى ابن معين.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن يحيى بن معين : ليس به بأس.
وقال فيه أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي صاحب"تاريخ الموصل" : ظاهر الصلاح والفضل ، كثير الحديث ، توفي سنة خمس وثلاثين ومئتين. هكذا قال.
__________
(1) في "د" : مستلم".

(1/246)


وقال أبو القاسم البغوي وموسى بن هارون : مات في ربيع الاول سنة ست وثلاثين ومئتين. زاد موسى : ليلة السبت لثمان مضين من ربيع الاول (1).
وروى له ابن ماجة في التفسير (2) (3).
2- كن : أحمد بن إبراهيم بن فيل الأسدي ، أبو الحسن البالسي (4) ، نزيل أنطاكية ، والد أبي الطاهر الحسن بن أحمد.
روى عن : إبراهيم بن مهدي المصيصي. وأبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري ، وأحمد بن أبي شعيب الحراني (كن) ، وأحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي ، وأحمد بن محمد بن ثابت الخزاعي المروزي المعروف بابن شبوية ، وأبي النضر إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الدمشقي الفراديسي ، وإسحاق بن سعيد بن الا ركون الدمشقي ، وأبي معمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر الهذلي القطيعي ، وإسماعيل ابن عبيد بن أبي كريمة الحراني ، وحماد بن يحيى البلخي ، والحسن
__________
(1) قال الحافظ عبد الغني في الكمال : وقال محمد بن سعد : أحمد بن إبراهيم يعرف بالموصلي..توفي ببغداد في شهر ربيع الاول سنة ست وثلاثين ومئتين" (1 / الورقة : 162) ، ولم يعلق المزي على مقالة صاحب الكمال وفيها نظر لان ابن سعد توفي سنة 230 فكيفى يذكر وفاة الموصلي هذا سنة 236 ؟ نبه على ذلك مغلطاي في الاكمال : (1 / الورقة : 5). وقال الخطيب البغدادي بعد ذكر قول الأزدي في وفاته : وهم أبو زكريا في ذكر وفاته"ثم أورد قول البغوي. ثم قول موسى بن هارون ونقل عنه قوله : وشهدت جنازته ، وكان ابيض الرأس واللحية" (تاريخ بغداد : 4 / 6) ، وهذا في رأينا هو التاريخ المعتمد في وفاته ، وقد ذكره الذهبي كذلك في تاريخ الاسلام ، الورقة : 8 (أحمد الثالث : 2917 / 7) ، فلا معنى بعد ذلك لقول العلامة مغلطاي في إكماله معلقا على قول الخطيب البغدادي : وزعم أن الصواب سنة ست.
(إكمال 1 / الورقة : 5).
(2) قال ابن حجر : وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين : ثقة صدوق" (تهذيب : 1 / 9).
(3) ومن طبقته مما يستدرك على المزي من التمييز.
1- أحمد بن إبراهيم بن خالد الشلاثائي الواسطي :
منسوب إلى شلاثا بضم الشين المعجمة وبعدها لأم وألف ثم ثاء مثلثة وألف قرية من نواحي البصرة. روى عن أبي الوليد الطيالسي ، قال الدارقطني : ليس بقوي.
(السمعاني في "الشلاثاني"من الانساب ، وابن الاثير في اللباب ، والذهبي في ميزان الاعتدال : 1 / 79 ، ومغلطاي في إكماله : 1 / الورقة : 5).
(4) منسوب إلى بالس مدينة بين الرقة وحلب على عشرين فرسخا من حلب كما في أنساب السمعاني ولباب ابن الاثير.

(1/247)


ابن عيسى بن ماسرجس النيسابوري مولى ابن المبارك. وأبي توبة الربيع بن نافع الحلبي ، وسعيد بن حفص النفيلي الحراني ، وسليمان ابن عبد الرحمن الدمشقي ، ابن بنت شرحبيل ، وعامر بن إسماعيل البغدادي ، وعباد بن موسى الختلي ، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي المقرئ ، وعبد الله بن ربيعة المصيصي ، وعبد الله بن محمد بن الربيع الكرماني ، نزيل المصيصة ، وعبد الله بن محمد ابن علي النفيلي الحراني ، وعبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي المعروف بدحيم ابن اليتيم ، وعبد الملك بن سعيد بن مروان الحراني ، وعبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، وعمر بن يزيد السياري ، وأبي موسى عيسى بن سليمان الحجازي ، وأبي صالح محبوب بن موسى الانطاكي الفراء ، ومحمد بن آدم المصيصي ، ومحمد بن إسماعيل بن أبي سمينة (1) البصري ، ومحمد ابن سلام الانطاكي ثم المنبجي ، ومحمد بن القاسم الحراني ، سحيم ، ومحمد بن قدامة بن أعين المصيصي ، ومحمد بن مصفى الحمصي ، ومحمود بن خالد السلمي الدمشقي ، والمسيب بن واضح الحمصي ، والمعافى بن سليمان الرسعني ، وموسى بن أيوب النصيبي ، وهشام بن عمار الدمشقي ، ووهب بن بيان الواسطي ، نزيل (2) مصر.
روى عنه : النسائي في حديث مالك (3) ، وأبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري المعروف بابن الاعرابي ، نزيل مكة ، وأبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الدمشقي ، ابن بنت عدبس. وحاجب
__________
(1) في "د" : سمنية ، وسيأتي ذكره في موضعه.
(2) في "د" : نزل.
(3) جاء في هامش النسخ من قول المؤلف : قال أبو القاسم في التاريخ : روى عنه النسائي في سننه. ولم يذكره في الشيوخ النبل"وقد أدخل ابن حجر هذا القول في أصل النسخة ، وله حق في ذلك ، لان الكلام للمؤلف ، لكنه مذكور في هوامش النسخ مثل غيره كثير سيأتي ، وكأن المؤلف لم يشأ إدخاله في أصل النسخة.

(1/248)


ابن أركين الفرغاني وخيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي الاطرابلسي ، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني ، نزيل أصبهان ، وأبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي ، وأبو الطيب محمد بن أحمد بن حمدان الرسعني ، وأبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي ، وابن ابنه : أبو بكر محمد بن أبي الطاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل ، وأبو بكر محمد بن سهل ابن أبي سعيد ، واسمه عثمان التوخي القنسريني القطان ، ومحمد بن عبد الرحمن ابن عبدالمؤمن الجرجاني ، ومحمد بن محمد بن داود الكرجي ، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفراييني قال الحافظ أبو القاسم : وكان ثقة (1). وقال أبو بكر محمد بن سهل القطان : توفي بأنطاكية في سنة أربع وثمانين ومئتين.
3- م د ت ق : أحمد بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم العبدي مولى عبدالقيس ، أبو عبد الله البغدادي النكري (2) المعروف بالدورقي. أخو يعقوب بن إبراهيم ، وكان أصغر من يعقوب بسنتين. والدورقية : نوع من القلانس (3).
__________
(1) وقال مسلمة بن قاسم الاندلسي في كتاب الصلة : حدث عنه محمد بن الحسن الهمذاني ، وقال : هو صالح. وقال النسائي في أسامي شيوخه : لا بأس به ، وذكر من عفته وورعه وثقته. (مغلطاي ، الورقة : 5 ، وابن حجر في التهذيب : 1 / 10).
(2) النكري : بضم النون وسكون الكاف ، نسبة إلى بني نكرة وهم بطن من عبدالقيس كما في أنساب السمعاني ولباب ابن الاثير. وقيده الذهبي في "المشتبه" : 88 فقال : وبنون"..ويعقوب بن إبراهيم بن كثير الدورقي النكري العبدي الحافظ ، وأخوه أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم الحافظ ، وابن أخيه عبد الله بن أحمد النكري الدورقي" ، وضبطه العلامة ابن ناصر الدين بالحروف في توضيحه لمشتبه الذهبي : 1 / الورقة : 71 (نسخة الظاهرية) ، وابن حجر في تهذيب التهذيب : 1 / 10 ووقع فيه"نكر"بدلا من"نكرة" ، وقال ابن ناصر الدين بعد ذكره"نكرة"التي هي بطن من عبدالقيس : ونكر بغير هاء قرية من قرى نيسابور"قلت : ذكر نكر البلدة ياقوت في معجم البلدان والبغدادي في مراصد الاطلاع.
(3) هذا هو الذي اختاره المزي ، أعني نسبته إلى الملابس الدورقية ، وهذه هي رواية السراج فقد جاء في تاريخ الخطيب وأنساب السمعاني : كان السراج يزعم أنهم سموا دوارقة لانهم كانوا يلبسون القلانس الطوال"=

(1/249)


روى عن : أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي ، وأحمد بن نصر بن مالك الخزاعي الشهيد (ل) ، واسحاق بن يوسف الأزرق (د) ، وإسماعيل بن إبراهيم بن علية (ت) ، وبكر بن عبد الرحمن الكوفي القاضي (د) ، وبكير بن محمد بن أسماء ، ابن أخي جويرية ابن أسماء ، وبهز بن أسد العمي البصري ، وجرير بن عبدالحميد الضبي الرازي ، وحجاج بن محمد المصيصي الأعور (د) ، وحفص ابن غياث النخعي القاضي (مد) ، وأبي أسامة حماد بن أسامة (ت) ، وخالد بن مخلد القطواني ، وربعي بن إبراهيم بن علية (ت) ، وريحان بن سعيد الناجي البصري (د) ، وزهير بن نعيم بن داود الطيالسي (م د ت) ، وشبابة بن سوار الفزاري ، وأبي بدر شجاع بن الوليد بن قيس السكوني ، وصفوان بن عيسى الزهري (د ق) ، وطلق ابن غنام النخعي (د) ، وعبد الله بن جفعر الرقي (د) ، وعبد الله بن صالح العجلي ، وعبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، وعبد الرحمن بن مهدي ، (مق) وعبد الرحيم بن عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، وعبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر الوابصي القاضي (مق) ، وعبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد التنوري (م د) ، وأبي بكر عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي ، وأبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، وعبيد الله بن موسى العبسي (د) ، وعمر بن حفص ابن غياث النخعي (ت) ، والعلاء بن عبد الجبار العطار (ت) ، وقتيبة ابن سعيد الثقفي البلخي ، ومبشر بن إسماعيل الحلبي (م) ، ومحمد
__________
= وهناك غير هذا في نسبتهم بالدورقي فقد نقل مغلطاي عن أبي أحمد الحاكم الكبير قوله : قيل له ذلك لتنسك ابيه ، وكان من يتنسك في ذلك الزمان سمي دورقيا" (إكمال : 1 / الورقة : 5) وهكذا ذكره أيضا أبو سعد السمعاني في إحدى رواياته التي أسندها إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل (الانساب : 5 / 392). ويظهر أن الخطيب البغدادي قد رجع هذه الرواية لذكرها بعد نسبه ثم إيراهد الروايات الاخرى مسبوقة ب"قيل"وهي لفظة تمريضية (تاريخ بغداد : 4 / 6). وقال ابن الجارود في مشيخته : هو من أهل دورق من أعمال الاهواز (تهذيب : 1 / 10) وهو بعيد.

(1/250)


ابن عمر الكلابي (ل) ، ومحمد بن كثير المصيصي (د) ، ومحمد بن مقاتل العباداني ، (ل) ومحمد بن يزيد بن خنيس المكي ، وأبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهشيم بن بشير الواسطي ، (د ق) ، ووكيع بن الجراح ، ووهب بن بقية الواسطي ، ولقبه وهبان ، ووهب ابن جرير بن حازم (ت) ، ويزيد بن زريع ، ويزيد بن هارون (د ت).
روى عنه : مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي ، وأحمد بن منصور بن سيار الرمادي ، وأبو عبد الرحمن بقي بن مخلد الاندلسي ، وحاجب ابن أبي بكر الفرغاني ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وعبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء العبدي ، والهيثم بن خلف الدوري ، ويعقوب بن شيبة السدوسي.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي : سئل أبي عنه ، فقال : صدوق (1).
وقال يعقوب بن إسحاق بن محمود الهروي : سألت صالح بن محمد عن يعقوب ، وأحمد الدورقي ، فقال : كان أحمد أكثرهما حديثا ، وأعلمهما بالحديث ، وكان يعقوب أسندهما ، وكانا جميعا ثقتين (2).
قال أبو جعفر الحضرمي مطين ، وأبو غالب محمد بن أحمد بن النضر الأزدي ، وأبو العباس محمد بن إسحاق السراج : مات في شعبان (3) سنة ست وأربعين ومئتين : زاد السراج : ومولده سنه ثمان
__________
(1) وقال : روى عنه أبي وأبو زرعة ، سمعتهما يقولان ذلك" ، (الجرح والتعديل : م 1 ق 1 ص 39).
(2) ووثقه العقيلي والخليلي في الارشاد ، وذكره ابن حبان في الثقات وخرج حديثه في صحيحه عن الحسن بن سفيان عنه. وقال أبو محمد ابن الاخضر : هو ثقة صدوق. (مغلطاي ، الورقة : 6 5 ، ابن حجر في التهذيب : 1 / 10 ، والخطيب في تاريخ بغداد : 4 / 7).
(3) الذي ذكره السراج من وفاته أنها كانت بالعسكر ، يوم السبت لسبع بقين من شعبان سنة ست وأربعين =

(1/251)


وستين ومئة (1).
4- س : أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن بكار بن عبد الملك بن الوليد بن بسر بن أرطاة ، ويقال : ابن أبي أرطاة ، القرشي العامري ، أبو عبد الملك البسري الدمشقي.
روى عن : إبراهيم بن سعيد الجوهري ، وإبراهيم بن عبد الله بن العلاء بن زبر الربعي ، وأبيه : إبراهيم بن محمد بن عبد الله القرشي ، وإبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي (2) ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي ، (كن) وأبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري ، وأحمد بن أبي الحواري الدمشقي ، وأبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح المصري ، وإسحاق بن إبراهيم بن يزيد الفراديسي ، (س) وإسحاق بن سعيد بن الا ركون ، وأبي سليمان أيوب المكتب (3) ، وأبي مالك حماد بن مالك الاشجعي الحرستاني ، وأبي الاخيل خالد بن عمرو السلفي (4) ، وزهير بن عباد الرؤاسي ، وسعيد بن عبد الجبار الزبيدي الحمصي ، وسليمان بن سلمة الخبائري (5) ، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، وأبي الحارث العباس بن عبد الرحمن بن الوليد ابن نجيح القرشي وعبد الحميد بن بكار البيروتي ، وعبد الرحمن بن
__________
= ومئتين كما في تاريخ بغداد للخطيب : 4 / 7 ، فكان على المؤلف أن يفرد زيادته عما ذكره أبو جعفر مطين وأبو غالب الأزدي.
(1) أخذ السراج ذلك من قول المترجم كما في تاريخ الخطيب (4 / 6).
(2) ويقال فيه : الفاريابي ، والفيريابي ، والكل نسبة إلى"فارياب"بنواحي بلخ كما في أنساب السمعاني ولباب ابن الاثير وغيرهما.
(3) المكتب : بضم الميم وسكون الكاف وكسر التاء ثالث الحروف وبعدها باء موحدة ، يقال هذا لمن يعلم الصبيان الخط والادب كما في أنساب السمعاني ولباب ابن الاثير. وذكر الذهبي في "المشتبه" (ص : 611) أنه قد يثقل (وراجع توضيح ابن ناصر الدين : 3 / الورقة : 51 من نسخة الظاهرية).
(4) في هامش النسخ : سلف بطن من كلاع وكلاع من حمير"قال بشار : وقيده السمعاني في (السلفي) من الانساب وتابعه ابن الاثير في اللباب ، وكذلك قيده المعنيون بضبط المشتبه ومنهم الذهبي (المشتبه : 364). وابن ناصر الدين وابن حجر ، وقبلهم الامير ابن ماكولا في الاكمال.
(5) في هامش النسخ أيضا : الخبائر بطن من كلاع أيضا".

(1/252)


يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي ، عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد المصري. وعمرو (1) بن حفص ابن شليلة الثقفي البزاز ، وعمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ، وكثير بن يزيد القنسريني ، ومحمد بن آدم المصيصي ، ومحمد بن عائذ القرشي الدمشقي ، (س) و(2) جده محمد بن عبد الله بن بكار القرشي الدمشقي ، وأبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي الكفرسوسي (3) ، ومحمد بن مصفى الحمصي ، ومحمد بن يزيد الطرسوسي ، والمسيب بن واضح الحمصي ، ومهدي بن جعفر الرملي ، وموسى بن أيوب النصيبي (كن) ، ونصر بن محمد بن سليمان ابن أبي ضمرة الحمصي ، وهدية بن عبد الوهاب المروزي ، ويزيد بن خالد بن موهب الهمداني الرملي (س) ، ويعقوب بن حميد بن كاسب المدني.
روى عنه : النسائي ، وأحمد بن سليمان بن أيوب بن حذلم الأسدي ، أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا الدمشقي ، وأبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة الليثي ، والقاضي أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي صاحب كتاب"المجالسة" ، وجعفر بن محمد بن جعفر بن هشام ابن بنت عدبس (4) ، والحسن بن حبيب بن عبد الملك الحصائري ، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، وأبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي ، وأبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب الهمداني وأبو
__________
(1) في هامش النسخ : ويقال فيه عمر بن حفص أيضا ، وهو مولى الحجاج بن يوسف.
(2) الواو إضافة من"د.
(3) منسوب إلى"كفرسوسية"قرية بغوطة دمشق ، ذكرها ياقوت في معجم البلدان والبغدادي في المراصد واستدركها ابن الاثير على السمعاني (اللباب : 3 / 45).
(4) قيده الذهبي في "المشتبه" وضبطه بالقلم بفتح العين والدال المهملتين وتشديد الباء الموحدة وفتحها ثم السين المهملة وذكر جعفرا هذا وأخاه هشاما (ص : 448) ، وقيده ابن ناصر الدين بالحروف كما قيدناه. (توضيح : 2 / الورقة : 148 من نسخة الظاهرية).

(1/253)


القاسم عمار بن الخزر (1) بن عمرو العذري الجسريني (2) قاضي الغوطة ، وأبو علي فياض بن القاسم بن حريش الدمشقي ، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان القرشي ، ومحمد بن جعفر بن محمد بن هشام بن ملاس النميري ، وأبو طاهر محمد بن سليمان بن ذكوان البعلبكي ، وأبو طالب محمد بن صبيح بن رجاء الثقفي ، وأبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن محمد ابن حماد العقيلي الحافظ ، ومحمد بن الفيض بن محمد بن فياض الغساني ، وأبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري ، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفراييني.
قال النسائي : لا بأس به.
وقال الحافظ أبو القاسم : كان ثقة (3).
قال أبو سليمان أحمد بن عبد الله بن زبر الربعي عن محمد بن يوسف بن بشر الهروي : مات سنة تسع وثمانين ومئتين. زاد غيره : يوم الخميس لسبع عشرة مضت من شوال.
5 ومن الأوهام :
أحمد بن إبراهيم التيمي.
روى عن يحيى عن عبيد الله بن الأخنس ، روى عنه أبو داود.
__________
(1) قيد المؤلف في هامش نسخته الاسم بحروف منفصلة وانتقل ذلك إلى النسخ التي نقلت عنه (خ ز ز). وقيده الذهبي في "المشتبه" ، قال : وبخاء وزايين : عمار بن الخزر العذري قاضي جسرين مات قبل سنة 330" (ص : 225) ، وقبله قيده الامير في الاكمال أيضا : 2 / 456.
(2) الجسريني : قيد ناسخ دال الجيم بالفتح ، والذي نحفظه فيها الكسر إذ هي نسبة إلى جسرين من قرى غوطة دمشق ، قال ياقوت في معجم البلدان : بكسر الجيم والراء وسكون السين والياء آخره نون". ونسب ابن الخزر هذا إليها. ولم يذكر ابن المسعاني هذه النسبة في الانساب ولا استدركها عليه عز الدين ابن الاثير في اللباب. فاستدركها عليهما العلامة المعلمي في تعليقه على الانساب : 3 / 278 277 وذكر ياقوت أنه توفي سنة 329 في رمضان منها.
(3) وقال مغلطاي : وقال مسلمة في كتاب الصلة : أحمد بن إبراهيم بن محمد القرشي ، أبو عبد الملك دمشقي صالح ، وأحمد بن إبراهيم القرشي ، ثقة روى عنه العقيلي. كذا فرق بينهما وخرج الحاكم حديثه في المستدرك" (إكمال : 1 / الورقة : 6).

(1/254)


هكذا قال (1) ، وهو وهم قبيح وتخليط فاحش ، إنما هو : إبراهيم ابن محمد التيمي ، وهو في أوائل كتاب النكاح في حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي كان يحمل الاساري ، وكان بمكة بغي يقال لها : عناق ، وكانت صديقته (2).
6- س ق : أحمد بن الازهر بن منيع بن سليط بن إبراهيم العبدي ، مولاهم ، أبو الأزهر النيسابوري.
روى عن : إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني (فق) ، وآدم بن أبي إياس العسقلاني (ق) ، وأسباط بن محمد القرشي (فق) ، وإسحاق بن سليمان الرازي (س) ، وإسحاق بن منصور السلولي ، وإسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني (فق) ، وأبي المنذر إسماعيل بن عمر الواسطي ، وأبي ضمرة أنس بن عياض الليثي ، والجارود بن يزيد العامري النيسابوري ، وأبي أسامة حماد بن أسامة ، وروح بن عبادة ، وزيد بن الحباب (3) ، وزيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي ، وسعيد بن عامر الضبعي (س) ، وسليمان بن حرب ، وسويد بن سعيد الحدثاني (فق) ، والضحاك بن مخلد أبي عاصم النبيل ، وعبد الله بن جعفر الرقي (فق) ، وعبد الله بن الزبير الحميدي (فق) ، وأبي صالح عبد الله بن صالح المصري (فق) ، وعبد الله بن ميمون القداح ، وعبد الله بن نمير الهمداني ، وأبي مسلم عبد الرحمن بن واقد الواقدي (ق) ، وعبد الرزاق بن همام الصعناني (س ق) ، وعبد العزيز بن الخطاب الكوفي ،
__________
(1) يعني عبد الغني ، وانظر الكمال : 1 / الورقة : 163.
(2) أخرجه أبو داود (2051) في النكاح باب في قوله تعالى (الزاني لا ينكح إلا زانية) ، والنسائي (6 / 66 67) في النكاح باب تزويج الزانية ، والترمذي (2176) في التفسير والبيهقي (753) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي كان يحمل الاسارى بمكة وكان بمكة بغي يقال لها عناق ، وكانت صديقته ، قال : جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله أنكح عناق ؟ قال : فسكت عني فنزلت {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} فدعاني فقرأ علي ، وقال : تنكحها"وإسناده حسن كما قال الترمذي ، وصححه الحاكم (2 / 166) ووافقه الذهبي. (ش).
(3) الحباب : بضم الحاء المهملة وبعدها الباء الموحدة ، وسيأتي في موضعه من هذا الكتاب.

(1/255)


(ق) ، وعبد الملك بن إبراهيم الجدي ، وأبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، وعلي بن عاصم الواسطي (فق) ، وعمرو بن عثمان الرقي (ق) ، وقريش بن أنس البصري ، ومالك بن سعير (1) بن الخمس (2) التميمي (ق) ، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك (ق) ، ومحمد بن بشر العبدي ، ومحمد بن بلال البصري ، ومحمد بن سليمان بن أبي داود الحراني ، ولقبه بومة ، ومحمد بن شرحبيل الأنباري ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري (س) ، ومحمد بن عبيدالطنافسي (ق) ، (3) ومحمد ابن عيسى ابن الطباع (ق) ، وأبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي ، ولقبه عارم (ق) ، ومحمد بن كثير المصيصي ، ومحمد بن يوسف الفريابي (س ق) ، ومروان بن محمد الدمشقي المعروف بالطاطري (ق) ، ومعلى بن منصور الرازي (س) ، وأبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي ، والهيثم بن جميل الانطاكي (ق) ، ووهب بن جرير بن حازم (ق) ، ويحيى بن آدم ، ويزيد بن أبي حكيم العدني ، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري ، ويعلى بن عبيد الطنافسي ، ويونس بن محمد المؤدب (س) ،
روى عنه : النسائي ، وابن ماجة ، وإبراهيم بن أبي طالب النيسابوري ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وأبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي النيسابوري ، وأبو بكر إسماعيل بن الفضل البلخي ، وجعفر بن محمد بن موسى النيسابوري الاعرج الحافظ ، وأبوممد الحسن بن محمد بن جابر النيسابوري ، والحسن بن محمد بن الحسن بن صالح بن شيخ بن عميرة (4) الأسدي ، وأبو ربيعة زيد بن عوف العامري البصري ، ولقبه
__________
(1) سعير : بضم السين المهملة على التصغير.
(2) قيده كما قيدناه ابن حجر في التقريب : 2 / 225 ، وغيره ، وسيأتي ذكره.
(3) الرمز من"د"لم يرد في "م.
(4) عميرة بفتح العين هو الشائع ، فأما غير الشائع ، فهو عميرة بضم العين ، وفتح الميم ، لذلك قال مؤلفو =

(1/256)


فهد وهو في عداد شيوخه.وعبد الله بن العباس الطيالسي البغدادي ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي النيسابوري ، وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش الحافظ ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، وأبو حاتم محمد ابن إدريس الرازي ، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ومحمد بن إسماعيل البخاري في غير"الجامع" ، وأبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري ، ومحمد بن رافع القشيري النيسابوري ، وهو من أقرانه ، وأبو أحمد محمد بن عبد الوهاب العبدي الفراء ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، وهو من أقرانه ، ومسلم بن الحجاج القشيري ، خارج"الصحيح" ، وأبو حاتم مكي بن عبدان النيسابوري ، وأبو عمران موسى بن العباس الجويني ، وموسى بن هارون بن عبد الله الحافظ ، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفراييني.
قال أبو حامد ابن الشرقي (1) : سمعت أبا الازهر يقول : كتب عني يحيى بن يحيى.
وقال الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الحافظ : ما حدث من أصل كتابه ، فهو أصح. قال : ورأيت أبا بكر بن خزيمة إذا حدث عنه ، قال : حدثنا أبو الأزهر من أصله. قال : وحدثني بعض أصحابنا عنه أنه كتب في كتابه : حدثنا أبو الأزهر من أصله ، وحدثنا أبو الأزهر تلقينا ، وذاك أنه كان قد كبر فربما تلقن ما يخشى.
وقال أبو العباس بن عقدة : حدثنا عبد الرحمن بن يوسف ،
__________
= كتب المشتبه في الاول : إنهم جماعة بينما ذكروا على الاستقصاء من عرف بعميرة بالضم (انظر مثلا مشتبه الذهبي : 473 ، 474).
(1) الشرقي : بفتح الشين المعجمة وسكون الراء وبعدها القاف ، هذه النسبة إلى موضعين أحدهما إلى"الشرقية"المحلة المعروفة ببغداد ، والثاني إلى موضع نيسابور لعله شرقيها فيما ظن أبو سعد السمعاني.وإلى الموضع الاخير ، أعني بنيسابور ، نسب أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي الحافظ صاحب الصحيح وتلميذ مسلم ابن الحجاج وأحد العلماء المشهورين ، توفي سنة 325 كما في أنساب السمعاني ، ولباب ابن الاثير ، وتاريخ بغداد : 4 / 426 ، ولسان الميزان : 1 / 306 ، والذهبي في "المشتبه" : 394 ، وغيرها.

(1/257)


حدثنا أحمد بن الازهر وسمعت محمد بن يحيى يثني عليه.
وقال الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البيع الحافظ : قرأت بخط أبي عمرو (1) المستملي : سألت محمد بن يحيى عن أبي الازهر فقال : أبو الأزهر من أهل الصدق والامانة نرى أن يكتب عنه. وقال أيضا : حدثني أبو محمد بن أبي حامد عن مكي بن عبدان ، قال : سألت مسلم بن الحجاج عن أبي الازهر فقال : اكتب عنه.قال الحاكم أبو عبد الله : وهذا رسم مسلم في الثقات (2).
وقال إبراهيم بن أبي طالب : كان من أحسن مشايخنا حديثا.
وقال أحمد بن سيار المروزي في ذكر مشياخ نيسابور : وأحمد بن الازهر من مواليهم ، كتب عن الناس ، حسن الحديث.
وقال أبو حاتم الرازي و(3) صالح بن محمد البغدادي الحفاظ : صدوق.
وقال النسائي : لا بأس به.
وقال الدارقطني : لا بأس به ، وقد أخرج في الصحيح عن من (هو) (4) دونه وشر منه.
وقال أبو أحمد بن عدي الجرجاني الحافظ عن أبي حامد ابن الشرقي : قيل لي وأنا أكتب الحديث في بلدي : لم لا ترحل إلى
__________
(1) في حاشية النسخ قول للمؤلف : اسمه أحمد بن المبارك"قال بشار محقق هذا الكتاب : كان يعرف بحكمويه ، وكان راهب عصره ، توفي سنة 284.(الذهبي في التذكرة : 2 / 644 ، والعبر : 2 / 73 ، وتاريخ الاسلام في الطبقة : 29 ، (أحمد الثالث 2917 / 8 ، والصفدي في الوافي : 7 / 302).
(2) قال العلامة مغلطاي : قال أبو عبد الله الحاكم وخرج حديثه هو باجماعهم ثقة. وقال في تاريخ نيسابور : هو محدث عصره ، روى عنه يحيى بن يحيى ، ولعل متوهما يتوهم أن أبا الازهر فيه لين لقول أبي بكر بن إسحاق"حدثنا أبو الأزهر وكتبته من كتابه"وليس كما يتوهم لان أبا الازهر كف بصره رحمه الله تعالى وكان لا يحفظ حديثه فربما قرأ عليه الوقت بعد الوقت فنقل ابن إسحاق سماعه منه لهذه العلة" (إكمال ، الورقة : 6).
(3) الواو إضافة من"د.
(4) ما بين القوسين من"د".

(1/258)


العراق ؟ فقلت : وما أصنع بالعراق وعندنا من بنادرة (1) الحديث ثلاثة : محمد بن يحيى الذهلي ، وأبو الازهر أحمد بن الازهر ، وأحمد بن يوسف السلمي ، فاستغنينا بهم عن أهل العراق.
أخبرنا ابو العز يوسف بن يعقوب بن محمد الشيباني المعروف بابن لمجاور ، أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي ، أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني القزاز المعروف بابن زريق ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي الخطيب الحافظ (2) ، أخبرني عبد العزيز بن علي الوراق ، حدثنا أبو المفضل (3) محمد بن عبد الله الشيباني بالكوفة ، حدثنا أبو حاتم مكي ابن عبدان النيسابوري يسابور ، وأبو عمران موسى بن العباس الجويني. قال الحافظ أبو بكر : وأخبرنا محمد بن عمر بن بكير المقرئ واللفظ له حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، قالوا : أخبرنا أبو الأزهر ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي فقال : أنت سيد في الدنيا ، سيد في الآخرة ، ومن أحبك فقد أحبني ، وحبيبي حبيب الله ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو الله ، والويل لمن أبغضك من بعدي". قال أبو المفضل (4) : فسمعت أبا حاتم يقول : سمعت أبا الازهر يقول : خرجت مع عبد الرزاق إلى قريته ، فكنت معه في الطريق فقال لي : يا أبا الازهر أفيدك حديثا ما حدثت به غيرك ، قال : فحدثني
__________
(1) جاء في حاشية النسخ من تعليق المؤلف : البنادرة جمع بندار ، وهو الناقد".قال بشار : وهي لفظة أصلها أعجمي ، وأصل معناها أن تقال إلى من كان مكثرا من شيء يشتري منه من هو أسفل منه أو أخف حالا وأقل مالا منه ثم يبيع ما يشتري منه من غيره. ذكر ذلك السمعاني في (البندار) من الانساب وتابع ابن الاثير في اللباب.
(2) انظر تاريخ بغداد : 4 / 41.
(3) في تاريخ الخطيب : الفضل"محرف.
(4) في تاريخ الخطيب أيضا : الفضل".

(1/259)


بهذا الحديث.
وبه : أخبرني (1) محمد بن أحمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي (2) ، قال : سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول : سمعت أحمد بن يحيى بن زهير التستري يقول : لما حدث أبو الازهر النيسابوري بحديثه عن عبد الرزاق في الفضائل أخبر يحيى بن معين بذلك ، فبينا هو عنده في جماعة أهل الحديث إذ قال يحيى بن معين : من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث عن عبد الرزاق بهذا الحديث ؟ فقام أبو الأزهر فقال : هو ذا انا ! فتبسم يحيى بن معين وقال : أما إنك لست بكذاب ، وتعجب من سلامته وقال : الذنب لغيرك في هذا (3) الحديث.
قال ابن نعيم : وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول : سمعت أبا حامد ابن الشرقي (4) ، وسئل عن حديث أبي الازهر عن عبد الرزاق عن معمر في فضائل علي ، فقال أبو حامد : هذا حديث باطل ، والسبب فيه أن معمرا كان له ابن أخ رافضي وكان معمر يمكنه من كتبه فأدخل عليه هذا الحديث ، وكان معمر رجلا مهيبا لا يقدر عليه أحد في السؤال المراجعة ، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر.
قال الحافظ أبو بكر : وقد رواه محمد بن حمدون النيسابوري عن محمد بن علي بن سفيان النجار عن عبد الرزاق ، فبرئ أبو الأزهر من عهدته ، إذ قد توبع على روايته ، والله أعلم.
__________
(1) فاعل أخبرني هو الخطيب البغدادي.
(2) في حاشية النسخ قول للمؤلف : محمد بن نعيم هذا هو الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد ابن نعيم النيسابوري الحافظ".قال بشار : توفي سنة 405 وشهرته تغني عن التعريف.
(3) في "د" : في غير هذا"ولا يستقيم المعنى بها ، وهي من سبق القلم لاريب ، وانظر تاريخ الخطيب : 4 / 42.
(4) في تاريخ الخطيب : أبا حامد الشرقي"فسقط من المطبوع"ابن".

(1/260)


وقال أبو أحمد بن عدي عن أبي حامد ابن الشرقي أيضا : وبعض هذا الحديث سمعته من أبي الازهر ، وأبو الازهر هذا كتب الحديث فأكثر ومن أكثر لابد أن يقع في حديثه الواحد والاثنان والعشرة مما ينكر.
قال ابن عدي : وأبو الازهر بصورة أهل الصدق عند الناس ، وقد روى عنه الثقات من الناس. وأما هذا الحديث عن عبد الرزاق ، فعبد الرزاق من أهل الصدق وهو ينسب إلى التشيع ، فلعله شبه عليه ، لانه شيعي (1).
قال أحمد بن سيار المروزي : مات في أول سنة إحدى وستين ومئتين.
وقال الحسين بن محمد بن زياد القباني (2) : توفي سنة ثلاث وستين ومئتين (3).
7 خ : أحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر بن جندل السلمي المطوعي ، أبو إسحاق البخاري السرماري.
__________
(1) قال مغلطاي : وفي كتاب الارشاد للخليلي : قال يحيى بن معين له لما حدث بحديث"أنت سيد" : لقد جئت بطامة : فقال له : حدثنيه عبد الرزاق..قال الخليلي : ولا يسقط أبو الأزهر بهذا يعني برواية هذا الحديث".(إكمال ، الورقة : 6). قلنا : وذكره ابن حبان البستي في كتاب "الثقات" وخرج حديثه في صحيحه لكنه قال : يخطئ" ، وكان إمام الامة ابن خزيمة إذا حدث عنه قال : حدثنا أبو الأزهر من أصل كتابه ، وقد نقلنا قبل قليل قول الحاكم في مقالة ابن خزيمة فراجعه. وقد ذكره الإمام الذهبي في "الميزان"ونقل قول ابن عدي"هو بصورة أهل الصدق"ثم علق عليه بقوله : بل هو كما قال أبو حاتم صدوق"وبرأه الإمام الذهبي من عهدة ذاك الحديث الباطل. (الميزان : 1 / 82 وتاريخ الاسلام ، وتهذيب ابن حجر : 1 / 13 ، والكامل لابن عدي ومغلطاي وغيرهم).
(2) في تاريخ الخطيب : القبائي"مصحف.
(3) ومما يستدرك على المؤلف من التمييز :
2- أحمد بن الازهر البلخي :
روى عن يعقوب بن ابراهيم بن سعد ومعروف بن حسان. روى عنه إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وإبراهيم بن نصر العنبري ، وأحمد بن محمد بن المغلس. ذكره ابن حبان في "الثقات" مفردا عن الذي قبله بعد تخريج حديثه في صحيحه ، وقال : كان ينتحل مذهب أهل الرأي ويخطئ ويخالف. وأخرجه له الحاكم في المستدرك (استدركه العلامة مغلطاي (الورقة : 7) وعنه أخذه ابن حجر في التهذيب (1 / 13).

(1/261)


وسرمارة (1) : قرية من قرى بخارى.
كان أحد فرسان الاسلام ، يضرب بشجاعته المثل (2).وكان زاهدا.
وهو والد أبي صفوان إسحاق (3) بن أحمد البخاري.
روى عن : سليمان بن حرب ، وعبيد الله بن موسى (خ) ، وعثمان بن عمربن فارس (خ) ، وعمرو بن عاصم الكلابي (خ) ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري (عخ) ، ويحيى بن حماد الشيباني (بخ) ، ويعلى بن عبيد الطنافسي (خ).
روى عنه : البخاري ، وإبراهيم بن عفان البزاز ، وإدريس بن عبدك المطوعي ، وإبنه أبو صفوان إسحاق بن أحمد بن إسحاق
__________
(1) هكذا هي مقيدة في جميع النسخ آخرها تاء مدورة ، وكذلك أيضا بخط العلامة مغلطاي. وفي معجم البلدان ومراصد البغدادي وأنساب السمعاني ولباب ابن الاثير : سرمارى"مقصورة. ووجدت السين في جميع النسخ مضمومة ، وقال المؤلف في حاشية كتابه كما يظهر في النسخ : السرماري : قيده أبو سعد ابن السمعاني بالفتح وقال : نسبة إلى سرمارا". قال أفقر العباد بشار بن عواد محقق هذا الكتاب : الذي قاله السمعاني : بضم السين المهملة والميم المفتوحة والالف بين الرائين ، هذه النسبة إلى قرية من قرى بخارى يقال لها سرمارى على ثلاثة فراسخ خرجت إليها قاصدا لزيارة الشيخ أحمد السرماري" ، وتابعه بقول الضم في السين عز الدين ابن الاثير في اللباب. ويؤيده ما ذكره العلامة مغلطاي كما هو مثبت بخطه في إكمال التهذيب : وابن السمعاني يضم السين وكأنه معتمد المزي لان المهندس ضم السين ضبطا عن الشيخ" (يريد بذلك ابن المهندس صاحب نسختنا المعتمدة) وبذلك يبطل القول بأن السمعاني فتح السين. وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب : والسرماري بضم السين واسكان الراء قيده ابن السمعاني نسبة إلى سرمار (كذا) قرية من قرى بخارى". وقال العلامة مخلطاي عند أول تعليقه على السرماري : نسبة إلى قرية تدعى سرمارة بفتح السين وسكون الراء.
ويقال : بكسر السين فيما ذكره الحافظان الجياني وابن خلفون". وقال ابن حجر : وضبطه أبو علي الغساني بفتح السين وكذا هو بخط المزي". قال بشار : فابن حجر يدعي ان المزي قيده بفتح السين. والظاهر لنا أن المزي اعتمد ضم السين ثم كتب في حاشية النسخة انه بالفتح وإلا فكيف نفسر وجود السين مقيدة بالضم في نسخة ابن المهندس ونسخة التبريزي بينهما قرابة الخمسة والثلاثين عاما وقد قرئتا على المؤلف ؟ فتدبر الامر جيدا.
(2) أورد الإمام الذهبي جملة من أخباره في الشجاعة الخارقة في الجهاد ونقل عن الإمام البخاري قوله : ما نعلم أن في الاسلام مثله" (تاريخ الاسلام ، الورقة : 97 96 ، أحمد الثالث 2917 / 7).
(3) كان ثقة ، رحل به أبوه إلى العراق وهو صغير وسمعه هناك ، وتوفي سنة 276 كما في أنساب السمعاني : 7 / 126 وغيره.

(1/262)


السلمي ، وأبو سعيد بكر بن منير بن خليد بن عسكر ، وحاشد بن مالك ، وأبو معشر حمدويه بن الخطاب ، وأبو صالح شفيع بن إسحاق المحتسب ، وعبيد الله بن واصل ، وأبو نصر الليث بن نصر بن الحسين الشاعر ، ومحمد بن الضوء الشيباني ، ومحمد بن عمران المطوعي.
قال أبو صفوان : وهب المأمون أمير المؤمنين لابي ثلاثين ألف درهم ، وعشرة أفراس ، وجارية ، فلم يقبلها (1).
وقال عبيد الله بن واصل البخاري : مات يوم السبت لست بقين من ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين ومئتين.
8 م د ت س : أحمد بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي ، مولاهم ، أبو إسحاق البصري ، أخو يعقوب بن إسحاق القارئ ، وكان أكبر من يعقوب ، وكان يحفظ حديثه ، وجده عبد الله بن أبي إسحاق أخو يحيى بن أبي إسحاق.
روى عن : حماد بن سلمة (س) ، والخليل بن مرة ، وعبد الله بن حسان العنبري ، وعبد الله بن عرادة الشيباني ، وعبد العزيز بن المختار (م) ، وعبد الواحد بن زياد ، وعكرمة بن عمار اليمامي ، وعمران بن خالد الخزاعي ، وهمام بن يحيى (م) ، وأبي عوانة الوضاح ابن عبد الله (م) ، ووهيب بن خالد (م د ت س) ، ويحى بن سعيد القطان.
روى عنه : إبراهيم بن سعيد (2) الجوهري (س) ، وإبراهيم بن
__________
(1) وذكره ابن حبان في الثقات فقال : كان من الغرائين ، وكان من أهل الفضل والنسك مع لزوم الجهاد.
(2) وقع في نسخة ابن المهندس"م" : سعد"وهو من سبق القلم إذ أورده ابن المهندس نفسه"سعيد"فيمن اسمه"ابراهيم"من هذا الكتاب ، وسيأتي.

(1/263)


يعقوب الجوزجاني (س) ، وأحمد بن ثابت الجحدري ، وأحمد بن الحسن بن خراش البغدادي (ت) ، وأحمد بن أبي عمر حفص بن عمر الدوري ، وأحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب ، وأحمد بن سعيد الدارمي (م) ، وإسحاق بن الحسن الحربي ، والحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي ، وأبو عمر حفص بن عمر الدوري المقرئ ، وأبوت خيثمة زهير بن حرب النسائي (م) ، والعباس بن جعفر بن الزبرقان المعروف بابن أبي طالب ، والعباس بن محمد الدوري ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (م) ، وعبد ابن حميد الكشي (م) ، وأبو قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي ، وعثمان بن محمد بن أبي شيبة (د) ، وعلي بن نصر بن علي الجهضمي ، وأبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني (س) ، ومحمد بن الحسين البرجلاني ، ومحمد بن أبي عمر حفص بن عمر الدوري ، ويعقوب بن شيبة السدوسي.
قال أبو بكر المروذي : قيل لأحمد : كتبت عنه ؟ قال : لا ، تركته على عهد. قيل له : أيش أنكرت عليه ؟ قال : كان عندي إن شاء الله صدوقا ، ولكني تركته من أجل ابن أكثم دخل له في شيء (1).
وقال يعقوب بن شيبة ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، والنسائي ، ومحمد ابن سعد : ثقة.
وقال النسائي في موضع آخر : ليس به بأس.
وزاد محمد بن سعد : مات بالبصرة سنة إحدى عشرة ومئتين.
روى له : مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي.
__________
(1) لذلك تناوله الذهبي في الميزان : 1 / 82 ولكنه صدر قوله بعبارة"بصري ثقة". أما في تاريخ الاسلام فقد وثقه على الاطلاق (الورقة : 94 من نسخة أيا صوفيا 3007 وهي بخطه) ، وذكره ابن حبان في الثقات وذكر أنه كان يخضب رأسه ولحيته بالحناء. وقال ابن منجويه في رجال صحيح مسلم : كان يحفظ حديثه (الورقة : 2 من نسخة بلدية الاسكندرية ، رقم 1245 ب).

(1/264)


9 د : أحمد بن إسحاق بن عيسى الاهوازي ، أبو إسحاق البزاز صاحب السلعة.
روى عن : حجاج بن نصير الفساطيطي ، وخلاد بن يحيى السلمي ، وأبي توبة الربيع بن نافع الحلبي ، وعامر بن مدرك الحارثي ، وعبد الله بن السري الانطاكي ، وعبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن المقرئ ، ومحمد بن عبد الله بن الزبير أبي أحمد الزبيري (د) ، وموسى بن داود الضبي ، ويعلى بن عباد الكلابي.
روى عنه : أبو داود (1) ، وأحمد بن الصقر بن ثوبان الطرسوسي ، وأبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار (2) ، وأحمد بن محمد بن بكر النسائي ، وزكريا بن يحيى الساجي ، وعبد الله بن أحمد بن موسى الاهوازي الحافظ المعروف بعبدان الجواليقي ، وعبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، والقاسم بن زكريا المطرز ، ومحمد بن جرير الطبري ، ومحمد بن يحيى بن مندة الاصبهاني.
قال النسائي : صالح.
وقال أبو بكر بن أبي عاصم : مات سنة خمسين ومئتين.
__________
(1) في حواشي النسخ : ذكر في النبل أن النسائي روى عنه أيضا ولم أقف على ذلك بعد". قال بشار : وهذا مثبت في نسختي من المعجم المشتمل ابن عساكر ، الورقة : 3. وقال العلامة مغلطاي في إكماله بعد نقل قالة المزي : قال النسائي في كتاب أسماء شيوخه وهو أعرف بحاله وبمشايخه الذين روى عنهم : أحمد بن إسحاق الاهوازي ، صالح. وقال مسلمة بن قاسم : أحمد بن إسحاق الاهوازي ، صدوق روى عنه النسائي. ففي بعض هذا ما يوضح عذر أبي القاسم إن كان رآه ، وإن كان عنده دليل آخر فهذا يؤيده ويعضده ويدفع قول من أنكره ، والله أعلم" (الورقة : 8) ، لكن انظر إلى قول ابن حجرفي التهذيب : قلت : نقل بعض المتأخرين عن سلمة بن قاسم أنه ذكره في شيوخ النسائي في السنن ، وقد ذكره النسائي في شيوخه وقال : كتبنا عنه شيئا يسيرا ، صدوق. لكن لا يلزم منه أنه روى عنه في كتاب السنن" (تهذيب : 1 / 15). وهذا تعريض من الحافظ ابن حجر بالعلامة مغلطاي وإن كنى عنه بقوله"بعض المتأخرين" ، ولكن الذي عليه بخط مغلطاي من كتابه أنه لم يذكر أن النسائي روى عنه في السنن ، إنما جاء ببعض الادلة التي تؤيد وتقوي قول الحافظ أبي القاسم ابن عساكر ، وقد نقلنا لك قبل هذا ما ذكره فراجعه !.
(2) هو صاحب المسند المشهور ، وآخره راء مهملة ، قيده الذهبي في "المشتبه" : 71 وغيره.

(1/265)


10 ق : أحمد بن إسماعيل بن محمد بن نبيه القرشي السهمي ، أبو حذافة المدني ، نزيل بغداد.
روى عن : إبراهيم بن سعد ، وحاتم بن إسماعيل ، وسعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري (1) ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد ، وعبد العزيز بن عمران الزهري المعروف بابن أبي ثابت ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وكثير بن جعفر بن أبي كثير ، ومالك بن أنس (ق) ، وهو آخر من روى عنه ، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، ومسلم بن خالد الزنجي ، ومصعب بن عبد الله الزبيري.
روى عنه : ابن ماجة ، وإسماعيل بن العباس الوراق ، والحسن بن علي بن شبيب المعمري ، والحسين بن إسماعيل المحاملي ، والعباس بن يوسف الشكلي ، وعبد الله بن أحمد الجصاص ، وعبد الله بن عروة الهروي ، وأبو الحسين محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي ، ومحمد بن أحمد بن الحسين الاهوازي ، ومحمد بن أحمد بن زهير القيسي الطوسي ، ومحمد بن مخلد الدوري ، ومحمد بن المسيب الارغياني ، ويعقوب بن عبد الرحمن الجصاص المعروف بالدعاء.
قال الحاكم أبو أحمد : متروك الحديث ، ذكره الفضل بن سهل فكذبه ، وقال : كل شيء نقول له يقول : حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر.
وقال أبو أحمد بن عدي : حدث عن مالك"بالموطأ"وحدث عن غيره بالبواطيل.
وقال الدارقطني : ضعيف الحديث ، كان مغفلا ، أدخلت عليه
__________
(1) بفتح الميم وسكون القاف وضم الباء الموحدة وفي آخرها الراء وياء النسب ، نسبة إلى المقبرة كما في أنساب السمعاني ولباب ابن الاثير ، كان يسكن بالقرب من مقبرة فنسب إليها.

(1/266)


أحاديث في غير"الموطأ"فقبلها ، لا يحتج به.
وقال أبو بكر البرقاني (1) : كان الدارقطني حسن الرأي فيه ، وأمرني أن أخرج عنه في "الصحيح.
وقال الحسين بن إسماعيل المحاملي عن أبيه : سألت أبا مصعب عن أبي حذافة ، فقال : كان يحضر معنا العرض على مالك (2).
قال محمد بن مخلد : مات يوم عيد الفطر سنة تسع وخمسين ومئتين (3).
11 خ : أحمد بن إشكاب (4) الحضرمي ، أبو عبد الله الصفار الكوفي ، نزيل مصر.
وقيل : أحمد بن معمر بن إشكاب.
__________
(1) ضم ناسخ"د"باء"البرقاني"وهو وهم. وقد قيده السمعاني في الانساب وتابعه ابن الاثير في اللباب بالفتح نسبة إلى"برقان"المدينة التي كانت في شرقي جيحون وخربت. وكذلك قيده ياقوت في معجم البلدان ، وأشار إلى أن بعضهم قد كسر الباء. نعم. ذكر ياقوت"برقان"بضم الباء موضع بالبحرين ، لكن الجميع نسبوا أبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد البرقاني إلى الاولى. وتوفي البرقاني سنة 425 ببغداد ، وهو من كبار شيوخ الخطيب البغدادي.
(2) وقال الخطيب بعد أن أورد جملة من هذه الآراء : قلت : كان أبو حذافة قد أدخل عليه عن مالك أحاديث ليست من حديثه ولحقه السهو في ذلك ، ولم يكن ممن يتعمد الباطل ولا يدفع عن صحة السماع من مالك" (تاريخ بغداد : 4 / 24) ، ونقل مغلطاي عن ابن قانع قوله فيه : كان ضعيفا. وتناوله الإمام الذهبي في الميزان وقال : ولم ينقم على أبي حذافة متن ، بل إسناد ، ولم يكن ممن يتعمد" (1 / 83) وقال في تاريخ الاسلام : مما نقم على أبي حذافة روايته عن مالك عن نافع عن ابن عمر حديث : "أفطر الحاجم والمحجوم"وذكر الذهبي أن إسناده موضوع (الورقة : 217 أحمد الثالث 2917 / 7) وقال في التذهيب : سماعه للموطأ صحيح في الجملة. وقال ابن حبان : يروي عن الثقات ما ليس يشبه حديث الاثبات.
(3) قال مغلطاي : قال عبدا لباقي بن قانع في كتاب الوفيات تأليفه : توفي أبو حذافة في جمادى الاولى سنة ثمان وخمسين ومئتين (إكمال : 1 / الورقة : 8) وعنه نقله ابن حجر في التهذيب 1 / 16.
(4) إشكاب : قيده ابن حجر في التقريب بكسر الهمزة وبعدها شين معجمة (1 / 11) ، وذكر الخزرجي في الخلاصة أن الشين المعجمة ساكنة (ص : 4). وقال مغلطاي : ويقال في اسم جده (يعني إشكاب هذا) إشكاب ، وإشكيب وشكيب. (إكمال : 1 / الورقة : 8).

(1/267)


وقيل : أحمد بن عبيد الله (1) بن إشكاب (2).
ويقال : إسم إشكاب : مجمع.
روى عن : إسماعيل بن إبراهيم : أبي يحيى التيمي الاحول ، ورفاعة بن إياس بن نذير الضبي. وشريك بن عبد الله النخعي ، وعبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر ، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي ، وعبد الرحيم بن سليمان الرازي ، وعبد السلام بن حرب الملائي (3) ، وعلي بن عابس ، والقاسم بن مالك المزني (بخ) ، ومحمد بن بشر العبدي ، ومحمد بن عبيد الطنافسي ، ومحمد بن فضيل بن غزوان (خ) ، ويحيى بن يعلى الأسلمي ، وأبي بكر بن عياش.
روى عنه : البخاري ، وأحمد بن عيسى اللخمي التنيسي (4) الخشاب ، وأبو يعقوب إسحاق بن الحسن بن الحسين الطحان المصري ، مولى (5) بني هاشم ، وبكر بن سهل بن إسماعيل الدمياطي ، وأبو علي الحسن بن سليمان بن سلام الفزاري الحافظ : قبيطة ، والحسن بن علي ابن خالد الليثي ، وسعيد بن أسد بن موسى ، وعباس بن محمد الدوري ، وأبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي (6) ، ومحمد بن إدريس :
__________
(1) الذي وقع في تاريخ البخاري وخلاصة الخزرجي وإكمال مغلطاي : عبد الله"وهو وهم. وقال مغلطاي : أحمد بن عبد الله بن شكيب الحضرمي ، قاله الحسن بن علي بن زولاق وأبو سعيد بن يونس" (إكمال : 1 / الورقة : 8).
(2) ونقل مغلطاي عن الحافظ الدمياطي المتوفى سنة 705 : أحمد بن ميمون بن إشكاب". وقال مغلطاي أيضا : وقيل : مجمع بن إشكاب.
(3) الملائي : بضم الميم وبعد اللام ألفا ياء مثناة من تحتها ، هذه النسبة إلى الملاءة التي تتستر بها النساء ، قال السمعاني في الانساب وتابعه ابن الاثير في اللباب : وظني أن هذه النسبة إلى بيعها.
(4) بكسر التاء ثالث الحروف وتشديد النون وكسرها ، نسبة إلى"تنيس"المدينة المعروفة بمصر (الانساب واللباب ومعجم البلدان ومراصد البغدادي).
(5) في "د" : ومولى" ، وقد فصلها الناسخ عن المصري كأنه يريد أن يشعر القارئ إلى أنه شخص آخر ، وهو وهم. وقد كان هذا الطحان المصري مولى لبني هاشم.
(6) أبو أمية هذا كان بغداديا ، لكنه أكثر المقام بطرسوس فنسب إليها ، وتوفي سنة 273 كما في أنساب

(1/268)


أبو حاتم الرازي ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، ومحمد بن عبد الملك بن زنجوية الغزال ، وأبو هريرة محمد بن يوسف المصري ، نزيل أنطاكية ، ويحيى بن معين ، ويعقوب بن سفيان الفارسي.
ويعقوب بن شيبة السدوسي ، وقال : كوفي ثقة.
وقال أبو زرعة : صاحب حديث ، أدركته ولم أكتب عنه.
وقال أبو حاتم : ثقة ، مأمون ، صدوق ، كتبت عنه بمصر.
وقال عباس الدوري : كتب عنه يحيى بن معين كثيرا (1).
قال البخاري : آخر ما لقيته بمصر سنة سبع عشرة ومئتين.
وقال أبو سعيد بن يونس : مات سنة سبع (2) أو ثمان عشرة ومئتين.
12 بخ : أحمد بن أيوب بن راشد الضبي الشعيري البصري
روى عن : سفيان بن حبيب ، وسهل بن أسلم ، وشبابة بن سوار (بخ) وعبد الاعلى بن عبدالاعلى ، وعبد الوارث بن سعيد ، وعوبد بن أبي عمران الجوني ، ومسلمة بن علقمة المازني.
روى عنه : البخاري في "الأدب" (3) ، وأحمد بن عمار بن خالد الواسطي ، وأحمد بن محمد بن عاصم الرازي ، والحسن بن علي بن
__________
= السمعاني ولباب ابن الاثير وتاريخ الاسلام للذهبي وغيرها.
(1) وقال ابن حبان في كتاب "الثقات" : ربما أخطأ. وذكره أبو الحسن الدارقطني في أسماء رجال الشيخين. قال مغلطاي : وفي كتاب زهرة المتعلمين في أسماء مشاهير المحدثين : كان أحمد ترب البخاري وروى عنه ثمانية أحاديث.وقال العجلي : توفي بمصر ، وهو ثقة" (إكمال : 1 / الورقة : 8)
(2) قال مغلطاي : وفي كتاب ابن يونس والحافظ أبي إسحاق الصريفيني ومن خطه ، مات سنة تسع عشرة أو ثمان عشرة". وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب (1 / 17) : زعم مغلطاي أن الذي في كتاب ابن يونس مات سنة تسع عشرة أو ثماني عشرة ، كذا هو في عدة نسخ من التاريخ بتقديم التاء على السين". قال بشار : ولا مسوغ بعد هذا لقوله"زعم"بعد أن ذكر أنه وجده كذلك في عدة نسخ ، وقوله : كذا هو..الخ ، لابن حجر وليس لمغلطاي إذ لم أجده في النسخة التي بخطه. وقال مغلطاي أيضا : قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة في أسماء شيوخ البخاري : توفي قبل العشرين.
(3) يعني الادب المفرد.

(1/269)


شبيب المعمري ، وعبد الله بن أحمد بن ابراهيم الدورقي ، وعبيد الله بن عبد الكريم ، أبو زرعة الرازي ، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي (1).
13 ت ق : أحمد بن بديل بن قريش بن بديل بن الحارث اليامي (2) ابو جعفر الكوفي. من أهل العلم والفضل ، ولي (3) قضاء الكوفه ، وقضاء همذان.
روى عن : إبراهيم بن عيينة بن أبي عمران الهلالي ، وإسحاق ابن سليمان الرازي ، وجابر بن نوح بن جابر الحماني ، وحفص بن غياث النخعي (ق) ، وأبي أسامة حماد بن أسامة ، وعبد الله بن إدريس الأودي ، وعبد الله بن ميمون الطهوي ، وعبد الله بن نمير الهمداني (ت) ، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي ، وعثام (4) بن علي العامري ، وعيسى بن راشد ، ومحمد بن خازم ، أبي معاوية الضرير ، ومحمد بن فضيل (ت) ، ومفضل بن صالح الأسدي ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن عيسى الرملي ، وأبي بكر بن عياش (ت) ، الكوفيين.
روى عنه : الترمذي ، وابن ماجة ، وإبراهيم بن حماد بن إسحاق ابن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي ، وإبراهيم بن دينار الحوشبي الهمذاني صاحب ابن ماجة. وإبراهيم بن عمروس بن محمد الهمذاني ، وأحمد بن أوس المقرئ الهمذاني ، وأحمد بن الحسن بن عزون الهمذاني ، وأحمد بن عبد الله بن شجاع البغدادي ، وأبو بكر أحمد بن عبد الله بن
__________
(1) قال ابن حجر : وروى عنه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند ، وذكره ابن حبان في "الثقات" فقال : ربما أغرب ، وكناه أبا الحسن" (تهذيب : 1 / 17) وقال مغلطاي : روى عنه أبو يعلى الموصلي في عجمه" (إكمال : 1 / الورقة : 9).
(2) نسبة إلى"يام"بطن من همدان.
(3) في "د" : وولي.
(4) قيده الذهبي في "المشتبه" : 487 وغيره وسيأتي في موضعه من هذا الكتاب.

(1/270)


محمد صاحب أبي صخرة ، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الادمي المقرئ ، وحاجب بن أركين الفرغاني ، والحسن بن علي بن الحسين بن مرداس التميمي الهمذاني المعروف بابن أبي الحناء ، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم المدائني ، وعلي بن الحسن بن سعد البزاز ، وعلي بن عيسى بن داود ابن الجراح الوزير ، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي ، ومحمد بن عبد الله الزعفراني ، بلبل ، (1) ومحمد بن عبيد الله بن العلاء البغدادي الكاتب ، والنصر ابن محمد ، ويحيى بن محمد بن صاعد.
قال النسائي : لا بأس به.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : محله الصدوق.
وقال أبو العباس بن عقدة : رأيت إبراهيم بن إسحاق الصواف ومحمد بن عبد الله بن سليمان وداود بن يحيى لا يرضونه.
وقال أبو أحمد بن عدي : حدث عن حفص بن غياث وغيره أحاديث أنكرت عليه ، وهو ممن يكتب حديثه على ضعفه.
وقال الدارقطني : فيه لين.
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب فيما أخبرنا أبو العز الشيباني ، عن أبي اليمن الكندي ، عن أبي منصور القزاز عنه (2) : فمما أنكر عليه حديث أخبرناه أبو بكر البرقاني (3) ، قال : قرأت على أبي حاتم محمد ابن يعقوب الهروي : حدثكم النضر بن محمد.قال البرقاني : وقرأت
__________
(1) ذكر الذهبي"بلبل"في المشتبه لاشتباهه ب"بليل"ولم يذكر محمد بن عبد الله الزعفراني هذا (ص : 89) واستدركه عليه علامة الشام ابن ناصر الدين فقال : وبلبل لقب جماعة ، منهم : عبد الله بن عبد الرحمن زياد بن يزيد بن هارون الواسطي الزعفراني ، سكن همذان ، روى عن..الخ" (توضيح المشتبه : 1 / الورقة 73 من نسخة الظاهرية).
(2) تاريخ بغداد : 4 / 50.
(3) ضم ناسخ"د"الباء من البرقاني وهو وهم كما بينا سابقا في تعليقنا على الترجمة : 10 وانظر المشتبه أيضا : 66

(1/271)


على أبي حفص ابن الزيات مرارا : حدثكم عمر بن محمد بن نصر الكاغدي. قال (1) : وقرأت على أبي الحسن الدارقطني : حدثكم إبراهيم بن حماد ، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الادمي ، وأحمد بن عبد الله الوكيل ، قالوا : أخبرنا أحمد بن بديل قال النضر : قاضي همذان حدثنا حفص بن غياث ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب ب : (قل يا أيها الكافرون) (2) ، و(قل هو الله أحد) (3). قال النضر : ذكرت هذا الحديث لابي زرعة يعني الرازي فقال : من حدثك به ؟ قلت : ابن بديل. قال : شر له. قال البرقاني : قال لنا الدارقطني : تفرد به حفص بن غياث عن عبيد الله.
وبه : أخبرنا (4) محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني ، حدثنا صالح بن أحمد الحافظ ، قال : أحمد بن بديل بن قريش اليامي أبو جعفر الكوفي قاضي همذان كتب عنه أبو حاتم يعني الرازي قال عبد الرحمن ابنه : قدمنا همذان وهو قاضيها ، فلم يقض لنا السماع منه ، ومحله الصدق. قال صالح : وبلغني أنه كان يسمى بالكوفة راهب الكوفة ، فلما تقلد القضاء قال : خذلت على كبر السن ! خذلت على كبر السن ! مع عفته وصيانته.
وأخبرنا به عاليا أبو الحسين علي بن أحمد بن عبد الواحد ابن البخاري المقدسي ، وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني ،
__________
(1) يعني البرقاني.
(2) شطح قلم ابن المهندس شطحة غريبة فكتب"بقل يا أيها الذين الكافرون"فاستغفر الله العظيم وأعوذ به من الشيطان الرجيم.
(3) أخرجه ابن ماجه (833) في إقامة الصلاة : باب القراءة في صلاة المغرب من طريق أحمد بن بديل ، عن حفص بن غياث ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر. قال الحافظ في الفتح 2 / 206 : ولم أر حديثا مرفوعا فيه التنصيص على القراءة في المغرب بشيء من قصار المفصل إلا حديثا في ابن ماجه عن ابن عمر نص فيه على"قل يا أيها الكافرون والاخلاص"وظاهر إسناده الصحة إلا أنه معلول ، ثم نقل قول الدارقطني : أخطأ فيه بعض رواته (ش).
(4) تاريخ بغداد : 4 / 49.

(1/272)


قالا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزذ (1) ، أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبدا لباقي بن محمد الأنصاري ، أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري ، أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد ابن علي ابن الزيات ، حدثنا عمر بن محمد بن نصر الكاغدي ، حدثنا أحمد بن بديل بإسناده مثله سواء. رواه ابن ماجة عن أحمد بن بديل فوقع لنا موافقة له عالية (2).
قال محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، مطين : مات سنة ثمان وخمسين ومئتين.
14- خ ت ق : أحمد بن بشير القرشي المخزومي ، أبو بكر الكوفي ، مولى عمرو بن حريث ، ويقال : الهمداني (3).
قدم بغداد (4)
روى عن إسماعيل بن أبي خالد ، وأبي الخطاب حفص بن أبي منصور الكوفي ، وسعيد بن أبي عروبة ، وسليمان بن مهران الأعمش ، وشبيب بن بشر (ت) ، وشعبة بن الحجاج ، وعبد الله بن شبرمة (5) ، وعبيد الله بن عمر (ق) ، وعليل البجلي ، وعمر بن حمزة العمري (ت) ، وعوانة بن الحكم الكلبي ، وعيسى بن ميمون المدني (ت) ، ومجالد بن سعيد (ت) ، ومحمد بن أبي إسماعيل ، ومسعر بن كدام
__________
(1) ابن طبرزذ هو أول الشيوخ المذكورين في مشيخة ابن البخاري بعد والده الذي قدمه لاحقيته عليه (انظر نسخة المكتبة الأحمدية بحلب رقم 268).
(2) وذكره النسائي في أسماء شيوخه الذين روى عنهم. ولما ذكره ابن حبان في جملة الثقات ، قال : مستقيم الحديث. (مغلطاي : 1 / الورقة : 9 وتهذيب ابن حجر : 1 / 18) ، وتناوله الذهبي في الميزان : 1 / 85 84.
(3) قال البخاري : قال لي يحيى بن سليمان هو شيباني يقال مولى امرأة عمرو بن حزيث الشيبانية" (التاريخ : م 1 ق 2 ، ص : 1).
(4) تاريخ بغداد للخطيب : 4 / 46.
(5) شبرمة : بضم الشين المعجمة وسكون الباء الموحدة وضم الراء المهملة ، وسيأتي في موضعه ، وقيده ابن حجر في التقريب : 1 / 422 وغيره.

(1/273)


(ت) ، وهارون بن عنترة ، وهاشم بن هاشم الزهري (خ) ، وهشام بن حسان ، وهشام بن عروة ، وأبي البلاد يحيى بن سليمان الكوفي.
روى عنه : إبراهيم بن عبد الله بن عبس (1) التنوخي الكوفي ، وإبراهيم بن موسى الفراء الرازي ، وأحمد بن طارق الوابشي (2) ، وإسحاق بن موسى الأنصاري ، والحسن بن عرفة بن يزيد العبدي ، والحسين بن عبد الاول النخعي الكوفي ، وسعيد بن يعقوب الطالقاني ،
وسفيان بن وكيع ابن الجراح (ت) ، وأبو السائب سلم بن جنادة السوائي (3) (ت) ، وسليمان بن منصور الخزاعي المعروف بابن أبي شيخ ، وأبو سعيد عبد الله بن سعيد الكندي الاشج ، وعبد الرحمن بن صالح الأزدي ، والعلاء بن عمرو الحنفي ، ومحمد بن سلام البيكندي (خ) ، ومحمد بن طريف البجلي ، ومحمد بن عبد الله بن نمير (ق) ، ومحمد ابن الفرج البغدادي العابد مولى بني هاشم ، وأبو موسى محمد بن المثنى الزمن ، ومحمد بن مهران الرازي الجمال ، ونصر بن عبد الرحمن الكوفي الوشاء (ت) ، ويحيى بن سليمان الجعفي ، ويوسف ابن موسى الرازي القطان.
قال عباس الدوري عن يحيى بن معين : كان يقين (4) ، وليس بحديثه بأس.
وقال علي بن الحسين بن حبان : وجدت في كتاب أبي بخط يده : سألته ، يعني : يحيى بن معين ، عن أحمد بن بشير مولى عمرو بن حريث ، فقال : قد رأيته وكتبت عنه ، لم يكن به باس إلا أنه كان يقين.
وقال عثمان بن سعيد الدارمي : قلت ليحيى بن معين : عطاء بن
__________
(1) في "م" : عيسى.
(2) الوابشي : بكسر الباء الموحدة نسبة إلى وابش بن زيد بن عدوان.
(3) نسبة إلى سواءة بن عامر بن صعصعة.
(4) يقين : أي يبيع القينات ، وهن الجواري.

(1/274)


المبارك تعرفه ؟ قال : من يروي عنه ؟ قلت : ذاك الشيخ أحمد بن بشير ، قال : هذا ؟ ! كأنه تعجب من ذكري أحمد بن بشير ، فقال : لا أعرفه.
قال عثمان : أحمد بن بشير كان من أهل الكوفة ثم قدم بغداد وهو متروك.
قال الحافظ أبو بكر الخطيب : ليس أحمد بن بشير الذي روى عن عطاء بن المبارك مولى عمرو بن حريث الكوفي ، ذاك بغدادي (1) ، وأما أحمد بن بشير الكوفي ، فليست حاله الترك ، وإنما له أحاديث تفرد بروايتها وقد كان موصوفا بالصدق.
وقال أبو العباس بن عقدة عن عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة : سمعت ابن نمير وسئل عن أحمد بن بشير فقال : كان صدوقا ، حسن المعرفة بأيام الناس ، حسن الفهم ، وكان رأسا في الشعوبية أستاذا يخاصم فيها ، فوضعه ذاك عند الناس.
وقال أبو زرعة : صدوق.
وقال أبو حاتم : محله الصدق.
وقال النسائي : ليس بذاك القوي.
وقال أبو بكر بن أبي داود : كان ثقة ، كثير الحديث ، ذهب حديثه فكان لا يحدث.
وقال الدارقطني : ضعيف ، يعتبر بحديثه.
وقال أبو أحمد بن عدي : في حديثه عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن عطاء عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : تعبد رجل في صومعة ، فمطرت السماء ، فاعشبت الارض فرأى حمارا له يرعى فقال : يا رب لو
__________
(1) وقد ذكره الخطيب منفردا في تاريخه : 4 / 48 وسيأتي بعد هذه الترجمة تمييزا.

(1/275)


كان لك حمار رعيته مع حماري..الحديث" (1). وفي حديثه عن مسعر عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : لو وزن دموع آدم بجميع دموع ولده ، لرجح دموعه على جميع دموع ولده"وهذان الحديثان أنكر ما روي لأحمد بن بشير ، وله أحاديث أخر قريبة من هذين (2).
قال محمد بن عبد الله الحضرمي : أخبرت أنه مات في سنة سبع وتسعين ومئة.
وقال أبو بشر هارون بن حاتم التميمي : مات في المحرم سنة سبع وتسعين ومئة.
روى له : البخاري ، والترمذي ، وابن ماجة.
15- تمييز وأما أحمد بن بشير البغدادي ، فهو أبو جعفر المؤدب.
أخبرنا بحديثه أبو العز الشيباني ، أخبرنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر الخطيب (3) ، أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم
__________
(1) وتمامه كما في الكامل من ترجمة أحمد بن بشير : فبلغ ذلك نيبا من أنبياء بني إسرائيل ، فأراد أن يدعو عليه ، فأوحى الله إليه : إنما أجازي العباد على قدر عقولهم. وعلق عليه ابن عدي بقوله : وهذا حديث منكر ، لا يرويه بهذا الاسناد غير أحمد بن بشير. (ش).
(2) ابن عدي في "الكامل"في ترجمة أحمد بن بشير ، وهي أول ترجمة عنده فيمن اسمه أحمد (ش). قال مغلطاي : وفي كتاب التعديل والتجريح للعقيلي ضعيف متروك"وفي كتاب ابن الجارود : تغير وليس حديثه بشيء.
وقال أبو أحمد بن عدي : وله أحاديث صالحة وهو في القوم الذين يكتب حديثهم. وذكره أبو العرب القيرواني في جملة الضعفاء وذكر أن النسائي قال : ليس به بأس. وفي كتاب التعديل والتجريح عن الدارقطني : لا بأس به. وزعم أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب الضعفاء والمتروكين أن يحيى بن معين قال فيه : متروك ، وهو غير صواب ، بينا ذلك في كتابنا المسمى ب"الاكتفاء في تنقيح كتاب الضعفاء" (إكمال : 1 / الورقة : 9) ولكن قال الإمام الذهبي : قلت : قد خرج له البخاري في صحيحه" (الميزان : 1 / 86) وهذه إشارة إلى تقويته من الذهبي.
(3) تاريخ بغداد : 4 / 48.

(1/276)


الهاشمي ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، حدثنا أبو جعفر المؤددب أحمد بن بشير في جنازة بشر بن الحارث ، حدثنا عطاء بن المبارك ، قال : قال بعض العباد : لما علمت أن ربي يحاسبني زال عني حزني ، لان الكريم إذا حاسب عبده ، تفضل.
ولم يخرج له أحد منهم وإنما ذكرناه للتمييز بينه وبين الذي قبله.
16- س : أحمد بن بكار بن أبي ميمونة ، واسمه زيد ، القرشي ، الأموي ، مولاهم ، أبو عبد الرحمن الحراني.
روى عن : بشر بن السري (س) ، وبشير بن عبد الله ، أبي توبة ، وأبيه بكار بن أبي ميمونة ، وجعفر بن عون العمري ، وأبي يحيى عبدالحميد بن عبد الرحمن الحماني ، ومحمد بن خازم ، أبي معاوية الضرير ، ومحمد بن سلمة الحراني (س) ، ومحمد بن فضيل بن غزوان الضبي ، ومخلد بن يزيد الحراني (س) ، ووكيع بن الجراح ، ووهب بن إسماعيل الأسدي ، وأبي سعيد مولى بني هاشم (سي) ، وأبي قتادة الحراني ، واسمه : عبد الله بن واقد.
روى عنه : النسائي ، وأحمد بن إسماعيل الحراني ، والحسين ابن إسحاق التستري ، وأبو عروبة الحسين بن محمد بن مودود السلمي الحراني. وأبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي ، وأبو زيد يحيى ابن روح الحراني.
قال النسائي : لا بأس به.
وقال القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي عن يوسف بن إبراهيم الجرجاني ، أخبرنا أبو نعيم بن عدي الحافظ (1) ، حدثنا أبو زيد يحيى بن روح الحراني ، قال : سألت أبا عبد الرحمن بن بكار بن أبي ميمونة ، حراني من الحفاظ ثقة وكان مخلد بن يزيد يسأله
__________
(1) في هامش النسخ قول للمؤلف : اسمه عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني الاسترابادي".

(1/277)


عن الحديث من حفظه : لم لم تكتب عن يعلي ابن الاشدق ؟ قال : خرجنا إليه إلى ربض ابن مالك ، وربض ابن مالك هو خارج من حران ، فسألناه عن شيء من الحديث ، فقال : كذا وكذا من بغل تفليسي أحمر مدور في كذا وكذا ممن يحدثكم ، ولم يكن وتكلم بالفحش ، فالتفت إلى صاحبي فقلت : في الدنيا إنسان يكتب عن هذا ؟ فتركناه ، ولم نكتب عنه شيئا (1).
قال أبو عروبة الحراني : مات في صفر سنة أربع وأربعين ومئتين.
كان لا يخضب (2).
- ت : أحمد (3) بن بكار الدمشقي ، هو : أحمد بن عبد الرحمن بن بكار ، أبو الوليد القرشي البسري. يأتي فيما بعد (4).
17- ع : أحمد بن أبي بكر ، واسمه القاسم ، بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشي ، أبو مصعب الزهري المدني الفقيه قاضي مدينة رسول الله (5) صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) وذكره ابن حبان البستي في (الثقات) بعد تخريج حديثه في صحيحه. وذكر مغلطاي أن العلامة أبا الثناء حماد بن هبة الله بن حماد الحراني ذكره في "تاريخ حران"من تأليفيه (إكمال : 1 / الورقة : 9).
(2) يعني في كتابه"طبقات أهل حران"ونقل مغلطاي منه أنه توفي بحران في التاريخ المذكور. ونقل الذهبي مثل ذلك في ترجمته من تاريخ الاسلام (الورقة : 97 أحمد الثالث 2917 / 7).
(3) ومما يستدرك على المزي للتمييز ، وهو ما استدركه العلامة مغلطاي وأخذه الحافظ ابن حجر في تهذيبه :
3- أحمد بن بكار الباهلي.
روى عن عمران بن عيينة. روى عنه عبد الله بن قحطبة وغيره. قال ابن حبان البستي في "الثقات" : مستقيم الحديث. وقال أحمد بن الحسين الصوفي الصغير : حدثنا أبو هانئ أحمد بن بكار الباهلي وكان سيد أهل البصرة. (إكمال مغلطاي : 1 / الورقة : 9 ، وتهذيب ابن حجر : 1 / 20).
(4) آخر الجزء الثاني من الاصل. وقد أشار ابن المهندس في حاشية النسخة وفي هذا الموضع إلى انتهاء الجزء ، وجاءت صيغة انتهاء الجزء في "د"ونصها : آخر الجزء الثاني من تهذيب الكمال في أسماء الرجال.
والحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الامي وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. ويتلوه في الجزء الثالث إن شاء الله تعالى : أحمد بن أبي بكر ، أبو مصعب الزهري. والحمد لله وحده". وتجئ بعد ذلك طبقة سماع الجزء على المؤلف الشيخ المزي وتوقيعه بصحة ذلك. (الورقة : 45).
(5) في "م" : الرسول صلى الله عليه وسلم".

(1/278)


روى عن : إبراهيم بن سعد الزهري ، وحسين بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وصالح بن قدامة بن إبراهيم بن محمد بن حاطب الجمحي ، وعاصم بن سويد الأنصاري القبائي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ق) ، وعبد العزيز بن أبي حازم المدني (سي) ، وعبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر (1) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المعروف بابن أبي ثابت (ت) ، وعبد العزيز ابن محمد الدراوردي (2) (د ت ق) ، وعبد المهيمن بن عباس بن سهل ابن سعد الساعدي (ت ق) ، والعطاف بن خالد المخزومي ، وعمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص الليثي ، وأبي ثابت عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ، ومالك بن أنس الاصبحي (م ت كن ق) ، ومحرز بن هارون القرشي (ت) ، ومحمد بن إبراهيم بن دينار المدني الفقيه (خ سي) ، والمغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث ابن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي (خ س) ، وموسى بن شيبة بن عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري ، ويحيى بن عمران القرشي ، ويوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون (تم).
روى عنه : الجماعة سوى النسائي ، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي ، راوية (3)"الموطأ"وأبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي ، وأبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم بن محمد البسري ، وأبو الحريش أحمد بن عيسى بن مخلد الكلابي الكوفي ،
__________
(1) في "د" : عمرو"وهو وهم ، والتصحيح من"م"ومن ترجمة عبد العزيز بن عمران ، وترجمته هو ، أعني عمر بن عبد الرحمن بن عوف ، وستأتيان في هذا الكتاب.
(2) كذا والد عبد العزيز هذا من مدينة دارابجرد فاستثقلوا أن يقولوا دارابجردي فقالوا : دراوردي. ذكر ذلك السمعاني في الانساب وقال : وقيل : إنه من أندرابة.
(3) في "م" : رواية".

(1/279)


وأحمد بن محمد بن نافع الطحان المصري ، وإسحاق بن أحمد الفارسي ، وإسماعيل بن أبان بن محمد بن حوي الشامي ، وبقي بن مخلد الاندلسي ، وجعفر بن أحمد بن الحافظ ، وابنه : الحارث ابن أحمد بن أبي بكر الزهري ، وأبو الزنباع روح بن الفرج المصري القطان ، وزكريا بن يحيى السجزي المعروف بخياط السنة (س) ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، ومحمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، ومحمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي ، ومعاذ بن المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري ، ويحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب العلوي النسابة.
قال أبو زرعة وأبو حاتم : صدوق (1).
وقال الزبير بن بكار : مات وهو فقيه أهل المدينة غير مدافع ، ولاه القضاء عبيد الله بن الحسن بعد أن كان على شرطته.
قال محمد بن إسحاق السراج : مات في رمضان سنة اثنتين
__________
(1) قال مغلطاي : وقال مسلمة في تاريخه : مدني ثقة ، روى عنه أبو داود السجستاني ، وذكره أبو علي الجياني فيمن روى عنه أبو داود في كتاب السنن. وروى عنه مسلم حديثا واحدا في الجهاد ليس له في كتابه غيره فيما قاله الصريفيني. وفي كتاب الزهرة : روى له البخاري تسعة أحاديث ومسلم ثلاثة أحاديث...وذكره ابن حبان في جملة الثقات ثم خرج حديثه في صحيحه وكذلك الحاكم أبو عبد الله وقال : كان فقيها متقشفا عالما بمذاهب أهل المدينة. وفي تاريخ أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب ، قال أبو سعد الزاهد : أدركت أبا مصعب وله اثنتان وتسعون سنة.
وذكر ابن أبي خيثمه في تاريخه الكبير : خرجنا في سنة تسع عشرة ومئتين إلى مكة فقلت لابي : عمن أكتب ؟ فقال : لا تكتب عن أبي مصعب واكتب عمن شئت" (إكمال : 1 / الورقة : 9) وقال الإمام الذهبي في الميزان : ثقة حجة ، ما أدري ما معنى قول أبي خيثمة لابنه أحمد : لا تكتب عن أبي مصعب ، واكتب عمن شئت" (الميزان : 1 / 84). وقال الحافظ ابن حجر تعليقا على قول الذهبي هذا"ويحتمل أن يكون مراد أبي خيثمة دخوله في القضاء أو إكثاره من الفتوى بالرأي" (تهذيب : 1 / 20).
وذكره ابن منجويه في رجال صحيح مسلم ، الورقة : 2.

(1/280)


وأربعين ومئتين. قال : وسمعت الحارث بن أبي مصعب يقول : توفي أبي وله اثنتان وتسعون سنة (1).
وروى له النسائي.
18- ق : أحمد بن ثابت الجحدري ، أبو بكر البصري.
روى عن : أحمد بن إسحاق الحضرمي ، وأزهر بن سعد (2) السمان ، وبشر بن الحسن البصري ، وسفيان بن عيينة (ق) ، وصفوان ابن عيسى الزهري (ق) ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي (ق) ، وعمر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي (ق ، وعمير بن عبد المجيد الحنفي ، ومحمد بن جعفر ، غندر ، ومحمد بن خالد ابن عثمة ، ومحمد بن أبي عدي ، ومعاذ بن هشام الدستوائي ، والمغيرة بن سلمة ، أبي هشام المخزومي ، والنضر بن كثير السعدي ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن سعيد القطان (ق) ، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي (ق).
روى عنه : ابن ماجة ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن صدقة البغدادي ، وأبو القاسم جعفر بن محمد ابن المغلس ، والحسن بن علي بن دلويه البغدادي ، والحسين بن إسحاق بن إبراهيم العجلي ، وأبو عروبة الحسين بن محمد بن مودود الحراني ، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الاشعث السجستاني ، وعبد الله بن عروة الهروي ، وعلي بن أحمد بن سليمان القافلائي (3) ، وعمر بن محمد بن بجير البجيري
__________
(1) وبهذا التاريخ أيضا قال البخاري في تاريخ الكبير (م 1 ق 2 ص 6 5) وابن منجويه في رجال صحيح مسلم (الورقة : 2) ، وقال مغلطاي عن تاريخ وفاته تعليقا على نقل المؤلف عن السراج : واغفل كونه عند البخاري في التاريخ الكبير ، وابن مندة ، والقراب ، وابن أبي عاصم ، وغيرهم" . ثم قال : وقال أحمد بن أبي خالد في كتابه التعريف بصحيح التاريخ : توفي في آخر سنة إحدى وأربعين ومئتين" (إكمال : 1 / الورقة : 9) قال بشار : لم يتابعه أحد على ذلك.
(2) في "م" : أسعد"وهو وهم لعله من سبق القلم ، وإلا فإن ابن المهندس رسه صحيحا في ترجمته من الكتاب.
(3) القافلائي : قيده أبو سعد السمعاني في "الانساب"بفتح القاف وسكون الفاء وتابعه في ذلك ابن الاثير في =

(1/281)


السمرقندي ، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ومحمد بن إسماعيل البخاري في "التاريخ" ، ومحمد بن صالح بن الوليد النرسي ابن أخي العباس بن الوليد ، ومحمد بن العباس بن أيوب الأصبهاني المعروف بالاخرم ، ومحمد بن يحيى بن مندة العبدي الأصبهاني ، جد الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة ، وأبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد (1).
كان حيا في سنة خمسين ومئتين.
19- م : أحمد بن جعفر المعقري ، أبو الحسن البزاز نزيل مكة.
ومعقر (2) : ناحية من اليمن.
روى عن : إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبه ، والنضر بن محمد الجرشي (3) (م).
__________
= اللباب. وقد وجدت الفاء مضمومة بخط ابن المهندس وفي بعض النسخ الاخرى فابقيتها لايماني أن هذه هي رواية المؤلف. وقال السمعاني : هذه النسبة إلى حرفة عجيبة ، سمعت القاضي أبا بكر محمد بن عبدا لباقي الأنصاري ببغداد مذاكرة يقول : القافلائي اسم لمن يشتري السفن الكبار المنحدرة من الموصل والمصعدة من البصرة ويكسرها ويبيع خشبها وقيرها وقفلها ، والقفل : الحديد الذي فيها ، قال : يقال لمن يفعل هذه الصنعة : القافلائي. والمشهور بهذه النسبة أبو الربيع سليمان بن محمد بن سليمان القافلائي..وكان سليمان يبيع السفن بالبصرة"وفي اللباب لابن الاثير : القافلاني"بالنون وكذلك هو في الميزان للذهبي : 2 / 210 ، 222 ، ولكنني وجدت في أصل النسخ مدة على اللام ألف علامة أن الذي بعدها همزة فقيدته كذلك.
(1) قال ابن حبان في "الثقات" : كان مستقيم الامر في الحديث.
وذكره أبو علي الغساني في شيوخ أبي داود وقال إنه روى عنه في كتاب بدء الوحي له (إكمال مغلطاي : 1 / الورقة : 9 : وتهذيب ابن حجر : 1 / 21).
(2) ذكر السمعاني مثل هذا ونسب أحمد بن جعفر هذا إليها ثم قال وتابعه ابن الاثير في اللباب : وقيل بضم الميم وفتح العين وتشديد القاف ، والاول أصح"وقال ياقوت في (معقر) من معجم البلدان : اسم المكان من عقرت البعير أعقره واد باليمن عند القحمة بالسن قرب زبيد من تهامة ينسب إليه أبو عبد الله أحمد بن جعفر المعقري وقيل : أبو أحمد ، روى عن النضر بن محمد الحراشي (كذا) يروي عنه مسلم بن الحجاج ونسبه كذلك..وقال أبو الوليد ابن الفرضي الاندلسي في كتاب مشتبه النسبة من تأليفه : المعقري"بضم الميم وفتح العين وتشديد القاف ، ولم يعلم شيئا ، والصحيح : معقر ، بفتح الميم وسكون العين والقاف المسكورة وهي ناحية باليمن ، عن السلفي.
(3) جاء في هامش النسخ من قول المؤلف : ذكر في شيوخه : سعيد بن بشير وقيس بن الربيع الأسدي ، وذلك وهم فإنه لم يدركهما". قال أفقر العباد بشار بن عواد محقق هذا الكتاب : يعني بذلك صاحب الكمال عبد الغني المقدسي ، وهو مثبت في نسختي المصورة من كتابه (1 / الورقة : 166) ، والعجيب أن الحافظ أبا طاهر السلفي ، قد ذكر له هذين الشيخين فيما نقل ياقوت في معجم البلدان عنه ، قال ياقوت : قال السلفي : أبو الحسن أحمد بن =

(1/282)


روى عنه : مسلم ، وأبو محمد جعفر بن أحمد بن محبوب الربعي المكي ، ابن بنت الحسن بن عمران بن عيينة ، ومحمد بن أحمد بن زهير القيسي الطوسي ، ومحمد بن إسحاق بن العباس الفاكهي المكي ، والمفضل بن محمد بن إبراهيم الشعبي الجندي (1).
كان حيا في سنة خمس وخمسين ومئتين (2).
20- م د س : أحمد بن جناب (3) بن المغيرة المصيصي ، أبو الوليد الحدثي (4) ، يقال : إنه بغدادي الاصل (5).
روى عن : الحكم بن ظهير الفزاري ، وخالد بن يزيد بن أسد بن عبد الله القسري ، وعبد الله بن عبد الرحمن ، ويقال : عبد الرحمن بن عبد الرحمن ، وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (م د س).
روى عنه : مسلم ، وأبو داود ، وإبراهيم بن سعيد الجوهري ، وإبراهيم بن هاني النيسابوري ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وهو آخر من روى عنه (6) ، وأحمد بن سعيد بن شاهين البغدادي ، وأبو
__________
= جعفر المقري (كذا) البزاز ، روى عن النضر بن محمد بن موسى الحراشي (كذا) وإسماعيل بن عبد الله الصغاني وقيس بن الربيع وسعيد بن بشير وآخرين.." : 4 / 577. وقال الحافظ ابن حجر تعليقا على قول المزي : إنما روى عن النضر عنهما" (تهذيب : 1 / 21).
(1) الشعبي : بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة نسبة إلى شعب بطن من حمير ، والجندي : بفتح الجيم والنون نسبة إلى الجند البلدة المشهورة باليمن.
(2) وترجم له ابن منجويه في رجال صحيح مسلم (الورقة : 2).
(3) جناب : بفتح الجيم وتخفيف النون كما في التقريب : 1 / 112.
(4) الحدثي : بفتح الحاء والدال المهملتين ، نسبة إلى الحديثة البلدة لمشهورة حتى ليوم على الفرات ، ويقال في النسبة إليها أيضا : حديثي ، وحدثاني.
(5) هكذا قال المزي فأورد روايته على التمريض مع أن الخطيب صرح بأنه لم يكن بغداديا إنما هو مصيصي ورد بغداد. ولكن الذي دفع المزي إلى هذه المقالة ما أورده الخطيب عن الدارقطني : أحمد بن جناب بغدادي يروي عن عيسى بن يونس ، آخر من حدث عنه أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي"ثم رد عليه الخطيب بالذي نقلناه أولا. (تاريخ بغداد : 4 / 78).
(6) هكذا قال المزي إنه آخر من روى عنه ، وتوفي أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي في رجب سنة 306 ، وذكره الخطيب والذهبي (تاريخ بغداد : 4 / 86 82 ، وتاريخ الاسلام ، الورقة : 25 أحمد الثالث 2917 / 9) وذكر الذهبي في التذهيب أن آخر من روى عنه هو محدث الجزيرة أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي =

(1/283)


يعلى أحمد بن علي المثنى الموصلي ، وأحمد بن علي بن مسلم الابار ، وأحمد بن محمد بن حنبل ، وأحمد بن منصور المروزي ، ولقبه : زاج ، وأحمد بن ملاعب بن حيان البغدادي الحافظ ، وجعفر بن محمد ابن كزال ، وجنيد ابن حكيم الدقاق ، والحسن بن الفضل بن السمح البوصرائي (1) ، وصالح بن أحمد بن أبي مقاتل البغدادي ، وعباس بن محمد بن حاتم الدوري ، وعبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ، وعبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، وعثمان بن عبد الله بن خرزاد الانطاكي (س) ، وعلي بن الحسن بن أبي مريم ، وعمر بن شبة بن عبيدة (2) النميري البصري ، وعياش بن محمد بن عيسى الجوهري ، ومحمد بن سويد الطحان ، ومحمد بن طاهر بن أبي الدميك ، وأبو يحيى محمد بن عبد الرحيم البزاز المعروف بصاعقة ، ومحمد بن عبدوس بن كامل السراج ، ومحمد بن هشام بن أبي الدميك المستملي ، ومحمد بن يعقوب ابن الفرجي (3) الصوفي ، ويحيى بن إسحاق بن سافري ، ويحيى بن معلى بن منصور الرازي ، ويعقوب بن شيبة
__________
= صاحب المسند المشهور المتوفى سنة 307 (تذكرة الحفاظ : 2 / 707 وتاريخ الاسلام ، الورقة 30 أحمد الثالث 2917 / 9 وراجع ترجمة ابن جناب في تاريخ الاسلام ، الورقة : 176 أيا صوفيا 3007). وجاء في هامش نسخة"د"قول لاحدهم ، لعله المؤلف : بقي بعده أبو يعلى سنة" ، فإن صح أن هذا التعليق للمؤلف فذلك يعني أنه أضافه بأخرة.
(1) البوصرائي : جاء في هامش"م" : بوصرا قرية من قرى بغداد"وفي"د"ألحقت بها عبارة تمريضية هي"والله أعلم" ، وبهذا قال السمعاني في الانساب وتابعه ابن الاثير في اللباب ، قال السمعاني : بضم الباء الموحدة وفتح الصاد المهملة والراء وفي آخرها الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين ، هذه النسبة إلى بوصرا وهي قرية من قرى بغداد ، هكذا ذكره أبو بكر بن مردويه ، والمشهور بهذه النسبة أبو علي الحسن بن الفضل بن السمح الزعفراني المعروف بالبوصرائي.."وذكر أنه توفى سنة 280 ، وأنه كان متروك الحديث.
(2) عبيدة : بفتح العين المهملة وكسر الباء الموحدة ، قيده الذهبي في "المشتبه" وضبطه بالقلم : 438 وقيده ابن ناصر الدين بالحروف كما قيدناه في توضيح المشتبه : 2 / الورقة : 139.
(3) وجدت ناسخ"د"قد وضع سكونا وكسرة في آن واحد على حرف الراء وما اظنه أصاب. وقد قيده السمعاني في الانساب وتابعه ابن الاثير في اللباب وقال : بفتح الفاء والراء المهملة. وذكر أنه نسبة إلى الفرج ، وهو اسم رجل ينسب إليه أبو جعفر محمد بن يعقوب بن الفرج الصوفي المعروف بالفرجي هذا ، وكان من أهل سامراء ومات بالرملة بعد سنة 270. وقد تابعنا السمعاني في التقييد.

(1/284)


السدوسي ، ويعقوب بن يوسف المطوعي.
قال صالح بن محمد البغدادي : صدوق (1).
وقال أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل : مات سنة ثلاثين ومئتين.
وروى له النسائي.
21- م د : أحمد بن جواس (2) الحنفي (3) أبو عاصم الكوفي.
روى عن : إبراهيم بن سليمان الحنفي ، وبكر بن محمد العابد ، وجرير بن عبدالحميد الضبي ، وحباب ، أبي هريرة المكتب ، وسفيان بن عيينة ، وأبي الأحوص سلام بن سليم الحنفي (م د) ، وعبد الله بن إدريس ، وعبد الله بن المبارك ، وعبيد الله بن عبيد الرحمن الاشجعي (م) ، وعثمان بن مزاحم ، ومحمد بن خازم ، أبي معاوية الضرير.ومحمد ابن عبد الوهاب القناد ، ومحمد بن الفضل بن مهلهل ، ومسافر القرشي ، ونوفل بن مطهر الضبي ، وأبي بكر بن عياش.
روى عنه : مسلم ، وأبو داود ، وأبو شيبة إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة ، وأبو الحريش أحمد بن عيسى بن مخلد الكلابي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هاني الأثرم ، والحسن بن سفيان النسوي ، والحسن بن الصباح البزار (4) ، والحسن بن علي بن شبيب المعمري ، وأبو عبيدة
__________
(1) وخرج الحاكم حديثه في "المستدرك"وقال : ثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات" . وقال ابن أبي حاتم الرازي : روى عنه أبي ، ثم قال : سئل أبي عنه فقال : صدوق (ابن أبي حاتم : الجرح والتعديل : ج 1 ق 1 ص : 45 ، وإكمال مغلطاي : 1 / الورقة 10 ، وتهذيب ابن حجر : 1 / 22).
(2) جواس : بفتح الجيم وتشديد الواو وآخره سين مهملة ، قيدة ابن ححجر في "التقريب"1 / 13 والخزرجي في "الخلاصة" : 4.
(3) نسبة إلى بني حنيفة القبيلة المشهورة.
(4) البزار : آخره راء مهملة ، وسيأتي وانظر مشتبه الذهبي : 71 ، وتوضيح ابن ناصر الدين : 1 / الورقة 55 من نسخة الظاهرية.

(1/285)


السري بن يحيى بن السري التميمي ، ابن أخي هناد بن السري ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، ومحمد بن صالح بن ذريح (1) العكبري ، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، ومحمد بن عبد الغفار الهمذاني ، ومحمد بن عبدوس بن كامل السراج ، ومحمد بن مسلم ابن وارة الرازي ، ويوسف بن إسحاق بن الحجاج.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : روى عنه محمد بن مسلم ، وأحسن الثناء عليه.
وقال محمد بن عبد الله الحضرمي ، مطين : مات لثلاث خلون من المحرم سنة ثمان وثلاثين ومئتين ، ثقة ، وكان لا يخضب (2)
22- تمييز : ولهم شيخ آخر يقال له : أحمد بن جواس الاستوائي (3) ، أبو جعفر النيسابوري.
يروي عن : أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي ، وإسماعيل بن أبي أويس المدني ، ويحيى بن يحيى النيسابوري.
ويروي عنه : عبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي ، وموسى ابن العباس الجويني.
__________
(1) ذريح : بفتح الذال المعجمة وكسر الراء المهملة هو الشائع في الضبط ، أما ذريح بضم المعجمة وكسر المهملة فالنادر (راجع مشتبه الذهبي : 295 294).
(2) روى ابن حبان البستي في "صحيحه"عن محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا عنه ، وذكره أيضا في جملة الثقات. وقال مسلمة بن قاسم في كتاب"الصلة" : كوفي ثقة روى عنه من أهل بلدنا بقي بن مخلد. وفي تاريخ قرطبة قال بقي : كل من رويت عنه فهو ثقة. وقال أبو علي الغساني في كتابه"رجال أبي داود" : هو ثقة (عن إكمال مغلطاي : 1 / الورقة : 10). قال بشار : وانظر رجال صحيح مسلم لابن منجويه ، الورقة : 2 وتاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة : 9 (أحمد الثالث 2917 / 7).
(3) الاستوائي : وجدت ناسخ"د"قد وضع كسرة تحت الهمزة وما أظنه أصاب فالذي حفظناه الضم ، قال أبو سعد السمعاني في الانساب وتابعه عز الدين ابن الاثير في اللباب : بضم الالف وسكون السين المهملة وفتح التاء المنقوطة من فوقها بنقطتين أو ضمها وبعدها الواو والالف وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها ، هذه النسبة إلى أستوا وهي ناحية بنيسابور كثيرة القرى والخير..خرج منها جماعة كثيرة". قلت : قدم أبو سعد القول بفتح (تاء) استوا وكأنه رجحه على الضم ، أما ياقوت الحموي فلم يقل بغير الضم في التاء ، وبه أخذنا (معجم البلدان : 1 / 243) لانه ورد مضموما في "د"أيضا.

(1/286)


ذكره الحاكم أبو عبد الله في "تاريخ نيسابور" ، ولم يرو عنه أحد منهم وإنما ذكرناه للتمييز بينه وبين الذي قبله.
23- خ : أحمد بن الحجاج البكري الذهلي الشيباني ، أبو العباس المروزي.
روى عن : أبي ضمرة أنس بن عياض الليثي (خ) ، وحاتم بن إسماعيل المدني (بخ) ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الرحمن بن سعد بن عمار الموذن ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد العزيز ابن أبي حازم ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، والفضل بن موسى السيناني (1) ، وموسى بن شيبة بن عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري.
روى عنه : البخاري ، وإبراهيم بن إسحاق الحربي ، وأحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هاني الطائي الأثرم ، وأحمد بن منصور الرمادي (2) ، وجعفر بن محمد بن شاكر الصائغ ، وداود ابن سليمان العسكري ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، وعلي بن عبد العزيز البغوي ، ومحمد بن أيوب بن يحيى ابن الضريس الرازي ، ومحمد بن علي الوراق المعروف بحمدان ، ومحمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي ، وأبو عيسى موسى بن هارون الطوسي.
قال أبو بكر الخطيب : قدم بغداد ، وحدث بها ، فأثنى عليه أحمد بن حنبل.
وقال ابن أبي خيثمة : كان رجل صدق.
قال البخاري : مات يوم عاشوراء سنة اثنتين وعشرين
__________
(1) بكسر السين ، نسبة إلى سينان ، قرية بمرو.
(2) نسب أحمد بن منصور الرمادي هذا إلى رمادة اليمن وتوفي سنة 265 ، وهو ليس من رمادة فلسطين التي نسب إليها بعض الرواة أيضا.

(1/287)


ومئتين (1).
24- س : أحمد بن حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن ابن الغضوبة الطائي ، أبو علي ، ويقال : أبو بكر الموصلي :
أخو علي بن حرب بن معاوية بن حرب ، وكان يسكن الثغر بأذنة ، وجده مازن ابن الغضوبة (2) له صحبة.
روى عن : أسباط بن محمد القرشي (س) ، وإسماعيل بن علية (س) ، وأبي ضمرة أنس بن عياض الليثي (سي) ، وأبيه حرب بن محمد الطائي ، وزيد بن الحباب العكلي (3) (س) ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن إدريس (س) ، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي (س) ، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، وعمر بن سعد ، أبي داود الحفري (4) (س) ، والقاسم بن يزيد الجرمي (5) (س) ، ومحمد بن خازم ، أبي معاوية الضرير (س) ، ومحمد بن ربيعة الكلابي (س) ، ومحمد بن عبيد الطنافسي ، ومحمد بن فضيل بن غزوان (س) ، والمعافى بن عمران الموصلي ، ويحيى بن سليم الطائفي ، ويحيى بن يمان.
روى عنه : النسائي ، وأحمد بن عبد الله الشعراني ، وأحمد بن عبد الرحمن ابن الجارود الرقي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن صدقة
__________
(1) قال العلامة مغلطاي : ذكره ابن حبان في جملة "الثقات" . وقال الحافظ أبو عبد الله بن مندة في كتابه"أسماء شيوخ البخاري وصاحب"الزهرة" : توفي سنة إحدى وعشرين ومئتين ، زاد في الزهرة : روى عنه البخاري ثلاثة أحاديث. وفي"المعلم"لابن خلفون : قال أبو جعفر النحاس : هو ثقة". قال بشار : وله أخبار في تاريخ بغداد للخطيب : 4 / 117 116 ولم يذكر البخاري سوى سماعه من ابن المبارك وابن أبي حازم (التاريخ الكبير : ج : 1 ق : 2 ص : 3) ، وانظر تاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة : 176 من مجلد أيا صوفيا 3007 بخط المؤلف ، وما ذكره ابن مندة وصاحب"الزهرة"لم أجد أحدا تابعهما عليه.
(2) راجع الاستيعاب لابن عبد البر : 3 / 1344 قال : ويقال الغضوب ، الخطامي فخذ من طئ..وهو جد أحمد بن حرب وعلي بن حرب الطائي.
(3) بضم العين المهملة وسكون الكاف وكسر اللام إلى عكل ، بطن.
(4) بفتح الحاء المهملة والفاء ، منسوب إلى محلة بالكوفة يقال لها : الحفر.
(5) بفتح الجيم وسكون الراء ، نسبة إلى إحدي القبائل.

(1/288)


البغدادي ، وأبو بشر حيان بن بشر بن حيان قاضي المصيصة ، وأبو الفضل العباس بن يوسف بن إسماعيل ابن الاعلم الشكلي (1) مولى بني هاشم ، وعبد الله بن أحمد بن معدان الغزاء (2) ، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود ، وعبد الله بن محمد بن جعفر القاضي القزويني نزيل مصر ، وعبد الله بن محمد بن مسلم الاسفراييني ، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري الحافظ أحد الضعفاء ، وعبد الرحمن بن عبيد الله بن أحمد الأسدي الحلبي المعروف بابن أخي الإمام ، وعبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد العزيز الهاشمي الحلبي المعروف بابن أخي الإمام أيضا ، وعتيق ابن عبد الله الاذني ، وأخوه علي بن حرب الطائي ، وقيس بن مسلم الخولاني ، ومحمد بن عبد الله بن عبد السلام مكحول البيروتي (3).
قال النسائي : لا بأس به ، وهو أحب إلي من أخيه علي بن حرب.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : أدركته ولم أكتب عنه ، وكان
صدوقا.
وقال أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي صاحب"تاريخ الموصل" : كان فاضلا ورعا ، ورحل عن الموصل إلى ثغر أذنة رغبة في الجهاد ، فأوطن هناك ، وتكلم في مسألة اللفظ التي وقعت إلى أهل الثغور فقال فيما ذكر لي بقول محمد بن داود المصيصي ، فهجره علي
__________
(1) الشكلي : وجدت الشين مفتوحة في نسخة ابن المهندس ونسخة التبريزي ، وقيدها السمعاني بكسر الشين ونسب أبا الفضل بن يوسف الشكلي هذا وذكر أنه مات في رجب سنة 314 (8 / 138) وتابعه في ذلك ابن الاثير في اللباب ، وترجم له الذهبي في وفيات سنة 314 من تاريخ الاسلام (الورقة : 76 أحمد الثالث 2917 / 9).
(2) الغزاء : بفتح الغين المعجمة وفتح الزاي وتشديدها ، نسبة إلى كثرة الغزو.
(3) قال مغلطاي : روى عنه الحسين بن محمد الرامهرمزي فيما ذكر الإمام أبو زكريا يزيد محمد بن إياس الأزدي في تاريخ الموصل" (إكمال : 1 / الورقة : 10).

(1/289)


ابن حرب ، لذلك وترك مكاتبته. وشارك عليا في رجاله ، وتفرد عنه بإسماعيل بن علية ، فإن عليا لم يسمع منه (1). وكان مولده في سنة أربع وسبعين ومئة في صدر خلافة هارون الرشيد. وتوفي بأذنه سنة ثلاث (2) وستين ومئتين ، ودفن بها ، وله هناك ولد (3).
25- خ ت : أحمد بن الحسن بن جنيدب (4) الترمذي ، أبو الحسن الحافظ صاحب أحمد بن حنبل. رحال ، طوف الشام ومصر والعراق والحجاز.
روى عن : أحمد بن محمد بن حنبل (خ ت) ، وآدم بن أبي إياس العسقلاني والأسود بن عامر ، شاذان ، وأصبغ بن الفرج المصري (ت) ، وحجاج بن إبراهيم الأزرق ، وحجاج بن نصير الفساطيطي (ت) ،
والحسن بن بشر البجلي ، والحسن بن الربيع البوراني ، والربيع بن روح الحمصي ، وأبي توبة الربيع بن نافع الحلبي ، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم المصري (ت) ، وسعيد بن كثير بن عفير المصري ، وسليمان بن داود الهاشمي (ت) ، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، (ت) ، والضحاك بن مخلد ، أبي عاصم النبيل البصري ، وأبي صالح عبد الله بن صالح المصري ، كاتب الليث بن سعد ، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي (ت) ، وعبد الله بن نافع الصائغ المدني (ت) ،
__________
(1) وذكره ابن حبان البستي في "الثقات" ، وخرج حديثه في صحيحه.
(2) وكذا أرخ وفاته ابن حبان في "الثقات" ، وهو المتابع الذي ذكره فيه ابن عساكر في المعجم ، الترجمة : 17 والذهبي وغيرهما. ونقل مغلطاي من كتاب"الصلة"لمسلمة بن قاسم أنه توفي بحران سنة 267 (12 الورقة : 10) وهو غريب.
(3) ومما يستدرك عليه للتمييز :
4- أحمد بن حرب بن محمد البخاري ، أبو إسحاق.
روى عن أبيه وعيسى بن موسى الحافظ المعروف بغنجار ، وشداد بن حكيم ، وعصام بن يونس وغيرهم. روى عنه سعيد بن ذاكر والفتح بن الحسن النجاريان.
ذكره ابن حجر وذكر أن الخطيب ذكره ، ولم أجده في تاريخ الخطيب مع وجود نسخة خطية متقنة من التاريخ المذكور عندي ، فلعله ذكره في غير موضعه ، أو لعله من وهم الطبع.
(4) جنيدب : مصغر.

(1/290)


وعبد الملك بن إبراهيم الجدي (ت) ، وعبيد الله بن موسى العبسي الكوفي ، وعلي بن عياش الحمصي ، وعمرو بن عاصم الكلابي ، وأبي نعيم الفضل بن دكين الملائي ، وقيس بن حفص الدارمي ، ومحمد بن
عبد الله الأنصاري ، وأبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي الكفرسوسي ، ومحمد بن عرعرة بن البرند (1) السامي (2) البصري ، ومحمد بن عيسى ابن الطباع ، ومحمد بن الفضل السدوسي ، عارم ، ومحمد بن مصعب القرقساني (3) ، ومحمد بن موسى بن بزيع (4) الشيباني ، ومحمد بن يوسف الفريابي ، ومعقل بن مالك الباهلي ، ومعلى ابن أسد العمي (ت) ، وأبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوكي (ت) ، ونعيم بن حماد الخزاعي ، وأبي النضر هاشم بن القاسم ، ووضاح بن يحيى النهشلي ، ويحيى بن سليمان الجعفي (ت) ، ويحيى بن صالح الوحاظي ، ويزيد بن عبد ربه الحمصي المعروف بالجرجسي ، ويعلى بن عبيد الطنافسي.
روى عنه البخاري ، والترمذي ، وإبراهيم بن أبي طالب النيسابوري ، وأحمد بن علي بن مسلم الابار ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن شوذب البلخي ، وإسحاق بن أحمد الفارسي ، وجعفر بن أحمد بن
__________
(1) البرند : بكسر الباء الموحدة والراء المهملة وسكون النون ، قيده ابن حجر في ترجمته من التقريب : 2 / 191 ، وقيده الذهبي في "المشتبه" : 668 وابن ناصر الدين في توضيحه من نسخة الظاهرية.
(2) بالسين المهملة كما سيأتي في موضعه من الكتاب.
(3) القرقساني : هكذا وجدتها مقيدة أعني بكسر القافين بخط ابن المهندس وفي نسخة التبريزي التي بخط دولتشاه. وقيدها أبو سعيد السمعاني بفتح القافين نسبة إلى قرقيسيا المدينة المعروفة آنداك بالقرب من الرقة ونسب محمدا هذا إليها ، وتابعه ابن الاثير في اللباب فلم يعترض عليه. وفي معجم البلدان لياقوت : قرقيسياء : بالفتح ثم السكون وقاف أخرى وياء ساكنة وسين مكسورة وياء أخرى وألف ممدودة ، ويقال : بياء واحدة..وكثيرا ما يجئ في الشعر مقصورا" ، ولم يقيد القاف الثانية بالحروف كما نقلنا ، لكننا وجدناها مكسورة في المطبوعة ، وكذلك هي أيضا مكسورة في مراصد الاطلاع للبغدادي. وقيدها الخزرجي في الخلاصة بضم القافين (359) ، إذا صحت المطبوعة ، وبه أخذ ناشر تقريب التهذيب ولا أدري من أين جاء الخزرجي بهذا الضبط فهو غريب. على أن عجمة الاسم تحتمل اختلاف التلفظ ، ولعل المؤلف اختار كسر القافين كما يظهر من تقييد النسخ.
(4) بزيع : بفتح الباء الموحدة وكسر الزاي وسكون الياء آخر الحروف ، قيده ابن ناصر الدين في توضيحه : 1 / الورقة : 55.

(1/291)


نصر الحافظ ، وجعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض الفريابي القاضي ، وعبيد الله بن عبد الكريم ، أبو زرعة الرازي ، وعثمان بن خرزاذ الانطاكي ، ومحمد بن إدريس ، أبو حاتم الرازي ، (وأبو بكر محمد ابن إسحاق بن خزيمة (1) ، ومحمد بن إسحاق بن العباس الفاكهي المكي ، وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، وأبو رجاء محمد بن حمدويه المروزي الهورقاني (2) صاحب"تاريخ المراوزة" ، ومحمد بن الليث بن حفص المروزي ، ومحمد بن المنذر بن عبد العزيز ، ومحمد بن النضر الجارودي النيسابوري ، ومحمد بن يحيى بن خلاد.
قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : ورد نيسابور سنة إحدى وأربعين ومئتين ، فحدث في ميدان الحسين (3) ، ثم حج وانصرف إلى نيسابور ، وأقام بها سنة يحدث ، فكتب عنه كافة مشايخنا ، وسألوه عن علل الحديث والجرح والتعديل. وقال أيضا : حدثني أبو أحمد الحسين بن محمد بن يحيى ، حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي بنيسابور وكان أحد أوعية
__________
(1) سقط ما بين القوسين من نسخة ابن المهندس ولعل نظره انزلق عنه في النقل والمقابلة ، ولا يحتمل أن يكون المؤلف أضافه بعد نسخ ابن المهندس ، لان المؤلف ذكر في آخر الترجمة تحديث ابن خزيمة عنه.
(2) الهورقاني : هكذا هي مقيدة في النسخ ، وبه قال السمعاني في الانساب وتابعه ابن الاثير في اللباب. وهي نسبة إلى قرية تبعد سبعة فراسخ عن مرو. وقيدها ياقوت في معجم البلدان بفتح الهاء والباقي وافق به السمعاني ، وتابعه ابن عبد الحق في المراصد ، وابن السمعاني أعلم بهذه المناطق فهو من أهل مرو. وقال السمعاني بعد ذلك : والمشهور بالنسبة إليها أبو رجاء محمد بن حمدويه بن طريف بن روح الهورقاني ، هكذا ذكره المعداني وقال : توفي سنة ست وثلاث مئة"ثم ذكر"تاريخ المراوزة"له. وقال الخطيب البغدادي في ترجمة محمد بن عبد الله بن علي بن الحسن السختياني : من أهل مرو ، قدم بغداد في سنة ثمان وستين وثلاث مئة ، وحدث بها عن أبي عصمة محمد بن أحمد بن عباد المروزي عن أبي رجاء محمد بن حمدويه الهورقاني بكتاب تاريخ المراوزة" (تاريخ بغداد : 5 / 460) ونقل شمس الدين السخاوي هذا القول في "الاعلان" (ص : 644) وهو يتكلم على من ألف تاريخا لمرو. وترجم له الذهبي في تاريخ الاسلام ، الورقة : 29 (أحم الثالث 2917 / 9).
(3) جاء في هامش النسخ تعليق للمؤلف : هو الحسين بن معاذ بن مسلم أمير نيسابور وابن أميرها". قلت : ولم يذكر ياقوت هذا الميدان مع أنه ذكر غيره (معجم البلدان : 4 / 714 713) وانظر تاريخ خليفة بن خياط : 437 ، 441.

(1/292)


الحديث (1).
26- م ت : أحمد بن الحسن بن خراش (2) البغدادي ، أبو جعفر ، خراساني الاصل.
روى عن : أحمد بن إسحاق الحضرمي (ت) ، وحبان (3) بن هلال (م ت) ، وحجاج بن منهال الانماطي ، وشبابة بن سوار الفزاري (م) ، وأبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري المقعد (م) ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد التنوزي (م) ، وعبد الملك بن عمرو (م) ، وأبي عمر العقدي ، وعلي ابن المديني ، وعمر بن عبد الوهاب الرياحي (م) ،
__________
(1) جاء مغلطاي برواية ابن خزيمة من كتاب"الصحيح"له ، فقال : قال إمام الأئمة في صحيحه : حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي ، وكان أحد أوعية العلم ، سنة إحدى وأربعين ومئتين في جمادى الاولى"وأشار إلى أنه ورد في التهذيب"أحد أوعية الحديث" : قال بشار : وقد رأينا أن المزي ينقل رواية الحاكم في "تاريخ نيسابور"وهي التي جاء فيها"أحد أوعية الحديث"ولا فرق بين الاثنين لان المقصود بالعلم عند ابن خزيمة إنما هو"الحديث". وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في الجرح والتعديل : سئل أبي عنه ، فقال : صدوق" (م : 1 ق : 1 ص 47) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وخرج حديثه في صحيحه. ونقل مغلطاي عن ابن خلفون قوله فيه : ثقة مشهور.
وقال مغلطاي في تاريخ وفاته : وزعم بعض من ألف على التراجم من المتأخرين أنه توفي قبل الخمسين فالله أعلم". قال بشار : لا أشك أنه قصد بقوله : من المتأخرين"الإمام الذهبي فقد ذكر في التذهيب أنه توفي قبل الخمسين ومئتين. وذكره في الطبقة الخامسة والعشرين من تاريخ الاسلام ، وهم الذين توفوا بين 250 241 فقال : أحمد بن الحسن بن جنيدب ، أبو الحسن الترمذي..وكان من تلامذة أحمد بن حنبل ، روى عنه البخاري حديثا عن أحمد بن حنبل في المغازي. وقدم نيسابور سنة إحدى وأربعين ، ولا تاريخ لموته" (الورقة : 97 / أحمد الثالث : 2917 / 7). قال بشار : وكأن الذهبي رحمه الله ما وجد أحدا روى عنه بعد سنة 242 فقال بهذا التخمين ، وهو جيد ، وبه أخذ ابن حجر في تهذيبه (1 / 24).
(2) خراش : قيده الخزرجي في الخلاصة بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء (ص : 5) وتصحف في المطبوع من تاريخ الخطيب إلى"حراش"بالمهملة : 4 / 78.
(3) قيده الذهبي في "المشتبه" وضبطه بالقلم (ص : 131) وقال ابن ناصر الدين في توضيحه بعد أن قيده بالحروف : قلت : هو أبو حبيب البصري الحافظ عن همام وأبان بن يزيد وغيرهما ، وعنه الدارمي وعبد بن حميد وغيرهما. مات سنة ست عشرة ومئتين" (1 / الورقة : 113 من نسخة الظاهرية) ، وقال الذهبي في الطبقة الثانية والعشرين من تاريخ الاسلام ، وهي عندي بخطه : حبان بن هلال الباهلي ، ويقال : الكناني البصري ، أبو حبيب..وثقة ابن معين وأحمد بن حنبل وقال ابن سعد : كان ثقة حجة ثبتا امتنع من التحديث قبل موته.."ثم قال الذهبي : ولامتناعه لم يسمع منه البخاري وأبو حاتم وطبقتهما ، وهو من آخر من حدث عن معمر" (الورقة : 102 أيا صوفيا : 3007).

(1/293)


وعمرو بن عاصم الكلابي (م) ، وعمرو بن مرزوق الباهلي ، وأبي نعيم الفضل بن دكين ، ومحبوب بن الجهم ، ومحمد بن خالد بن عثمة ، ومسلم بن إبراهيم الأزدي (م) ، ومعقل بن مالك الباهلي ، وأبي سلمة موسى بن إسماعيل ، ووهب بن جرير بن حازم.
روى عنه : مسلم ، والترمذي ، وأحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي الصغير ، وأحمد بن أبي عوف ، واسمه : عبد الرحمن بن مرزوق البزوري (1). والحسين بن محمد بن حاتم بن يزيد ، أبو علي المعروف بعبيد العجل ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وأبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي السراج النيسابوري ، ومحمد بن هارون بن حميد ابن المجدر (2).
قال أبو بكر الخطيب : وكان ثقة (3).
وقال أبو العباس السراج : مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين وكان من أبناء خراسان. قال : وقال لي ابنه : سمعته يقول قبل أن يموت بساعة : أنا ابن ستين سنة إلا عشرين يوما.
27- خ د س : أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد السلمي ، أبو علي بن أبي عمرو النيسابوري (4) ، قاضيها.
__________
(1) البزوري : بضم الباء الموحدة والزاي ، نسبة إلى البزور جمع البزر.
وكان أحمد بن عبد الرحمن هذا بغداديا ثقة نبيلا ، توفي في شوال سنة 297 (تاريخ بغداد للخطيب : 4 / 245 ، وأنساب السمعاني : 2 / 214 213 وغيرهما).
(2) وأضاف ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل : روى عنه..وابن الجنيد" (م : 1 ق : 1 ص : 48).
(3) وذكره ابن حبان في الثقات"وخرج حديثه في صحيحه. وقال مغلطاي : وفي كتاب الزهرة : وهو أحد حفاظ خراسان ، روى عنه مسلم أحد عشر حديثا" (إكمال : 1 / الورقة : 10) ، وانظر تهذيب التهذيب : 1 / 24 وتاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة : 97 (أحمد الثالث 2917 / 7) ، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ، الورقة : 2 من نسخة البلدية بالاسكندرية. والمعجم المشتمل لابن عساكر ، الترجمة : 19.
(4) في حاشية النسخ تعليق للمؤلف : ذكر في نسبه السكري وأظنه وهما لم أر غيره ذكره"قلت : راجع الكمال : 1 / الورقة : 167 فهو فيها كذلك.

(1/294)


روى عن : إبراهيم بن سليمان الزيات البلخي ، وأحمد بن الحكم ابن سنان السلمي ، وأحمد بن أبي رجاء الهروي ، والجارود بن يزيد العامري النيسابوري ، والحسين بن الوليد القرشي النيسابوري ، وأبيه حفص بن عبد الله السلمي (خ د س) ، وسعيد بن الصباح النيسابوري العابد ، وعبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد المروزي المعروف بعبدان ، ويحيى بن يحيى النيسابوري.
روى عنه : البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وإبراهيم بن أبي طالب النيسابوري ، وأحمد بن علي بن مسلم الابار ، وأبو حامد أحمد بن محمد بن حامد الطوسي ، وأبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي الحافظ ، وأحمد بن محمد بن عبدوس النيسابوري ، وأبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزاز ، وزكريا بن يحيى السجزي ، خياط السنة (سي) ، وزيد بن يحيى بن الحسين العامري ، وأبو النضر سلمة بن النضر القشيري النيسابوري ، وأبو علي صالح بن محمد البغدادي الحافظ المعروف بجزرة ، وأبو الفضل صالح بن نوح بن منصور النيسابوري ، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني ، وأبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي البغدادي ، وعبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري الفقيه ، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن عمرو النصر آباذي ، وأبو القاسم عبد الله بن هاشم السمسار ، وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش الحافظ ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي (1) ، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ومسلم بن الحجاج في غير"الصحيح" ، وأبو محمد نصر بن أحمد بن نصر الكندي البغدادي الحافظ المعروف بنصرك ، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفراييني.
__________
(1) ونقل مغلطاي عن الجياني أن صاحب الترجمة كتب إلى أبي حاتم وأبي زرعة الرازيين بجزء من حديثه (إكمال : 1 / الورقة 11).

(1/295)


قال النسائي : صدوق لا بأس به ، قليل الحديث (1).
وقال الحاكم أبو عبد الله : قرأت بخط أبي عمرو المستملي ، مات أحمد بن حفص بن عبد الله ليلة الاربعاء لاربع ليال خلون من المحرم سنة ثمان وخمسين ومئتين ، وصلوا عليه في ميدان الحسين ، ووضعت جنازته في مسجد رجاء بن معاذ بجنب المقصورة ، فصلى عليه ابنه يوم الاربعاء عند غروب الشمس ، وخيل إلي أنه امتلا الميدان من الخلق ، ودفن بباب معمر ، وصلي عليه أيضا هناك بعد المغرب.
وقال أبو يوسف يعقوب بن محمد الصيدلاني : مات ليلة الاربعاء لثلاث خلون من المحرم سنة ثمان وخمسين ومئتين بعد محمد بن يحيى بستة أشهر (2).
- ت (3) : أحمد بن الحكم البصري ، هو : أحمد بن عبد الله بن الحكم (4) ابن الكردي ، يأتي فيما بعد.
28- س : أحمد بن حماد بن مسلم بن عبد الله بن عمرو
التجيبي ، أبو جعفر المصري ، مولى بني سعد بن معاوية من تجيب.
__________
(1) ونقل مغلطاي وابن حجر وغيرهما أنه قال في أسماء شيوخه : ثقة.
ونقل مغلطاي من تاريخ نيسابور قول الحاكم : سمعت أبا الطيب المذكر ، سمعت مسدد بن قطن يقول : ما رأيت أحدا أتم صلاة ، ركوعا وسجودا ، من أحمد بن حفص السلمي. حدثنا عبد الله بن أحمد عن أبي حاتم السلمي ، قال : سألت مسلم بن الحجاج عن الكتابة عن أحمد بن حفص ، فقال : نعم. أبو عبد الله (الحاكم) : هذا رسم مسلم في الثقات الاثبات" (إكمال : 1 / الورقة : 10) ، وقال الذهبي في تاريخ الاسلام : ثقة مشهور كبير القدر" (الورقة : 218 أحمد الثالث 2917 / 7) ، وراجع : المعجم المشتمل لابن عساكر ، الترجمة : 20.
(2) وهذا هو الذي اختاره الذهبي في تاريخ الاسلام ، أعني سنة 258 ، وزعم أبو علي الجياني في أسماء شيوخ ابن الجارود ، وابن خلفون أن وفاته كانت سنة 255 ، وقال ابن عساكر : سنة 260 ، والمعتمد الاول (انظر إكمال مغلطاي وتذهيب الذهبي وتاريخ الاسلام له أيضا ، وتهذيب ابن حجر).
(3) يجئ هنا للاحالة أيضا : أحمد بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي يكنى : أبا عمرو. ذكره المؤلف في الكنى إذ هو مشهور بكنيته وذكر هناك أن اسمه عبدالحميد وقيل أحمد ، وقيل اسمه كنيته.
(4) في تهذيب ابن حجر : الحكيم"محرف ، وذكره صحيحا في موضعه.

(1/296)


وهو أخو عيسى بن حماد ، زغبة (1) ، وكان أصغر من عيسى.
روى عن : روح بن صلاح ، وزهير بن عباد الرؤاسي ، ابن عم وكيع بن الجراح ، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم ، وسعيد بن كثير بن عفير ، وأبي صالح عبد الغفار بن داود بن مهران الحراني نزيل مصر ، ومحمد ابن روح العنبري ، وموسى بن ناصح ، ويحيى بن عبد الله بن بكير.
روى عنه : النسائي (2) ، وأحمد بن القاسم بن عبد الرحمن الحرسي المصري ، وأحمد بن محمد بن معاوية بن هشام بن داود بن مهران (3) المصري ، وهو ابن ابن أخي أبي صالح عبد الغفار بن داود الحراني ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أبي الموت المكي ، وأبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم الاذرعي ، والحسن بن رشيق العسكري ، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، وأبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبدالاعلى ، وعبد الرحمن بن داود بن منصور ، وأبو يعلى عبدالمؤمن بن خلف النسفي الحافظ ، وأبو بكر محمد بن أحمد المعيطي المصري ، ومحمد بن القاسم بن محمد بن سيار القرطبي ، وأبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري الدمشقي ، وأبو الحسن مروان بن عبد الملك الاندلسي.
قال النسائي : صالح.
وقال أبو سعيد بن يونس : توفي يوم السبت لخمس بقين من جمادى الاولى سنة ست وتسعين ومئتين. وكان ثقة مأمونا (4) ، بلغ
__________
(1) زغبة : بضم الزاي وسكون الغين المعجمة وفتح الموحدة ، لقبه هو ولقب ابيه أيضا.
(2) في حواشي النسخ تعليق للمؤلف : ذكره أبو القاسم في المشايخ النبل ولم أقف على روايته عنه" (قلت : راجع المعجم المشتمل ، الترجمة : 21). وقال مغلطاي : ذكره النسائي في شيوخه الذين روى عنهم..ولم يذكره صاحب الزهرة في شيوخ النسائي" (إكمال : 1 / الورقة : 11).
(3) بكسر الميم وسكون إلهاء.
(4) وأخرج الحاكم حديثه في المستدرك.

(1/297)


أربعا وتسعين سنة (1).
29- خ سي : أحمد بن حميد الطريثيثي ، أبو الحسن الكوفي ، ختن عبيد الله بن موسى ، ويعرف بدار أم سلمة (2).
وكان من حفاظ الكوفة.
روى عن : حفص بن غياث (3) النخعي ، وأبي أسامة حماد بن أسامة ، وعبد الله بن إدريس ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن نمير ، وعبد الرحيم بن سليمان (عخ) ، وعبيد الله بن عبيد الرحمن الاشجعي (خ سي) ، والقاسم بن معن المسعودي ، ومحمد بن بشر العبدي ، ومحمد ابن جعفر ، غندر ، ومحمد بن فضيل بن غزوان (بخ) ، ومعاوية بن هشام القصار ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وأبي بكر بن عياش.
روى عنه : البخاري (4) ، وأحمد بن محمد ابن الاصفر ، وأحمد بن محمد ابن المعلى الآدمي (5) ، وأبو علي حنبل بن إسحاق بن حنبل ، ابن عم أحمد بن محمد بن حنبل ، وعباس بن محمد الدوري ، وأبو سعيد عبد الله بن سعيد الاشج ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي الترمذي ، ومحمد بن أبي خالد الصومعي ، ومحمد بن يحيى بن كثير الحراني ، ومحمد بن يزيد الادمي (6) (سي) ، ويحيى بن عبدالحميد الحماني ، وهو من أقرانه ، وأبو
__________
(1) ونقل مغلطاي عن مسلمة بن قاسم أنه توفي عن ثمانين سنة (إكمال : 1 / الورقة : 11) ، وهو غريب لم يتابعه فيه أحد.
(2) لقب بدار أبي سلمة على اسم موضع كان ينزله بالكوفة فيما قاله الصوري. وفي كتاب الزهرة : كان يلقب بدار أم سلمة لانه جمع حديث أم سلمة ، وهو الذي أخذ به ابن حجر في التهذيب (1 / 26). وغلط الحاكم فيه فقال : جار أم سلمة ، ورد عليه عبد الغني بن سعيد الأزدي.
وفي كتاب الباجي : جار أبي سلمة موسى بن إسماعيل (إكمال مغلطاي : 1 / الورقة : 11 ، وتهذيب ابن حجر : 1 / 26).
(3) غياث هذا مخفف كما قيده الذهبي في "المشتبه" : 440 وغيره.
(4) وذكر أنه مولى لقريش (التاريخ ج : 1 ق : 2 ص : 2).
(5) هذا الشيخ منسوب إلى جده"آدم.
(6) في التقريب"الآدمي"بالمد وهو وهم فهذا الرجل منسوب إلى"الادم"وبيعه (انظر التقريب : 2 / 220).

(1/298)


حاتم الرازي ، وقال : كان ثقة رضى (1).
وقال أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي : ثقة (2).
قال محمد بن عبد الله الحضرمي : مات سنة عشرين ومئتين (3).
وروى له النسائي في كتاب"عمل يوم وليلة"• أحمد بن أبي الحواري (4) ، هو : أحمد بن عبد الله بن ميمون ، يأتي فيما بعد.
30- ز 40 : أحمد بن خالد (بن موسى ، ويقال :) (5) ابن محمد ، الوهبي (6) الكندي ، أبو سعيد بن أبي مخلد الحمصي ، أخو محمد بن خالد (7).
__________
(1) وانظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم : ج : 1 ق : 1 ص 46).
(2) وقال ابن أبي حاتم الرازي في الجرح والتعديل : سمعت أبا زرعة يقول : أدركته ولم أكتب عنه" (ج : 1 ق : 1 ص : 46). ووثقه محمد بن عبد الله الحضرمي ، وأحمد بن صالح المصري ، وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وروى عنه أحمد بن حنبل ، وأحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب ، وقال الخطيب : هو من حفاظ الكوفة ومتثبتيهم.
(تاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة : 95 أيا صوفيا 3007 وإكمال مغلطاي وتهذيب ابن حجر).
(3) هذا هو المشهور في وفاته المنقول عن محمد بن عبد الله الحضرمي المعروف بمطين ، ولكن مغلطاي وجد في تاريخ مطين أنه توفي سنة تسع وعشرين ومئتين ، وعنه نقل ابن حجر في تهذيب التهذيب أيضا ولم يعلق على هذا الاختلاف مع أنه أورد رواية مطين الاولى القائلة بوفاته سنة 220. أما الإمام الذهبي فجزم بوفاته في سنة 220 فليحرر.
(4) الحواري : بفتح الحاء المهملة والواو الخفيفة وكسر الراء ، كما في مشتبه الذهبي : 257 ، والتقريب : 1 / 18 وغيرهما.
(5) ليس في "م"والظاهر أن المؤلف أضافها بعد نسخ ابن المهندس هذا المجلد ، أو أن ابن المهندس ذهل عنه ، ما ثبتناه مثبت في النسخ الاخرى وفي مختصرات التهذيب ، وفي تاريخ الاسلام للذهبي ، وهو بخطه. (الورقة : 95 أيا صوفيا : 3007).
(6) منسوب إلى وهب بن ربيعة بن معاوية الاكرمين بطن من كندة على ما ذكر العلامة مغلطاي. ولم يذكر ابن السمعاني هذه النسبة في الانساب (الورقة : 586) فاستدركها عليه ابن الاثير في اللباب : 3 / 281 ولكنه لم ينسب أحمد بن خالد الوهبي هذا إليها ، بل نسب إليها شخصا واحدا على طريقته في الاختصار.
(7) محمد هذا هو الاكبر ، وسيأتي في موضعه من"المحمدين"من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

(1/299)


روى عن : إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (س ق) ، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي ، وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون (1) (ص ق) ، وأبي سلام عبد الملك بن مسلم بن سلام الحنفي (س) ، وقيس بن الربيع الأسدي ، ومحمد بن إسحاق بن يسار المدني (ز 4) ، ويونس بن أبي إسحاق السبيعي (س).
روى عنه : البخاري (ت) ، في كتاب"القراءة خلف الإمام"وفي كتاب"الأدب" ، وإبراهيم بن أبي داود البرلسي (2). وأحمد بن عبد الوهاب ابن نجدة الحوطي ، وأبو بكر أحمد بن علي بن يوسف الخراز (3) الدمشقي ، وحميد بن زنجويه النسائي ، وسعيد بن عثمان التنوخي ، وسلمة بن شبيب النيسابوري ، وشعيب بن شعيب بن إسحاق الدمشقي ، وصفوان بن عمرو الحمصي الصغير (س) ، وعباس بن الفرج الرياشي ، وعبد الرحمن بن عمرو النضري ، أبو زرعة الدمشقي ، وعبيد الله (4) بن فضالة بن إبراهيم النسوي ، وعمرو بن عثمان بن
__________
(1) الماجشون : بكسر الجيم وضم الشين المعجمة.
(2) البرلسي : بضم الباء الموحدة والراء واللام المشددة وفي آخرها السين المهملة ، نسبة إلى"البرلس"بليدة من سواحل مصر. قال أبو سعيد ابن يونس : هو ماحوز من مواحيز رشيد مما يلي الاسكندرية. وهو أبو إسحاق إبراهيم بن سليمان بن داود يعرف بابن أبي داود البرلسي الأسدي ، من أسد خزيمة ، ولد بصور ولزم البرلس فنسب إليها ، وكان أبوه كوفيا. وكان أبو إسحاق هذا ثقة من حفاظ الحديث ، توفي بمصر سنة 272. (السمعاني في الانساب : 2 / 180 179 ، وابن الجوزي في المنتظم : 5 / 85 ، وياقوت في "برلس"من معجم البلدان ، ووقعت وفاته في اللباب (1 / 115) سنة : 292 وهو وهم لان الباقين إنما نقلوا عن ابن يونس وهو أعلم بأهل بلده فضلا عن ورودها في بعض نسخ أنساب السمعاني كذلك أيضا ، وهو الذي أخذ به الذهبي في تاريخ الاسلام وابن العماد في الشذرات ، والظاهر أنه تصحف على ابن الاثير.
(3) قيده الذهبي في "المشتبه" ، قال : الخراز نسبة إلى خرز الجلود..وأحمد بن علي الدمشقي الخراز ، لا أحمد بن علي البغدادي الخزاز بمعجمات ، متعاصران : فالدمشقي سمع مروان بن محمد الظاهري. (ص : 160 161) ، وقال ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه بعد ايراد كلام الذهبي : قلت : هو أبو بكر أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي ، روى عنه الحسن بن حبيب الحصائري وغيره" (1 / الورقة : 139 من نسخة الظاهرية) ، ولم يذكره السمعاني في "الخراز"من الانساب : 5 / 70 67.
(4) في "د" : عبد الله" ، وليس بشيء ، فهو أبو قديد عبيد الله بن فضالة الثقة الثبت ، وسيأتي في موضعه.

(1/300)


سعيد بن كثير بن دينار الحمصي (ق) ، وعمران بن بكار الكلاعي البراد (س) ، ومحمد بن خالد بن خلي (1) الحمصي (عس) ، ومحمد بن أبي خالد الصومعي ، ومحمد بن عوف بن سفيان الطائي (د) ، ومحمد بن المصفي (2) بن بهلول القرشي الحمصي (ق) ، ومحمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي النيسابوري (د ق) ، وموسى بن عيسى بن المنذر الحمصي ، وهاني بن النضر بن حبيب الأزدي الهنائي (3) ، ويحيى بن عثمان بن سعيد ابن كثير بن دينار الحمصي.
قال أبو زرعة الدمشقي عن يحيى بن معين : ثقة (4).
وقال أبو بكر بن أبي عاصم : مات سنة أربع عشرة ومئتين (5).
وروى له الباقون سوى مسلم
31 ت س : أحمد بن خالد الخلال ، أبو جعفر البغدادي الفقيه.
روى عن : أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني ، وإسحاق بن يوسف الأزرق (س) ، وإسماعيل بن علية ، والحسن بن بشر البجلي ،
__________
(1) بوزن علي ، وسيأتي.
(2) المصفى بألف مقصورة ، الفيروزآبادي في القاموس المحيط : 4 / 352 ، وسيأتي ذكره.
(3) بضم الهاء وفتح النون وبعد الالف ياء مثناة من تحتها ، نسبة إلى هناءة بن مالك ، بطن من الازرد.
(4) وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" ، وخرج إمام الأئمة ابن خزيمة وأبو عبد الله الحاكم حديثه ، الاول في صحيحه ، والثاني في "المستدرك" ، وقال الدارقطني في كتاب الجرح والتعديل : لا بأس به. وقال ابن حجر : ونقل أبو حاتم الرازي أن أحمد امتنع من الكتابة عنه. ووقع في كلام بعض شيوخنا أن أحمد اتهمه ، ولم أقف على ذلك صريحا". قال بشار : الحق مع ابن حجر فقد أورد العلامة مغلطاي حكاية الإمام أحمد مع الوهبي ونقلها عن محمد بن سعيد بن حاجب عن أبي حاتم الرازي في تاريخه ، وخلاصتها أن أحمد أراد السماع على الوهبي فأخرج له الاخير كتاب ابن إسحاق فلم ير في هذا السماع فائدة فمسح قلمه وقام ، وليس في هذه الحكاية كلام في الرجل ، ولو كان الرازي يعلم أن أحمد تكلم فيه لاورد ابنه عبد الرحمن كلامه في "الجرح والتعديل"ولما اقتصر على توثيق أبي زرعة له على الاطلاق نقلا عن يحيى بن معين. (الجرح والتعديل : ج : 1 ق : 1 ص : 49 ، وتاريخ الاسلام ، الورقة : 95 أيا صوفيا : 3007 ، وإكمال مغلطاي : 1 / الورقة : 11 ، وتهذيب ابن حجر : 1 / 27).
(5) قال مغلطاي : وقال الحافظ القراب وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه الكبير : توفي سنة خمس عشرة ومئتين".

(1/301)


والحسين بن الحسن بن عطية العوفي ، وسفيان بن عيينة ، وشبابة بن سوار ، وشعيب بن حرب (س) ، والعباس بن صالح ، وعبد الله بن صالح العجلي ، وعبد الله بن محمد الأنصاري البياضي ، وعثمان بن عمر بن فارس ، وأبي قطن عمرو بن الهيثم البصري ، (والفضل بن عنبسة) (1) ، ومحمد بن إدريس الشافعي ، ومحمد بن سابق البزاز ، ومحمد ابن عبيد الطنافسي ، ومخلد بن خالد الشعيري ، ومعن بن عيسى القزاز (س) ، وموسى بن داود الضبي ، ويحيى بن إسحاق السيلحيني (ت) ، ويزيد بن هارون.
روى عنه : الترمذي ، والنسائي ، وإبراهيم بن يوسف بن خالد الهسنجاني (2) ، وأحمد بن علي الابار ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي ، وجعفر بن محمد بن الحسن الفريابي القاضي ، والحسين بن إدريس الأنصاري الهروي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وعمر (3) بن عبد الله بن عمرو بن أبي حسان الزيادي ، وعمر بن محمد ابن بجير البجيري ، وأبو محمد القاسم بن سعيد الرصافي الفقيه ، ومحمد ابن أحمد بن البراء العبدي ، ومحمد بن إدريس أبو حاتم الرازي ، ومحمد ابن العباس بن أيوب الأصبهاني الاخرم ، ويعقوب بن سفيان الفارسي.
قال أحمد بن عبد الله العجلي : ثقة.
__________
(1) ورد هذا الشيخ في حاشية"د"ووضع له الناسخ إشارة بعد"البصري"وأشار إلى أنه كان في حاشية نسخة المؤلف. وقد ارتأينا وضعه في صلب النص لايماننا بأنه من استدراك المؤلف المزي ، ولا معنى لبقائه في حاشية النسخة.
(2) بكسر الهاء والسين المهملة وسكون النون وفتح الجيم وبعد الالف نون ثانية ، نسبة إلى قرية من قرى الري يقال لها هسنكان فعرب فقيل : هسنجان ، نسب أبو إسحاق إبراهيم هذا إليها ، وتوفي سنة 301 (أنساب السمعاني ، ولباب ابن الاثير ، ومعجم البلدان لياقوت ، وتاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة : 3 أحمد الثالث : 2917 / 9). وقيد ياقوت"هسنجان" بكسر الهاء وفتح السين المهملة تقييد الحروف ، وهكذا وجدت ناسخ هذا القسم من تاريخ الاسلام قد وضع فتحة على السين أيضا وكأن هذا كان اختيار الذهبي. على أنني وجدت ناسخ نسخة التبريزي"د"قد أوضح الكسرتين تحت الهاء والسين فتحقق لي متابعة المزي لابي سعد المسعاني ، فتابعهما في الضبط.
(3) في "م"حاشية نصها : كان فيه عمرو ، وهو وهم" ،
وفي"د"حاشية : بخط المصنف : فيه عمرو ، وهو وهم". قال بشار : يعني في أصل الكمال ، فانظره : 1 / الورقة : 167.

(1/302)


وقال أبو حاتم الرازي : كان خيرا ، فاضلا ، عدلا ، ثقة ، صدوقا ، رضى (1).
وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : كان امرءا صالحا.
وقال الدارقطني : ثقة ، نبيل ، قديم الوفاة (2).
قال أبو الحسين عبدا لباقي بن قانع بن مرزوق القاضي الحافظ : مات في سنة سبع وأربعين ومئتين بسر من رأى. وقال غيره : مات في سنة ست وأربعين ومئتين (3).
32- س : أحمد بن الخليل البغدادي ، أبو علي البزاز ، نزيل نيسابور.
روى عن : حجاج بن محمد المصيصي (س) ، وخالد بن مخلد القطواني (4) (س) ، وخلف بن تميم الكوفي ، والخليل بن زكريا الشيباني ، وروح بن عبادة القيسي (س) ، وزكريا بن عدي الكوفي (س) ، وسورة ابن الحكم القاضي ، وعبيد الله بن موسى العبسي ، وعلي بن عاصم الواسطي ، وقراد ، أبي نوح ، ومعاوية بن عمرو الأزدي ، وأبي النضر هاشم بن القاسم ، ويحيى بن أيوب المقابري ، ويزيد بن هارون ، ويونس ابن محمد المؤدب (س).
__________
(1) وفي الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (ج : 1 ق : 1 ص : 49) وهو الاصل المنقول منه نقل قول أبي زرعة الرازي فيه فقال : وسمعت أبا زرعة يقول : أدركناه ولم نكتب عنه.
(2) ونقل ابن عساكر في المعجم المشتمل عن النسائي أنه قال : لا بأس به (الترجمة : 22) ، وقال أبو عبيد محمد بن علي بن سليمان الآجري : سألت أبا داود سليمان بن الاشعث السجستاني عن أحمد بن خالد الخلال فقال : ثقة لم أسمع منه. وقال أبو عبد الله الحاكم : كان من جلة الفقهاء ، ذكر ذلك مغلطاي في إكماله : 1 / الورقة : 11. وقال داود بن علي الأصبهاني في أسماء أصحاب الشافعي : كان من أهل الحديث والامن والامانة والورع. وذكره ابن حبان البستي في "الثقات" (انظر تهذيب ابن حجر : 1 / 27 ، وتاريخ الخطيب : 4 / 126 ، وتاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة : 97 أحمد الثالث 2917 / 7).
(3) هذا هو ما ذكره الخطيب في تاريخ بغداد بعد أن أورد قول ابن قانع في وفاته (4 / 127) وتحرف في تهذيب ابن حجر إلى : 63.
(4) القطواني : بفتح القاف والطاء المهملة نسبة إلى قطوان : موضعان ، أحدهما بالكوفة والثاني بسمرقند ، وخالد منسوب إلى الذي بالكوفة.

(1/303)


روى عنه : النسائي ، وإبراهيم بن أبي طالب النيسابوري ، وجعفر بن أحمد الشاماتي ، والحسين بن محمد بن زياد القبائي ، وحمويه بن الحسين بن معاذ النيسابوري القصار ، أحد الضعفاء (1). وأبو يحيى زكريا ابن داود الخفاف ، وعبدان بن أحمد الاهوازي ، وعلي بن الحسين بن حبان ، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ومحمد بن سليمان بن خالد العبدي ، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، وأبو علي محمد بن علي بن عمر المذكر النيسابوري ، أحد الضعفاء الكذابين المعروفين بسرقة الاحاديث (2) ، ويعقوب بن سفيان الفارسي.
قال النسائي (3) وأبو يحيى الخفاف ، والحاكم أبو عبد الله بن نعيم الضبي : ثقة. زاد الحاكم : مأمون.
وقال الحسين بن محمد القباني : مات لثلاث بقين من ربيع الاول سنة ثمان وأربعين ومئتين (4).
__________
(1) راجع ميزان الذهبي : 1 / 609.
(2) قال الذهبي في الميزان : من قدماء شيوخ الحاكم. قال المزي في اثناء ترجمة أحمد بن خليل : المذكر من المعروفين بسرقة الحديث. ويقال له : البرنوذي ، وبرنوذ من قرى نيسابور. قال الحاكم : سمع من أحمد بن الازهر ، ومحمد بن يزيد وإسحاق بن عبد الله بن رزين ، فلو اقتصر على هؤلاء لصار محدث عصره ، لكنه حديث عن شيوخ ابيه : محمد بن رافع وأقرانه ، وأتى أيضا عنهم بالمناكير ، فالشره يحملنا على الرواية عن أمثاله.
مات سنة سبع وثلاثين وثلاث مئة" (3 / 652) وذكر مثل هذا في تاريخ الاسلام وقال : روى عنه أبو إسحاق المزكي والحاكم وابن مندة وغيرهم" (الورقة : 195 أحمد الثالث 2917 / 9). وقال السمعاني في البرنوذي من الانساب بعد أن أورد أقوال الحاكم فيه : والعجب أن الحاكم رحمه الله ذكر في حقه هذا الفصل ثم أخرج عنه حديثا كثيرا في عوالي سفيان بن عيينة عنه عن عتيق عن سفيان". (الانساب : 2 / 186).
(3) انظر أيضا : المعجم المشتمل لابن عساكر ، الترجمة : 24. وقال ابن حجر : لم أر له في أسماء شيوخ النسائي ذكرا بل الذي فيه : أحمد بن الخليل ، نيسابوري كتبنا عنه لا بأس به وقد قال الدارقطني : قديم لم يحدث عنه من البغداديين أحد وإنما حديثه بخراسان ، فلعله سكن خراسان" (تهذيب : 1 / 28). وقال مغلطاي : ذكره البستي في جملة الثقات. وقال مسلمة في كتاب"الصلة"تأليفه..روى عنه من أهل بلدنا قاسم بن أصبغ ، لا بأس به". (إكمال : 1 / الورقة : 11).
(4) وبه قال ابن عساكر في المعجم المشتمل ، الترجمة : 24 ، والذهبي في تاريخ الاسلام ، الورقة : 98 أحمد الثالث 2917 / 7 وغيرهما. ونقل العلامة مغلطاي عن مسلمة بن قاسم في كتاب"الصلة"أنه قال : مات في شهر ربيع الاول سنة سبع وأربعين ومئتين. قال بشار : لم أجد أحدا تابعه عليه.

(1/304)


33- تمييز : وللبغداديين شيخ آخر يقال له : أحمد (1) بن الخليل بن ثابت ، أبو جعفر البرجلاني.
روى عن : الأسود بن عامر شاذان ، والحسن بن موسى الاشيب ، وخلف بن تميم ، ومحمد بن عمر بن واقد الواقدي ، وأبي النضر هاشم بن القاسم ، ويونس بن محمد المؤدب.
روى عنه : أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل بن يونس الفقيه المعروف بالنجاد ، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي ، وأبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد الدقاق المعروف بابن السماك ، وأبو بكر محمد بن جعفر بن الهيثم البندار الأنباري وهو آخر من روى عنه ، وأبو جعفر محمد بن عمروابن البختري (2) الرزاز.
قال أبو بكر الخطيب : كان يسكن محلة البرجلانية فنسب إليها ، وكان ثقة.
وقال القاضي أبو الحسين بن قانع : توفي في شهر ربيع الاول سنة سبع وسبعين ومئتين.
34- تمييز : وللخراسانيين شيخ آخر يقال له : أحمد بن الخليل بن حرب بن عبد الله بن سوار بن سابق القرشي النوفلي ، أبو
__________
(1) أخذه المزي من تاريخ بغداد للخطيب : 4 / 134 فراجعه ، وعنه نقل السمعاني في (البرجلاني) من الانساب بعد أن قيد النسبة بالحروف فقال : بضم الباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء وضم الجيم ، وفي آخرها النون (الانساب : 2 / 139) وتابعه ابن الاثير في اللباب : 1 / 108 وياقوت في معجم البلدان : 1 / 550. وقد ذكر أبو سعد السمعاني فيما نقل عن ابن أبي حاتم الرازي أن"برجلان"من قرى واسط ونسب إليها محمد بن الحسين البرجلاني ، ثم نقل عن الخطيب أنها محلة ببغداد ونسب إليها الشخص نفسه ثم نسب أحمد بن الخليل هذا إليها. ويبدولي أن هذا الاسم كان يطلق على قرية من قرى واسط ثم على محلة من محال بغداد ، ولعل التي ببغداد سميت بتلك التي من واسط ، والله أعلم.
(2) انظر أنساب السمعاني : 2 / 108 ، وتاريخ بغداد للخطيب : 3 / 132 ، وهو وثقه ، وذكر أنه توفي سنة 339. وقال الذهبي في تاريخ الاسلام : قال الحاكم : كان ثقة مأمونا" (الورقة : 191 أحمد الثالث 2917 / 9).

(1/305)


عبد الله القومسي (1) ، مولى بني نوفل بن الحارث.
روى عن : جعفر بن جسر (2) بن فرقد ، وخالد بن مخلد القطواني ، وسعيد بن سلام العطار المعروف بابن أبي الهيفاء ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي ، وعبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن المقرئ ، وعبد الملك بن قريب الأصمعي ، وعبيد الله بن موسى العبسي ، وعلي بن الحسن بن شقيق المروزي ، وعلي بن أبي هاشم بن طبراخ ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، ومسلم بن إبراهيم الأزدي ، ومعلى بن أسد العمي ، وأبي النضر هاشم بن القاسم ، ويحيى بن يحيى النيسابوري.
__________
(1) نسبة إلى قومس بضم القاف وسكون الواو وكسر الميم المدينة المعروفة (معجم البلدان : 4 / 203) ، ووجدنا ناشر"الميزان"الشيخ البجاوي قد وضع فتحة فوق الميم ، وهو وهم ما أظن أحدا قال به (ميزان الذهبي : 1 / 96).
(2) في "م" : حسن"وهو وهم بين والصواب ما أثبتناه من النسخ الاخرى ومصادر ترجمته وترجمة ولده جعفر وقد وجدت الجيم في "د"وقد وضعت تحتها الكسرة ، وهو ضبط المزي الذي لاأشك فيه ، لان المحدثين ،
وهو منهم ، يكسرون جيم"جسر" ، قال الفيروزآبادي في "جسر"من القاموس المحيط : الجسر : الذي يعبر عليه ويكسر..وأبو جسر المحاربي وجسر بن وهب وابن ابنه جسر بن زهران وابن فرقد..بالكسر ، قاله بعض المحدثين ، والصواب في الكل الفتح" (1 / 390). وقال الذهبي في "المشتبه" : جسر : بالفتح عدة. وقال ابن دريد : صوابه الفتح ، لكن المحدثون يكسرونه ، ومنهم : جسر بن فرقد" (ص : 163) ، وقال العلامة ابن ناصر الدين الدمشقي في توضيحه لمشتبه الذهبي : قلت : وحكى أبو حاتم عن الأصمعي قوله : ويقال للقبيلة التي من قيس عيلان : جسر ، بالفتح ، وكذلك جسر النهر ، ولم اسمع الجسر بالكسر ، انتهى. وقد حكى اللغوي أبو عبيد في كتابه غريب المصنف في باب فعل وفعل وفعل ، فقال : والجسر والجسر ، انتهى. (التوضيح : 1 / الورقة : 140 من نسخة الظاهرية). وقد وضع الشيخ البجاوي محقق"تبصير المنتبه بتحرير المشتبه"لابن حجر ، فتحة فوق الجيم من"جسر بن فرقد"وما أظن المؤلف أراد ذلك إذ أورد ابن حجر قول الذهبي بعينه ، فانظر إلى قوله : جسر ، بالفتح عدة"ثم أورد قول ابن دريد من أن المحدثين يكسرونه وقال بعد ذلك"جسر بن فرقد"فهو إنما أراد أن يفرق المشتبه بين الفتح ، وهو الاصل ، وبين"جسر بن فرقد"المكسورة جيمه ، وهو القليل (راجع التبصير : 1 / 256) ، ومع ذلك فقد أخذ ابن حجر بالفتح حينما قيد جسر بن الحسن اليمامي من التقريب (1 / 128) وإن كان هذا مما لم ينص عليه أحد بالكسر ، فكأنه أخذ بالمشهور. قال بشار : وأبو جعفر جسر بن فرقد القصاب هذا كان ضعيفا تناوله الذهبي في الميزان (1 / 398) ونقل عن الأئمة ما يؤكد ضعفه بالاستفاضة. كما تناول ابنه جعفرا أيضا (1 / 403) وهو ضعيف كابيه ، روى عن أبيه المناكير ، ونقل الذهبي عن العقيلي ، قوله فيه : في حفظه اضطراب شديد ، كان يذهب إلى القدر ، وحدث بمناكير"ثم أورد من مناكيره.

(1/306)


روى عنه : أحمد بن محمد بن يزيد الزهري ، وعمر بن عبد الله بن الحسن ، ومحمد بن الحسن بن الفرج ، وأبو زكريا يحيى بن زكريا ابن يحيى بن حيويه النيسابوري الحافظ ، ويحيى بن عبد الاعظم القزويني المعروف بيحيى بن عبدك.
ضعفه أبو زرعة الرازي ، ونسبه أبو حاتم إلى الكذب (1).
ذكرناهما للتمييز بينهما وبين الذي قبلهما (2).
35- عخ : أحمد بن خلاد : سمعت يزيد بن هارون (عخ) ذكر أبا بكر الاصم والمريسي فقال : هما والله زنديقان كافران بالحرمان حلالي الدم.
روى عنه : أبو جعفر محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي (عخ).
روى له البخاري في كتاب"أفعال العباد.
هكذا وجدته في النسخة التي علقت منها وهي مكتوبة عن الحافظ أبي ذر عبد بن أحمد الهروي ، ولم أجد له ذكرا في شيء من التواريخ. وأخشى أن يكون أحمد بن خالد الخلال الذي تقدم ذكره ، والله أعلم.
- خ : أحمد بن أبي داود المنادي : في ترجمة (3) محمد بن
__________
(1) وراجع ميزان الذهبي : 1 / 96.
(2) اعترض مغلطاي على مثل هذا التمييز الذي ليس فيه غير الاشتراك في الاسم واسم الاب والطبقة ، وهو اعتراض وارد وجيد ، وقد أورد مجموعة من ذلك لم يوردهم المزي ، ثم قال : ولو تتبعنا هذا حق التتبع لكان جديرا بأن يكون مصنفا على حدة ، ولكننا نذكر منه مما تيسر وله المنة والحمد" (إكمال : 1 / الورقة : 12).
(3) قوله"في ترجمة"قد يثير اللبس ، علما بأن المزي قد أكد هناك أن أحمد هذا الذي روى له البخاري هو : محمد بن عبيد الله بن يزيد المنادي فكأنه أراد بقوله هذا أن الذي وقع عند البخاري باسم"أحمد"هو محمد هذا. وقد جزم بذلك ابن عساكر في "المعجم المشتمل"فقال : أحمد بن أبي داود ، أبو جعفر. كذا سماه البخاري ، وهو محمد بن عبيد الله بن أبي داود ابن المنادي ، يأتي ذكره في حرف الميم"وعندي أن المؤلف لو قال"هو"لكان أحسن.

(1/307)


عبيد الله بن يزيد المنادي.
- أحمد بن أبي رجاء المقرئ ، هو : أحمد بن نصر بن شاكر ، يأتي فيما بعد.
- خ : أحمد بن أبي رجاء الهروي ، هو : أحمد بن عبد الله بن أيوب ، يأتي فيما بعد (1).
- أحمد بن أبي سريج الرازي ، هو : أحمد بن الصباح ، يأتي فيما بعد.
36- دس : أحمد بن سعد بن الحكم بن محمد بن سالم
__________
(1) ولعل مما يستدرك على المزي.
5- أحمد بن زنجويه النسائي.
قال مغلطاي : خراساني قدم مصر. حدث عنه بقي بن مخلد ، قاله مسلمة في كتاب"الصلة" ، وأبو داود سليمان بن الاشعث. ذكره أبو علي الجياني في أسماء رجال أبي داود رحمهما الله تعالى. لم يذكره المزي". (إكمال : 1 / الورقة : 12). وقال ابن حجر : أظنه حميد بن زنجويه ، وسيأتي" (تهذيب : 1 / 29) قال بشار : يريد : حميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد الله الأزدي ابن زنجويه النسائي. وقد ذكر المزي هناك رواية أبي داود والنسائي وغيرهما عنه ، وهو من أهل خراسان الذين رحلوا إلى مصر كما نقل المؤلف عن ابن يونس. ومع ذلك فإن المزي لم يشر إلى وجود اسم آخر له ، فإن لم يكن غيره فهو إحالة في الاقل ، وهي إحالة يتوجب التنبيه عليها.
ثم قال ابن حجر بعد ترجمة أحمد بن زنجويه النسائي مستدركا للتمييز : وللبغداديين شيخ يقال له : أحمد بن زنجويه بن موسى القطان المخرمي. روى عن : داود بن رشيد ، ومحمد بن بكار الرماني ، وعبد الاعلى بن حماد وجماعة. وعنه : أبو بكر الشافعي ، وأبو بكر الجعابي ، وابن لؤلؤ ، وابن المظفر ، وآخرون. وثقه الخطيب. مات سنة 304 وهو متأخر الطبقة عن حميد بن زنجويه". (تهذيب : 1 / 29).
قال أفقر العباد بشار بن عواد محقق هذا الكتاب : هذا استدراك بارد من الحافظ ابن حجر رحمه الله إذ ما فائدة التمييز إذا لم يكن من الطبقة ؟ وقد ترجم له الخطيب مرتين في تاريخه ، الاولى باسم"أحمد بن زنجويه بن موسى" (4 / 165 164) ، والثانية باسم"أحمد بن عمر بن موسى بن زنجويه"لانه وجد شيخ شيخه : عبد العزيز بن جعفر الخرقي يقول : حدثنا أبو العباس أحمد بن عمر بن زنجويه ، حدثنا خلف بن سالم.." (انظر تاريخ الخطيب : 4 / 287) وقال الذهبي في وفيات سنة 304 من تاريخ الاسلام : أحمد بن زنجويه بن موسى ، أبو العباس المخرمي القطان. سمع بشر بن الوليد ، وداود بن رشيد ، ومحمد بن بكار. وعنه : ابن لؤلؤ ، وابن المظفر. وكان ثقة. وذكر الخطيب : أحمد بن عمر بن زنجويه المخرمي القطان ، وأنه توفي سنة أربع وفرق بينه وبين هذا ، وهما واحد إن شاء الله" (الورقة : 17 أحمد الثالث : 2917 / 9). قال بشار أيضا : هكذا قال الإمام الذهبي إن الخطيب فرق بينهما ، وهو وهم منه رحمه الله ، فراجع قول الخطيب في الترجمة الاولى وهذا نصه : ونسبه بعض ما روى عنه فقال : حدثنا أحمد بن عمر بن موسى بن زنجويه ، وسنعيد ذكره" (4 / 165) فأعاد ذكره وهو يعلم أنهما واحد إن شاء الله ، فانظر بعد كل هذا وتدبر ما قلنا أولا بحق استدراك ابن حجر.

(1/308)


المعروف بابن أبي مريم (1) الجمحي ، أبو جعفر المصري ، ابن أخي سعيد (2) بن الحكم بن أبي مريم ، مولى أبي الصبيع (3) مولى بني جمح.
رحل وطوف.
روى عن : أسد بن موسى ، وإسماعيل بن أبي أويس ، وأبي بشر بكر بن خلف ختن المقرئ ، وحبيب بن أبي حبيب كاتب مالك ، والحسن بن الربيع البجلي البوراني ، وأبي اليمان الحكم بن نافع البهراني ، وخلف بن خالد القرشي ، وعمه سعيد بن الحكم بن أبي مريم (دس) ، وعبد الله بن محمد بن أسماء الصبغي (كن) ، وعبد الغفار بن داود ، أبي صالح الحراني ، وعثمان بن سعيد بن مرة المري ، والعلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية (4) المنقري وقدامة بن محمد الخشرمي (سي) ونعيم بن حماد الخزاعي ، ويحيى ابن عبد الله بن بكير ، ويحيى بن معين.
روى عنه : أبو داود ، والنسائي ، وزكريا بن يحيى الحلواني ، والعباس بن محمد البصري ، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري ، وعلي بن أحمد بن سليمان البزاز المصري المعروف بعلان ، وعلي بن سراج المصري الحافظ ، وعمر بن محمد بن بجير البجيري ، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي.
قال النسائي : لا بأس به (5).
__________
(1) قال مغلطاي : وقال مسلمة بن قاسم : اسم أبي مريم الحكم. وقال غيره : سالم". (إكمال : 1 / الورقة : 12).
(2) سيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب ، وتوفي سنة 224.
(3) الصبيغ : قيده الذهبي في "المشتبه" وضبطه بالقلم (ص : 414) وقال ابن ناصر الدين في توضيحه : بصاد مهملة مفتوحة ثم موحدة مكسورة ثم المثناة تحت تليها غين معجمة"ثم قال : وأبو الصبيغ هذا مولى عمير بن وهب الجمحي الصحابي أحد أشراف بني جمح" (2 / الورقة : 120 من نسخة الظاهرية).
(4) قيده الذهبي في "المشتبه" : 377.
(5) قال العلامة مغلطاي : قال مسلمة : ثقة ، روى عنه بقي بن مخلد"قلنا : وكان بقي لا يحدث إلا عن ثقة.=

(1/309)


وقال أبو سعيد بن يونس : توفي يوم الثلاثاء يوم عرفة سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
37- خ م دت س : أحمد بن سعيد بن إبراهيم الرباطي ، أبو عبد الله المروزي الاشقر ، نزيل نيسابور.
روى عن : أبي الجواب الأحوص بن جواب ، وإسحاق بن منصور
السلولي (خ س) ، وجعفر بن عون ، وحبان بن هلال (ت س) ، وحفص بن عمر العدني ، وروح بن عبادة (م ت) ، وسعيد بن عامر الضبعي ، وأبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، وصدقة بن سابق الكوفي (1) ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي (2) (س) ، وعبد الرزاق بن همام (س) ، وعبيد الله بن موسى العبسي ، والعلاء بن عصيم الجعفي ، وأبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري (عس) والنضر بن شميل ، وأبي النضر هاشم بن القاسم (ت) ، ووكيع ابن الجراح ، ووهب بن جرير بن حازم (خ د س) ، ويحيى بن الحارث الطائي ، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري (س) ، ويونس بن محمد المؤدب (3) (ت س).
روى عنه : الجماعة سوى ابن ماجة ، وإبراهيم بن أبي طالب ، وأحمد بن سلمة النيسابوري ، والحسن بن علي بن مخلد ، والحسين بن محمد بن زياد القباني ، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي السراج ،
__________
= وقال مغلطاي أيضا وعنه نقل ابن حجر : وقال أبو عمر الكندي في كتاب"الموالي"تأليفه : كان من أهل العلم والرحلة والتصنيف. وقال أبو علي الغساني : لا بأس به" (إكمال : 1 / الورقة : 12 ، وتهذيب ابن حجر : 1 / 30). وقال الإمام الذهبي : صدوق" (تاريخ الاسلام ، الورقة : 218 أحمد الثالث : 2917 / 7).
(1) وردت في حاشية النسخ عبارة للمؤلف نصها : كان فيه صدقة بن موسى ، وهو وهم فإنه لم يدركه". قلت : نعم ، هو كذلك في الكمال : 1 / الورقة : 168. وهو صدقة بن موسى الدقيقي السلمي البصري من طبقة كبار اتباع التابعين ، وسيأتي في موضعه.
(2) عبد الرحمن هذا من أهل"دشتك"القرية التي بالري ، وليس من"دشتك"التي بأصبهان أو استراباذ ، وسيأتي.
(3) في "د" : ويونس بن حسن المودب"ولم يضع عليه أية علامة ، وهو وهم ، فيونس هذا مشهور ثقة بنت روى له الستة ، وسيأتي في حرف الياء من هذا الكتاب.

(1/310)


ومحمد بن إسحاق بن خزيمة.
قال النسائي : ثقة.
وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : ثقة ثقة.
وقال أبو بكر الخطيب : ورد بغداد في أيام أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وجالس بها العلماء وذاكرهم (1) ، وكان ثقة فهما عالما فاضلا (2).
قال الحسين بن محمد القباني (3) : مات بعد سنة الرجفة سنة ثلاث وأربعين ومئتين (4). وقال غيره : سنة خمس وأربعين.
وقيل : مات في
__________
(1) ولكن الإمام أحمد أبدى شيئا من الحذر منه بسبب صلته بالطاهرية أمراء خراسان ، فقد روى هو كما جاء في تاريخ الخطيب وغيره ، قال : قدمت على أحمد بن حنبل فجعل لا يرفع رأسه إلي ، فقت : يا أبا عبد الله إنه يكتب عني. بخراسان ، وإن عاملتني بهذه المعاملة رموا بحديثي.
فقال لي : يا أحمد هل بد يوم القيامة من أن يقال : أين عبد الله بن طاهر وأتباعه ؟ انظر أين تكون أنت منه ؟ قال : قلت يا أبا عبد الله إنما ولاني أمر الرباط لذلك دخلت فيه ، قال : فعجل يكرر علي : يا أحمد هل بد يوم القيامة من أن يقال : أين عبد الله بن طاهر وأتباعه ؟ فانظر أين تكون أنت منه" (تاريخ بغداد : 4 / 166 ، وتاريخ الاسلام للذهبي ، الورقة : 98 أحمد الثالث : 2917 / 7 ، وإكمال مغلطاي : 1 / الورقة : 12 وغيرها).
(2) قال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي : وسمعت أبي يقول : أدركته ولم أكتب عنه ، وكتب إلي بأحاديث ، وكان مولى على الرباطات" (الجرح والتعديل : ج : 1 ق : 1 ص : 54). وقال مغلطاي : وخرج ابن خزيمة حديثه في صحيحه.. وقال الخليلى في الارشاد : ثقة عالم حافظ متقن.
وسمعت الحاكم أبا عبد الله ، قال : سمعت ابا علي الحافظ يقول : كان والله من الأئمة المقتدى بهم.. وقال محمد بن عبد السلام : لم أر بعد إسحاق بن راهويه مثل الرباطي" (إكمال : 1 / الورقة : 12 ومنه أخذه ابن حجر في التهذيب : 1 / 31 30). وأورد ابن عساكر في المعجم المشتمل توثيق الإمام النسائي ولم يزد عليه. وقال الذهبي في تاريخ الاسلام : وكان يحفظ ويفهم" (الورقة : 98 أحمد الثالث 2917 / 7).
(3) في تاريخ الخطيب : القبائي" ، مصحف.
(4) قال مغلطاي : وفي قول المزي : قال الحسين القباني : مات بعد الرجفة سنة ثلاث وأربعين نظر في موضعين ، لان الخطيب لما نقل كلام الحسين لم يتعرض لذكر الرجفة (كذا) إنما قال : مات بعد سنة ثلاث وأربعين. وكأن الصواب فيه قبل الرجفة والله أعلم فتصحف على الناسخ. والذي قال : إنه توفي بعد الرجفة بقومس أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، قال البخاري : وسألت ابنه : في أي سنة مات أبوك ، قال : يوم عاشوراء أو النصف من المحرم سنة ست وأربعين. وكانت الرجفة سنة خمس وأربعين ، وهذا هو النظر الثاني ، وهو جعله الرجفة قبل سنة ثلاث" (إكمال : 1 / الورقة : 12). قال بشار : ادعاء مغلطاي أن الخطيب لما نقل كلام الحسين بن محمد بن زياد القباني لم يتعرض لذكر الرجفة باطل ، فهو مثبت في المطبوع ونسخة خطية متقنة مسموعة ، وهذا نصه : مات أبو عبد الله أحمد بن سعيد الرباطي

(1/311)


المحرم سنة ست وأربعين ومئتين بقومس (1).
38- د : أحمد بن سعيد بن بشر بن عبيد الله الهمداني ، أبو جعفر المصري.
روى عن : إسحاق بن الفرات التجيبي ، وأصبغ بن الفرج المصري ، وبشر بن بكر التنيسي ، وأبي يحيى زيد بن الحسن البصري ، الضرير ، وعبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومي ، وعبد الله بن وهب (د) ، وعبد الرحمن بن زياد الرصاصي ، ومحمد بن إدريس الشافعي ، ومعلى بن منصور الرازي ، وميمون بن يحيى بن مسلم ابن الاشج.
__________
المروزي بعد سنة الرجفة سنة ثلاث وأربعين ومئتين" (تاريخ بغداد : 4 / 166 ونسخة شيخ الاسلام عارف حكمت بالمدينة). أما البخاري فلم يزد على قوله في تاريخه الكبير : مات أيام زلزلة طوس" (ج : 1 ق : 2 ص : 6) ولا شك أنه ذكر تلك الرواية في مكان آخر. وقد تابع ابن حجر مغلطاي من غير تدقيق فادعى هذه الدعوى (تهذيب : 1 / 30) وأما الرجفة فكانت كما قال مغلطاي سنة 245 وهي مثبتة في تواريخ الثقات (انظر مثلا الكامل لابن الاثير 7 / 83 طبعة صادر 1965). ولكن المستقري للتواريخ يجد رجفة عظيمة في تلك الاماكن سنة 242 ، ولعلي لا أجانب الصواب إذا ادعيت أن البخاري والقباني قصدا تلك السنة ، قال عز الدين ابن الاثير في حوادث سنة 242 من كتابه الكامل : في هذه السنة كانت زلازل هائلة بقومس ورساتيقها في شعبان فتهدمت الدور ، وهلك تحت الهدم بشر كثير ، قيل : كانت عدتهم خمسة وأربعين ألفا وستة وتسعين نفسا ، وكان أكثر ذلك بالدامغان ، وكان بالشام وفارس وخراسان في هذه السنة زلازل ، وأصوات منكرة ، وكان باليمن مثل ذلك مع خسف" (7 / 81). وحينما نقرأ عن زلزال سنة 245 الذي ذكره مغلطاي لا نجد ما يشير إلى امتداده إلى منطقة طوس ، قال ابن الاثير : وفيها زلزلت بلاد المغرب ، فخربت الحصون والمنازل والقناطر..وزلزل عسكر المهدي والمدائن ، وزلزلت انطاكية فقتل بها خلق كثير..فتزلزلت ديار الجزيرة ، والثغور ، وطرسوس وأذنة ، وزلزلت الشام ، فلم يسلم من أهل اللاذقية الا اليسير ، وهلك أهل جبلة". فانظر بعد ذلك إلى قول البخاري في تاريخه : مات أيام زلزلة طوس" ، فأين"طوس"من رجفة سنة 245 ؟ وبهذا يبطل ادعاء مغلطاي وابن حجر الذي لم يتبناه على أساس قوي من المراجعة والمتابعة.
(1) قال مغلطاي وتابعه ابن حجر في أكثر كلامه : ووفاته سنة ست ، التي ذكرها المزي بلفظ"وقيل"هو المرجح المذكور في تاريخ العصفري والقراب وابن مندة وكتاب الزهرة وابن طاهر والكلاباذي والجياني الباجي وغيرهم" (إكمال : 1 / الورقة : 12). قلت : فانظر إلى قوله"في تاريخ العصفري"فهو خطأ عظيم إذ كيف يقول ذلك وهو المتوفى سنة 240 ؟ ثم إن هؤلاء الفضلاء ينقل الواحد منهم عن الآخر فلا عبرة كبيرة بكثرتهم ، وأضيف أنا إليهم ابن عساكر في المعجم المشتمل.
أما الذهبي فأخذ بالرواية الاولى ، أعني سنة 243 ، واتبعها بقوله : وقيل : سنة خمس وأربعين" (تاريخ الاسلام ، الورقة : 98 أحمد الثالث 2917 / 7). وعندي أن المرجح هو سنة 243 لقول القباني أولا ، ولقول البخاري في تاريخه الكبير أنه توفي"أيام زلزلة طوس" ، ولما نقلنا من أن زلزلة طوس كانت

(1/312)


روى عنه : أبو داود (1) ، وإبراهيم بن عبد الله بن معدان الأصبهاني ، وإبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه الأصبهاني ، وأحمد بن عبد الله بن العباس الطائي البغدادي ، أحمد بن محمد بن موسى المكي المعروف بابن شبأبان (2) ، وأحمد بن يحيى بن زكريا الصواف المصري ، وزكريا بن يحيى الساجي البصري ، وعبد الله بن أبي داود السجستاني ، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري الحافظ أحد الضعفاء (3) ، وعبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين (4) بن سعد المصري ، وعلي بن أحمد بن سليمان علان ، وعمر بن محمد بن بجير البجيري ، والفضل بن العباس الرازي ، ومحمد بن أحمد بن بلال ، وأبو الطيب محمد بن أحمد بن حمدان الرسعني الوراق ، ومحمد بن أحمد بن سعيد بن كسا (5) الواسطي ،
__________
في سنة 242 ولا يقال : أيام"لما بعد ثلاث سنوات ، فليحرر.
(1) جاء في حاشية النسخ من قول المؤلف : ذكر أن (س) روى عنه أيضا ، وكذلك قال صاحب"النبل"ولم أقف على روايته عنه.
(2) راجع الجرح والتعديل لابن أبي حاتم : 1 / 1 / : 73 ، قال : كتب عنه أبي بمكة في المذاكرة". قلت : وتحرف في المطبوع ومن"العقد الثمين"لتقي الدين الفاسي (3 / 174) إلى : شامان.
(3) هذه متابعة من المزي لمن قال بضعفه ، وراجع ميزان الذهبي : 2 / 495 494 وقال الذهبي في تاريخ الاسلام : عبد الله بن محمد بن وهب بن بشر ، أبو محمد الدينوري الحافظ الكبير ، طوف الاقاليم ، وسمع...قال أبو علي النيسابوري : بلغني أن أبا زرعة الرازي كان يعجز عن مذاكرة هذا. وقال ابن عدي : كان ابن وهب يحفظ ، وسمعت عمر بن سهل يرميه بالكذب ، وسمعت ابن عقدة يقول : كتب إلي ابن وهب جزءين من غرائب الثوري ، فلم أعرف منها إلا حديثين ، وكنت أتهمه. وقال الدارقطني : متروك" (الورقة : 37 أحمد الثالث 2917 / 9).
(4) رشدين : بكسر الراء المهملة وسكون الشين المعجمة.
وتحرف في المطبوع من"ميزان"الذهبي إلى"رشد" (1 / 133) قال ابن عدي : كذبوه ، وأنكرت عليه أشياء.
(5) قيده الذهبي في "المشتبه"ص : 551 ، وابن نقطة في "إكمال الاكمال"وابن حجر في "التبصير" ، وقال ابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه" : قلت : وآخره مقصور..وروى عنه الطبراني في "معجمه الكبير"فقال : حدثنا محمد بن سعيد بن كسا نسبة إلى جده. وقال أبو الحسن علي بن محمد بن الجلابي الواسطي في "تاريخه" : أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سعيد ويعرف بابن كسا.." (2 / الورقة : 241 من نسخة الظاهرية). قال بشار : وابن الجلابي هذا ألف تاريخا لواسط لم يصل إلينا فيما أعلم ، وهو"ذيل"على"تاريخ واسط"لبحشل. ومات سنة 483 كما في أنساب السمعاني وتواريخ الذهبي وغيرها ، وتوهم رونثال في ضبط وفاته عند تعليقه على"الاعلان" (ص : 654 هامش 21 من الترجمة العربية) فذكر أنها سنة 554 وهو وهم مبين.

(1/313)


ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي ، ومحمد بن زريق بن جامع المصري ، وأبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد بن مخلد الهروي ثم النيسابوري ، ومحمد بن هارون بن حسان البرقي ، وأبو الحسن موسى بن الحسن بن موسى الكوفي.
قال النسائي : ليس بالقوي.
وذكر عبد الغني بن سعيد الحافظ عن حمزة بن محمد الكناني الحافظ أن أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين هو أدخل عمر أحمد بن سعيد الهمداني حديث بكير بن الاشج عن نافع عن ابن عمر حديث الغار.
وقال أبو بكر محمد بن أحمد بن ابن الحداد : سمعت أبا عبد الرحمن النسوي يقول : لو رجع أحمد بن سعيد الهمداني عن حديث بكير (1) بن الاشج في الغار لحدثت عنه (2).
قال أبو سعيد بن يونس : توفي ليلة السبت لعشر خلون من رمضان سنة ثلاث وخمسين ومئتين.
39- خ م د ت ق : أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي ، أبو جعفر
__________
(1) في "د" : (ابن بكير) وهو وهم.
(2) وروى عنه زكريا بن يحيى الساجي وقال : ثبت. وقال مسلمة بن قاسم في كتاب"الصلة" : قال أحمد بن صالح : أحمد بن سعيد ثقة ما زلت أعرفه بالخير مذ عرفته. قال مسلمة : قال أحمد بن سعيد : قدم أبي من الكوفة ، فخرج إلى القيروان ، فولدت بها ، ثم توفي أبي بها ، وقدم بي مصر وأنا صغير ونحن من همدان من أنفسهم. وخرج ابن حبان له في "الصحيح" ، وذكره في "الثقات" . وذكره النسائي في أسماء شيوخه الذين روى عنهم. وقال العجلي : ثقة. وقال أبو علي الغساني : كان مقدما في الحديث فاضلا. وقال ابن أبي حاتم : مات قبل قدومنا مصر. وقال الذهبي : لا بأس به. "الجرح والتعديل"لابن أبي حاتم : 1 / 1 / : 53 ، و"المعجم المشتمل"لابن عساكر ، الورقة : 4 ، وميزان الذهبي : 100 ، وتاريخ الاسلام له ، الورقة : 218 أحمد الثالث 2917 / 7 ، و"التذهيب"له أيضا : 1 / الورقة 11 ، وإكمال مغلطاي : 1 / الورقة 13 ، و"تهذيب ابن حجر" : 1 / 31).

(1/314)


السرخسي (1) ثم النيسابوري.
قال الخطيب (2) : أحمد بن سعيد بن صخر بن سليمان بن سعيد ابن قيس. قال : ويقال : إن جده صخر بن عليم بن قيس بن عبد الله بن المنذر بن كعب بن الأسود بن عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم ، أبو جعفر الدارمي. سمعت هبة الله بن الحسن (3) بن منصور الطبري يذكر نسبه هكذا. قال : وقيل : إن المنذر بن كعب وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : وكان أبو جعفر أحد المذكورين بالفقه ومعرفة الحديث والحفظ له ، وهو خراساني ولد بسرخس ونشأ بنيسابور ، ثم كان أكثر أوقاته في الرحلة لسماع الحديث.
روى عن : أحمد بن إسحاق الحضرمي (م) ، وبشر بن عمر
الزهراني (خ مق) ، وجعفر بن عون ، وحبان بن هلال (خ م ت ق) ، وحجاج بن نصير الفساطيطي ، وروح بن أسلم الباهلي ، وزكريا بن عدي (م) ، وأبي زيد سعيد بن الربيع الهروي ، وسعيد بن سلام بن أبي الهيفاء الأسدي العطار ، وأبيه : سعيد بن صخر الدارمي ، وسعيد بن عامر الضبعي ، وسليمان بن حرب (م ق) ، وصدقة بن سابق الكوفي ، وأبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل (كد ق) ، وعبد الرحمن بن صالح الأزدي ، وعبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد التنوري (ق) ، وعبد الملك بن عمرو ، أبي عامر العقدي (د) ، وعبيد الله بن عبد المجيد ، أبي علي الحنفي (م) ، وعبيد الله بن موسى العبسي ، عثمان بن عمر بن فارس (خ) ، وعلي بن الحسين بن واقد المروزي
__________
(1) سرخس : بفتح السين المهملة ، وسكون الراء وتفتح أيضا ، وفتح الخاء المعجمة ، المدينة المشهورة بخراسان.
(2) تاريخ بغداد : 4 / 167 166.
(3) في تاريخ بغداد : (الحسين) مصحف. وهو أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي الفقيه الشافعي المشهور المتوفى سنة 418 كما في تاريخ الخطيب وتواريخ الذهبي.

(1/315)


(ق) ، وقتيبة بن سعيد البلخي (ت) ، ومحمد بن أسعد المصيصي ، ومحمد بن عباد المكي (ت) ، ومحمد بن عبد الله بن محمد الرقاشي (ق) ، وأبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي عارم (م) ، والنضر ابن شميل (د ق) ، ووهب بن جرير بن حازم (د) ، ويحيى بن أبي بكير الكرماني (ق).
روى عنه : الجماعه سوى النسائي ، وإبراهيم بن أبي طالب النيسابوري ، وإبراهيم بن هاشم البغوي ، وأحمد بن محمد بن الازهر أبو العباس الازهري ، وجعفر بن محمد بن الحسين المعروف بالترك ، وأبو يحيى زكريا بن داود بن بكر الخفاف ، وزكريا بن يحيى السجزي خياط السنة ، وعبد الله بن محمد بن شيرويه ، وعبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا ، وعبد الرحمن بن صالح الأزدي وهو من شيوخه ، وعثمان بن خرزاذ الانطاكي ، وعلي بن سعيد بن جرير النسوي وهو من أقرانه (1) ، وعمرو ابن علي الفلاس وهو أكبر منه ، وأبو العباس أحمد بن أحمد (2) بن بالويه البالوي (3) ، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ، وأبو موسى محمد ابن المثنى (ت) ، وهو أكبر منه ، ووهب بن جرير بن حازم وهو من شيوخه وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفراييني ، ويعقوب بن يسوف الشيباني والد أبي عبد الله محمد بن يعقوب الاخرم الحافظ.
قال جعفر بن محمد الترك عن أبي جعفر الدارمي : بكرت يوما على أبي عبد الله أحمد بن حنبل فقال لي ابنه صالح : أجروا ذكرك
__________
(1) نقل مغلطاي من"تاريخ نيسابور"للحاكم : روى عنه علي بن سعيد النسوي وهو من شيوخه
(2) جاء في حواشي النسخ من قول المؤلف : كان فيه : أحمد بن محمد بن بالويه ، وهو وهم
(3) البالوي : هكذا وردت في النسخ ، والاكثر يقول في النسبة إلى بالويه : بالويي ومثلها النسبة إلى جميع الأسماء المنتهية ب"ويه"مثل : شيرويه ، وسمكويه ، وباكويه ، وحمويه ، ونصرويه وهلم جرا. والذي عندنا أن ما جاء في النسخ مقبول أيضا وقد وجدناه مقيدا هكذا في كثير من نسخ الكتب المكتوبة بخطوط المتقنين الثقات.

(1/316)


فقال أبي : ما قدم علي خراساني أفقه بدنا منه.
وقال أبو أحمد بن عدي الجرجاني : سمعت محمد بن الحسين
ابن مكرم يقول : سمعت حجاج ابن الشاعر وذكرت له أبا زرعة وأبا حاتم وابن وارة وأبا جعفر الدارمي فقال : ما بالمشرق قوم أنبل منهم.
وقال أبو العباس بن عقدة : أحمد بن سعيد الدارمي ، سمعت يحيى بن زكريا الحافظ النيسابوري يقول : كان ثقة جليلا.
وقال محمد بن العباس العصمي (1) : سمعت أحمد بن محمد ابن سعيد بن عطاء يقول : أحمد بن سعيد بن صخر ، أبو جعفر الدارمي ، يقال : إن أصله من سرخس ، أقدمه الطاهرية هراة فأقام بها مليا يحدث ، وكان أحد حفاظ الحديث ، المتقن ، الثقة ، العالم بالحديث وبالرواة ، وإنما قدم على طاهر (2) بن الحسين لنائله فأنزله داره ووصله بأربعة آلاف درهم ، وقالوا : إنه كتب الحديث بالبصرة مع علي ابن المديني ، ثم خرج إلى نيسابور ، وتولى قضاء سرخس ، ثم انصرف إلى نيسابور إلى أن مات بها سنة ثلاث وخمسين ومئتين. وكذلك قال الحسين بن محمد القبائي في تاريخ وفاته (3).
40- [ وهم ] ومن الأوهام :
أحمد بن سعيد بن يزيد بن إبراهيم التستري.
روى عن : روح بن عبادة.
__________
(1) بضم العين وسكون الصاد المهملتين ، منسوب إلى جده عصم.
وكان أبو عبد الله محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن عصم بن بلال العصمي الهروي رئيسا عالما فاضلا مكثرا ، روى عنه الحاكم أبو عبد الله والدارقطني وغيرهما من الأئمة ، وكان ثقة ، ولد سنة 294 ومات سنة 378.
(2) جاء في حاشية النسخ : كان فيه : هارون بن الحسين ، وهو وهم.
(3) قال الذهبي في "التذهيب" : و"قال أبو عمرو المستملي : دخلنا عليه في مرضه ، فأوصى بعشرة آلاف درهم وبغلة يتصدق بها ، وقال : إن مت فرقيقي عنبر وفتح وحمدان وعلان أحرار لوجه الله عزوجل". وقال
مغلطاي : وقال أبو عبد الله في "تاريخ نيسابور"كانت الرحلة إليه ، ولما توفي دفن في مقبرة جلاباذ إلى جنب

(1/317)


روى عنه : مسلم. هكذا قال (1) ، وهو وهم ، إنما روى مسلم حديثا واحدا عن أحمد بن سعيد بن إبراهيم أبي عبد الله عن روح بن عبادة وهو الرباطي (2). وأما التستري فلم يرو عنه أحد منهم ، والله أعلم.
41- س : أحمد بن سعيد بن يعقوب الكندي ، أبو العباس الحمصي.
روى عن : بقية بن الوليد ، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي (س).
روى عنه : النسائي ، وإبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه الأصبهاني ، (وأبو الميمون أيوب بن محمد بن أبي سليمان الصوري) (3) وسعيد بن عمرو البردعي.
قال النسائي : لا بأس به.
__________
= أحمد بن نصر المقرئ... وقال أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن محمد الادريسي الاستراباذي في "تاريخ سمرقند"تأليفه : أحمد بن سعيد النيسابوري الحافظ لقبه أبو جعفر ، حدث بسمرقند عن محمد بن بشار وأبي بكر المروروذي وغيرهما ، روى عنه شيخنا أبو عمرو محمد بن إسحاق العصفري وذكر محمد بن جعفر بن الاشعث الكبوذ نجكثي أنه كتب عنه بسمرقند". وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وذكر أبو علي الجياني في شيوخ ابن الجارود أن النسائي روى عنه ، وفرق الجياني بين الدارمي والسرخسي فوهم. وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" : وسمعت أبي يقول : كان يكاتبني ولم أكتب عنه" ،"الجرح والتعديل" : 1 / 1 / 53 ، و"تاريخ بغداد"للخطيب : 4 / 169 166 ، و"تذهيب الذهبي" : 1 / الورقة : 11 ، وإكمال مغلطاي : 12 الورقة : 13 ، و"تهذيب ابن حجر" : 1 / 32). قال بشار : وذكر ابن حبان أنه توفي سنة 65 ، أو قبلها أو بعدها بقليل ، وقال ابن منجويه في "رجال صحيح مسلم" : مات سنة ستين أو قبلها أو بعدها بقليل (الورقة : 2). وزعم مغلطاي أن البخاري قال في "تاريخه الاوسط"إنه مات بعد رجفة قومس وانه قال في "التاريخ الكبير" : مات أيام زلزلة طوس (إكمال : 1 / الورقة : 13) وهو وهم شنيع فذاك الذي ذكره البخاري إنما هو أبو عبد الله أحمد بن سعيد المروزي الذي تقدمت ترجمته وهو غير هذا النيسابوري السرخسي الدارمي فليحرر. وقد أخذ الذهبي بقول من قال بوفاته سنة 253 في "التذهيب"و"تاريخ الاسلام"وهو المرجح عند الأئمة ، والآخرون إنما ذكروا رواياتهم على التمريض.
(1) الكمال : 1 / الورقة : 168.
(2) وهذا الرباطي تقدم ذكره.
(3) إضافة من"د".

(1/318)


وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : كتب إلي ببعض حديثه على يدي سعيد البردعي (1).
42- [ وهم ] ومن الأوهام :
أحمد بن سعيد الحراني.
روى عن : محمد بن سلمة الحراني.
روى عنه : الترمذي.
هكذا قال (2) ، وهو وهم فاحش ، إنما هو أحمد بن أبي شعيب الحراني ، ووقع في رواية الترمذي ، أحمد بن شعيب ، وتصحف على بعض النقلة فكتب : أحمد بن سعيد. وفيه وهم آخر وهو قوله : روى عنه الترمذي ، وإنما روى عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي عنه.
43- س : أحمد بن سفيان ، أبو سفيان النسائي ، ويقال : المروزي.
روى عن : أبي زيد سعيد بن الربيع الهروي (س) ، وصفوان بن صالح الدمشقي ، وعبد الرزاق بن همام ، وعون بن عمارة البصري ، ومحمد بن الفضل السدوسي عارم ، ومحمد بن يوسف الفريابي.
روى عنه : النسائي ، والقاسم بن زكريا المطرز ، ومحمد بن إسماعيل البخاري في كتاب"الضعفاء الكبير"ومحمد بن المسيب بن إسحاق الارغياني ثم الاسفنجي (3).
__________
(1) وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال : حدثنا عنه مكحول وغيره.
(2) قال العلامة مغلطاي : وقول المزي : ومن الأوهام أحمد بن سعيد الحراني ، فيه نظر ، لاني لم أر لهذه الترجمة في كتاب "الكمال" ذكر البتة ، والله تعالى أعلم" (إكمال : 1 / الورقة : 14). قال بشار : تابع الإمام الذهبي في "التذهيب"وابن حجر في "التهذيب"قول المزي بتوهيم صاحب "الكمال" .
وقد بحثت عن"أحمد بن سعيد الحراني"في كتاب "الكمال" فلم أعثر له على ذكر وعندي من الكتاب ثلاث نسخ متقنة ، فمغلطاي له حق فيما قال ، ولكن ربما وقعت هذه الترجمة في بعض نسخ لم نقف عليها ، وكان على الحافظين الذهبي وابن حجر التنبيه على ذلك.
(3) الارغياني : نسبة إلى أرغيان من نواحي نيسابور ، والاسفنجي : بكسر الالف نسبة إلى"سبنج"من قرى أرغيان ، والعرب تقلب الثاء الفارسية إلى فاء.

(1/319)


قال النسائي : مروزي ثقة. وقال في موضع آخر : لا باس به (1).
44- س : أحمد بن سليمان بن عبد الملك بن أبي شيبة ، واسمه يزيد ، بن لاعي الجزري ، أبو الحسين الرهاوي الحافظ.
روى عن : جعفر بن عون العمري (س) ، والحسن بن محمد ابن أعين الحراني (س) ، وحسين بن علي الجعفي (س) ، وحفص أبي عمر الإمام ، والخضر بن محمد بن شجاع الجزري ، وروح بن عبادة ، وزيد بن الحباب (س) ، وسريج بن يونس ، وسعيد بن حفص النفيلي الحراني (س) ، وسعيد بن عبد الجبار الرهاوي ، وسعيد بن مروان الأزدي الرهاوي (سي) ، وأبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي النفيلي (س) ، وأبي قتادة عبد الله بن واقد الحراني ، وعبد الجبار بن محمد الخطابي ، وعبد الرحمن بن عمرو البجلي ، وعبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي ، وعبد الرحيم بن هارون الغساني ، وأبي الاصبغ عبد العزيز بن يحيى الحراني ، وعبيد الله بن موسى (س) ، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي (س) ، وعفان بن مسلم الصفار (س) ، وعمر بن سعيد أبي داود الحفري (س) ، وعمرو بن عون الواسطي (س) ، وأبي نعيم الفضل بن دكين (س) ، وأبي علي الفضل بن عيسى ، وقبيصة بن عقبة (عس) ، وقتادة بن الفضيل الرهاوي (س) ، وأبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي (سي) ، ومحاضر (2) بن المورع (3) (س) ، ومحمد
__________
(1) قال مغلطاي : روى الحاكم أبو عبد الله في "مستدركه"عن محمد بن صالح بن هانئ عنه. وقال مسلمة بن قاسم : مروزي ثقة. وفي كتاب الصريفيني : روى عن خالد بن مخلد" (إكمال : 1 / الورقة : 14) وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال : كان ممن جمع وصنف واستقام في أمر الحديث إلى أن مات ، حدثنا عنه محمد بن محمود بن عدي. (وانظر تهذيب ابن حجر : 1 / 33).
(2) جاء في المطبوعة من"القاموس المحيط""محاضر"بضم الميم ، وقال شارحه : انه : بالفتح على صيغة الجمع ، هكذا هو مضبوط في نسختنا (2 / 11) وجاء في "لسان العرب" : ويقال للمناهل : المحاضر للاجتماع والحضور عليها. فالفتح أولى كما نراه ، وسيأتي ذكر محاضر هذا في موضعه من الكتاب.
(3) المورع : قيده ابن حجر في "التقريب"بضم الميم وفتح الواو وتشديد الراء المكسورة.

(1/320)


ابن بشر العبدي (س) ، ومحمد بن سليمان بن أبي داود الحراني (س) ، ومحمد بن عبيد الطنافسي (س) ، ومحمد بن الفضل عارم (س) ، ومسكين بن بكير الحراني (س) ، ومعاوية بن هشام الكوفي (س) ، وموسى بن داود الضبي (س) ، وموسى بن مروان الرقي (س) ، ومؤمل بن الفضل الحراني (س) ، ويحيى بن آدم الكوفي (س) ويزيد بن هارون (س) ، ويعلى بن عبيد الطنافسي (س).
روى عنه : النسائي فأكثر ، وإبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه الأصبهاني ، وأحمد بن علي بن العباس البالسي ، وأحمد بن عيسى بن السكين البلدي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن صدقة البغدادي الحافظ ، وجعفر بن أحمد الوزان الكبير ، وأبو عروبة الحسين بن محمد الحراني ، وأبو السائب عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن إسحاق المسيبي (1) ، وعثمان بن محمد الحراني ، وأبو الحسين عمر بن محمد بن عمر بن هشام بن أبي زيد الحلي الحراني ، ومحمد بن خالد بن يزيد البردعي ، ومحمد بن عبد الله بن عبد السلام مكحول البيروتي ، ومحمد بن المسيب بن إسحاق الارغياني.
قال النسائي : ثقة مأمون صاحب حديث.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : كتب إلي (2) ببعض حديثه ، وهو صدوق ثقة (3).
قال أبو عروبة الحراني : مات بضيعة له إلى جانب الرها سنة إحدى وستين ومئتين (4) ، وكان ثبتا في الاخذ والاداء
__________
(1) منسوب إلى جد له وهو : المسيب بن عابد المخزومي ، وسيأتي ذكر جده محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن في موضعه من هذا الكتاب.
(2) أصل كلام ابن أبي حاتم : أدركته ولم أكتب عنه ، وكتب إلي..."الجرح والتعديل"1 / 1 / 53.
(3) وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال : كان صاحب حديث يحفظ.
(4) قال ابن حجر : وزاد أبو عروبة في تاريخ الجزريين في ذكر وفاته : لاحدى عشرة ليلة بقيت من ذي

(1/321)


• خ ت : أحمد بن سليمان المروزي ، هو : أحمد بن أبي الطيب ، يأتي فيما بعد.
45- خ م كن ق : أحمد بن سنان بن أسد بن حبان (1) القطان ، أبو جعفر الواسطي الحافظ.
روى عن : إسحاق بن يوسف الأزرق (ق) ، وأبي أسامة حماد ابن أسامة (ق) ، وزيد بن الحباب (ق) ، وشاذ بن يحيى الواسطي (ل) ، والضحاك بن مخلد أبي عاصم النبيل ، وعبد الرحمن بن مهدي (م قد كن ق) ، وعفان بن مسلم ، وعمر بن عثمان بن عاصم (ل) ابن عم عاصم بن علي بن عاصم ، وكثير بن هشام (ق) ، ومحمد بن بلال البصري (بخ د ق) ، ومحمد بن خازم أبي معاوية الضرير (م ق) ، ومحمد بن عبد الله بن الزبير أبي أحمد الزبيري (د ق) ، ومحمد بن فضيل بن غزوان ، ومعاذ بن معاذ العنبري ، ووكيع بن الجراح ، ووهب ابن جرير بن حازم ، ويحيى بن سعيد القطان (ق) ، ويزيد بن هارون (خ د ق) ، ويعلى بن عبيد الطنافسي (د).
روى عنه : النسائي في حديث مالك (2) ، والباقون سوى الترمذي ، وإبراهيم بن أورمة الأصبهاني ، وابنه : جعفر بن أحمد بن سنان القطان ، وزكريا بن يحيى الساجي ، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود ، وأبو الحسين عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يونس السمناني ، وعبد الله بن محمد بن ياسين ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، وأبو سعيد عبد الرحمن بن سعيد بن هارون الأصبهاني ، والقاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الاشيب ، ومحمد بن أحمد بن صالح بن
__________
الحجة""تهذيب" : 1 / 34 نقل ذلك من مغلطاي كما يبدو (انظر : إكمال 1 / الورقة : 14).
(1) حبان : بكسر الحاء المهملة وتشديد النون.
(2) قال ابن حجر : وقد روى النسائي عنه في "السنن الكبرى"عدة أحاديث في الحدود والطلاق وغير ذلك" (تهذيب : 1 / 35).

(1/322)


علي الأزدي ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وأبو موسى محمد بن المثنى وهو من أقرانه ، ويحيى بن محمد بن صاعد (1).
قال النسائي : ثقة.
وقال أبو حاتم : ثقة صدوق. وقال ابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم : إمام أهل زمانه (2).
وقال إبراهيم بن أورمة : أعدنا عليه ما سمعناه من بندار وأبي موسى ، يعني : لاتقانه وضبطه (3).
قيل : مات سنة ست ، وقيل : سنة ثمان ، وقيل : سنة تسع وخمسين ومئتين (4).
46- س : أحمد بن سيار بن أيوب بن عبد الرحمن المروزي ، أبو الحسين الفقيه.
__________
(1) وروى عنه أسلم بن سهل الرزاز الواسطي المعروف ببحشل المتوفى سنة 292 في (تاريخ واسط) انظر الصفحات : 107 ، 123 ، 146 ، 172 ، 210 ، 236 وروى عنه أيضا ابن خزيمة في "الصحيح"وابن حبان البستي بعد ذكره في "الثقات" .
(2) قال ابن حجر : ونقل المزي عن ابن أبي حاتم أنه قال فيه : إمام أهل زمانه ، وهو وهم فليس هذا في "الجرح والتعديل"وقد نقله اللالكائي بسنده إلى أبي حاتم نفسه"قلت : الحق مع ابن حجر انظر"الجرح والتعديل" : 1 / 1 / 53 وقد ذكر صاحب "الكمال" هذا القول ، فلعل المزي اعتمده من غير رجوع إلى الاصل.
(3) ووثقه ابن حبان البستي ، والدارقطني ، وابن ماكولا. وقال مسلمة بن قاسم في كتاب"الصلة" : ثقة جليل حدثنا عنه غير واحد. وقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود عن أحمد بن سنان وبندار فقدمه على بندار. وقال الحاكم في "فضائل الشافعي" : أحمد بن سنان القطان المحدث بواسط ثقة مأمون له مسند مخرج على الرجال ، حدث عنه أئمة الحديث.
(تذهيب الذهبي : 1 / الورقة : 12 ، وإكمال مغلطاي : 12 الورقة : 14 ، وتهذيب ابن حجر : 1 / 35 34 وغيرها).
(4) نقل المزي هذا عن ابن عساكر (المعجم المشتمل ، الورقة : 5). وقال ابن حبان في "الثقات" انه توفي سنة 250 أو قبلها أو بعدها بقليل.
وفي سؤالات السلفي لخميس الحوزي عن شيوخ واسط : إنه توفي سنة 254 أو 253 قال : رأيت ذلك بخط أبي المفضل بن مخلد"السؤالات"ص : 93 92 قال ابن حجر : وكأنها تصحفت ، والصواب تسع.

(1/323)


إمام أهل الحديث في بلده علما وأدبا وزهدا وورعا ، وكان يقاس بعبد الله بن المبارك في عصره. وهو جد (ابي) (1) العباس القاسم بن القاسم السياري المروزي لامه.
روى عن : إبراهيم بن محمد الشافعي (س) ، وأحمد بن أبي الطيب المروزي ، وإسحاق بن راهويه ، وسليمان بن حرب ، وصفوان ابن صالح الدمشقي ، وعبد الله بن عثمان عبدان المروزي (س) ، وأبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المقعد ، وعفان بن مسلم ، وقتيبة بن سعيد ، ومحمد بن أبي بكر المقدمي ، وأبي جعفر محمد بن خالد الهاشمي الدمشقي ، ومحمد بن كثير العبدي ، ومحمد بن مكي المروزي ، ومحمد بن يحيى بن عبد العزيز المروزي (2) ، وموسى بن مروان الرقي ، وهشام بن عمار الدمشقي ، ويحيى بن إسحاق المروزي ، ويحيى بن سليمان الجعفي ، ويحيى بن عبد الله بن بكير المصري ، ويحيى (3) بن نصر بن حاجب المروزي.
روى عنه : النسائي ، وأبو حمزة أحمد بن عبد الله بن عمران المروزي ، وأبو عمرو أحمد (4) بن المبارك المستملي ، وأحمد بن محمد بن عمر بن بسطام ، وحاجب بن أحمد بن يرحم بن سفيان الطوسي ، والحسن بن علي بن نصر الطوسي ، وزكريا بن يحيى السجزي خياط السنة ، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود ، وعبد الله بن
__________
(1) إضافة من"د"وأبو العباس هذا عرف بالسياري نسبة إلى جده لامه أحمد بن سيار ، وكان من مفاخر مرو ممن جمع بين الطريقة والشريعة ، ولد سنة 262 وتوفي سنة 344 كما في أنساب السمعاني وكتب الذهبي وغيرها.
(2) في هامش النسخ تعليق للمزي يصحح فيه لصاحب "الكمال" نصه : كان فيه : ويحيى بن عبد العزيز ، وهو وهم.
(3) في هامش النسخ تعليق للمزي : وكان فيه : ونصر بن حاجب ، وهو وهم أيضا.
(4) في هامش النسخ تعليق للمزي : وكان فيه : محمد بن المبارك المستملي ، وهو وهم أيضا". قلت : هذه الأوهام موجودة في نسخ "الكمال" : 1 / الورقة : 169.

(1/324)


ناجية ، وأبو بكر عبد بن محمد بن محمود النسفي ، وعلي بن الحسين ابن الجنيد الرازي ، وعمر بن أحمد بن علي المروزي الجوهري ، وعمر بن محمد المروزي ، وأبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي راوية الترمذي ، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ومحمد بن إسماعيل البخاري في غير"الجامع" ، ومحمد بن عقيل بن الازهر البلخي ، ومحمد بن المنذر بن سعيد الهروي شكر (1) ، ومحمد بن نصر المروزي الفقيه ، ويحيى بن محمد بن صاعد.
وروى البخاري في "الجامع"حديثا عن أحمد بن أبي بكر المقدمي ، فقيل : إنه أحمد بن سيار هذا.
قال النسائي : ثقة. وقال في موضع آخر : ليس به بأس.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : رأيت أبي يطنب في مدحه ويذكره بالفقه والعلم.
وقال الدارقطني : رحل إلى الشام ومصر ، وصنف ، وله كتاب في أخبار مرو (2) ، وهو ثقة في الحديث.
وقال أبو بكر بن أبي داود : كان من حفاظ الحديث.
وقال عمر بن علك (3) : سألت إبراهيم بن إسحاق الحربي عن أحمد بن سيار ، وقلت له : مشايخك مشايخه ، فهل كانت بينكما معرفة ؟ فقال : ذاك الرجل الفاضل كنا نعرفه حينئذ بالفضل والورع.
وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : سمعت أبا العباس أحمد بن
__________
(1) شكر : قيده الذهبي في "المشتبه" : 363.
(2) وله أيضا كتاب"المواقيت"و"مسائل البلدان" ، وكتاب"الايمان"وكتاب"الرد على الجامع الاصغر" ، وكتاب"فتوح خراسان"وغيرها كما في "أنساب السمعاني"و"تاريخ الاسلام"للذهبي وغيرهما.
(3) في "تاريخ الخطيب" (4 / 188) : عليك ، محرف.

(1/325)


محمد الاديب البستي وكان في الوفد الذين خرجوا مع أبي بكر محمد
ابن إسحاق بن خزيمة إلى بخارى لزيارة الامير إسماعيل بن أحمد (1) قال : دخل أبو بكر بن خزيمة على عبد الله بن محمود بمرو فقال له بعض مشايخهم : يا أبا عبد الرحمن قد دخل أبو بكر محمد بن إسحاق منزلك ولم يدخله مثله ، فقال : لا تقل ، فقد دخله أحمد بن سيار (2).
قال أبو العباس السياري : توفي جدي أحمد بن سيار سنة ثمان وستين ومئتين.
وقال أبو أحمد الحنفي القاضي عن شيوخه : توفي أحمد بن سيار ليلة الاثنين النصف من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين ومئتين ، ودفن يوم الاثنين بعد العصر ، وصلى عليه علي بن الحسين مردويه إمام مسجده (3).
وذكر أبو نصر ابن ماكولا أنه مات ابن سبعين سنة وثلاثة أشهر (4).
• أحمد بن شبويه ، هو : أحمد بن محمد بن ثابت الخزاعي المروزي ، يأتي فيما بعد.
__________
(1) هذا من عظماء الامراء السامانية ، وهو المؤسس الحقيقي لدولتهم.
(2) وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال : كان من الجماعين للحديث ، والرحالين فيه مع التيقظ والاتقان والذب عن المذهب والتضييق على أهل البدع. وقال مسلمة بن قاسم : هو ثقة أخبرنا عنه العقيلي. وقال أبو القاسم بن عساكر : كانت له رحلة واسعة. وقال عبد الغني بن سعيد حافظ مصر : كان ثقة"راجع إكمال مغلطاي : 1 / الورقة 14 ومنه أخذ ابن حجر في "التهذيب" : 1 / 36 35 ، وانظر"أنساب السمعاني" : 7 / 330 و"تاريخ الخطيب" : 4 / 188).
(3) وذكر السمعاني في (السياري) من"الانساب أنه دفن بمرو في مقبرة سوركران ، ودفن عنده سبطه أبو العباس ايضا.
(4) ومما استدركه العلامة مغلطاي للتمييز وهم من الطبقة :
6- أحمد بن سيار بن رافع.
دمشقي ، روى عنه محمد بن إبراهيم بن مروان. قال ابن عساكر : توفي سنة إحدى وسبعين ومئتين.
7- أحمد بن سيار بن حاتم الطالقاني.
قال الادريسي في "تاريخ سمرقند" : حدث بسمرقند سنة إحدى وثمانين ومئتين.

(1/326)


47- خ خدس : أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي (1) ، أبو عبد الله البصري ، نزيل مكة.
روى عن : أبيه : شبيب بن سعيد (خ خد س) ، وعبد الله بن رجاء المكي ، وعبد الرحمن بن شيبة الجدي ، ومروان بن معاوية الفزاري ، ويزيد بن زريع.
روى عنه : البخاري ، وإبراهيم بن إسحاق الحربي ، وإبراهيم ابن سعيد الجوهري ، وأبو خيثمة زهير بن حرب ، وأبو الحسن عبد الملك بن عبدالحميد الميموني (س) ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، وعبيد بن محمد النساج ، وعلي بن عبد العزيز البغوي ، وعلي ابن المديني ، وعمرو بن علي الفلاس ، ومحمد بن إبراهيم الانماطي مربع ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، ومحمد ابن إسماعيل بن سالم الصائغ الكبير ، ومحمد بن علي بن زيد الصائغ الصغير ، ومحمد بن يحيى الذهلي (خد) ، وموسى بن سعيد الدنداني ، ويحيى بن معلى بن منصور الرازي ، ويعقوب بن سفيان الفارسي ، ويعقوب بن شيبة السدوسي.
قال أبو حاتم : ثقة صدوق (2).
وقال أبو بكر بن أبي عاصم : مات سنة تسع وعشرين ومئتين (3).
__________
(1) في حاشية النسخ تعليق للمزي نصه : الحبطات من تميم". قلت : هو الحارث بن عمرو بن تميم ، والحارث هو الحبط بكسر الباء.
(2) وقال ابن عدي : قبله أهل العراق ووثقوه. ووثقه ابن حبان البستي أيضا ، وكتب عنه علي ابن المديني. وخرج الحاكم حديثه في "المستدرك" ، وقال ابن خلفون : لا بأس به. أما قول أبي الفتح الموصلي الأزدي فيه"متروك الحديث غير مرضي"فلم يلفت إليه أحد ، وقد رده الذهبي وابن حجر ، الذهبي : ميزان" : 1 / 103 ، ابن أبي حاتم : الجرح والتعديل". 1 / 1 / : 55 ،"المعجم المشتمل"لابن عساكر ، الورقة : 6 ، إكمال مغلطاي 1 / الورقة : 15 14 ، تهذيب ابن حجر : 1 / 36).
(3) وبهذا التاريخ أخذ معظم المؤرخين ، ومنهم الذهبي في كتبه والصفدي في "الوافي" : 6 / 415. وقال ابن عساكر في "المعجم المشتمل" : مات سنة تسع وثلاثين ومئتين.

(1/327)


وروى له أبو داود في كتاب"الناسخ والمنسوخ"وفي"حديث مالك" ، والنسائي (1).
48- أحمد (2) بن شعيب بن علي (3) بن سنان بن بحر بن دينار ، أبو عبد الرحمن النسائي القاضي الحافظ ، صاحب كتاب"السنن" (4)
__________
(1) قال أبو علي الغساني الجياني : روى حديثه أبو داود في كتاب الزهد من كتاب السنن. وهذا مما استدركه العلامة مغلطاي وأخذه عنه ابن حجر في "التهذيب.
(2) وضع ابن حجر علامة الإمام مسلم (م) على اسمه في "التهذيب"و"التقريب"أو هكذا وجدتها في المطبوع منهما ، ولم نجد هذه العلامة في الاصل ، ولا عند المختصرين الآخرين ، ولا نظن أن مسلما روى عنه. وقال مغلطاي : لم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة ، فلا أدري لم ذكره المزي". قال بشارعواد : هذا استدراك واه من مغلطاي وكأنه يتابع بذلك صاحب "الكمال" الذي لم يذكره ، لكن المزي اشترط أن يترجم لاصحاب الكتب الستة ، فهم أولى بالترجمة.
(3) في "وفيات الاعيان"لابن خلكان (1 / 77) : أحمد بن علي بن شعيب بن علي" ، ولم نجد لذلك أصلا. وذكر المحقق الفاضل الدكتور إحسان عباس جملة من مصادر ترجمته في الهامش وقال بعد ذكر"تذكرة الحفاظ"للذهبي : وسماه أحمد بن شعيب بن علي"فكأنه أراد أن يشعر القارئ بأن ما في "التذكرة يخالف المصادر الاخرى ، وهو غير صحيح ، إذ أن ما ورد في "الوفيات"هو الشاذ والمصادر الاخرى إنما ذكرته كما هو هنا : أحمد بن شعيب بن علي"فليحرر.
(4) مما يؤسف عليه أن كتاب السنن الكبرى"لم يصل إلينا ، ويظهر أنه كان عزيزا في فترات طويلة. قلت (القائل شعيب) : والمطبوع المتداول بين طلبة اللعلم هو المجتبي منه ، وهو اختيار تلميذه أبي بكر أحمد بن محمد بن السني صاحب كتاب"عمل اليوم والليلة"نص على ذلك الإمام الذهبي في "تذكرة الحفاظ"3 / 940 ، وقد أخطأ ، ابن الاثير صاحب"جامع الاصول"خطأ فاحشا ، فزعم وهو يترجم للنسائي أن المجتبي من تأليف النسائي وانتقائه ، وأنه تحرى فيه الصحة ، استجابة لرغبة بعض الامراء ، فانخدع بمقالته تلك غير واحد من أهل العلم ، فقالوا : يجوز العمل بما جاء من الاحاديث في المجتبى من غير نظر في أسانيدها ، ولا بحث في عللها ، وما جاء في السنن من الاحاديث التي لم ترد في المجتبي فلا يجوز العمل بها إلا بعد البحث عن أسانيدها وكشف حالها ، وهذه دعوى مردودة على قائلها ، لانه ليس عليها أثارة من علم ، ففي المجتبى عدد غير قليل من الاحاديث قد حكم بضعفها النسائي نفسه وغيره من الأئمة الذين هم القدوة في هذا الفن ، والمعول عليهم فيه ، وفي السنن أحاديث كثيرة صحيحة ، وردت في مواضيع متعددة في تفسير القرآن ، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والآداب ، والفضائل ، والاذكار ، والموت ، والحشر والبعث ، والشفاعة ، والجنة ، والنار ، وهي مما لم يرد في "المجتبي" ، يستطيع العالم المتمكن أن يظفر ببعضها من الاجزاء المتبقية من هذا الكتاب ، ومما تناثر في كتب التخريج والشروح. ولابدلي هنا من ذكر فائدة ، ربما تخفى على كثير من طلبة العلم ، وهي أن قول المنذري في مختصر سنن أبي داود : أخرجه النسائي ، إنما يعني السنن لا المجتبي الذي صنعه ابن السني ، وكذلك الحافظ المزي في "الاطراف" يعني الاصل لا المختصر ، وكل حديث عزاه المحققون من أئمة هذا الفن إلى النسائي ولم تجده في المجتبى فهو موجود لا محالة في السنن. ومما روى النسائي في سننه ولم يرد في المجتبي حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : دخل الحبشة المسجد ، يلعبون ، فقال لي : يا حميراء ، تحبين أن تنظري إليهم ؟ فقلت : =

(1/328)


وغيره من المصنفات المشهورة.
أحد الأئمة المبرزين والحفاظ المتقنين والاعلام المشهورين. طاف البلاد ، وسمع بخراسان ، والعراق ، والحجاز ، ومصر ، والشام ، والجزيرة من جماعة يطول ذكرهم ، قد ذكرنا روايته عنهم في تراجمهم من كتابنا هذا (1).
وروى القراءة عن أحمد بن نصر النيسابوري المقرئ ، وأبي شعيب صالح بن زياد السوسي (2).
روى عنه : إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب بن يوسف الاسكندراني ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان القرشي الدمشقي ، وأبو العباس ابيض بن محمد بن الحارث بن أبيض القرشي الفهري المصري ، وأحمد بن إبراهيم بن محمد بن أشهب بن عبد العزيز القيسي العامري ، وأحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي ، وأبو الحسن أحمد بن سليمان بن أيوب بن خذلم الأسدي
__________
= نعم ، فقال بالباب ، وجئته ، فوضعت ذقني على عاتقه فأسندت وجهي إلى خده ، قالت : ومن قولهم يومئذ : أبا القاسم طيبا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسبك"فقلت : يا رسول الله لا تعجل فقام لي ، ثم قال : حسبك"فقلت : لا تعجل يا رسول الله ، قالت : وما بي حب النظر إليهم ، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ، ومكاني منه. أخرجه النسائي في عشرة النساء ورقة 75 وجه أول نسخة الظاهرية ، من طريق يونس بن عبدالاعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني بكر بن مضر ، عن ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.
قال الحافظ في الفتح 2 / 355 : إسناده صحيح ، ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا. وقال الزركشي في "المعتبر"ورقة 19 وجه ثان ، وورقة 20 وجه أول : وذكر لي شيخنا ابن كثير عن شيخه أبي الحجاج المزي أنه كان يقول : كل حديث فيه ذكر الحميراء باطل إلا حديثا في الصوم في سنن النسائي. قلت : وحديث آخر في النسائي : دخل الحبشة المسجد يلعبون ، فقال لي : يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم.
وإسناده صحيح (ش).
(1) قال الإمام الذهبي في تاريخ الاسلام ومنه نقل الصفدي في "الوافي"والسبكي في "الطبقات"وغيرهما : وسمع قتيبة ، وإسحاق بن راهويه ، وهاشم بن عمار ، وعيسى بن حماد ، والحسين بن منصور السلمي النيسابوري ، وعمرو بن زرارة ، ومحمد بن النضر المروزي ، وسويد بن نصر ، وأبا كريب ، وخلقا سواهم بعد الاربعين ومئتين" (الورقة : 12 أحمد الثالث : 2917 / 9). قلت : أراد الإمام الذهبي بهؤلاء كبار شيوخه.
(2) راجع غاية النهاية لابن الجزري : 1 / 61.

(1/329)


الدمشقي ، وأحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي العدوي المعروف بابي هريرة ابن أبي العصام ، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصى (1) الدمشقي الحافظ. وأحمد بن عيسى القمي نزيل بيروت ، وأحمد بن القاسم بن عبد الرحمن الحرسي (2) ، وأبو الحسن أحمد بن محبوب الرملي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق ابن السنى الدينوري ، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس النحوي المعروف بابن النحاس ، وأبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد ابن الاعرابي ، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي ، وأبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم بن زامل الاذرعي (3) ، وإسحاق ابن عبد الكريم الصواف ، وجعفر بن محمد بن الحارث الخزاعي ، وأبو علي الحسن بن الخضر بن عبد الله الاسيوطي (4) ، وأبو محمد الحسن بن رشيق العسكري ، وأبو علي الحسين بن علي النيسابوري الحافظ ، وأبو علي الحسين بن هارون المطوعي ، وأبو القاسم حمزة بن محمد بن علي بن محمد بن العباس الكناني الحافظ ،
__________
(1) قيده الذهبي في "المشتبه"ص : 274 وقد جعله المحقق ممدودا فهمزة وكتبه (جوصاء) ، وقيده الفيروزآبادي في "القاموس" (2 / 297) بالقصر وقال : ابن جوصى محدث مشهور. وقال ابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه" : جوصى بفتح الجيم والقصر ، وقال بعضهم بالضم. ووجدته بخط المحدث المفيد أبي العباس أحمد بن محمد بن أمية العبدري : ابن جوصاء ممدودا غير مصروف ، والمعروف الاول. (1 / الورقة : 240 من نسخة الظاهرية) ، وابن جوصى هذا ترجم له الذهبي ترجمة رائعة حافلة في وفيات سنة 320 من تاريخ الاسلام ، الورقة : 102 101 من مجلد أحمد الثالث 2917 / 9.
(2) في حواشي النسخ من قول المؤلف : الحرس : محلة بمصر ، وقيل : قرية". قال بشار : ومن الذين قالوا : إن الحرس محلة الحافظان أبو علي الغساني والدارقطني كما في أنساب المسعاني. وأخذ الذهبي بقول من قال : إنها قرية من قرى مصر"المشتبه" : 148 ، وراجع"توضيح المشتبه"لابن ناصر الدين : 1 / الورقة 127 من نسخة الظاهرية.
(3) الاذرعي : نسبة إلى أذرعات ، بلد مشهور بالشام. هذه هي النسبة المطلقة في كثير من الرواة المنسوبين هكذا. أما إبراهيم هذا ، فقد نسبه الامير ابن ماكولا إلى أذرعات الشام هذا بالظن (انظر الاكمال : 1 / 137) وإليها نسبه السمعاني في "الانساب" : 1 / 146.
(4) الاسيوطي : نسبة إلى أسيوط المدينة المشهورة بصعيد مصر.
قيدها السمعاني بضم الهمزة وتابعه في ذلك ابن الاثير في "اللباب.
أما ياقوت ، فقد قيدها بالفتح ، وتابعه في ذلك ابن عبد الحق في "المراصد"ولذلك =

(1/330)


وأبو الخير زهير بن محمد بن يعقوب الملطي ، وسعيد بن قحلون (1) ابن سعيد البجاني (2) ، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ ، وأبو سعيد عبد
__________
= أبقينا على التقيدين لاسيما وقد قال الجلال السيوطي في "لب اللباب"إن فيها الضم والفتح والكسر. ومنهم من يخفف فيقول : سيوط ، وتكون النسبة : السيوطي. وورد اسم أبي علي الاسيوطي هذا في أنساب السمعاني ، ولباب ابن الاثير ، و"معجم البلدان"لياقوت : الحسن بن علي بن الخضر بن عبد الله"وذكروا أنه توفي سنة 372 ، والظاهر أن ياقوت بن عبد الله الحموي إنما نقل هذا من أنساب السمعاني. أما الذهبي فقد ذكره في "تاريخ الاسلام"كما هو مذكور عند المزي ، وذكره في وفيات سنة 361 من كتابه ، قال كما نقلت من خطه : الحسن بن الخضر بن عبد الله أبو علي الاسيوطي حدث عن أبي عبد الرحمن النسائي وأبي يعقوب المنجنيقي وجماعة. وكان صاحب حديث. وعنه : محمد بن نظيف..وأبو القاسم بن بشران وغيرهم ، وتوفي في ربيع الاول" (نسخة أيا صوفيا : 3008). والذي عندنا أن هذا هو المتابع وهو الاصح ، وقد قاله أيضا السيوطي في حسن المحاضرة : 1 / 174 ، وابن العماد في الشذرات : 2 / 39 وغيرهما.
(1) في "م"و"د"وهما أحسن النسخ"قحلون"بالقاف ولم أجد له تأييدا ، مع أنني أكاد أن أكون مطمئنا إلى أن هذا هو اختيار المزي لذلك أبقيتها مع عدم وقوفي على ما يؤيد كونها بالقاف سوى ما وجدته في معجم البلدان لياقوت (1 / 495). وقد وجدتها مجودة بالفاء بخط إمام المؤرخين الذهبي. وسعيد بن قحلون هذا ذكره الذهبي في وفيات سنة 346 من تاريخ الاسلام ، قال : سعيد بن فحلون ، أبو عثمان البيري الاندلسي آخر من روى عن يوسف المغامي وجماعة. روى"الواضحة"لابن حبيب أبو علي الحسين بن عبد الله التجاني شيخ ابن عبد البر وغيره عن ابن فحلون عن المغامي عن ابن حبيب. وسمع ابن فحلون بقرطبة من بقي بن مخلد ، ومحمد بن وضاح ، وإبراهيم بن قاسم ، ومطرف بن قيس ، ورحل فسمع من أحمد بن محمد بن رشدين المصري وأبي عبد الرحمن النسائي وطائفة ، وكان صدوقا في أخلاقه زعارة. روى عنه جماعة منهم يحيى بن عبد الله بن عيسى الليثي. وتوفي في رجب في ثانيه ، وكان مولده سنة اثنتين وخمسين ومئتين". (الورقة : 220 من مجلد أحمد الثالث 2917 / 9). وقال الذهبي في ترجمة أبي علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن يعقوب البجاني من وفيات سنة 421 ونقلت من خطه : روى عن أبي عثمان سعيد بن فحلون صاحب يوسف المغامي كتاب"الواضحة"لعبد الملك بن حبيب ، وهو آخر من رواها عن ابن فحلون كما أن ابن فحلون آخر من روى عن المغامي صاحب ابن حبيب ، وقد توفي ابن فحلون سنة ست وأربعين وثلاث مئة" (تاريخ الاسلام ، الورقة : 219 من مجلد أيا صوفيا : 3006) ، وفي الجذوة للحميدي : الحسين بن عبد الله بن يعقوب بن الحسين البجاني روى عن..وعن سعيد بن فحلون" (ص : 193).
(2) وردت اللفظة مهملة عند ابن المهندس ، وفي نسخة"د"وضع الناسخ كسرة تحت الباء. قال بشار : هو البجاني : بفتح الباء وتشديد الجيم وبعد الالف نون. وهذه النسبة لم يوردها السمعاني في الانساب فاستدركها عليه العز ابن الاثير في اللباب لكنه لم يذكر سعيد بن فحلون هذا. وقيد الذهبي البجاني في "المشتبه" (ص : 51) ولم يذكره أيضا. وقال ابن ناصر الدين في "التوضيح" : ..ومنها أيضا علي بن الحسين بن عبد الله بن يعقوب البجاني..وروى أيضا عن بلدية سعيد بن فحلون البجاني" (1 / الورقة : 37 من نسخة الظاهرية) ويضاف إلى ما هنا ما نقلنا في الهامش السابق عن تاريخ الاسلام للذهبي فيتوكد الامر (وانظر"معجم البلدان"لياقوت : 1 / 494).

(1/331)


الرحمان بن أحمد بن يونس بن عبدالاعلى الصدفي صاحب"تاريخ مصر" ، وأبو عيسى عبد الرحمن بن إسماعيل الخولاني العروضي الخشاب المصري ، وأبو الميمون عبد الرحمن ابن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي الدمشقي ، وابنه : أبو موسى عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي ، وأبو الفتح عبيد الله بن جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي المعروف بابن الرواس ، وعلي بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي ، وعلي بن محمد بن أحمد بن إسماعيل الطبري ، وأبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب الهمداني الدمشقي ، وأبو طالب عمر بن الربيع بن سليمان المصري ، وأبو بشر محمد بن أحمد حماد الدولابي وهو من أقرانه ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن خالد بن يزيد الاعدالي (1) المصري ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الحداد المصري الفقيه ، وأبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي ، ومحمد بن جعفر بن محمد بن هشام ابن ملاس النميري ، وأبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد ، ومحمد بن سعد السعدي الباوردي ، وأبو الحسن محمد بن عبد الله ابن زكريا بن حيويه النيسابوري ، وأبو بكر محمد بن علي بن الحسن بن أحمد النقاش التنيسي ، وأبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن محمد ابن حماد العقيلي المكي الحافظ ، وأبو الطيب محمد بن الفضل بن العباس ، ومحمد بن القاسم بن محمد بن سيار القرطبي ، وأبو بكر محمد بن القاسم المصري الزاهد المعروف بوليد ، وأبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم القرقساني ، وأبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب ابن المأمون الهامشي ، وأبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري الدمشقي ، وأبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف
__________
(1) الاعدالي : لم يذكر السمعاني هذه النسبة في الانساب ، ولا استدركها عليه ابن الاثير في اللباب ، لكنهما ذكرا الاعدولي : نسبة إلى أعدول بطن من الحضارمة ، ونسب السمعاني ابن لهيعة وبعض أقربائه إليه ، فلعل هذه نسبة مقاربة لتلك !

(1/332)


الشيباني الحافظ المعروف بالاخرم (1) ، ومنصور بن إسماعيل الفقيه المصري ، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفراييني ، ويعقوب بن المبارك المصري ، وأبو القاسم يوسف بن يعقوب السوسي.
قال أبو أحمد بن عدي الحافظ : سمعت منصورا الفقيه وأحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي يقولان : أبو عبد الرحمن النسائي إمام من أئمة المسلمين.
وقال أيضا : أخبرني محمد بن سعد الباوردي ، قال : ذكرت لقاسم المطرز أبا عبد الرحمن النسائي ، فقال : هو إمام ، أو يستحق أن يكون إماما ، أو كما قال.
وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول : سألت أبا عبد الرحمن النسائي ، وكان من أئمة المسلمين : من تقول في بقية..فذكر كلاما.
وقال أيضا : أخبرنا أبو علي الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الرحمن النسائي الإمام في الحديث بلا مدافعة.
وقال أيضا : سمعت أبا علي الحافظ غير مرة يذكر أربعة من أئمة المسلمين رآهم ، فيبدأ بابي عبد الرحمن.
وقال في موضع آخر : سمعت أبا علي الحافظ يقول : رأيت من أئمة الحديث أربعة في وطني وأسفاري ، اثنان منهم بنيسابور : محمد
__________
(1) فات المزي هنا واحد من كبار الرواة عن النسائي هو مسعود بن علي بن الفضل البجاني. قال ابن الفرضي : مسعود بن علي بن مروان من أهل بجانة يكنى أبا القاسم..ورحل حاجا فسمع بمصر من أحمد بن شعيب النسائي (تاريخه ، الترجمة : 2146). وقال عز الدين ابن الاثير في (البجاني) من"اللباب" : ..روى عن أبي عبد الرحمن النسائي السنن له ، كذلك ضبطه الحافظ السلفي"وذكره معين الدين ابن نقطة في (البجاني) من إكمال الاكمال وقال : نقلته من خط السلفي رحمه الله" (نسخة الظاهرية). وقال الذهبي في "المشتبه" : البجاني بالتثقيل والفتح نسبة إلى بجانة بليدة بالاندلس منها : مسعود بن علي البجاني ، حمل عن النسائي كتاب السنن" (ص : 51 وانظر توضيح ابن ناصر الدين : 1 / الورقة : 37).

(1/333)


ابن إسحاق وإبراهيم بن أبي طالب ، وأبو عبد الرحمن النسائي بمصر ، وعبدان بالاهواز.
وقال أيضا : سمعت جعفر بن محمد بن الحارث يقول : سمعت مأمون (1) المصري الحافظ يقول : خرجنا مع أبي عبد الرحمن إلى طرسوس سنة الفداء ، فاجتمع جماعة من مشايخ الاسلام ، واجتمع من الحفاظ : عبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن إبراهيم مربع وأبو الآذان (2) وكيلجة (3) وغيرهم ، فتشاوروا من ينتقي لهم على الشيوخ ، فأجمعوا على أبي عبد الرحمن النسائي فكتبوا كلهم بانتخابه.
وقال أيضا : سمعت أبا الحسين محمد بن المظفر الحافظ يقول : سمعت مشايخنا بمصر يعترفون لابي عبد الرحمن النسائي بالتقدم والإمامة ، ويصفون من اجتهاده في العبادة بالليل والنهار ومواظبته على الحج والاجتهاد ، وأنه خرج إلى الفداء مع والي مصر فوصف من شهامته وإقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين والمشركين واحترازه عن مجالسة السلطان الذي خرج معه والانبساط بالمأكول والمشروب في رحله ، وأنه لم يزل ذلك دأبه إلى أن استشهد رضي الله عنه بدمشق من جهة الخوارج.
وقال أيضا : سمعت علي بن عمر الحافظ غير مرة يقول : أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره.
وقال أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي الصوفي : سألت أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ ، فقلت : إذا حدث محمد بن إسحاق بن خزيمة وأحمد بن شعيب النسائي حديثا من تقدم
__________
(1) في حواشي النسخ في قول المؤلف : هو أبو القاسم الحسين بن محمد بن داود.
(2) في حواشي النسخ قول للمؤلف نصه : أبو الآذان اسمه عمر بن إبراهيم.
(3) في حواشي النسخ أيضا : وكيلجة اسمه محمد بن صالح بن عبد الرحمن".

(1/334)


منهما ؟ قال : النسائي لانه أسند ، على أني لا أقدم على النسائي أحدا وإن كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير.
قال : وقال : سمعت أبا طالب (1) الحافظ يقول : من يصبر على
ما يصبر عليه أبو عبد الرحمن النسائي ، كان عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة فما حدث بها ، وكان لا يرى أن يحدث بحديث ابن لهيعة.
وقال حمزة بن يوسف السهمي : وسئل يعني الدارقطني إذا حدث أبو عبد الرحمن النسائي وابن خزيمة بحديث أيما تقدمه ؟ فقال : أبو عبد الرحمن ، فإنه لم يكن مثله ولا أقدم عليه أحدا ، ولم يكن في الورع مثله لم يحدث بما حدث ابن لهيعة وكان عنده عاليا عن قتيبة.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي أيضا : سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد المعدل النسوي بمصر يقول : سمعت أبا بكر بن الحداد وذكره بالفضل والدين والاجتهاد قال : أخذت نفسي بما رواه الربيع عن الشافعي أنه كان يختم في شهر رمضان ستين ختمه سوى ما يقرأ في الصلاة وفي غير رمضان ثلاثين ختمة ، فأما في شهر رمضان فلم أقدر على تمام الستين ، وأكثر ما قدرت عليه تسعة وخمسين ختمة وأتيت في غير (2) رمضان بثلاثين ختمة. قال الدارقطني : وكان ابن الحداد كثير الحديث ولم يحدث عن أحد غير أبي عبد الرحمن النسائي فقط ، وقال : رضيت به حجة بيني وبين الله.
وقال أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون الهاشمي : كنت يوما في دهليز الدار التي كان أبو عبد الرحمن يسكنها في زقاق
__________
(1) في حواشي النسخ قول للمؤلف : اسمه أحمد بن نصر.
(2) ليس في "د"ولا يستقيم المعنى بغيرها.

(1/335)


القناديل ومعي جماعة ننتظره لينزل ويمضي إلى الجامع ليقرأ علينا حديث الزهري ، فقال بعض من حضر : ما أظن ابا عبد الرحمن إلا يشرب النبيذ للنضرة التي في وجهه والدم الظاهر مع السن ! وقال آخرون : ليت شعرنا ما يقول في إتيان النساء في أدبارهن ؟ فقلت : أنا أسأله عن الامرين وأخبركم ، فلما ركب مشيت إلى جانب حماره ، وقلت له : تمارى بعض من حضر في مذهبك في النبيذ ، فقال : مذهبي أنه حرام لحديث أبي سلمة عن عائشة"كل شراب أسكر فهو حرام" (1) فلا يحل لاحد أن يشرب منه قليلا ولا كثيرا. قلت : فما الصحيح من الحديث في إتيان النساء في أدبارهن ؟ فقال : لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في إباحته ولا تحريمه شيء (2) ، ولكن محمد بن كعب القرظي حدث عن
__________
(1) أخرجه مالك في الموطأ 3 / 56 في الاشربة ، وأحمد 6 / 36 و96 ، 97 و190 و225 ، 226 ، والبخاري 1 / 305 في الوضوء : باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ والمسكر و10 / 35 في الاشربة ، باب الخمر من العسل ، ومسلم (2001) في الاشربة"باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام ، وأبو داود (3682) في الاشربة : باب النهي عن المسكر ، والنسائي 8 / 297 ، 298 في الاشربة : باب تحريم كل شراب أسكر ، وابن ماجة (3386) في الاشربة : باب كل مسكر حرام من طرق عن ابن شهاب الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع ، فقال : كل شراب أسكر فهو حرام" (ش).
(2) بل قد ثبت في غير ما حديث عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن إتيان الرجل زوجته في دبرها ، فقد أخرج البخاري في "صحيحه"8 / 143 في التفسير : باب نساؤكم حرث لكم ، ومسلم (1435) في النكاح : باب جواز جماعه امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض للدبر ، من حديث جابر بن عبد الله قال : كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل المرأة من دبرها في قبلها كان الولد أحول ، فنزلت : {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} وفي رواية لمسلم : إن شاء مجبية وإن شاء غير مجبية ، غير أن ذلك في صمام واحد"والمجبية : المنكبة على وجهها ، والصمام الواحد : الفرج وهو موضع الحرث والولد.
وأخرج الإمام أحمد 2 / 408 و476 وأبو داود (3904) ، والدارمي 1 / 259 ، والترمذي (135) من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أتى كاهنا فصدقة فيما يقول ، أو أتى امرأته في دبرها فقد كفر بما انزل على محمد" ، وسنده قوي.
وأخرج أحمد 2 / 272 و344 ، وابن ماجة (1923) من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها"وصححه البوصيري في "الزوائد"وله شاهد بسند حسن من حديث ابن عباس عند الترمذي ، وصححه ابن حبان (1302).
وأخرج أحمد 2 / 444 و479 ، وأبو داود (2162) من حديث أبي هريرة مرفوعا"ملعون من أتى امرأته في دبرها"وسنده حسن ، وله شاهد يتقوى به عند الطبراني في "الاوسط"كما في "المجمع"4 / 299 من حديث عقبة بن عامر.

(1/336)


جدك ابن عباس"اسق حرثك من حيث شئت"فلا ينبغي لاحد أن يتجاوز قوله (1).
قال : وكان أبو عبد الرحمن يؤثر لباس البرود النوبية الخضر ويقول : هذا عوض من النظر (2) إلى الخضرة من النبات فيما يراد لقوة البصر.
وكان يكثر الجماع مع صوم يوم وإفطار يوم ، وكان له أربع زوجات يقسم لهن ، ولا يخلو مع ذلك من جارية واثنتين يشتري الواحدة بالمئة ونحوها ويقسم لها كما يقسم للحرائر. وكان قوته في كل يوم رطل (3) خبز جيد يؤخذ له من سويقة العرافين لا يأكل غيره كان صائما أو مفطرا. وكان يكثر أكل الديوك الكبار ، تشترى له ، وتسمن ثم تذبح فيأكلها ، ويذكر أن ذلك ينفعه في باب الجماع.
__________
وأخرج الترمذي (1164) في الرضاع والدارمي 1 / 260 من حديث علي بن طلق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تأتوا النساء في أعجازهن ، فإن الله لا يستحي من الحق"وحسنه الترمذي ، وصححه ابن حبان ، وله شاهد من حديث خزيمة بن ثابت"أخرجه الشافعي 2 / 360 ، والطحاوي 2 / 25 وسنده صحيح ، وصححه ابن حبان (1299) ، وابن الملقن في "خلاصة البدر المنير"ووصفه الحافظ في "الفتح"8 / 142 بأنه من الاحاديث الصالحة الاسناد.
وأخرج الإمام أحمد برقم (6706) و(6967) من طريق عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هي اللوطية الصغرى"يعني الرجل يأتي امرأته في دبرها وسنده حسن.
وأخرج الطبري 2 / 234 ، وأحمد (6968) ، والبيهقي 7 / 199 عن قتادة قال : حدثني عقبة بن وساج ، عن أبي الدرداء قال في إتيان المرأة في دبرها : وهل يفعل ذلك إلا كافر. وسنده صحيح.
وأخرج الإمام أحمد 1 / 297 ، والترمذي (2984) بسند حسن عن ابن عباس قال : جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هلكت فقال : وما الذي أهلكك ؟ قال : حولت رحلي البارحة ، قال : فلم يرد عليه شيئا ، فأوحى الله إلى رسوله : {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} أقبل وأدبر ، وأتق الحيضة والدبر" (ش).
(1) قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" : ثبت نهي المصطفى صلى الله عليه وسلم عن أدبار النساء ولى فيه مصنف" (2 / 699). قال بشار : وكتابه هذا ذكره تلميذه الصلاح الصفدي"الوافي" : 2 / 164 و"نكت الهميان" : 243) وابن شاكر الكتبي"فوات الوفيات" : 2 / 183 و(عيون التواريخ ، الورقة : 86) والزركشي (عقود الجمان ، الورقة : 79) وابن تغري بردى (المنهل الصافي ، الورقة : 70) وذكروا انه في جزءين.
(2) في "م" : (النظرة) ولعله من سبق قلم ابن المندس.
(3) الرطل : بفتح الراء وكسرها كما في معجمات اللغة.

(1/337)


وسمعت قوما ينكرون عليه كتاب"الخصائص"لعلي رضي الله عنه وتركه لتصنيف فضائل أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، ولم يكن في ذلك الوقت صنفها ، فحكيت له ما سمعت ، فقال : دخلنا إلى دمشق والمنحرف عن علي بها كثير ، فصنفت كتاب"الخصائص"رجاء أن يهديهم الله. ثم صنف بعد ذلك فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقرأها على الناس ، وقيل له وأنا حاضر : ألا تخرج فضائل معاوية ؟ فقال : أي شيء أخرج ؟ !"اللهم لا تشبع بطنه"! (1) وسكت وسكت السائل.
وقال أبو بكر بن المأمون أيضا : سمعت أبا بكر (2) ابن الإمام الدمياطي يقول لابي عبد الرحمن النسائي : ولدت في سنة أربع عشرة يعني ومئتين ففي أي سنة ولدت يا أبا عبد الرحمن ؟ فقال أبو عبد الرحمن. يشبه أن يكون في سنة خمس عشرة ومئتين ، لان رحلتي الاولى إلى قتيبة كانت في سنة ثلاثين ومئتين ، أقمت عنده سنة وشهرين.
وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : سمعت علي بن عمر (3) يقول : كان أبو عبد الرحمن النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره ، وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار ، وأعلمهم بالرجال ، فلما بلغ
__________
(1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (2604) في البر والصلة : باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة ، من طريق شعبة ، عن أبي حمزة القصاب ، عن ابن عباس قال : كنت ألعب مع الصبيان ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتواريت خلف باب ، قال : فجاء فحطأني حطأة ، وقال اذهب : وادع لي معاوية ، قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل ، قال : ثم قال لي : اذهب فادع لي معاوية ، قال فجئت فقلت : هو يأكل ، فقال : لاأشبع الله بطنه" ، وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (2746) من طريق هشام وأبي عوانة ، عن أبي حمزة القصاب ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى معاوية ليكتب له ، فقال : إنه يأكل ، ثم بعث إليه فقال : إنه يأكل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أشبع الله بطنه" ، وهو في "المسند"1 / 240 ، 291 ، 335 ، 338 ، من طريق شعبة وأبي عوانة ، عن أبي حمزة به ، دون قوله : لاأشبع الله بطنه ، وزاد في رواية ، وكان
كاتبه (ش).
(2) في حواشي النسخ من قول المؤلف : هو محمد بن جعفر بن محمد البغدادي نزيل دمياط.
(3) يعني الدارقطني.

(1/338)


هذا المبلغ حسدوه فخرج إلى الرملة ، فسئل عن فضائل معاوية ، فأمسك عنه ، فضربوه في الجامع. فقال : أخرجوني إلى مكة ، فأخرجوه إلى مكة وهو عليل ، وتوفي بها مقتولا شهيدا.
قال الحاكم أبو عبد الله : ومع ما جمع أبو عبد الرحمن من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره ، فحدثني محمد بن إسحاق الأصبهاني ، قال : سمعت مشايخنا بمصر يذكرون أن أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره ، وخرج إلى دمشق ، فسئل بها عن معاوية بن أبي سفيان وما روي من فضائله ، فقال : ألا يرضى معاوية رأسا برأس حتى يفضل ؟ ! فما زالوا يدفعون في حضنيه (1) حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة ومات بها سنة ثلاث وثلاث مئة وهو مدفون بمكة.
قال الحافظ أبو القاسم (2) : وهذه الحكاية لاتدل على سوء اعتقاد أبي عبد الرحمن في معاوية بن أبي سفيان ، وإنما تدل على الكف في (3) ذكره بكل حال.
ثم روى بإسناده عن أبي الحسن علي بن محمد القابسي ، قال : سمعت أبا علي الحسن بن أبي هلال يقول : سئل أبو عبد الرحمن النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنما الاسلام كدار لها باب ، فباب الاسلام الصحابة ، فمن آذي الصحابة إنما أراد الاسلام ، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار ، قال : فمن
__________
(1) في حواشي النسخ قول للمولف : يعني في جنبيه"قال بشار : وفي معجمات اللغة : ما دون الابط إلى الكشح. وفي"تذكرة الحفاظ"للذهبي (2 / 700) : خصييه. وفي الوافي للصفدي (6 / 417) : خصيتيه ، وذكر المحقق أنها بغير إعجام في أصل المخطوط. في طبقات السبكي (3 / 16) وشذرات ابن العماد (2 / 240) : خصيتيه. والظاهر أن المحققين أبدلوها لانها وردت بغير إعجام كما أشاروا في التعليق. وقال ابن خلكان في "الوفياتآ 1 / 77 : فما زالوا يدفعون في حضنه حتى أخرجوه من المسجد. وفي رواية أخرى : يدفعون في خصيبه وداسوه.
(2) يعني ابن عساكر حافظ الشام.
(3) في "د" : عن.

(1/339)


أراد معاوية فإنما أراد الصحابة (1).
قال أبو سعيد بن يونس : قدم مصر قديما وكتب بها وكتب عنه ، وكان إماما في الحديث ثقة ثبتا حافظا ، وكان خروجه من مصر في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاث مئة. توفي بفلسطين يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاث مئة. وكذا قال أبو جعفر الطحاوي : إنه مات في صفر سنة ثلاث وثلاث مئة بفلسطين.
وقيل : إنه مات بالرملة (2) ودفن ببيت المقدس (2).
49- خ د تم : أحمد بن صالح المصري ، أبو جعفر الحافظ
__________
(1) وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب"الارشاد" : حافظ متقن ، أقام بمصر وعمر. رضيه الحفاظ ، وكتابه يضاف إلى كتاب البخاري ومسلم وأبي داود..ونقم عليه كلامه في أحمد بن صالح..اتفقوا على حفظه واتقانه" (الورقة : 58). وقال ابن طاهر المقدسي : سألت سعيد بن علي الزنجاني عن رجل فوثقه ، فقلت : ضعفه النسائي ، فقال : يا بني إن لابي عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم.
وقال الذهبي في ترجمة أحمد بن صالح المصري من الميزان (1 / 103) : آذى النسائي نفسه بكلامه فيه.
وقال التاج السبكي : سمعت شيخنا أبا عبد الله الذهبي الحافظ ، وسألته : أيهما أحفظ : مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح ، أو النسائي ؟ فقال : النسائي. ثم ذكرت ذلك للشيخ الإمام الوالد تغمده الله برحمته ، فوافق عليه ، الطبقات : 3 / 16.
(2) قال تقي الدين الفاسي بعد أن أورده هذه الروايات : فيلخص من هذا أنه اختلف في وفاته وموضعها ، فقيل : في صفر بفلسطين ، قاله الطحاوي وابن يونس ، وقيل في شعبان سنة ثلاث وثلاث مئة بمكة قاله الدارقطني"العقد الثمين" : 3 / 46 ورجع الذهبي قول الطحاوي وابن يونس وصححه كما في تاريخ الاسلام (الورقة : 13 أحمد الثالث 2917 / 9) وتابعه في ذلك تلميذه الصلاح الصفدي في الوافي (6 / 417).
(3) ذكر صاحب "الكمال" بعد ترجمة النسائي ترجمة تخطاها المزي بسبب عدم وقوفه على من روى له من الستة ، وهو :
أحمد بن شيبان الرملي ، أبو عبد المؤمن. سمع سفيان بن عيينة ، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، ومؤمل بن إسماعيل ، وعبد الملك بن إبراهيم الجدي وغيرهم. روى عنه يوسف بن موسى المروزي. قال ابن أبي حاتم : كتبنا عنه وهو صدوق. (الكمال : 1 / الورقة : 169). وأورده ابن حجر في التهذيب وزاد عليه : وقال العقيلي في الضعفاء : لم يكن ممن يفهم الحديث وحدث بمناكير. وقال ابن حبان في الثقات : يخطئ. وقال صالح الطرابلسي : ثقة مأمون أخطأ في حديث واحد ، انتهى. واسم جده الوليد بن حسان القيسي الراوي. ومن شيوخه محمد بن جعفر غندر. ومن الرواة عنه : ابن خزيمة وابن الجارود ومحمد بن المنذر بن سعيد ، وأبو العباس الاصم ، وكانت وفاته سنة 275. (تهذيب : 1 / 39). قال بشار : وذكره الذهبي في الميزان : (1 / 103) وقال فيه : صدوق.
قيل : كان يخطئ ، فالصدوق يخطئ. ووثقه ابن حبان.

(1/340)


المعروف بابن الطبري.
كان أبوه من أهل طبرستان من الجند. وكان أبو جعفر أحد الحفاظ المبرزين والائمة المذكورين.
روى عن : إبراهيم بن الحجاج (1) من أصحاب عبد الرزاق ، وأسد بن موسى المصري (د) ، وإسماعيل بن أبي أويس المدني (د) ، وحرمي بن عمارة بن أبي حفصة البصري ، وخالد بن نزار الايلي ، وسفيان بن عيينة (د) ، وسلامة بن روح الايلي ، وعبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان الصنعاني ، وعبداله بن نافع الصائغ (د) ، وعبد الله بن وهب (خ د تم) ، وعبد الرزاق بن همام (د) ، وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري (د) ، وعفان بن مسلم الصفار البصري ، وعنبسة بن خالد الايلي (خ د) ، وأبي نعيم الفضل بن دكين الكوفي ، وقدامة بن محمد الخشرمي ، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك (د) ، ويحيى بن حسان التنيسي (د) ، ويحيى بن محمد الجاري (د).
روى عنه : البخاري ، وأبو داود ، وإبراهيم بن عمرو بن ثور الزوفي (2) ، وأحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد ، وأحمد بن محمد بن نافع الطحان المصري ، وإسماعيل بن الحسن الخفاف المصري ، وإسماعيل بن عبد الله الأصبهاني سمويه ، وإسماعيل بن محمد بن قيراط الدمشقي ، وصالح بن محمد البغدادي الحافظ
__________
(1) في حواشي النسخ قول للمؤلف يصحح فيه لصاحب "الكمال" نصه : كان فيه : إبراهيم بن الحجاج السامي. وقوله السامي وهم.
(2) بفتح الزاي نسبة إلى زوف وهو بطن من مراد ، وإبراهيم بن عمرو هذا من مواليهم فنسب إليهم ، ذكره الذهبي في وفيات سنة 303 من تاريخ الاسلام ، قال : إبراهيم بن عمرو بن ثور بن عمران المرادي مولاهم المصري ، أبو إسحاق. سمع يحيى بن بكير وأحمد بن صالح وغيرهما ، وعنه ابن يونس ووثقه وقال : كان يخضب وعمي. توفي في شعبان" (الورقة : 14 أحمد الثالث 2917 / 9). وراجع أنساب السمعاني : 6 / 346.

(1/341)


المعروف بجزرة ، والعباس بن محمد بن العباس البصري ، وعبد الله بن أبي داود السجستاني وهو آخر من حدث عنه ، وعبد الله بن عبدويه النسفي ، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، وعبيد بن رجال (1) المصري ، وعثمان بن سعيد الدارمي ، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي ، وعمر بن عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مقلاص الخزاعي المصري ، وعمر بن أبي عمر العبدي البلخي ، وعمرو بن محمد بن بكير الناقد وهو من أقرانه ، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي ، ومحمد بن عبد الله بن نمير الهمداني وهو من أقرانه ، وأبو موسى محمد بن المثنى وهو من أقرانه ، ومحمد بن مسلم بن وارة الرازي ، ومحمد بن هارون بن حسان البرقي ، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم بن حماد قاضي عكبرا ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ومحمود بن إبراهيم بن سميع الدمشقي ، ومحمود بن غيلان المروزي وهو من أقرانه ، وموسى بن سهل الرملي (د) ، ويعقوب بن سفيان الفارسي ، ويوسف بن موسى المروذي (2).
وسمع منه النسائي ولم يحدث عنه.
قال علي بن عبد الرحمن بن المغيرة عن محمد بن عبد الله بن نمير : سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول : ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى يريد أحمد بن صالح.
وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت أحمد بن عاصم الاقرع بمصر
__________
(1) قيده الذهبي في "المشتبه" بكسر الراء المهملة مخففا (ص : 309).
وقال ابن ناصر الدين في توضيحه : هو عبيد بن محمد بن موسى أبو القاسم المؤذن البزاز ، ورجال لقب ابيه محمد. وفي كتاب الالقاب
لابي بكر الشيرازي أن رجالا لقب عبيد. توفي عبيد سنة أربع وثمانين ومئتين" (2 / الورقة : 24 من نسخة الظاهرية).
(2) نسبة إلى مرو الروذ ضبطها الذهبي في "المشتبه"ضبط القلم (ص : 584) وقال ابن ناصر الدين : بفتح الميم وضم الراء المشددة وسكون الواو تليها ذال معجمة مكسورة نسبة إلى مرود الروذ وهي بلدة بجنب مرو الشاهجان. (3 / الورقة : 28).

(1/342)


يقول : سمعت أبا زرعة الدمشقي يقول : قدمت العراق فسألني أحمد بن حنبل : من خلفت بمصر ؟ قلت : أحمد بن صالح. فسر بذكره ، وذكر خيرا ، ودعا الله له.
وقال أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد النيسابوري : سمعت أبا الحسن علي بن محمود الهروي يقول : قلت لأحمد بن حنبل : من أعرف الناس بأحاديث ابن شهاب ، قال : أحمد بن صالح المصري ، ومحمد بن يحيى النيسابوري.
وقال أبو عبد الرحمن عبد الله بن إسحاق النهاوندي الحافظ : سمعت يعقوب بن سفيان يقول : كتبت عن ألف شيخ وكسر كلهم ثقات ما أحد منهم أتخذه عند الله حجة إلا رجلين : أحمد بن صالح بمصر ، وأحمد بن حنبل بالعراق (1).
وقال البخاري : أحمد بن صالح ثقة صدوق ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحجة ، كان أحمد بن حنبل وعلي وابن نمير وغيرهم يثبتون أحمد بن صالح ، كان يحيى يقول : سلوا أحمد فإنه أثبت.
وقال الحاكم أبو عبد الله : أخبرني أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل ، قال : سمعت صالح بن محمد بن حبيب يقول : قال أحمد بن صالح المصري : كان عند ابن هب مئة ألف حديث كتبت عنه خمسين ألف حديث ، قال : ولم يكن بمصر أحد يحسن الحديث ولا يحفظ غير أحمد بن صالح ، كان يعقل الحديث ويحسن أن يأخذ ، وكان رجلا جامعا يعرف الفقه والحديث والنحو ويتكلم في حديث الثوري وشعبة وأهل العراق ، وكان قدم العراق وكتب عن عفان وهولاء ، وكان يذاكر بحديث الزهري ويحفظه.
__________
(1) لم يرد هذا النص في المطبوع من (تاريخ) يعقوب ، لكن محققه الفاضل وضعه في مستدركه نقلا من ميزان الذهبي (انظر تاريخ يعقوب المعروف بالمعرفة والتاريخ : 3 / 368).

(1/343)


قال : وقال أحمد : كتبت عن ابن زبالة (1) مئة ألف حديث ثم تبين لي أنه كان يضع الحديث ، فتركت حديثه ، قال : وكان أحمد بن صالح يثني على أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح ويقع في حرملة ، ويونس بن عبدالاعلى.
وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت محمد بن موسى الحضرمي يعرف بأخي أبي عجيبة بمصر يقول : سمعت بعض مشايخنا يقول : قال أحمد بن صالح : صنف ابن وهب مئة ألف وعشرين ألف حديث ، فعند بعض الناس منها الكل يعني حرملة وعند بعض الناس منها النصف يعني نفسه.
وقال علي بن الحسين بن الجنيد الرازي : سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول : حدثنا أحمد بن صالح ، وإذا جاوزت الفرات ، فليس أحد مثله.
وقال أبو العباس بن عقدة : حدثني عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة ،
قال : سمعت ابن نمير وذكر أحمد بن صالح ، فقال : هو واحد الناس في علم الحجاز والمغرب ، فهم ، وجعل يعظمه ، وحدثنا عنه بغير شئ.
وقال أبو الفضل يعقوب بن إسحاق بن محمود الفقيه الهروي : سمعت أحمد بن سلمة النيسابوري يحكي عن أحمد بن مسلم بن وارة ، قال : أحمد بن صالح بمصر وأحمد بن حنبل ببغداد وابن نمير بالكوفة والنفيلي بحران هؤلاء أركان الدين.
وقال أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي : أحمد بن صالح مصري ثقة صاحب سنة.
__________
(1) في حواشي النسخ من قول المؤلف : هو محمد بن الحسن بن زبالة.
قلت : سيأتي في هذا الكتاب.

(1/344)


وقال أبو حاتم : ثقة ، كتبت عنه بمصر وبدمشق وبأنطاكية.
وقال أبو زرعة الدمشقي : ذاكرت أحمد بن صالح مقدمه دمشق سنة سبع عشرة ومئتين..فذكر حديثا.
وقال أبو عبيد محمد بن علي الآجري : سمعت أبا داود يقول : كتب أحمد بن صالح عن سلامة بن روح وكان لا يحدث عنه ، وكتب عن ابن زبالة خمسين ألف حديث وكان لا يحدث عنه. وحدث أحمد بن صالح ولم يبلغ الاربعين ، وكتب عباس العنبري عن رجل عنه ، وقال : كان أحمد بن صالح يقوم كل لحن في الحديث.
وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن سهل بن مخلد الغزال : أحمد بن صالح ، طبري الاصل ، كان من حفاظ الحديث ، واعيا ، رأسا في علم الحديث وعلله ، وكان يصلي بالشافعي ، ولم يكن في أصحاب ابن وهب أحد أعلم منه بالآثار.
وقال أبو سعيد بن يونس : أحمد بن صالح ، كان صالح جنديا من أهل طبرستان من العجم. ولد أحمد بمصر ، وكان حافظا للحديث.
ذكر أبو عبد الرحمن النسائي يوما أحمد بن صالح ، فرماه وأساء الثناء عليه ، وقال : حدثنا معاوية بن صالح ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول : أحمد بن صالح كذاب يتفلسف. قال أبو سعيد : ولم يكن عندنا بحمدالله كما قال النسائي ، ولم يكن له آفة غير الكبر.
وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت عبدان الاهوازي يقول : سمعت أبا داود السجستاني يقول : أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهمون يعني ليس بذاك في الجلالة.
قال أبو أحمد : وسمعت القاسم بن عبد الله بن مهدي يقول :

(1/345)


كان أحمد بن صالح يستعير مني كل جمعة الحمار ، فيركبه إلى صلاة الجمعة ، وكنت جالسا عند حرمله في الجامع ، فجاز أحمد بن صالح على باب الجامع ، فنظر إلينا وإلى حرملة ولم يسلم ، فقال حرملة : انظروا إلى هذا ، بالامس يحمل دواتي يعني المحبرة واليوم يمر بي فلا يسلم.
وقال أيضا : سمعت محمد بن سعد السعدي يقول : سمعت أبا عبد الرحمن النسائي يقول : سمعت معاوية بن صالح ، قال : سألت يحيى بن معين عن أحمد بن صالح ، فقال : رأيته كذابا يخطر في جامع مصر.
وقال عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي عن أبيه : أبو جعفر أحمد بن صالح ، مصري ليس بثقة ولا مأمون ، تركه محمد بن يحيى ، ورماه يحيى بن معين بالكذب ، حدثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين ، قال : أحمد بن صالح كذاب يتفلسف.
قال ابن عدي : وكان النسائي سئ الرأي فيه ، وينكر عليه أحاديث منها : عن ابن وهب ، عن مالك ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : الدين النصيحة" (1). قال ابن عدي : وأحمد بن صالح من حفاظ الحديث وخاصة لحديث الحجاز ، ومن المشهورين بمعرفته ، وحدث عنه البخاري ، مع شدة استقصائه ، ومحمد بن يحيى واعتمادهما عليه في كثير من حديث الحجاز وعلى معرفته ، وحدث عنه من حدث من الثقات واعتمدوه حفظا وإتقانا ،
__________
(1) أخرجه أحمد 2 / 297 ، والترمذي (1926) في البر والصلة : باب ما جاء في النصيحة ، من طريق ابن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدين النصيحة ، ثلاث مرات"قالوا : يا رسول الله لمن ؟ قال : لله ولكتابه ولائمة المسلمين وعامتهم"وقال الترمقدي : هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه النسائي 7 / 156 في البيعة : باب النصيحة للامام ، من طريق إسماعيل بن جعفر ، عن ابن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، وعن سمي ، وعن عبيد الله بن مقسم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة.

(1/346)


وكلام ابن معين فيه تحامل (1) ، وأما سوء ثناء النسائي عليه ، فسمعت محمد بن هارون بن حسان البرقي يقول : هذا الخراساني يتكلم في أحمد بن صالح ، وحضرت مجلس أحمد بن صالح ، وطرده من مجلسه ، فحمله ذلك على أن يتكلم فيه.
قال : وهذا أحمد بن حنبل قد أثنى عليه فالقول ما قاله أحمد لا ما قاله غيره ، وحديث"الدين النصيحة"الذي أنكره النسائي عليه قد
__________
وفي الباب عن تميم الداري أخرجه مسلم (55) في الايمان : باب بيان أن الدين النصيحة ، والنسائي 7 / 156 ، 157 ، وأحمد 4 / 102 ثلاثتهم من طريق سفيان ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن عطاء بن يزيد ، عن تميم الداري..
وعن ابن عمر عند الدارمي 2 / 311 ، من طريق جعفر بن عون ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ونافع ، عن ابن عمر..وإسناده قوي (ش).
(1) قد كثر القول في تجريح النسائي لأحمد بن صالح المصري ورده الفضلاء ولم يقبلوه في الجملة. وبقي بعد ذلك الكلام المنسوب إلى الإمام يحيى بن معين فيه ، وقد ادعى الحافظ ابن حبان البستي ان ابن معين لم يتكلم في أحمد بن صالح المصري بل في شخص آخر كان بمكة يقال له : أحمد بن صالح الشمومي ، قال ابن حبان في "الثقات" : كان أحمد بن صالح في الحديث وحفظه ومعرفة التاريخ ، وأنساب المحدثين عند أهل مصر ، كأحمد بن حنبل عند أصحابنا بالعراق ، ولكنه كان صلفا تياها لا يكاد يعرف أقدار من يختلف إليه ، وكان يحسد على ذلك. والذي روى معاوية بن صالح عن يحيى بن معين ان أحمد بن صالح كذاب ، فإن ذلك أحمد بن صالح الشمومي شيخ كان بمكة يضع الحديث سأل معاوية يحيى عنه ، فأما هذا ، فهو يقارن ابن معين في الحفظ والاتقان ، وكان أحفظ لحديث مصر والحجاز من يحيى بن معين". وأورد مغلطاي هذه القالة في إكماله ، ونقلها ابن حجر في "التهذيب"وصدرها التاج السبكي بعبارة"وقد ذكر أن الذي ذكره فيه ابن معين.." (الطبقات 2 / 8) ونقلها أيضا التي الفاسي في "العقد الثمين"في ترجمة أحمد بن صالح الشمومي (3 / 48) ولكن الذهبي ثبت كلام ابن معين في "الميزان" (1 / 104) ويبدو ان ابن عدي جزم بصحة ما نقل عن ابن معين في حق أحمد بن صالح المصري لقوله : وكلام ابن معين فيه تحامل" ، ولو كان ابن عدي والذهبي وأضرابهما قد شكوا في صحة نسبة هذا القول لابن معين لذكروه وفندوه ، بل قال الذهبي في "ديوان الضعفاء"إن ابن معين تكلم فيه.
ومهما يكن من أمر ، فإن المتفق عليه بين جهابذة الفن انه ثقة إمام ، فان الحافظ الخليلي : ثقة حافظ أخرجه البخاري ، وكتب عنه محمد بن يحيى الذهلي وأبو زرعة وأبو حاتم وتكلم فيه أبو عبد الرحمن النسائي ، واتفق الحفاظ على أن كلامه فيه تحامل ولا يقدح أمثاله فيه" (الارشاد ، الورقة : 55 من انتخاب السلفي). وقال ابن حبان في (الثقات) : وكان بين محمد بن يحيى وبينه معارضة لتصلفه عليه وكذلك أبو زرعة الرازي دخل عليه مسلما فلم يحدثه فوقع بينهما ما يقع بين الناس وأن من صحت عدالته وكثرت عنايته بالسنن والاخبار والتفقه فيها فالبحري ان لا يجرح لصلفه أوتيهه". وقد نقلنا في ترجمة النسائي قول الإمام الذهبي : ان النسائي قد آذى نفسه في الكلام في أحمد بن صالح المصري. وقد فصل الذهبي ومغلطاي وغيرهما في هذا الامر فراجعه إن احتجت لذلك.

(1/347)


رواه عن ابن وهب يونس بن عبدالاعلى ، وقد رواه عن مالك محمد بن خالد بن عثمة وغيره. وأحمد بن صالح بن أجلة الناس وذلك أني رأيت جمع أبي موسى الزمن في عامة ما جمع من حديث الزهري يقول : كتب إلي أحمد بن صالح ، حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري.
قال ابن عدي : ولولا أني شرطت في كتابي هذا أن أذكر فيه كل من تكلم فيه متكلم ، لكنت أجل أحمد بن صالح أن أذكره.
وقال أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني المقرئ عن مسلمة بن القاسم الاندلسي : الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله ، وأن أحمد بن حنبل وغيره كتبوا عنه ووثقوه. وكان سبب تضعيف النسائي له أن أحمد بن صالح رحمه الله كان لا يحدث أحدا حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنه من أهل الخير والعدالة ، وكان يحدثه ويبذل له علمه ، وكان يذهب في ذلك مذهب زائدة بن قدامة ، فأتى النسائي ليسمع منه ، فدخل بلا إذن ، ولم يأته برجلين يشهدان له بالعدالة ، فلما رآه في مجلسه أنكره ، وأمر بإخراجه ، فضعفه النسائي لهذا.
وقال أبو بكر الخطيب : احتج سائر الأئمة بحديث أحمد بن صالح سوى أبي عبد الرحمن النسائي ، فإنه ترك الرواية عنه ، وكان يطلق لسانه فيه ، وليس الامر على ما ذكر النسائي. ويقال : كان آفة أحمد بن صالح الكبر ، وشراسة الخلق ، ونال النسائي منه جفاء في مجلسه ، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما.
وقال (1) عبد الله بن محمد بن سيار : سمعت بندارا يقول : كتب إلي أحمد بن صالح بخمسين ألف حديث أي إجازة وسألته أن يجيز
__________
(1) ونقل المزي هذه الحكاية عن الخطيب أيضا : 4 / 201.

(1/348)


لي ، أو يكتب إلي بحديث مخرمة بن بكير ، فلم يكن عنده من المروءة ما يكتب بذاك إلي.
قال الخطيب : نرى أن هذا الذي قاله (1) بندار في أحمد بن صالح في تركه مكاتبته مع مسألته إياه ذلك إنما حمله عليه سوء الخلق.
ولقد بلغني أنه كان لا يحدث إلا ذا لحية ، ولا يترك أمرد يحضر مجلسه ، فلما حمل أبو داود السجستاني ابنه إليه ليسمع منه وكان إذ ذاك أمرد أنكر أحمد بن صالح على أبي داود إحضاره ابنه المجلس ، فقال له أبو داود : هو (2) وإن كان أمرد أحفظ من أصحاب اللحى فامتحنه بما أردت ، فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها ، فحدثه حينئذ ولم يحدث أمرد غيره.
قال : وكان أحد حفاظ الاثر ، عالما بعلل الحديث ، بصيرا باختلافه ، ورد (3) بغداد قديما ، وجالس بها الحفاظ ، وجرى بينه وبين أبي عبد الله أحمد بن حنبل مذاكرات ، وكان أبو عبد الله يذكره ويثني عليه ، وقيل : إن كل واحد منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثا ، ثم رجع أحمد إلى مصر ، فأقام بها ، وانتشر عند أهلها علمه ، وحدث عنه الأئمة منهم : محمد بن يحيى الذهلي ، ومحمد بن إسماعيل البخاري ، وذكر آخرين ، ثم قال : ومن الشيوخ المتقدمين محمد بن عبد الله بن نمير ومحمود بن غيلان وغيرهما (4).
أخبرنا (5) أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي ،
__________
(1) في تاريخ الخطيب : وأري هذا الحديث قاله...
(2) في تاريخ الخطيب : وهو.
(3) في تاريخ الخطيب : وورد.
(4) هذا هو آخر الجزء الثالث من الاصل. وقد أشار ابن المهندس إلى مقابلة نسخته بالاصل. وجاءت في نسخة التبريزي طبقة سماع على المؤلف مؤرخة في يوم الخميس العاشر من صفر سنة 742 أي قبل وفاة المؤلف بيومين.
(5) هذه بداية الجزء الرابع ، ومن هذا الموضع وإلى نهاية الجزء العاشر من الاصل سيكون اعتمادنا على

(1/349)


أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزذ ، أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد بن البناء ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد ابن المسلمة ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الاشعث السجستاني ، حدثنا أحمد بن صالح المصري ، حدثنا عنبسة بن خالد ، حدثنا يونس بن يزيد ، قال : سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه (1) وما يذكر في ذلك ، فقال : كان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة عن زيد بن ثابت ، قال : كان الناس يتبايعون الثمار فإذا جد الناس ، وحضر تقاضيهم قال أبو جعفر : أظنه يقاضيهم قال المبتاع : إنه أصاب الثمار الدمان وأصابه قشام ، وأصابه مراض ، عاهات يحتجون بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإما لا [ فلا ] يتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها ، كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم. قال أبو بكر : إني شاك لا أدري سمعت هذه الكلمة من قول أحمد وهو في كتابي مجاز عليه. قال أبو جعفر : والصواب : الدمان (2).
__________
نسخة المؤلف التي بخط وهي النسخة المحفوظة في مكتبة فيض الله أفندي برقم 1427 وهذه المكتبة ملحقة الآن في مكتبة (ملة) باستانبول ، والحمد لله على مننه. وقد حذفت البسملة من أول الجزء كما حذفت صيغة نهاية الجزء على الخطة التي ذكرتها في المقدمة.
(1) في الحديث الذي رواه الإمام مسلم برقم 1534 : فقيل لابن عمر : ما صلاحه ؟ قال : تذهب عاهته.
(2) قال مجد الدين ابن الاثير في (الدمان) من"النهاية" : هو بالفتح وتخفيف الميم : فساد الثمر وعفنه قبل إدراكه حتى يسود ، من الدمن وهو السرقين. ويقال : إذا طلعت النخلة عن عفن وسواد قيل : أصابها الدمان.
ويقال : الدمال باللام أيضا بمعناه ، هكذا قيده الجوهري وغيره بالفتح.
والذي جاء في غريب الخطابي بالضم ، وكأنه أشبه ، لان ما كان من الادواء والعاهات فهو بالضم ، كالسعال والنحاز والزكام. وقد جاء في الحديث : القشام والمراض وهما من آفات الثمرة ، ولا خلاف في ضمهما.
وقيل : هما لغتان. قال الخطابي : ويروى الدمار بالراء ولا معنى له" (2 / 135).
وقال ابن منظور في (دمن) من"اللسان" : الدمن والدمان"عن النخلة وسوادها.
وقيل : هو أن ينسغ النخل عن عفن وسواد. الأصمعي : إذا أنسغت النخلة عن عفن وسواد قيل : قد أصابه الدمان ، بالفتح. وقال ابن الزناد : هو الادمان"وقد نقل ابن منظور بعد ذلك جميع ما ذكره ابن الاثير وترجيحه للضم.

(1/350)


رواه أبو داود (1) عن أحمد بن صالح نحوه فوقع لنا موافقة له عالية.
قال أبو زرعة الدمشقي : قال أحمد بن صالح : حدثت أحمد بن حنبل بحديث زيد بن ثابت في بيع الثمار فأعجبه واستزادني مثله ، فقلت : ومن أين مثله ؟
أخبرنا أبو العز الشيباني ، أخبرنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر الخطيب ، أخبرني أحمد بن سليمان بن علي المقرئ ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الخليل ، أخبرنا أبو أحمد بن عدي ، قال : سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز يقول : سمعت أبا بكر (2) بن زنجويه يقول : قدمت مصر ، فأتيت أحمد بن صالح ، فسألني : من أين أنت ؟ قلت : من بغداد. قال : أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل ؟ قلت : أنا من أصحابه. قال : تكتب لي موضع منزلك ، فإني أريد أوافي العراق حتى تجمع بيني وبين أحمد بن حنبل. فكتبت له ، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة إلى عفان فسأل عني ، فلقيني ، فقال : الموعد الذي بيني وبينك ، فذهبت به إلى
__________
(1) رقم (3372) في البيوع والاجارات : باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ، وسنده قوي ، وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"4 / 28 ، والبيهقي 5 / 301 ، 302 من طريق يونس بن يزيد ، عن أبي الزناد..وعلقه البخاري في "صحيحه 4 / 329 في البيوع : باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ، فقال : وقال الليث عن أبي الزناد : كان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة الأنصاري..وفي آخره : وأخبرني (القائل هو أبو الزناد) خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا ، فيتبين الاصفر من الاحمر. وقد علق الحافظ على قوله : حتى تطلع الثريا ، فقال : أي مع الفجر ، وقد روى أبو داود من طريق عطاء ، عن أبي هريرة مرفوعا قال : إذا طلع النجم صباحا رفعت العاهة عن كل بلد. وفي رواية أبي حنيفة عن عطاء : رفعت العاهة عن الثمار. والنجم : هو الثريا ، وطلوعها صباحا يقع في أول فصل الصيف ، وذلك عند اشتداد الحر في بلاد الحجاز وابتداء نضج الثمار ، فالمعتبر في الحقيقة النضج ، وطلوع النجم علامة له ، وقد بينه في الحديث بقوله : ويتبين الاصفر من الاحمر. قلت : وعزو الحافظ حديث أبي هريرة إلى أبي داود سبق قلم منه رحمه الله ، فانه لم يخرجه ، وإنما هو في "المسند"2 / 341 و388 (ش).
(2) في حاشية الاصل تعليق للمؤلف : هو محمد بن عبد الملك الغزال. قال بشار : سيأتي ذكره في موضعه من الكتاب ، وتوفي سنة (258).

(1/351)


أحمد بن حنبل واستأذنت له ، فقلت : أحمد بن صالح بالباب ، فأذن له ، فقام إليه ، ورحب به ، وقربه ، وقال له : بلغني أنك جمعت حديث الزهري ، فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلا يتذاكران ، ولا يغرب أحدهما على الآخر حتى فرغا.
قال : وما رأيت أحسن من مذاكرتهما. ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح : تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلا يتذاكران ، ولا يغرب أحدهما على الآخر إلى أن قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح : عند الزهري عن محمد بن جبيربن مطعم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما يسرني أن لي حمر النعم وأن لي حلف المطيبين" (1) فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل : أنت الاستاذ وتذكر مثل هذا ؟ ! فجعل أحمد بن حنبل يتبسم ويقول : رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح : عبد
__________
(1) أخرجه أحمد 1 / 190 من طريق بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : شهدت حلف المطيبين مع عمومتي ، وأنا غلام ، فما أحب أن لي حمر النعم وإني أنكثه"قال الزهري : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يصب الاسلام حلفا إلا زاده شدة ، ولا حلف في الاسلام وقد ألف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والانصار"وأورده الهيثمي في "المجمع"8 / 172 ، وقال : رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ، ورجال حديث عبد الرحمن بن عوف رجال الصحيح ، وكذلك مرسل الزهري ، ونقله الحافظ ابن كثير في "البداية.
2 / 290 ، 291 عن البيهقي باسناده إلى إسماعيل بن علية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ونقل ابن كثير عن البيهقي قوله : وزعم بعض أهل السير أنه أراد حلف الفضول ، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدرك حلف المطيبين ، قلت : (القائل ابن كثير) هذا لاشك فيه ، وذلك أن قريشا تخالفوا بعد موت قصي ، وتنازعوا في الذي كان جعله قصي لابنه عبدالدار من السقاية والرفادة واللواء والندوة والحجابة ، ونازعهم فيه بنو عبد مناف ، وقامت مع كل طائفة قبائل من قريش ، وتحالفوا على النصرة لحزبهم ، فأحضر أصحاب بني عبد مناف جفتة فيها طيب ، فوضعوا أيديهم فيها وتحالفوا ، فلما قاموا مسحوا أيديهم بأركان البيت ، فسموا المطيبين..
وكان هذا قديما ، ولكن المراد بهذا الحلف حلف الفضول ، وكان في دار عبد الله بن جدعان كما رواه الحميدي عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الله ، عن محمد وعبد الرحمن ابني أبي بكر قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الاسلام لاجبت ، تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها ، وألا يغز ظالم مظلوما". قالوا : وكان حلف الفضول قبل المبعث بعشرين سنة ، في شهر ذي القعدة ، وكان بعد حرب الفجار بأربعة أشهر. ومرسل الزهري ورد معناه في غير ما حديث موصول ومرسل ، انظر المسند 4 / 83 و5 / 61. (ش).

(1/352)


الرحمان بن إسحاق. فقال : ما رواه عن عبد الرحمن ؟ فقال : حدثناه رجلان ثقتان : إسماعيل بن علية وبشر بن المفضل. فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل : سألتك بالله إلا أمليته علي. فقال أحمد : من الكتاب.
فقام فدخل ، وأخرج الكتاب وأملى عليه. فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل : لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث كان كثيرا ! ثم ودعه وخرج.
أخبرنا به عاليا المشايخ الأربعة : الإمام أبو الفرج عبد الرحمن ابن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسيان ، وأبو الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن علان القيسي ، وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني ، قالوا : أخبرنا أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج الرصافي ، أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني ، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد ابن المذهب التميمي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا إسماعيل ، حدثنا ابن إسحاق يعني عبد الرحمن عن الزهري ، عن محمد بن جبير ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شهدت غلاما مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب أن لي حمر النعم ، وأني أنكثه.
وبه حدثني (1) أبي ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام ، فما أحب أن لي حمر النعم وأني
__________
(1) الحديث هنا لعبد الله بن أحمد بن حنبل.

(1/353)


أنكثه". قال الزهري : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يصب الاسلام حلفا إلا زاده شدة ولا حلف في الاسلام". وقد ألف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والانصار.
قال أبو سعيد بن يونس : ولد بمصر سنة سبعين ومئة.
وقال هو والبخاري وأحمد بن محمد بن الحجاج بن رشيدين ، وأبو سليمان بن زبر ، وغير واحد : توفي في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومئتين.
وروى له الترمذي في (الشمائل) (1).
__________
(1) ومما يستدرك للتمييز :
8- أحمد بن صالح الشمومي المصري نزيل مكة.
ويقال فيه : الشموني بتشديد الميم وبعدها الواو والنون ولم يذكر السمعاني كلتا النسبتين في "الانساب"ولا استدركها عليه ابن الاثير في "اللباب". وذكر السمعاني : (الاشموسي) وهو وهم منه للاشموني ، نسبة إلى (أشمون) المدينة المشهورة من صعيد مصر الاعلى والتي يقول فيها المصريون : الاشمونين (أنساب السمعاني : 1 / 217 ومعجم ياقوت : 1 / 283). وذكر ياقوت بمصر : (أشموم) بضم الميم وسكون الواو اسم لبلدتين. ولما كان هذا الرجل مصري الاصل ، فقد يكون من إحدي هذه المدن وسهلت نسبته كما سهلت النسبة إلى (أسيوط) فقيل : السيوطي ، فالنسبة إلى أشموم : أشمومي وشمومي ، وإلى أشمون : اشموني وشموني. يروي عن أبي صالح كاتب الليث ، وعبد الله بن نافع صاحب مالك ، ويحيى بن هاشم. روى عنه : محمد بن إبراهيم بن مقاتل وإسحاق بن أحمد الخزاعي. قال ابن حبان : يأتي عن الاثبات بالمعضلات. وقال : ولم يكن أصحاب الحديث يكتبون عنه وإنما يوجد حديثه عند من كان يكتب عنه بمكة من الرحالة. وأخرج أبو نعيم في "الحلية"من طريقه حديثا وقال : غريب لم نكتبه إلا من حديث الشمومي والحمل فيه عليه. وتناوله الذهبي في "الميزان" : 1 / 105 نقلا عن"الضعفاء"لابن حبان ، وابن حجر في "لسانه" : 1 / 186 وذكر ترجمته المستدركة في "تهذيب التهذيب" : 1 / 43 42 وترجم له التقي الفاسي في "العقد الثمين" : 3 / 49 47 وذكر هو وابن حجر أن من موضوعاته ما رواه أبو نعيم في "الحلية""تققدوا نعالكم عند أبواب المساجد.
ومما يستدرك للتمييز أيضا :
9- أحمد بن صالح المكي الطحان السواق.
سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن ، وبغيرها مؤمل بن إسماعيل ، ونعيم بن حماد ، وموسى بن معاذ. روى عنه : الحسن بن الليث المروزي ، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر ، وأبو محمد يحيى بن صاعد وغيرهم.
قال ابن أبي حاتم الرازي : سئل أبو زرعة عنه ، فقال : هو صدوق ولكن يحدث عن المجهولين ، ويحدث عن الضعفاء"وقال : روى عن المؤمل بن إسماعيل عن الثوري أحاديث منكرات في الفتن تدل على

(1/354)


50- س : أحمد بن صالح البغدادي.
عن يحيى بن محمد (س) ، عن ابن عجلان ، عن أبي الزناد ، عن الاعرج ، عن أبي هريرة حديث : "نهى أن يبال في الماء الدائم ثم يغتسل منه". وعنه النسائي. هكذا وقع في "المجتنى" (1) من رواية أبي بكر بن السني ، عنه.
وقيل : إنه محمد بن صالح البغدادي كيلجة (2). وسيأتي فيمن اسمه محمد إن شاء الله.
51- خ دس : أحمد بن الصباح النهشلي ، أبو جعفر بن أبي سريج (3) الرازي المقرئ.
وقيل : أحمد بن عمر بن أبي سريج ،
__________
توهين أمره". وضعفه الدارقطني. وقال الذهبي في (ديوان الضعفاء والمتروكين ، الورقة : 3) : ليس بشيء. وتناوله في "الميزان" (1 / 104) وابن حجر في "لسانه" (1 / 186) ونقل التقي الفاسي معظم ترجمته من"تاريخ دمشق"لابن عساكر (العقد الثمين : 1 / 47"وانظر"الجرح والتعديل"لابن أبي حاتم : 1 / 1 / 56 وتهذيب ابن حجر : 1 / 43 وذكره الذهبي فيمن توفي بين 250 241 من"تاريخ الاسلام"الورقة : 110 (أحمد الثالث 2917 / 7).
(1) في تهذيب ابن حجر : المجتبى"بالباء ، وكلاهما صحيح.
(2) قال الحافظ ابن عساكر : أحمد بن صالح البغدادي. روى عنه النسائي عن يحيى بن محمد ، أظنه ابن قيس زكير ، عن ابن عجلان. لم يذكره ابن حنزابة في شيوخه ، ولا أبو بكر الخطيب في تاريخه. وذكره أحمد بن محمد بن غالب البرقاني ، فقال : أحمد بن صالح ، بغدادي ثقة كيلجة ، ويقال محمد بن صالح ، فإن كان كيلجة ، فهو محمد بن صالح بن عبد الرحمن أبو بكر الانماطي : مات في سنة اثنتين وسبعين ومئتين.
وكيلجة لم يدرك أبا زكير" ("المعجم المشتمل"الترجمة : 41 من نسختي).
وقال الذهبي في التذهيب : كيلجة لم يدرك يحيى بن محمد بن قيس وأقدم شيخ لقيه عفان". (1 / الورقة : 15 من نسخة حلب) ، وذكر العلامة مغلطاي أن الذي يفهم من كلام المزي أن ابن السني تفرد بهذا عن النسائي ، وليس كذلك فإن النسائي لما ذكره في شيوخه ذكر"أحمد بن صالح البغدادي ثقة"وهذا يرجح أن اسمه كيف ما كان هو أحمد لا محمد.
(إكمال : 1 / الورقة : 16). قال ابن حجر : وذكر ابن النجار (البغدادي المتوفى سنة 643) في الذيل : أحمد بن صالح البغدادي. روى عن بشر بن الحارث الحافي ، روى عنه إسحاق بن الجراح الاذني ، ثم أسند من طريق أبي داود عن إسحاق عن بشر عن مالك شيئا من كلامه ، ولم يزد على ذلك.
وقد ذكر ذلك الدارقطني في الرواة عن مالك عن ابن أبي داود بلاغا ، فلا أستبعد أن يكون هو شيخ النسائي" (تهذيب : 1 / 44). وقال الذهبي في "الكاشف"من غير شك : س : أحمد بن صالح ، عن يحيى بن محمد ، عن ابن عجلان. وعنه س" (1 / 60). قال بشار : مما تقدم يظهر أن قول المزي"قيل : إنه محمد بن صالح البغدادي كيلجة"وإن أورده بصيغة التمريض لا صحة له لعدم امكانية إدراك كيلجة لشيخ أحمد بن صالح ، وذاك لا يمكن أن يكون هذا بأي حال.
(3) قيده الذهبي في "المشتبه" (ص : 395) ، قال : وبمهملة وجيم..وأحمد بن الصباح بن أبي سريج الرازي". وتصحفت في المطبوع من تاريخ الخطيب إلى : (شريح) : 4 / 205.

(1/355)


واسمه الصباح ، مولى خزيمة بن خازم (1) ، وقيل : مولى آل جرير بن حازم (2). يعد في البغداديين.
روى عن : إسماعيل بن علية ، وشبابة بن سوار (خ) ، وأبي بدر شجاع بن الوليد بن قيس السكوني (عس) ، وشعيب بن حرب (س) ،
وعبد الله بن الجهم الرازي (د) ، وعبد الله بن داود الواسطي التمار ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي (د) ، وعبيد الله بن موسى العبسي (خ) ، وعلي بن حفص المدائني ، وعلي بن حمزة الكسائي المقرئ ، وقرأ عليه القرآن (3) ، وعلي بن يزيد الصدائي ، وعمر بن يونس اليمامي (سي) ، وعمرو بن مجمع الكندي ، ومحمد بن حازم أبي معاوية الضرير (د) ، ومحمد بن سعيد بن سابق القزويني (د سي) ، ومحمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي : أبي أحمد الزبيري (د) ، ومروان بن معاوية الفزاري ، ومكي بن إبراهيم البلخي (د) ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن سعيد القطان ، ويزيد بن هارون.
روى عنه : البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وأبو العباس أحمد بن جعفر بن نصر الجمال الرازي ، وأبو العلاء أحمد بن صالح بن محمد التميمي الصوري الاثط ، وإساحق بن أحمد الفارسي ، والحسن بن عثمان التستري ، والعباس بن الفضل بن شاذان ، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، وعلي بن الحسين بن الجنيد ، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، ومحمد بن العباس بن بسام ، وأبو بكر محمد بن يوسف بن يعقوب الرازي ، ومحمد غير منسوب ، قيل : إنه ابن يحيى الذهلي
__________
(1) هو الامير العباسي المشهور ، وخازم بالخاء المعجمة قيده الذهبي وغيره"المشتبه" : 201.
(2) حازم : بالحاء المهملة. وقال الخطيب : سمعت هبة الله بن الحسن الطبري يذكر أنه مولى آل جرير بن حازم" (4 / 205).
(3) استدرك مغلطاي على المزي فيما نقل عن الخطيب أنه قرأ القراءات على الكسائي ، وأخذه عنه ابن حجر ، ولا معنى لمثل هذا الاستدراك لان المؤلف ذكره كما رأيت.

(1/356)


(خ) ، ويعقوب بن شيبة السدوسي.
قال أبو حاتم : صدوق.
وقال النسائي : ثقة.
وقال يعقوب بن شيبة ، وابن أبي سريج : هذا أحد أصحاب الحديث ، كان ينزل المخرم ونزع إلى الري ، ومات بها قديما قبل أن يحدث (1) ، وكان ثقة ثبتا (2).
52- خ ت : أحمد بن أبي الطيب ، واسمه سليمان (3) ، البغدادي ، أبو سليمان المعروف بالمروزي.
أقام بمرو مدة ، فنسب إليها ، ثم سكن الري بعد ذلك ، وقدم بغداد.
وهو من الموالي. وكان على شرط بخارى.
روى عن : إبراهيم بن الزهري ، وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري ، وإسماعيل بن علية ، وإسماعيل بن مجالد بن سعيد (خ) ، وبشر بن الحسين الهلالي ، وجرير بن عبد
__________
(1) هذا ما نقله المزي عن يعقوب ، وأورده الخطيب بسنده إلى يعقوب ، ولكن الخطيب قال في أول الترجمة : وكان يسكن المخرم ببغداد ، ثم انتقل إلى الري ، فسكنها ، وأقرأ بها ، وحدث إلى حين وفاته""تاريخ بغداد" : 4 / 206 205 وهذا يخالف راوية يعقوب.
(2) وقال ابن حبان في كتاب "الثقات" : يغرب على استقامة فيه. وقال مغلطاي : وخرج ابن خزيمة والحاكم حديثه في صحيحيهما. وقال مسلمة بن قاسم الاندلسي : هو ثقة.. وقال الحبال : رازي ثقة" (إكمال 1 / الورقة : 16).
ولم يذكر المزي وفاته ، وقال الذهبي في "التذهيب" : مات بعد الاربعين ومئتين (1 / الورقة : 15) وذكره في الطبقة الخامسة والعشرين من تاريخ الاسلام. وقال ابن حجر : وكذا كتب ابن سيد الناس على حاشية
الكمال. (تهذيب : 1 / 44).
(3) هكذا في الاصل وفي المعجم المشتمل لابن عساكر (الترجمة : 42).
وفي"الجرح والتعديل"لابن أبي حاتم 1 / 1 / : 52 ، وتاريخ الخطيب (4 / 173) وكتاب"الصلة"لمسلمة بن قاسم غيرهم : أحمد بن سليمان بن أبي الطيب". وقال البخاري في "تاريخه"2 / 1 / 3 أحمد بن سليمان هو ابن أبي الطيب ، أبو سليمان مولى".

(1/357)


الحميد ، وحجاج بن محمد المصيصي ، والحسن بن عبد الرحمن الحارثي ، وأبي المليح الحسن بن عمر الرقي ، وحفص بن غياث النخعي ، وأبي أسامة حماد بن أسامة ، وخالد بن عبد الله الواسطي ، ورشدين بن سعيد المصري ، وسفيان بن عيينة ، وأبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، وسهل بن أسلم العدوي ، وصالح بن عمر الواسطي ، وعبد الله بن سنان الكوفي ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الواحد بن واصل ، أبي عبيدة الحداد ، وعبيد الله بن عمرو الرقي ، وعلي بن الحسن بن شقيق ، ومحمد بن ميمون الزعفراني ، ومروان بن شجاع الجزري ، ومصعب بن سلام (1) الكوفي (ت) ، ومعاذ بن معاذ العنبري ، والمعافي بن عمران الموصلي ، والنضر بن شميل ، والنضر ابن محرز (2) بن بعبث من أهل البثنية (3) ، وهشيم بن بشير ، ووكيع بن الجراح ، والوليد بن القاسم بن الوليد الهمداني ، ويحيى بن آدم ، ويحيى بن بشر النصيبي ، ويوسف بن عطية الصفار.
روى عنه : البخاري (ت) ، وأحمد بن زكريا بن كثير الجوهري ، وأحمد بن سعيد بن صخر الدارمي ، وأحمد بن سيار المروزي ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هاني الطائي الأثرم ، والجراح ابن مخلد العجلي ، وجعفر بن محمد بن شاكر الصائغ ، وسهل بن
__________
(1) بتشديد اللام.
(2) محرز : بضم الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الراء وبعدها الزاي.
(3) قال ياقوت في (البثنة) من"معجم البلدان" : بالفتح ثم السكون ونون..وهو اسم ناحية من نواحي دمشق وهي البثنية". وقال بعد ذلك في (البثنية) من معجمه : بالتحريك وكسر النون وياء مشددة وهي التي قبلها بعينها يقال : بثنة وبثنية..وقد نسب إليها قوم منهم النضر بن محرز بن بعيث أبو الفرج الأزدي البثني ، من أهل البثنية من نواحي دمشق.
حدث عن محمد بن المنكدر ، وأبي الزعيزعة ، وهشام بن عروة. روى عنه الوليد بن سلمة الطبراني ، وأبو بكر عبد الرحمن بن عبد العزيز ويقال : ابن عبد الله الفارسي ، وأبو العباس الوليد بن المهلب الأزدي ، وسهيل بن عبد الرحمن العكي ، وأحمد بن سليمان. قال ابن حبان (وفي المطبوع : حيان).
هو منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج به.
والنضر هذا تناوله الذهبي في "ديوان الضعفاء"وفي"الميزان"قال في الاخير : مجهول. وقال ابن حبان : لا يحتج به. وقال ابن عدي وساق له حديثين أو ثلاثة : هذه الاحاديث غير محفوظة""الميزان" : 4 / 262.

(1/358)


بحر ، وعبد الله بن منير المروزي ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، ومحمد بن سعد الشاشي ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ويعقوب بن شيبة السدوسي.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سألت أبا زرعة عنه ، فقال : هو بغدادي الاصل خرج إلى مرو ، ورجع إلينا ، وكتبنا عنه ، وكان حافظا. قلت : هو صدوق (1) ؟ قال : على هذا يوضع (2).
وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث (3).
وروى له الترمذي (4).
53- س : أحمد بن أبي طيبة (5) ، واسمه عيسى بن سليمان بن
__________
(1) هكذا في الاصل وفي"الجرح والتعديل"لابن أبي حاتم وتهذيب ابن حجر وغيرها. وفي"تذهيب الذهبي" : أهو صدوق ؟
(2) غير الذهبي عبارة أبي زرعة وأخذ معناها ، فقال كما نقلت من خطه في "تاريخ الاسلام" : وقال أبو زرعة : كان حافظا محله الصدق" (الورقة : 96 أيا صوفيا 3007)
(3) قال الحافظ ابن حجر : لكن الذي في كتاب ابن أبي حاتم : أحمد بن سليمان بن أبي الطيب ، وقال : أدركه أبي ، ولم يكتب عنه ، وكذا ذكره ابن حبان في "الثقات" . وقال أبو عوانة في "صحيحه" : حدثنا أحمد بن إبراهيم البغدادي ، حدثنا أحمد بن أبي الطيب ثقة ، حدثنا أبو إسحاق الفزاري فذكر حديثا وله في البخاري حديث واحد في فضل أبي بكر رضي الله عنه وقد أخرجه أيضا من حديث يحيى بن معين بمتابعة أحمد هذا""تهذيب" : 1 / 45. وقال بشار : قول ابن أبي حاتم : إن أباه أدركه ولم يكتب عنه لا يتعارض مع قول ابيه فيه : ضعيف الحديث ، ولا معنى لاستدراك ابن حجر. ومما تقدم يظهر أن أبا حاتم هو الذي ضعفه وحده. وقال الذهبي في الميزان : أحمد بن سليمان بن أبي الطيب. عن هشيم ، وثق ، وضعفه أبو حاتم وحده. وقال أبو زرعة : حافظ محله الصدق. قلت :...حدث عنه البخاري وطائفة" (1 / 102).
(4) لم يذكر المزي وفاته ولا أحد من الذين نقل عنهم مثل ابن أبي حاتم وغيره ، ولا ذكرها الخطيب. ووجدت مكان وفاته مبيضا في نسخ"المعجم المشتمل"للحافظ ابن عساكر. وقال العلامة مغلطاي : وقال الإمام أبو إسحاق الصريفيني : إنه توفي سنة ثلاثين ومئتين" (إكمال : 1 / الورقة : 16).
وقد ترجم له إمام المؤرخين الذهبي في كتابه مرتين : الاولى في الطبقة الثانية والعشرين (220 211) ، والثانية في الطبقة الثالثة والعشرين (230 221) وقال : وقد مر في الطبقة الماضية. (انظر الورقتين : 96 ، 177 من مجلد أيا صوفيا 3007) قال بشار : ويظهر لي من ترتيب التراجم أن الذهبي أضاف الترجمة الاخيرة بأخرة فهي مذكورة بخطه في أعلى الورقة ، وكأنه رحمه الله ترجحت له وفاته في هذه الطبقة فأعاد ذكره ، والله أعلم.
(5) في "الخلاصة"للخزرجي ص : 7 والمطبوع من"التقريب"لابن حجر : ظبية"وقال : بمعجمة ثم موحدة ثم تحتانية". قال بشار : هذا من وهم الخزرجي صاحب الخلاصة ، وهو (طيبة) مجرد بخط المؤلف ،

(1/359)


دينار الدارمي ، أبو محمد الجرجاني ، قاضي قومس ، الزاهد ابن الزاهد.
روى عن : إبراهيم بن طهمان الخراساني ، وإبراهيم بن محمد ابن أبي يحيى المدني ، وإسرائيل بن يونس ، وبكير بن شهاب الدامغاني ، وحماد بن سلمة ، وحمزة بن حبيب الزيات المقرئ ، وداود بن سليمان ، والربيع بن بدر السعدي ، وسفيان الثوري ، وأبي الأحوص سلام بن سليم الحنفي ، وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، وعبد العزيز بن أبي رواد ، وعمر بن ذر الهمداني ، وعمر ابن ميمون ابن الرماح ، وعمران بن عبيد الضبي ، وعنبسة بن الازهر قاضي جرجان (س) ، وأبيه : أبي طيبة عيسى بن سليمان الجرجاني ، والليث بن سعد ، ومالك بن أنس ، ومالك بن مغول (1) ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أب ليلى ، وأبي معشر نجيح (2) بن عبد الرحمن المدني ، وورقاء بن عمر اليشكري ، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي ، ويونس بن أبي إسحاق السبيعي.
روى عنه : إبراهيم بن عبد الله النيسابوري ، وإبراهيم بن موسى الجرجاني العصار ، وأحمد بن يحيى ابن السابري (3)
__________
وبخط الإمام الذهبي في "تاريخ الاسلام" (الورقة : 9 أيا صوفيا 3007) وغيرهما. وقال الذهبي في "المشتبه"عند الكلام على"طيبة"و"ظبية" : طيبة على ساكنها الصلاة والسلام. وأبو طيبة عيسى بن سليمان الدارمي الجرجاني ، عن جعفر الصادق ، وعنه ابنه أحمد بن أبي طيبة" (ص : 422 421).
(1) بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الواو.
(2) بفتح النون وكسر الجيم.
(3) السابري : وجدت ضمة فوق الباء الموحدة بخط المزي. وفي أنساب السمعاني (7 / 3) ولباب ابن الاثير (2 / 89) : بفتح الباء الموحدة نسبة إلى نوع من الثياب يقال لها : السابري ، ولكنهما لم ينسبا أحمد بن يحيى هذا إليها. وقال ابن منظور في (سبر) من اللسان : والسابري (بكسر الباء) من الثياب : الرقاق..وكل رقيق : سابري. وعرض سابري رقيق ليس بمحقق.. والاصل فيه الدروع السابرية منسوبة إلى سابور..". قال بشار : فإذا صح ما ذكر ابن منظور من أن أصل تسمية الثياب السابرية قد جاء من الدروع السابرية المنسوبة

(1/360)


الجرجاني ، وإسحاق بن إبراهيم الاستراباذي الطلقي ، والحسين بن عيسى الدامغاني البسطامي (1) (س) ، وعمار بن رجاء الجرجاني الحافظ ، ومحمد بن بندار السباك ، ومحمد بن عيسى الدامغاني ، ومحمد بن يزيد السلمي النيسابوري ،.
قال أبو حاتم : يكتب حديثه.
وقال أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله الجرجاني صاحب"تاريخ جرجان" : كان قاضي جرجان ، ولاه المأمون أمير المؤمنين.
ذكر عبد الله بن عدي الحافظ أن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الواسع أخبره أن أحمد بن أبي طيبة قصد المأمون بمرو ، وسأله أن يعفيه من قضاء جرجان فأعفاه على أن يتولى له قضاء غيرها ، فاختار لنفسه قضاء قومس ، فولاه قضاءها ، فخرج إليها وأقام بها حتى مات
__________
إلى سابور"فعندئذ يصح ضم الباء باعتباره نسبة إلى"سابور"فيقال"سابري"و"سابوري". وقد ذكر السمعاني في الانساب وتابعه ابن الاثير في اللباب"السابوري"نسبة إلى"سابور"البلدة المعروفة ، ونسبة إلى جد المنتسب ، والله أعلم.
(1) البسطامي : نسبة إلى"بسطام"بلدة بقومس ، قيدها السمعاني بفتح الباء وقيدها ياقوت بكسر الباء. وتعقب ابن الاثير أبا سعد السمعاني في "اللباب"فقال عند الكلام على"البسطامي"بكسر الباء نسبة إلى"بسطام"
اسم رجل ، فقال : قلت : قد ذكر بسطام في هذه الترجمة اسم رجل بالكسر وذكره أيضا في الترجمة قبلها بالفتح ، فيا ليث شعري أي فرق بين الاسمين حتى يجعل أحدهما مفتوحا والآخر مكسورا ؟ إنما الجميع مكسور لانه اسم أعجمي عرب بكسر الباء ، وكان ينبغي أن تنقل الأسماء التي في الترجمة المتقدمة المنسوبة إلى الاجداد إلى هذه الترجمة". قال بشار : وفرق الذهبي أيضا بين المنسوبين إلى البلدة ، وبين المنسوبين إلى الجد ، وفتح الاولى وكسر الثانية ، ونسب الحسين بن عيسى هذا إلى البلدة (المشتبه : 75) وتابعه في ذلك الحافظ ابن حجر في التبصير من غير تدقيق فقبل هذا الرأي"التبصير" : 1 / 154 أما العلامة ابن ناصر الدين فقد تعقب الذهبي فقال بعد أن أورد أقوال الذهبي : وهذه التفرقة بين الترجمتين من كان منسوبا إلى البلد فبالفتح ومن كان منسوبا إلى الجد فبالكسر فرقها ابن السمعاني وتبعه والله أعلم أبو العلاء الفرضي ومنه أخذ المصنف". ثم نقل قول ابن الاثير في الاعتراض على أبي سعد السمعاني ، وقال : ولهذا لم يذكره الامير في "الاكمال"ولا استدركه ابن نقطة عليه لان النسبتين واحدة ، والله أعلم" (1 / الورقة : 59". وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني في تعليقه على أنساب السمعاني معقبا على اعتراض ابن ناصر الدين : بلى ذكره الامير لكن لم يفرق ، قال في حرف القاف"باب القسطاني والبسطامي" (2 / 230) قال بشار : هذا اعتراض واه ، فالذي قصده ابن ناصر الدين : ان الامير لم يذكر البسطامي بالفتح مع البسطامي بالكسر لانهما واحد. ==

=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج3. تاريخ ابن معين (رواية عثمان الدارمي) يحيى بن معين أبو زكريا سنة الولادة 158/ سنة الوفاة 233 * تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي

  ج3. تاريخ ابن معين (رواية عثمان الدارمي) يحيى بن معين أبو زكريا سنة الولادة 158/ سنة الوفاة 233 * تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي ب...